الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

كيف نساعد الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على بناء مهارات التواصل؟

كيف نساعد الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على بناء مهارات التواصل؟

كيف نساعد الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على بناء مهارات التواصل؟

“القدرة على فهم أنفسهم يساعد في التقليل من الإحباط، و إيذاء الذات”. أحد أهم سمات الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد هي عدم قدرتهم على التواصل بشكل فعّال، و هذا ما يؤدي إلى تعرضهم لنوبات غضب متكررة، أو العدوان تجاه الآخرين، أو ظهور سلوكيات إيذاء الذات؛ و يرجع ذلك إلى انخفاض المهارات اللغوية لديهم و عدم وجود طريقة فعّالة للتعبير عن احتياجاتهم؛ وهذا يجعل مهارات التواصل أحد أهم المهارات العاجلة التي يجب العمل عليها مع الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد.

و هنا يأتي دور “التدريب على التواصل الوظيفي “FCT” حيث يتضمن تعليم الفرد ذوي اضطراب طيف التوحد طريقة تواصل لنقل المعلومات باستخدام اللغة، أو الإشارات، أو الصور لتحقيق عملية تواصل ناجحة.

و يطلق عليه لفظ “وظيفي” لأنه لا يتعلم الفرد من خلاله تسمية العناصر فقط (مثال: ربط اللون الأحمر بصورة تفاحة)؛ ولكنه يركز على استخدام الكلمات أو الإشارات للحصول على شيء مرغوب يريد الفرد ذوي اضطراب طيف التوحد، كلعبة معينة يفضلها، أو نشاط محبّب، أو التعبير عن رفضه لشيء غير مرغوب لديه.

كما يتطلب “التدريب على التواصل الوظيفي FCT ” استخدام التعزيز الإيجابي لزيادة قدرتهم على التواصل بفعالية مع الآخرين لتلبية احتياجاتهم.

كيف يعمل التدريب على التواصل الوظيفي FCT؟

توضح عالمة النفس الإكلينيكية “ستيفاني لي” طريقة العمل للتدريب على التواصل الوظيفي بمعرفة الدافع الكبير الذي يسعى الطفل للحصول عليه، ويريده بشدة، مثل: نوع معين من الطعام، أو لعبة أو نشاط مفضل، و نقوم بتدريبه على أن يشير بإصبعه على العنصر نفسه أو استخدام صورة للعنصر الذي يريده ويحبه.

و يكون التدريب بما تسميه دكتورة لي “التعلم بدون أخطاء” حيث يقوم الأخصائي/ـة بمساعدة الفرد و توجيهه لاستخدام الإشارة للعنصر أو صورة العنصر الذي يريده بمساعدة جسدية كاملة و إعطائه العنصر الذي أشار عليه مباشرةً، يتم تكرار هذه العملية مرارًا و تكرارًا، حتى يتمكن الفرد من الربط بين الإشارة و العنصر و حصوله على المكافأة، و تقليل المساعدات تدريجيًا.

تقول الدكتورة لي: ” تخفيف التلقين تدريجيًا، يساعد الطفل على الاستقلالية في تواصله”.

عندما يتقن الطفل استخدام الإشارة أو الكلمة للعنصر أو صورة العنصر المعروض أمامه، ينتقل بعد ذلك إلى خطوة “التعميم” خارج البيئة التي تم تدريبه فيها، على سبيل المثال: يعمم الإشارة إلى رقائق البطاطا عند مشاهدته للتلفاز، كما تعلم الإشارة إليها خلال الجلسة التعليمية. و بعد استخدام الإشارة لعنصر معين باستمرار و إتقان الطفل له، يمكن إضافة كلمات أو إشارات لعناصر جديدة لبناء حصيلة لغوية لدى الطفل بشكل تدريجي.

بناء الأهداف في التدريب على التواصل الوظيفي FCT

يعتمد تقدم الأطفال في برنامج التدريب على التواصل الوظيفي على أدائهم ومستواهم المعرفي والعقلي، بالنسبة للأفراد ذوي الإعاقة، أو الذين لديهم مشكلات لغوية وتواصلية أكثر، قد تكون هناك حاجة إلى الكثير من المحاولات و التكرارات حتى يتمكنوا من إتقان هذه المهارة. تقول الدكتورة لي: ” قد ينتهي الأمر إلى إتقانهم لحصيلة لغوية بسيطة من التدريب على التواصل الوظيفي، ولكنهم في أمسّ الحاجة لهذه الحصيلة يرجع ذلك لاستخدام هذه الحصيلة في الأشياء المهمة و الضرورية كالأطعمة التي يحبونها، و طلب استخدام الحمام”.

سيكون بعض الأطفال قادرين على استخدام جمل كاملة، باستخدام وسائل مساعدة، و البعض الآخر قد يستطيع استخدام كلمة مفردة فقط. تعلّق الدكتورة “لي” قائلة: “يجب تحديد الأهداف الأكثر ملائمة للأطفال الذين يستخدمون كلمة مفردة فقط”. كذلك من المهم أن نتذكر أن البرنامج مبني على قدرات الطفل و مصمم خصيصًا لتلبية احتياجاته وفقًا لإمكاناته.

دور التدريب على التواصل الوظيفي FCT في التقليل من المشكلات السلوكية

تم تطوير برنامج التدريب على التواصل الوظيفي في الثمانينات كوسيلة لتقليل المشكلات السلوكية المصاحبة لاضطراب طيف التوحد، بما في ذلك سلوك إيذاء الذات، و العدوان. و كانت الفكرة بأن ظهور هذه السلوكيات يرجع إلى عدم القدرة على التواصل للتعبير عن الاحتياجات بشكل فعّال.

لاستخدام التدريب على التواصل الوظيفي للتقليل من المشكلات السلوكية يجب النظر أولًا إلى وظيفة هذه السلوكيات، وهو مايسميه الأطباء “التقييم الوظيفي”، وهذا يتطلب ملاحظة الطفل عن قرب، لتحديد ماهية السلوك، مثل ما إذا كان الطفل يضرب رأسه بالحائط، أو يصفع نفسه، أو يضرب طفلًا آخر، فما وظيفة هذه السلوكيات، للوصول إلى وصف دقيق للسلوك بعد ذلك تحديد وظيفته ويكون ذلك عن طريق معرفة السوابق و العواقب و استخدام نموذج جمع البيانات ABC ، لمعرفة ماحدث قبل السلوك؟ ومتى يحدث؟ و مع من؟ و ما الذي يحدث بعد ذلك؟ إذا ظهر أن محفز المشكلات السلوكية هو شيء لا يستطيع الطفل إيصاله، فإن تعليم الطفل على طريقة تواصل فعّالة تساهم في معرفة احتياجاته يمكن أن يساعد على تخفيض المشكلة السلوكية.

استخدام التواصل الوظيفي للتقليل من سلوك إيذاء الذات

يؤدي سلوك إيذاء الذات -عادةً- إلى أحد الوظائف التالية:

  • الحصول على الانتباه.
  • الوصول إلى عنصر أو نشاط مرغوب.
  • الهروب من مهمة غير مرغوبة.
  • التعزيز الذاتي.

لذلك يقوم الطفل أحيانًا بضرب رأسه، أو وجهه للحصول على شيء يريده أو الخروج من شيء لا يريد القيام به، أو الهروب من موقف غير مريح، و يتم تعزيز هذا السلوك عن طريق الخطأ، في هذه الحالة يساعد التدريب على التواصل الوظيفي في التقليل من سلوكيات إيذاء الذات.

بمجرد أن يتعلم الطفل طلب (استراحة) بكلمة أو إشارة أو صورة، و الحصول على ما يطلبه بسرعة، فمن المرجح أن يختار السلوك المناسب بدلاً من سلوك إيذاء الذات.

كما يمكن تطبيق التدريب على التواصل الوظيفي في كل الأعمار، بدءًا من مرحلة ما قبل المدرسة وحتى مرحلة البلوغ.

و ينصح الخبراء على أهمية البدء بالتواصل الوظيفي في أقرب وقت ممكن للطفل، كما تؤكد على ذلك الدكتورة لي بقولها: “ما نعرفه عن النمو اللغوي لدى الأطفال، أنه كلما كان التدخل مبكرًا كلما كان أفضل”.

” لذلك كلما تمكنا من تحقيق هذه الأشياء بشكل أسرع، كلما تمكنا من بناء حصيلة لغوية لدى الطفل بشكل أسرع؛ كلما كان حاله أفضل”.

كما ترى الدكتورة لي أن التدريب على التواصل الوظيفي يعمل بفعالية أكبر مع البالغين الذين لم يتلقوا تدخلًا وتدريبًا مسبق على هذا النوع من التدخل، كما أن بعضهم يكتسب مهارة التواصل بشكل أسرع؛ وتضيف على ذلك: “لقد رأيت أيضًا العديد من البالغين الذين يقضون وقتًا طويلًا في التدريب بمقابل امتلاكهم لحصيلة لغوية بسيطة، ولكن هذه الحصيلة مهمة جدًا لهم ولمن حولهم لأنها تخدمهم في التعبير عن أنفسهم و احتياجاتهم بشكل واضح”.

المرجع:

Miller, Caroline, (2023, October30) Helping Kids With Autism Build Communication Skill, child Mind Institute

https://childmind.org/article/helping-children-with-autism-learn-to-communicate/