الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

واقع خدمات اضطراب طيف التوحد والاضطرابات النمائية في المملكة العربية السعودية

واقع خدمات اضطراب طيف التوحد والاضطرابات النمائية في المملكة العربية السعودية

واقع خدمات اضطراب طيف التوحد والاضطرابات النمائية في المملكة العربية السعودية

ترجمة: أ نجاة الرمضان

ما هو اضطراب طيف التوحد؟

اضطراب طيف التوحد (ASD) هو اضطراب نمائي عصبي يمكن تشخيصه في مرحلة الطفولة المبكرة. حيث يتطلب تشخيص الطفل باضطراب طيف التوحد وجود ضعف في مجالين رئيسين: مجال التواصل والتفاعل الاجتماعي، وظهور الأنماط السلوكية المتكررة.

أسباب التشخيص باضطراب طيف التوحد

 منذ اللحظة الأولى من تشخيص الطفل باضطراب طيف التوحد قد يتبادر إلى ذهن الأهالي الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى تشخيص طفلهم بهذا الاضطراب.

 ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم تحديد الأسباب الثابتة لهذا الاضطراب و لكن هناك بعض الأبحاث التي حددت تأثير بعض العوامل التي قد تساهم بولادة طفل مشخص باضطراب طيف التوحد. 

حسب ما ذكرته كاميليا في دراسة أجرتها عام 2022 م. منها العوامل الوراثية، الجينية، و تأثير بعض الأدوية التي تتناولها الأم الحامل مثل حمض الفالبرويك، عمر الأم الحامل إذا كان أكبر من 40 عاماً، الأمراض التي قد تصاحب الحمل مثل ارتفاع ضغط الدم، أو العدوى الفيروسية أو البكتيرية، أو تعرض الأم أثناء الحمل لمواد كيميائية سامة.

الدراسات حول اضطراب طيف التوحد في المملكة العربية السعودية

هناك دراسات كثيرة تتمحور حول اضطراب طيف التوحد في الكثير من الدول الغربية، لكن نجد أن عدد الدراسات يقل حينما نسلط الضوء على وجودها في دول الشرق الأوسط وتحديدًا في المملكة العربية السعودية. فنجد أن معظم الخدمات المقدمة لهذه الفئة هي خدمات مستندة على دراسات واستنتاجات أجريت في الدول الغربية، علاوة على ذلك وجود الفجوة الكبيرة بين احتياجات الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد، وبين الخدمات المقدمة لهم في المملكة العربية السعودية

ومع التقدم الذي تحرزه المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات، نرى أن مجال الاحتياجات الخاصة قد نال نصيبًا منها. فحسب ما أفاد الباحث ميتيو في أحد أحدث دراساته بأنه بدأت الأبحاث المحلية بالظهور عام 2008 م.

تشخيص اضطراب طيف التوحد ومدى انتشاره

يعد تشخيص اضطراب طيف التوحد صعب وذلك لعدم توفر اختبارات مباشرة مثل فحص الدم وفحص المؤشرات الحيوية المحددة في الجسم لنتأكد من خلالها من صحة التشخيص. 

حيث يقوم اعتماد تشخيص طيف التوحد على مراقبة سلوك الطفل، والجدير بالذكر أنه تم تغيير معايير التشخيص في (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-5)، حيث تم تصنيف متلازمة اسبرجر واضطراب التوحد والاضطرابات النمائية الشاملة غير المحددة تحت مظلة اضطراب طيف التوحد.

أما بالنسبة لانتشاره، فقد ذكر ميتيو أنه حتى الآن لم يتم تحديد مدى انتشار اضطراب طيف التوحد بدقة في المملكة العربية السعودية.

 في عام 2002م تم تشخيص 42500. كما أن هناك دراسة أخرى حديثة ذكرت بأن معدل انتشار اضطراب طيف التوحد في الخليج العربي بما فيهم المملكة العربية السعودية يتراوح بين 1.4 إلى 29 مشخص  باضطراب طيف التوحد من بين كل 10000 شخص.

 أما معدل الانتشار في البلدان الغربية أكثر بكثير من المعدل الظاهر في البلدان العربية، حيث يتراوح بين 39-77 حالة لكل 10000 شخص.

 قد يرجع سبب هذا التباين في المعدلات إلى محدودية القدرة على تشخيص اضطراب طيف التوحد في البلدان العربية، ووجود عيوب منهجية في وسائل القياس المعربة، وأيضًا وجود أعراض مصاحبة تم تحديدها وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية DSM-5 والتي قد تحول دون تحديد اضطراب طيف التوحد كاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، والإعاقات الذهنية، الصرع والشلل الدماغي، والقلق الاجتماعي، والاكتئاب، وأخيرًا انخفاض مستوى وعي الآباء باضطراب طيف التوحد مما يؤدي إلى عدم التعرف على الأعراض و الحصول على التشخيص المناسب.

الخدمات التي يحصل عليها الفرد بعد تشخيصه باضطراب طيف التوحد

تشخيص الفرد باضطراب طيف التوحد يعقبه ضرورة توفير الخدمات للوصول به إلى أفضل المستويات التي تمكنه من التأقلم وممارسة الحياة بشكل مستقل.

 في المملكة العربية السعودية يغلب تقديم هذه الخدمات غالبًا في المدن الكبيرة مثل مدينة الرياض، جدة، والدمام، ويقل توفرها في المدن الأخرى. 

حيث ذكرت دراسة حديثة أجريت عام2022م أن هناك 31٪ فقط من الأطفال ذوي طيف التوحد يمكنهم الوصول إلى مراكز التوحد وتلقي الخدمات، بينما هناك 72٪ لم يتسنى لهم الحصول على فرصة الوصول لتلك المراكز. مع وجود هذه المراكز يتراوح في أذهاننا سؤال آخر أكثر أهمية، ما رأي الأهالي بجودة هذه الخدمات؟ هل هم راضون عن النتائج الحاصلة أم لا؟ حيث أجريت دراسة متخصصة حول رأي الأهالي ذكر فيها بأن معظم الآباء قاموا بتقييم الخدمات المقدمة بمستوى متدني إلى متوسط، وعليها فلم تنال تلك الخدمات على النتائج المرجوة منها. كل هذه التحديات تضع عبئًا كبيرًا على الأهالي مما قد ينعكس سلبًا على حياتهم الاجتماعية والأسرية.

 هل هناك علاج مثبت لاضطراب طيف التوحد؟

 تذكر كاميليا في دراستها أنه لا يوجد هناك علاج طبي قادر على معالجة اضطراب طيف التوحد.

 ولكن هناك رعاية مدروسة يتم تقديمها للطفل بعد التشخيص، تقوم على تطوير مهاراته الاجتماعية مما يجعله يمارس طفولته ويكتسب مهارات سلوكية تمكنه من التكيف والتعايش مع أقرانه.

الرعاية التي تقدمها المملكة العربية السعودية للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد

مع التطورات التي حققتها المملكة العربية السعودية، ساهمت العديد من الدوائر في رفع مستوى جودة الرعاية المقدمة للأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد، وزيادة عدد المراكز التي توفر خدمات التشخيص الأولي في سن المبكر.

 يتم تقديم هذه الخدمات من قبل متخصصين في مجال الرعاية الصحية التابعين لوزارة الصحة (MOH)، مثل أطباء الأطفال، الأطباء النفسيين، علماء نفس الأطفال، متخصصين النمو السلوكي والنمو العصبي للطفل، وأطباء أعصاب الأطفال. ويشارك في تقديم هذه الخدمات الحاصلين على الرخص الرسمية للممارسة من قبل الهيئات العامة للرخص، مثل المجلس الصحي السعودي (SHC)، والهيئة السعودية للتخصصات الصحية (SCFHS)، والمجلس المركزي السعودي لاعتماد مؤسسات الرعاية الصحية (CBAHI). 

أدى هذا التطور إلى نمو ملحوظ في مستوى الخدمات المقدمة للأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد، ولكن لا تزال هناك مطالبات بتطوير تلك الخدمات وتوسيع انتشارها.

بالنسبة لخدمات إعادة التأهيل التي بدأت المملكة العربية السعودية بتوفيرها، ذكر ميتيو أن هناك ثلاثة جهات تتعاون على تقديم الخدمة، وهي: وزارة التعليم، وزارة الموارد البشرية، ووزارة الصحة. 

حيث يتم تقديمها ضمن الخدمات الحكومية المجانية للقطاع العام، وضمن الخدمات التي يغطيها التأمين الصحي بالنسبة للقطاع الخاص. 

تقوم وزارة الموارد البشرية بالإشراف على خدمات التدخل من قبل المراكز الخاصة للأطفال تحت سن الست سنوات غير الملتحقين بالمدرسة، أو الأطفال الذين تقل معدلات ذكائهم عن 50IQ. 

 بينما تقوم وزارة التعليم بالإشراف على خدمة الأطفال ما فوق سن الست سنوات من ذوي طيف التوحد القابلين للدمج والتعليم. أما بالنسبة لدور وزارة الصحة، فتقوم بتوفير الخدمات الطبية التي قد يحتاجها الأطفال وصرف الأدوية اللازمة لهم حسبما تتطلبه حالة الطفل الصحية.

قد تختلف الخدمات المقدمة من قبل المراكز تبعًا لعدد الساعات المخصصة لخدمة كل فرد، والأعمار التي تستقبلها هذه المراكز، وكفاءة الطاقم الموجود في المركز أيضًا. فبالرغم من توفر هذه الخدمات بشكل مجاني إلا أن ميتيو ذكر في دراسته أن حوالي 80٪ من أسر الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد يحصلون على الخدمات من مراكز يتم دفع رسوم خدماتها من أموالهم الخاصة، لذلك نجد أن هنالك احتياج شديد لمراجعة شاملة للخدمات بما يتوافق مع احتياجات الأفراد. وهذا بالتحديد ما يقوم عليه مركز الأمير محمد بن سلمان للتوحد واضطرابات النمو الذي أنشئ عام 2018م؛ لسد الثغرات وتوفير المزيد من الرعاية.

 وأخيرًا في عام 2022م قامت كاميليا بإجراء دراسة هدفت إلى استكشاف المستوى المعرفي لسكان المملكة العربية السعودية فيما يتعلق باضطراب طيف التوحد. 

توصلت نتائجها إلى ضعف انتشار معرفة هذا الاضطراب بين الأهالي. كما ذكرت في توصية تلك الدراسة بعض البنود التي يجب على الحكومة السعودية النظر إليها لتطوير الخدمات المتاحة، وتلبية احتياجات الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد، ومن تلك البنود:

1- تخصيص المزيد من المراكز الحكومية والموارد التي تيسر توفير الخدمات اللازمة للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، وزيادة تغطية انتشارها بين مختلف مدن المملكة.

2- توفير التمويل الحكومي لتوظيف كفاءات عالية تقوم بتقديم الخدمة للأفراد ذوي الاضطرابات النمائية.

3- العمل على تحديث سياسات التأمين الصحي لتغطية كامل الخدمات التي قد يحتاجها الأشخاص المشخصين باضطرابات النمو والإعاقات المزمنة.

4- توظيف تربويين متخصصين في التربية الخاصة في مدارس رياض الأطفال لتقديم الخدمات اللازمة للأطفال ذوي الاضطرابات النمائية في فصول الطفولة المبكرة.

5- تسخير المرافق العامة لتتناسب مع احتياجات الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد.

المرجع:

Saudi Expert Consensus-Based Autism Spectrum Disorder Statement: From Screening to Management, (2022). Matteo Alessio Chiappedi

Children | Free Full-Text | Saudi Expert Consensus-Based Autism Spectrum Disorder Statement: From Screening to Management (mdpi.com)

Knowledge and Attitudes toward Autism Spectrum Disorder in Saudi Arabia (2022), Carmela Bravaccio IJERPH | Free Full-Text | Knowledge and Attitudes toward Autism Spectrum Disorder in Saudi Arabia (mdpi.com)