سلوكيات الأطفال ذوي الإعاقة في الأماكن العامة
ترجمة: أ. حنان الأحمري
أفاد العديد من الآباء أن أطفالهم ذوي الإعاقة يواجهون صعوبة كبيرة في التصرف والتفاعل بشكل مناسب في الأماكن العامة، حيث أن الذهاب الى رحلة روتينية في مكان عام من الممكن أن تسبب احراج، وتسبب نظرات الاستغراب من قبل الآخرين الذين يشاهدون انهيار هؤلاء الأطفال ويتم إلقاء اللوم على آباءهم بوضوح: (انتم أي نوع من الوالدين؟ لو كان هذا طفلي لفعلت كذا و كذا …….)، يختار بعض الآباء تجنب هذه المواقف في الأماكن العامة عن طريق تقليل الرحلات لأطفالهم ذوي الإعاقة، ولسوء الحظ فإن هذه الإستراتيجية تحرم الأطفال من فرصة ممارسة وإتقان المهارات الاجتماعية العامة التي سيحتاجونها من أجل المشاركة بشكل مناسب في مجتمعهم
من المهم أن نفهم لماذا تشكل الأماكن العامة تحديًا كبيرًا للأطفال ذوي الإعاقة، إن جميعنا لدينا خمس احتياجات جسدية أساسية يجب تلبيتها وإذا لم يتم تلبية أي من هذه الاحتياجات فقد نشعر بالقلق أو عدم الارتياح أو الشعور بالخطر، وتشمل هذه الاحتياجات:
- الجوع (الحاجة إلى الغذاء)
- العطش (الحاجة للشرب)
- الهواء (الحاجة إلى مساحة مفتوحة)
- الراحة (الحاجة إلى الاسترخاء، والحد من التوتر)
- الاستكشاف (الحاجة إلى إشباع الفضول)
- قضاء الحاجة (القدرة على الوصول بسهولة إلى مرافق الحمام)
عندما يكونون الأطفال في منزلهم من الممكن تلبية كل هذه الاحتياجات بسهولة، فإن الوجبات الخفيفة متوفرة والعصير في الثلاجة والفناء الخلفي يوفر لهم مساحة كبيرة للمرح، وتوفر غرفة نومهم ملاذًا مريحًا ويمكنهم التجول والاستكشاف بما يرضيهم ودورات المياه مألوفة وبإمكانهم الذهاب اليها بسهولة فإنهم يشعرون بالرضا والراحة في هذا الوضع المألوف، وعندما تأخذ الأم الطفل إلى احد المتاجر فهو يدرك أن هذه الاحتياجات لا يتم تلبيتها بسهولة وهذا يمكن أن يخلق قلقًا كبيرًا لديه
هناك سببان آخران يجعلان الأماكن العامة تمثل تحديًا للأطفال ذوي الإعاقة:
أولاً: إن الرحلة تعتبر عملية انتقالية وهي صعبة بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة، أي تغيير في الجدول الزمني أو الروتين وخاصة التغيير المفاجئ وغير المتوقع يمكن أن يخلق القلق لدى الأطفال ذوي الإعاقة
ثانيًا: معظم الرحلات تكون “الأهداف متعارضة” فعندما يأخذ الأب الطفل الى احد المتاجر فإن هدفه من الرحلة على سبيل المثال شراء الحليب وصرف النقود بينما أهداف طفله تتعارض ومختلفة تمامًا فهو مثلاً يريد شراء الحلوى، ولأن أهدافهم من الرحلة مختلفة وربما تتعارض مع بعضها البعض ستحدث الصراعات
تعمل هذه المواقف على تعزيز إحباط الأطفال ذوي الإعاقة أو شعورهم بالقلق بشكل كبير، قد يعترف معظم البالغين بأن الخروج إلى الرحلات تمثل حقل ألغام اجتماعي، ومع ذلك يتوقع الآخرين أن الأطفال يكونون في أفضل حالاتهم عندما يكونون في الأماكن العامة نظرًا لأن سلوك الأطفال الغير مرغوب به يسبب إحراجًا للآباء فمن المتوقع أن يتصرف الأطفال بشكل أكثر نضجًا في الأماكن العامة من أجل آباءهم
إذن ما هي الخطوات التي يمكن للآباء اتخاذها لمساعدة أطفالهم ذوي الإعاقة على تغيير سلوكياتهم الغير مرغوبة في الأماكن العامة؟
- يمكن تقليل القلق الاجتماعي لدى الأطفال ذوي الإعاقة في الأماكن العامة من خلال تلبية احتياجاتهم الجسدية كما ذكرنا مسبقًا وذلك بإحضار الوجبات الخفيفة وعلب العصير (تلبية احتياج الجوع والعطش)، إعطاءهم فرصة للاستكشاف قليلاً عندما يكونون في بيئة جديدة أو غير مألوفة (تلبية الحاجة إلى إشباع فضولهم)، مساعدتهم بمعرفة مواقع دورات المياه في المبنى أو التأكد من أنهم ذهبوا الى دورة المياه قبل الخروج من المنزل مباشرة (قضاء الحاجة)، إعطائهم تقديرًا للمدة التي تستغرقها الرحلة (تلبية الحاجة إلى الاسترخاء) وتقليل الوقت الذي يجب أن يقضونه الأطفال في المناطق المزدحمة أو المحصورة والسماح لهم بالجلوس في خارج المتجر للإنتظار إذا كان المكان مزدحمًا للغاية كلما أمكن ذلك
- تهيئة الأطفال ذوي الإعاقة قبل اصطحابهم إلى الأماكن العامة، بشكل عام لا يستجيبون الأطفال ذوي الإعاقة بشكل جيد للتغييرات المفاجئة في الروتين، مثال على تهيئة الأطفال ذوي الإعاقة: بن تذكر أننا سنذهب إلى مكتب أبي في الساعة الرابعة لأخذ موعد مع طبيب الأسنان، وسيكون ذلك حوالي 45 دقيقة، سوف ترتدي ملابسك قريبًا وتضع ألعابك
- توضيح أهداف الرحلة للأطفال ذوي الإعاقة قبل مغادرة المنزل وتذكيرهم بلطف قبل الدخول إلى الوجهه، مثال على ذلك: بني يجب أن نكون في المنزل في الساعة الخامسة لتلقي مكالمة مهمة من الممكن أن تأتي معي إلى المتجر لكن من المهم البقاء معي وستكون هذه الرحلة سريعة، في المرة القادمة التي نأتي فيها سيكون لدينا الوقت للاستكشاف قليلاً
- إذا كانو الأطفال ذوي الإعاقة سيشاركون في نشاط في بيئة جديدة أو غير مألوفة فإن “الجولة التجريبية” مفيدة لهم بمعنى زيارة الموقع واستكشافه قبل الحدث، ومن خلال القيام بذلك يتم خفض شعور القلق لدى الأطفال ذوي الإعاقة بشكل كبير سيتعلمون من خلال هذه الجولة الكثير من الاشياء والاسماء و ستكون البيئة الجديدة مألوفة بالنسبة لهم
- إن الأطفال ذوي الإعاقة الذين يواجهون مشاكل في التعلم على الرغم من ان الاماكن تشكل تحديًا لهم، إلا انه يمكن أن توفر للآباء فرصًا لا تقدر بثمن لتعزيز وزيادة المعلومات الاجتماعية لدى أطفالهم، نظرًا لأن التعلم بالنسبة لهم ليست عملية طبيعية وغريزية فإنهم غالبًا لا يدركون المعلومات الأساسية، وغالبا ما يشار إلى هذا باسم ” محو الأمية الثقافية “، أتذكر طالبًا ذكيًا للغاية يبلغ من العمر أربعة عشر عامًا ويواجه مشاكل في التعلم وقد اندهش عندما علم أن البطاطس المقلية مصنوعة من البطاطس، غالبًا ما يندهش البالغون ذوي الإعاقة الذين يواجهون مشاكل في التعلم من الحقائق الأساسية والتي تبدو بسيطة والتي لم يتقنونها وهم اطفال، يتعلم معظم الأطفال هذه الحقائق على ما يبدو عند نضجهم، يحتاجون الأطفال ذوي الإعاقة الذين يواجهون مشاكل في التعلم إلى تعليم هذه المفاهيم بشكل مباشر، يمكن للآباء أن يلعبوا دورًا حاسمًا في هذه العملية، حيث ستصبح الرحلات أكثر تشويقًا ومتعة للآباء والأطفال
مرة أخرى، يمكن أن تكون هذه الرحلات معقدة وصعبة بالنسبة للآباء الذين لديهم أطفال من ذوي الإعاقة بسبب سلوكيات الأطفال الغير مرغوب فيها والغير مناسبه لعمرهم فهي تضع آباءهم في مواقف محرجة
المرجع: