كيف نبني اللغة الاستقبالية لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد؟
ترجمة: أ. أشواق العنزي
كيف ستساعد اللغة الاستقبالية على تواصل الطفل ذو اضطراب طيف التوحد؟
عندما نتواصل مع الآخرين، نعتمد على نوعين من مهارات اللغة: اللغة التعبيرية واللغة الاستقبالية . يتسم الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد غالبًا بنقص في إما المهارة التعبيرية (كالتحدث، تسمية الأشياء، إظهار الإيماءات) أو المهارة الاستقبالية (إتباع التعليمات، تحديد الأشياء، فهم الإيماءات) أو في كلتا المهارتين، ومن أجل تنمية القدرة على التواصل بشكل فعّال يجب العمل على تحسين كلتا المهارتين، حيث لا يمكن أن تكون إحداهما دون الأخرى، ونظرًا لأن اللغة الاستقبالية تتطور عادةً قبل اللغة التعبيرية فإن تحسين اللغة الاستقبالية أولاً يكون أمرًا طبيعيًا، حيث سيساعد في تسهيل تطوير اللغة التعبيرية (سكيت وآخرون، 2019).
ما هي اللغة الاستقبالية؟
اللغة الاستقبالية هي فهم اللغة (القدرة على فهم وفك رموز اللغة غير اللفظية والكلمات) وتتضمن أخذ المعلومات ومعالجتها بدقة والتواصل بشكل فعّال، كما يعمل تقييم مهارات اللغة الاستقبالية بتقدير مقدار ما يعرفه الطفل ويفهمه حتى إذا لم يكن قادرًا على التواصل اللفظي.وتتكون اللغة الاستقبالية من:
- إتباع التعليمات: على سبيل المثال: “قف/ أجلس”, “تعال هنا”, “ضع الكرة على الطاولة”.
- تفسير الإشارات والإيماءات البصرية/السمعية: على سبيل المثال: يحتفظ الأقران بالألعاب عند سماع عبارة “تعال أجلس”، أو يظهر ولي الأمر تعبيرًا غاضبًا عندما يلقي الطفل الألعاب على الأرض ( “ليس مناسبًا أن تلقي الألعاب”).
- إستخراج وتحديد وتمييز الأشياء والصور: على سبيل المثال: تحديد الكرة عندما يُطلب بصورة لفظية “أين الكرة؟”.
- فهم المفاهيم، مثل الألوان، والحجم، والاشكال، والحروف، والأرقام: على سبيل المثال: تحديد اللون الأحمر عندما يُطلب منه بصورة لفظية، “أشر إلى الأحمر”.
- الرد على الأسئلة: على سبيل المثال: “ماذا نأخذ معنا عندما تمطر؟”، يظهر المظلة.
- فهم القصة: عندما يتم سرد القصة على الطفل يجيب على الأسئلة المطروحة حول أحداث القصة.
لماذا تعتبر اللغة الاستقبالية مهمة للغاية؟
تُعد اللغة الاستقبالية بوصفها بوابة للغة حيث يتعين علينا فهم معنى المعلومات التي نستقبلها قبل أن نتمكن من نقل تلك المعلومات “إلى الخارج” (اللغة التعبيرية). بالإضافة إلى التواصل فإن المهام مثل: اللعب، وإتباع التوجيهات، والقراءة، سواء في المنزل أو في بيئات مختلفة، تتطلب عدة مستويات من الفهم وقد تؤدي صعوبات الفهم إلى تطوير تفاعل منخفض، ونقص في التركيز والاهتمام، ومشكلات سلوكية لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد حيث لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم.
إن الأطفال ذوي اللغة الاستقبالية القوية يكونون أكثر ثقة ولديهم فترة انتباه أطول، و قادرين على اكتساب الكلمات الرئيسية، مما يساعد في تطوير اللغة التعبيرية.
عندما يتم دمج اللغة الاستقبالية القوية مع مهارات أخرى مثل: التقليد والإدراك البصري ستكون العملية أسهل بكثير عند تحفيز الأطفال لإنتاج الكلام.
كيف يمكننا تحسين اللغة الاستقبالية؟
- شجع على التواصل البصري: قبل إعطاء التعليمات إنتظر حتى يلتفت طفلك أو ينظر إليك مما يسمح لهم بالتركيز بشكل أفضل على التعليمات.
- قلل من المشتتات: حجب العوائق البصرية أو الجسدية مثل: الأضواء الساطعة وخفض مستوى الضوضاء في المكان.
- تحسين مهارات التقليد: حثّهم على التقليد سواءً كان ذلك من خلال المهارات الحركية أو بواسطة شيء آخر كالألعاب.
- قسّم التعليمات إلى خطوات قصيرة وبسيطة: استخدم كلمات أقل واذهب إلى النقطة دون إطالة،على سبيل المثال: 1. افتح الصندوق. 2. خذ الكرة. 3. أغلق الصندوق.
- استخدام المساعدة الجسدية: يمكنك مسك يد الطفل وتوجيهها في الإشارة أثناء التحدث معهم، على سبيل المثال: قدّم لهم المساعدة في الإشارة إلى الصور عند سؤاله “أين السيارة الصفراء؟”).
- استخدام المساعدة البصرية: استخدم الصور عند التحدث معهم، على سبيل المثال: أظهر صورة لشخص يقفز “لنقفز”).
- استخدم المساعدة الصوتية: نطق الكلمات الرئيسية عند التحدث معهم بتغيير النبرة والصوت لكلمات معينة.
أنشطة لتحسين اللغة الاستقبالية:
قراءة الكتب/المجلات/القصص المصورة:
قراءة كتب القصص تمكّن الأطفال من ممارسة الاستماع الفعّال والانتباه المشترك خاصةً عندما يقوم شخص بقراءة القصة لهم. جرب اختيار كتب تحتوي على الصور الكبيرة وواضحة بحيث يمكنهم تحديد الصور بسهولة، قدم التعليمات مثل “لنقلب الصفحة” أو “أشر إلى ______” وذلك للمشاركة والتفاعل في تنفيذ المهام.
- دمج الوصف في الروتين اليومي
على الرغم من أنه قد يبدو غريبًا، إلا أن الوصف المتكرر بشكل متواصل لما تقوم به أو ما تسمعه أو تراه يوميًا يساعد الأطفال في بناء إلمامهم ببعض الأفعال والمفاهيم وتوسيع مفرداتهم. يمكن أن يبدأ ذلك عندما يستيقظون في الصباح ويمكنك قول: “أولاً، نستحم. بعد ذلك، نفرش الأسنان.” يساعد التكرار في بناء التسلسل للأحداث، لذا بمجرد أن يصبحوا على دراية بالروتين، يمكنك حتى أن تجعلهم يكملون الحوار” بعد أن نستحم، نحن… (نفرش الاسنان)”، أو من خلال أجهزة تواصل تسمح لهم بإظهار “فرشاة الأسنان”. بالإضافة إلى الروتين، يمكن أن يكون شيئًا عشوائيًا مثل: رؤية طائر والتعليق “هناك طائر على الشجرة” يساعد ذلك في إدخال تسميات ومفاهيم جديدة من خلال البيئة الطبيعية.
- الألعاب التعليمية، عبارات الأوامر
تسمح الألعاب المتنوعة للأطفال بممارسة اللغة الاستقبالية، على سبيل المثال: يتيح لهم لعبة “قال أحمد” الاستماع إلى عبارات الأوامر، معالجة المعلومات، والرد عن طريق أداء الأمر، علاوة على ذلك الألعاب البسيطة مثل: الأونو عند توجيهها بتعليمات مثل: “لنطابق مع اللون/الرقم” ، تدعم أيضًا مهارات الاستماع والمعالجة باستخدام البطاقات كوسيلة بصرية. علاوة على ذلك، يمكن تحويل أي لعبة أخرى إلى لعبة تفاعلية حيث يمكنك توجيههم في إصلاح جزء معين “لنقوم بتركيب الفم أولاً!”.
- الأناشيد/ مقاطع الفيديو
إذا كانت الموسيقى تثير اهتمام الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد فإن الغناء والأنشطة الحركية بواسطة الفيديوهات هما وسيلتان فعّالتان وممتعتان لتحسين لغتهم الاستقبالية.
في النهاية، تعتبر اللغة الاستقبالية أمرًا هاما في بناء الطرق نحو التواصل الناجح للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، كما يجب علينا مراعاة أن لدى كل طفل وتطوره وتعلمه تفاوت في الوتيرة لذا نحاول خلق مواقف وفرص تعلم طبيعية لتعلم اللغة الاستقبالية . بالإضافة إلى توفير المزيد من الفرص للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد للتفاعل مع الآخرين.
المرجع:
Alisha.(march,2022).How Receptive Language Builds The Way to Successful Communication for Children with Autism.HEALIS AUTISM CENTRE.