سمات النجاح لدى الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم
ترجمة: أ. حنان الأحمري
حدد الباحثون بعض السمات التي تقود الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم نحو النجاح وهي:
- الوعي الذاتي
كان الأفراد الناجحين من ذوي اضطراب صعوبات التعلم المشاركين في الدراسة مدركين لنقاط القوة والضعف التي لديهم في جميع المجالات سواء كانت أكاديمية مثل القراءة والكتابة والتنظيم والاهتمام أو غير الأكاديمية مثل ضعف أدائهم الجسدي أو حالتهم النفسية ، فـ هم منفتحين ومدركين لحدودهم ويمكن أن يناقشوا نقاط قوتهم وضعفهم بكل سهولة، إن أحد العناصر الأساسية المتعلقة بالوعي الذاتي هو قدرة الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم على فصل الاضطراب عن ذواتهم، فـ هم قادرون على معرفة الصعوبات التي يواجهونها ولم يتم التعريف عن أنفسهم من خلال هذه الصعوبات حيث كانت لدينا امرأة مشاركة في الدراسة تبلغ من العمر 33 عامًا قالت: “كما تعلمون، الجميع يأتي ومعه مجموعة من القدرات والصعوبات، إن هناك أشياء أجيدها وأشياء لا أجيدها وبعض الأشياء التي لا أجيدها هي القراءة والكتابة، والأشياء التي أجيدها هي تركيب الأشياء وقراءة الخطط، وتتبع المشاكل لحلها، فهذه بعض المواهب والمهارات التي ولدت بها، لقد رسمت طريقًا مختلفًا وكانت حياتي كلها على هذا النحو” وهذا المثال كافي لتوضيح أن الصعوبات لن تحد منهم أو تحبطهم فهذه الصعوبات ماهي الا جزء منهم وليست هم ومن المهم هو إدراك هذه الصعوبات وقبولها فهؤلاء الناجحين تمكنوا من القيام بهذا الأمرين، والفكرة هنا هي أن الأفراد الناجحين ذوي اضطراب صعوبات التعلم قادرون على التعرف على نقاط القوة والصعوبات التي لديهم و بإمكانهم الحصول على وظائف مناسبة لهم بشكل أفضل على سبيل المثال: عندما يكون لدى الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم مهارات استثنائية في الأعمال الخشبية من الممكن أن يحصلوا على وظائف متخصصة في صناعة الخزائن بدلًا من التركيز في نقاط الضعف التي لديهم والبحث عن وظائف لا تناسب قدراتهم، وقد يكون لدى الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم صعوبة في القراءة والكتابة ولكن مهارات اللغة اللفظية ممتازة لديهم فإنهم يحصلون على وظائف في مجال المبيعات بدلًا من الوظائف التي تتطلب القراءة والكتابة، كما أن بعض الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم الغير ناجحين واجهوا صعوبات في اختيار الوظيفة أو المجال المناسب لهم
- المبادرة
أعتقد أن هذه الكلمة كانت شائعة جدًا في مجتمع الأعمال ولكن ما نشير إليه بالمبادرة تتعلق بالمشاركة النشطة في العالم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وهذه أحد السمات التي لدى الأفراد الناجحين ذوي اضطراب صعوبات التعلم لقد كانوا جزءًا من عدد من المجتمعات، ومن خلال هذه المشاركة جاءت فكرة أنهم بإمكانهم العيش باستقلالية، وأنهم يستطيعون التأثير على نتائج حياتهم لقد كانوا نشطين في حياتهم الخاصة، على عكس العديد من الأفراد غير الناجحين الذين تأثروا من الصعوبات التي لديهم، وكانت حياتهم سلبية وكانوا يميلون إلى إلقاء اللوم على الآخرين بسبب المشاكل التي كانوا يواجهونها ويشعرون بأنهم ضحايا، على عكس الأفراد الناجحين الذين تحملوا مسؤولية أفعالهم ونتائجها، مرة أخرى، هذه هي السمات والسلوكيات والمواقف التي تعتبر مهمة لأي فرد ولكن بشكل خاص هي مهمة للأطفال ذوي اضطراب صعوبات التعلم
- الاستمرارية
السمة الأخرى التي وجدناها في دراستنا هي الاستمرارية فـ هم لا يستسلمون، وحتى الأفراد الغير ناجحين وأريد أن أكون حذرًا حقًا عند استخدام مصطلح “غير ناجحين” لأنه عندما قمنا بالتقييمات في بحثنا بناءً على رؤية متعددة الأبعاد للنجاح قد لا يُنظر إليهم في بيئات أو مناطق أو بلدان أخرى على أنهم غير ناجحين، وإن الأفراد غير الناجحين على الرغم من مثابرتهم، قد يقولون أشياء مثل: “أنا لست انهزاميًا. لن أستسلم أبدًا” ومن ناحية أخرى على سبيل المثال: الأفراد الناجحين أظهروا قدرة إضافية على معرفة متى يتوقفون عن التدخين، لقد أذهلني بطريقة ما كيف عرف الأفراد الناجحين أيضًا متى يحتاجون إلى تغيير المسار على الرغم من أنهم لم يتخلوا عن الهدف العام إلا أنهم كانوا يعرفون متى يجب عليهم التراجع أو تغيير المسار قليلاً لتحقيق هدفهم
قد يقولون الأفراد الناجحين أشياء مثل: “لقد فشلنا عدة مرات لكن نحن لسنا فاشلين لقد تعلمنا أن الفشل من النجاح” فـ هم يفشلون ويجمعون أنفسهم، ومن ناحية أخرى فإن الأفراد غير الناجحين يجدون صعوبة في تحقيق أهدافهم ولا يدركون متى يحين الوقت لإعادة تقييم الاستراتيجيات، أو في بعض الحالات الهدف نفسه
- تحديد الأهداف
إن تحديد الأهداف إحدى سمات النجاح الأخرى، حيث يضعون الأفراد الناجحين أهدافًا محددة جدًا ومرنة، بإمكانهم تعديل الأهداف لتناسب ظروف ومواقف معينة وكانت هذه الأهداف في جوانب عدة مثل العمل والأسرة والروحية والتنمية الشخصية، وفي كثير من الحالات يتم تحديدها مبدئيًا في مرحلة المراهقة، لقد طوروا أيضًا استراتيجيات لتحقيق أهدافهم وفهموا أنه خطوة بخطوة سيتم تحقيق تلك الأهداف، كما صرح رجل يبلغ من العمر 30 عامًا قال:”أنا دائمًا أنظر إلى كل خطوة مثل أن تكون خطوة سهلة وعند القيام بها من الممكن ان انطلق لـ مشروع آخر، هذه هي الطريقة التي أنظر إليها” كان لدى هذا الشخص صورة واضحة جدًا عن المكان الذي يريد الذهاب إليه وكيفية الوصول إلى هناك، إن الأفراد الناجحين من المهم أن يكون لديهم رغبة في الحصول على شيء ما في أذهانهم ويجب أن يكونوا مرنين فيما يتعلق بكيفية وصولهم إلى هذا الهدف وأن يكون لديهم تقدير وفهم للعملية خطوة بخطوة للوصول إلى هذا الهدف، يحتاج الكثير من الأطفال ذوي اضطراب صعوبات التعلم إلى الدعم والمساعدة حتى يتمكنوا من القيام بذلك
- دعم الآخرين
تتعلق سمة النجاح هذه بوجود واستخدام طريقة دعم فعالة، كان لدى الأفراد الناجحين أيضًا أهداف واقعية جدًا وقابلة للتحقيق والأفراد الذين دعموهم في كثير من الأحيان وضعوا لهم أيضًا أهدافًا واقعية وقابلة للتحقيق لذا فإن الأفراد الذين كانوا حولهم ويساعدونهم في توجيههم كان لديهم أيضًا التفكير بواقعية وهو أمر مخيف بعض الشيء عندما لا يكون الإحساس بالواقعية موجودًا، يتلقى كل من الأفراد الناجحين وغير الناجحين الدعم من الآخرين، لقد رأينا أن الأفراد الناجحين ذوي اضطراب صعوبات التعلم قادرين على تقليل اعتمادهم على الآخرين والاعتماد على أنفسهم بينما الأفراد غير الناجحين ذوي اضطراب صعوبات التعلم غير قادرين على ذلك حيث واجه العديد منهم صعوبة عند محاولة الاعتماد على أنفسهم
إن الأفراد الناجحين كانوا أكثر قدرة على القيام بذلك، بدءًا من سن مبكر، كما أن الأطفال الناجحين يحصلون على الدعم من أفراد آخرين لم ينتظروا ببساطة على أمل أن يساعدهم شخص ما في نهاية المطاف وهو أمر يفعله العديد من الأفراد غير الناجحين حيث كانوا ينتظرون وبشكل سلبي
- استراتيجيات التعامل مع المشاعر
السمة الأخيرة للنجاح تتعلق باستراتيجيات التعامل مع المشاعر، ونحن نعلم أن اضطراب صعوبات التعلم يمكن أن ينتج مشاكل نفسية على مدى الحياة والكثير من الإحباط والصعوبات وفي بعض الحالات قد يكون الضغط الناتج من اضطراب صعوبات التعلم كبيرًا جدًا، مما يؤدي إلى تشخيص الأفراد ذوي اضطراب صعوبات التعلم بالقلق وحتى الاكتئاب، وما رأيناه في الأفراد الناجحين ذوي اضطراب صعوبات التعلم هو أنهم طوروا استراتيجيات فعالة للتعامل مع مشاعر التوتر والإحباط والمشاكل النفسية الأخرى التي ظهرت بسبب اضطراب صعوبات التعلم، كما اتضح أن هناك ثلاثة مكونات رئيسية ساعدتهم على التعامل وهي: أولًا وعيهم بالمشاعر ، ثانيًا وعيهم بالشعور المتزايد الذي بدأ يتراكم، ثالثًا إمكانية الوصول إلى مجموعة من استراتيجيات التكيف حتى لو كانت داخلية، مثال للتوضيح أكثر: أثناء عمل الدراسة كان يوجد لدينا فتاة تعرضت لنوبات القلق وكانت تعلم بهذا الشعور – العنصر الأول – ولقد أدركت إن القراءة بصوت عالٍ بين مجموعة كانت أحد المحفزات الرئيسية للقلق – العنصر الثاني – وعندما بدأت تشعر بالتوتر أكثر فأكثر أو القلق أكثر فأكثر بدأت تعمل على عدد من استراتيجيات التنفس العميق التي ساعدتها على تهدئتها وخفض شعورها السلبي – العنصر الثالث- ، هناك العديد من الأمور التي قام بها الأفراد الناجحين ذوي اضطراب صعوبات التعلم فيما يتعلق بتطوير استراتيجيات التعامل وفي بعض الحالات كان يتطلب دعم من قبل الآخرين ولقد كان تأكيد الذات والاستفادة من دعم الأقران، والتخطيط المسبق للمواقف الصعبة ساعدهم كثيرًا وفي بعض الحالات كان الأمر يتطلب التعبير عن مشاعر مع أفراد أسرهم أو مع أقرانهم
المرجع: