السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
الكاتبة: د. كوني أندرسون ترجمة: أ. لجين بن جديد
إن السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد غالباً ما تسبب الكثير من المصاعب على حياة الفرد اليومية وعلى الوالدين أيضاً، يمكن أن يؤدي الضرب والعض ورمي الأشياء وغيرها من السلوكيات الشائعة أثناء نوبة الغضب أو الانهيار إلى زيادة الجهد الكبير على الوالدين حيث يمكن أن تؤدي ردود فعل الوالدين إلى زيادة بعض المشاكل السلوكية وجعلها أسوأ.
قد يؤدي تعارض السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد مع الأهداف التي تعمل على مساعدة الطفل في العملية التعليمية لذلك، قد تتسبب هذه السلوكيات في منع الطفل من الأنشطة المدرسية مثل، برامج ما بعد المدرسة والنوادي الرياضية.
أيضاً قد يؤدي الخوف من السلوكيات العدوانية الصادرة من الطفل إلى إبقاء الوالدين في المنزل مما يجعلهم يشعرون بالعزلة وانخفاض جودة حياتهم وذلك لتجنب الوقوع في المتاعب والقلق التي تسببها هذه السلوكيات خارج المنزل.
بعض من الأسئلة حول السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد
على الرغم من أهمية موضوع السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد وأسرهم خاصة، إلا أن الباحثين في مجال اضطراب طيف التوحد لم يبحثوا فيها إلا قليل، يوضح كل من ستيفن كان و ميكا مازوريك من مركز طومسون للتوحد واضطرابات النمو العصبي بجامعة ميسوري في استكشاف السؤالين التاليين:
ما هي عوامل الخطر المرتبطة بالسلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد؟
تم إجراء دراسة بحثية حول نمو الأطفال وسلوكهم في 13 مركزاً جامعياً للتوحد في جميع أنحاء أمريكا الشمالية،
تم إجراء العديد من الدراسات حول عوامل الخطر للسلوكيات العدوانية لدى الأطفال الذين ليس لديهم أي إعاقات.
تم ارتباط بعض من العوامل مثل:
- الذكور أكثر من الإناث.
- انخفاض معدل الذكاء.
- الوضع الاقتصادي للأسرة وانخفاض الدخل الأسري.
- انخفاض مستوى تعليم الوالدين.
- أسلوب تعامل الوالدين مع الأطفال.
تم التركيز على بعض الحالات الفردية القليلة فقط، وليس على عوامل الخطر للأفراد المشخصين بالتوحد كمجموعة.
تم تقييم السلوكيات العدوانية بعناية لدى (1380) طفلاً مشخص باضطراب التوحد حيث تتراوح أعمارهم ما بين 4 سنوات و 17 سنة لذلك تم ظهور نتائج التقييمات لاضطراب التوحد بما في ذلك جدول مراقبة تشخيص اضطراب التوحد و المقابلة التشخيصية للتوحد ومراجعة نتائج اختبارات الذكاء ومقاييس السلوكيات المتكررة، واللغة الاستقبالية، والأداء العاطفي والسلوكي.
ما هي نسبة الأطفال المشخصين بالتوحد الذين لديهم السلوكيات العدوانية؟
من بين المجموعة البحثية المكونة من (1380) طفلاً مشخصاً باضطراب التوحد، حيث وجد الباحثون أن 56% منهم كانت لديهم السلوكيات العدوانية تجاه مقدمي الرعاية لهم، بينما 32% منهم كانت سلوكياتهم العدوانية على غير مقدمي الرعاية.
في السابق وبشكل مشابه، إن 68% من الأطفال المشخصين بالتوحد كانت لديهم السلوكيات العدوانية تجاه مقدمي الرعاية لهم، بينما 49% منهم كانت تجاه لغير مقدمي الرعاية. إن هذه المعدلات عالية خاصة عندما نقوم بمقارنتها بمعدلات الأفراد المشخصين بالإعاقة الفكرية، حيث كان السلوك العدواني لديهم من 7% إلى 11% فقط . لذلك إن هذه الدراسة تقدم دليلاً قوياً على أن هذه السلوكيات العدوانية تمثل الكثير من التحديات لعائلات الأطفال المشخصين بالتوحد.
ما هي عوامل الخطر المرتبطة بالسلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد؟
قام الباحثون بالتساؤل ما إذا كانت نفس العوامل المرتبطة بالسلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد نفسها لدى الأطفال غير المشخصين بالتوحد أو الإعاقات النمائية الأخرى.
فقد تم تقسيم الأطفال إلى مجموعتين:
(489) طفلاً، قد أظهروا بعض من السلوكيات العدوانية مثل الضرب والعض، و (549) طفلاً لم يقوموا بإظهار السلوكيات العدوانية أو كانت نادرة. أيضاً، قام الباحثون بإزالة الأطفال الذين لديهم سلوكيات عدوانية متوسطة حتى تكون المجموعتين منفصلة.
تم اكتشاف العديد من عوامل الخطر المرتبطة بالسلوكيات العدوانية لدى الأطفال غير المشخصين بالتوحد أو الإعاقات النمائية الأخرى لا تنطبق إطلاقاً على الأطفال المشخصين بالتوحد.
مثال، عادة ما يرتبط إن الذكور لديهم زيادة خطر السلوك العدواني، ولكن ليس هذا الحال بين الأطفال المشخصين بالتوحد، إن البنات والذكور المشخصين بالتوحد من المرجح أن يكونوا بنفس معدلات السلوكيات العدوانية.
أيضاً، قد يرتبط انخفاض تعليم الوالدين وانخفاض معدل الذكاء وانخفاض اللغة أو القدرة على التواصل بخطر السلوكيات العدوانية لدى الأطفال غير المشخصين بالتوحد أو الاضطرابات النمائية الأخرى على عكس الأطفال المشخصين بالتوحد، حيث أن العامل الوحيد الذي يبدو أنه يعمل بنفس الطريقة لكلا المجموعتين بين الأطفال المشخصين بالتوحد وغير المشخصين هو (العمر). لذلك، في كلا المجموعتين كلما كان الطفل أصغر سناً، كلما زاد احتمالية أن يكون الطفل عدواني.
إن الأطفال المشخصين بالتوحد و لديهم السلوكيات العدوانية هم أولئك الذين لديهم معدلات بنسبة عالية من:
- السلوكيات التكرارية، خاصة سلوكيات إيذاء النفس أو السلوكيات المقيدة والمقاومة الشديدة للتغيير.
- ضعف التفاعل الاجتماعي.
- دخل أسرة متوسط.
لم تسمح المعلومات المتاحة للباحثين باستكشاف متى ولماذا لدى الأطفال المشخصين بالتوحد لديهم بعض من نوبات الغضب العنيفة.
إن الأطفال غير المشخصين بالتوحد أو الاضطرابات النمائية الأخرى يستخدمون السلوكيات العدوانية لتحقيق أهداف اجتماعية مثل، لفت الانتباه أو تجنب طلبات الأفراد البالغين.
أما بخصوص الأطفال المشخصين بالتوحد وخاصة الذكور قد تصدر منهم السلوكيات العدوانية عندما يقوم الآخرين بالتدخل في السلوكيات التكرارية لديهم، أو عندما يقوم أحدهم بسحب بعض الأشياء التي يحتاجونها لمواصلة الروتين أو السلوك التكراري، أو عندما يحاولون الهروب من المدخلات الحسية الغير مريحة لديهم.
لذلك، الدراسة حددت وجود صلة بين السلوكيات التكرارية والسلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد.
وفي هذه النتيجة المحيرة للباحثين فقد توقعوا أن العائلات مرتفعة الدخل لديها وصول أكبر إلى التدخلات مع الأطفال المشخصين بالتوحد وبالتالي سوف يكون ظهور السلوكيات العدوانية لديهم قليل.
والسؤال هنا، لماذا قد يرتبط دخل الأسرة المرتفع بزيادة مخاطر السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد؟
من الممكن أن تكون الأسر ذات الدخل المرتفع أكثر قدرة على الوصول إلى التدخلات التي تكون محبطة وغير فعَالة للأطفال المشخصين بالتوحد، وبالتالي قد تؤدي هذه المواقف إلى ظهور السلوكيات العدوانية.
إن الاحتمال الآخر هو أن الأسر الذين يكونون في مستويات دخل مختلفة قد يكونون أكثر أو أقل عرضة للتصريح عن ظهور السلوكيات العدوانية لدى أطفالهم، وربما قد تكون الأسر ذوي الدخل المنخفض أكثر حساسية تجاه النقد المحتمل للوالدين ولومهم على السلوك العدواني لأطفالهم ، في حين أن الأسر ذوي الدخل المرتفع قد يشعرون بالأمان تجاه لوم المجتمع لهم وبالتالي، قد يصرحون بحرية أكثر عن السلوكيات العدوانية التي يصدرها أطفالهم.
لذلك نحن بحاجة إلى المزيد من البحث لمعرفة ما إذا كانت هذه النتائج غير المتوقعة قد تصمد مع مرور الوقت، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكن تفسير هذه النتائج؟
تسليط الضوء على السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد ومساعدة الأسر على تغلب هذه التحديات الموجه لهم
حيث تقدم هذه الدراسة تأكيداً على أن العدوانية هي قضية رئيسية لمقدمي الرعاية للأطفال المشخصين بالتوحد، ومما يؤكد صحة تجربة الكثيرين منهم في وضع الأساسيات للبحث في المستقبل، وتؤكد هذه الدراسة أيضاً، الحاجة الملحة إلى المزيد من التدخلات الفعَالة وكيفية خفض السلوكيات العدوانية لدى الأطفال المشخصين بالتوحد ودعم الأسر على كيفية التعامل معها.
المرجع: