
استراتيجيات تساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على الإنتقال
ترجمة: أ. حنان الأحمري
إن الإنتقال يحدث بشكل طبيعي ومتكرر حيث أن الجميع بإمكانهم الإنتقال من نشاط إلى نشاط آخر ومن مكان الى مكان آخر على مدار اليوم، ولكن بالنسبة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد قد يواجهون صعوبة كبيرة في نقل انتباههم من نشاط إلى آخر أو تغيير الروتين قد يكون هذا بسبب عدم قدرتهم على التنبؤ أو صعوبة فهمهم للنشاط الذي سيأتي بعد ذلك أو الصعوبة في توقف نمط معين من السلوك
تم تصميم عدة استراتيجيات لمساعدة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على الإنتقال وتهيئتهم قبل الإنتقال ودعمهم أثناء الإنتقال، ومن فوائد استخدام الاستراتيجيات المساعدة:
– تقليل مقدار الوقت أثناء الإنتقال
– زيادة السلوكيات المرغوب فيها خلال الإنتقال
– اعتماد أفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على أنفسهم وتلاشي مساعدة الآخرين
– مشاركة أفراد ذوي اضطراب طيف التوحد في الرحلات المدرسية والمجتمعية
ما هي استراتيجيات الإنتقال؟
هي استراتيجيات تستخدم لدعم الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد أثناء حدوث تغيير في الأنشطة أو تغيير في الأماكن أو تغيير في الإجراءات الروتينية، يمكن استخدام الاستراتيجيات قبل حدوث الإنتقال أو أثناءه أو بعده، ويمكن تطبيقها شفهيًا أو سمعيًا أو بصريًا، حيث أن الاستراتيجيات تساعد في زيادة قدرة التنبؤ لدى الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد وخلق روتين إيجابي حول الإنتقالات و يتم استخدامها في الأماكن لدعم الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد
لماذا يتم استخدام استراتيجيات الإنتقال؟
إن الإنتقال يمثل جزءًا كبيرًا من أي يوم دراسي أو عمل، كما أننا ننتقل من نشاط الى آخر أو إلى أماكن مختلفة، وأشارت الدراسات إلى أنه يمكن قضاء ما يصل إلى 25% من اليوم الدراسي في الأنشطة أو الأماكن الإنتقالية، مثل الإنتقال من فصل دراسي إلى آخر أو الخروج الى الملعب أو الذهاب إلى الكافتيريا أو وضع الأغراض الشخصية في الأماكن المخصصة مثل الخزائن، و قد يواجه بعض الأفراد ذوي اضطراب التوحد صعوبات مرتبطة بالتغيرات في الروتين أو تغيير الأماكن وعدم القدرة على التنبؤ، قد تؤدي هذه الصعوبات في النهاية إلى عدم الاستقلالية وتحد من قدرتهم على النجاح في البيئات المجتمعية، قد تساهم سمات اضطراب طيف التوحد في ظهور هذه الصعوبات أثناء الإنتقال، كما أن هناك أسباب أخرى قد تؤثر على السلوك الإنتقالي، قد يكون النشاط المستمر أكثر تفضيلًا للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد من النشاط الآخر الذي سينتقلون إليه أو قد يكون النشاط الآخر أكثر صعوبة أو غير جذاب لهم، وقد لا يرغبون في بدء نشاط واحد أو لا يرغبون في إنهاء النشاط الآخر، بالإضافة إلى ذلك فإن الاهتمام الذي يتلقونه الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد أثناء عملية الإنتقال قد يعزز السلوك الغير مرغوب فيه أو يحافظ عليه
استراتيجية التهيئة:
تعد تهيئة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد قبل الإنتقال مفيدة، في العديد من الحالات يتم استخدام إشارة لفظية بسيطة للإشارة بوجود مرحلة انتقالية قادمة (على سبيل المثال، “حان وقت الاستحمام الآن”، أو “ضع كتاب الرياضيات جانبًا”، أو “تعال إلى غرفة الاستراحة لتناول كعكة عيد الميلاد”) قد لا تكون هذه هي الطريقة الأكثر فعالية لتهيئة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على الإنتقال، حيث قد لا تتم معالجة المعلومات اللفظية أو فهمها بسرعة، بالإضافة إلى ذلك فإن التهيئة قبل حدوث الإنتقال مباشرةً قد لا يكون وقتًا كافيًا للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد لتغيير انتباههم من مهمة إلى أخرى، إن إتاحة الوقت للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد للاستعداد للإنتقال وتقديم المزيد من الوسائل الواضحة التي يمكن للأفراد الرجوع إليها أثناء تهيئتهم للانتقال قد تكون أكثر فعالية
هناك العديد من الاستراتيجيات البصرية المستخدمة لدعم الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد والتي تساعدهم على الإنتقال، وهي :
المؤقت البصري:
قد يكون من المفيد للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد “مشاهدة” مقدار الوقت المتبقي من انتهاء النشاط ثم الإنتقال إلى موقع أو حدث جديد، إن المفاهيم المتعلقة بالوقت هي مفاهيم مجردة إلى حد ما (على سبيل المثال: “لديك بضع دقائق”)، وغالبًا لا يمكن تفسيرها حرفيًا، وأن أفراد ذوي اضطراب طيف التوحد يواجهون صعوبة في فهم وإدراك الوقت خاصةً إذا لم يتم التدريب على هذه المهارة، إن المؤقت البصري يمكن أن يساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على فهم الوقت
العد التنازلي البصري:
هناك إستراتيجية أخرى للانتقال ويمكن إستخدامها قبل الإنتقال وهي نظام العد التنازلي البصري، حيث يمكن للأفراد “مشاهدة” مقدار الوقت المتبقي في النشاط مثل المؤقت البصري ولكن بشكل تنازلي و يختلف العد التنازلي عن المؤقت البصري حيث لا يوجد وقت إضافي محدد، تعتبر هذه الأداة مفيدة إذا كان توقيت الإنتقال يحتاج إلى المرونة، حيث يتم إنشاؤها بناء على احتياج الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، وهي عبارة عن مربعات مرقمة أو ملونة أو أي شكل أو نمط يحمل معنى لهم، ومع اقتراب وقت الإنتقال يقوم الأخصائي بإزالة العنصر العلوي (أي الرقم 5) بحيث يتمكنون الأفراد من رؤية العناصر المتبقية ويقرر الأخصائي مدى سرعة أو بطء إزالة العناصر المتبقية اعتمادًا على قرب وقت الإنتقال، قد تنقضي دقيقتان بين إزالة الرقم 3 والرقم 2، في حين قد يكون وقت إزالة الرقم الأخير طويل، بمجرد إزالة الرقم الأخير يتم التوضيح للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد أن الوقت قد حان للانتقال
الجداول البصرية:
إن استخدام الجداول البصرية يمكن أن يساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على الإنتقال، يمكن أن تساعد الجداول البصرية للأفراد بمعرفة النشاط القادم وفهم تسلسل الأنشطة التي ستحدث في المستقبل، وزيادة القدرة على التنبؤ بشكل عام، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى أن الجداول البصرية المستخدمة في الفصول الدراسية والمنزل يمكن أن تساعد في تسهيل الانتقال وخفض المشاكل السلوكية أثناء الإنتقالات بالإضافة إلى زيادة الاستقلالية
إستخدم مجسمات أو صور أو رموز أو كلمات:
أشارت الأبحاث إلى أن استخدام مجسمات أو صور أو رموز أو كلمات أثناء الإنتقال يمكن أن يخفض من المشاكل السلوكية ويزيد من قدرتهم على الإنتقال, وفي إحدى الدراسات تم استخدام الصور مع طفل ذو اضطراب طيف التوحد أثناء الإنتقال من نشاط فصل دراسي إلى آخر، ومن الملعب إلى داخل الفصل الدراسي ومن غرفة داخل المدرسة إلى أخرى وفي الأوقات الإنتقالية يقدم المعلمون للطفل صورة للمكان الذي سيذهب إليه، وهذه الطريقة ساعدته بمعرفة المكان الذي سيذهب إليه وساعدته على توقع الأنشطة الأخرى التي سيقوم بها او الأماكن التي سيذهب اليها خلال يومه، يمكن استخدام وسائل أخرى مثل المجسمات أو الرسومات أو الكلمات المكتوبة بناء على حاجة الأفراد، ومن المفيد إضافة معلومات عن المكان المخصص للأفراد من الممكن إنشاء مكان مخصص لوضع المعلومات، مثل الكتاب أو صندوق صغير، وهذا يساعد الأفراد على التأكد أنه وصل الى المكان الصحيح، على سبيل المثال: إذا كان الفرد ذو اضطراب طيف التوحد يتعلم عن طريق الأشياء المحسوسة فيتم تسليمه شيء ملموس يمثل المكان الذي سينتقل إليه فإذا كان هذا الفرد سينتقل للعمل مع المعلم يتم إعطاءه بطاقة مكتوب عليها “المعلم” عندما يصل الفرد إلى مكان المعلم يضع الصورة أو بطاقة الكلمة في مكانها المخصص ويبدأ النشاط، تساعد هذه الوسائل في تهيئة الأفراد وتساعدهم في تطوير مهارة استجابة المستمع
إن عرض نوع واحد من المعلومات البصرية في كل مرة أثناء الإنتقالات قد يكون مفيدًا للعديد من الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، كما يساعدهم على التنبؤ بما سيحدث خلال اليوم، من المهم على الأخصائيين اختيار الوسائل المناسبة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد التي تساعدهم على الإنتقال، قد يكون مبدأ بريماك “أولاً ثم ثانيًا” مفيدًا حيث يمكن للأفراد معرفة النشاط الذي سيقومون بإكماله حاليًا والنشاط الذي سيحدث بعد ذلك، كما قد يساعدهم على الإنتقال إلى مكان غير مفضل ومن ثم الإنتقال الى النشاط المفضل ومن المهم أن تكون هذه الوسيلة متنقلة مع الأفراد
بطاقات الإنتقال:
إن بعض الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد قد تكون الجداول البصرية الطولية مناسبة لهم وهي أكثر فعالية لمساعدتهم على الإنتقال، يمكن استخدام الجدول البصري في المنزل أو في الفصل الدراسي أو في مكان العمل، فـ عندما يحين وقت وصول الأفراد إلى جداولهم البصرية يتم تذكيرهم اما من خلال بطاقة بصرية تعني “اذهب وتحقق من جدولك” أو تذكيرهم من خلال مناداتهم بأسمائهم أو صورهم أو صورة لشيء ذا معنى للأفراد أو أي رمز بصري مناسب لهم، يتم تدريب الأفراد على كيفية حمل البطاقة البصرية إلى جداولهم ومطابقة البطاقة في المكان المحدد في الجدول والإشارة الى النشاط التالي الموجود في الجدول، إن ذلك يساعد الأفراد على التنبؤ بروتين الإنتقال، قد تكون الوسائل البصرية أكثر وضوحًا وذات معنى أكثر من الإشارات اللفظية المتكررة
صندوق الإنتهاء:
هناك إستراتيجية أخرى للانتقال البصري يمكن استخدامها قبل وأثناء الإنتقال وهي صندوق الانتهاء، حيث يقوم الأفراد بوضع البطاقات التي انتهوا منها عندما يحين وقت الإنتقال في صندوق الانتهاء، غالبًا يكون مفيدًا للأفراد بأن يكون لديهم مكان مخصص لوضع البطاقات قبل الإنتقال إلى النشاط التالي قد يكون الصندوق موجودًا في منطقة عمل الأفراد اما في الفصل الدراسي أو في غرفة المنزل، ويمكن وضع كلمة أو بطاقة بصرية على الصندوق لتمييزه
أشارت الأبحاث أن استراتيجية صندوق الانتهاء والعديد من الاستراتيجيات البصرية الأخرى التي تمت مناقشتها كانت مفيدة أثناء الإنتقالات من وقت العمل إلى وقت الفراغ للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، فـ عند انتهاء وقت العمل أو وقت الفراغ يتم توجيه الأفراد بوضع البطاقة الخاصة بهم في صندوق الانتهاء قبل الإنتقال، قد يساعد ذلك في إنشاء روتين انتقالي واضح ويمكن التنبؤ به مما يؤدي إلى تقليل وقت الإنتقال وزيادة السلوكيات الإيجابية، يمكن استخدام هذه الاستراتيجية أثناء الإنتقالات عندما لا يكون لدى الفرد الوقت الكافي لإكمال نشاط محدد،قد يكون من المفيد إنشاء ملف خاص للأفراد وإعلامهم أنه يمكنهم العثور على المواد التي سيتم الانتهاء منها في وقت أو تاريخ لاحق
اعتبارات أخرى عند التخطيط للإنتقال:
إلى جانب تطوير إجراءات انتقالية مناسبة ويمكن التنبؤ بها قد يحتاج الاخصائيين إلى التفكير في تعديل الأنشطة التي ينتقل الأفراد منها وإليها إذا استمرت صعوبة الإنتقال، إن طول فترة النشاط ومستوى الصعوبة ومستوى اهتمام الأفراد قد تساهم في صعوبة الإنتقال، وإذا كانت المنطقة مزدحمة للغاية أو صاخبة أو المحفزات الحسية عالية أو غير مرغوب فيها لسبب ما، فقد يقاوم الأفراد الإنتقال إلى ذلك المكان، كما يوصى أيضًا بمراجعة العوامل البيئية التي يمكن أن تساهم في صعوبة الإنتقال، كما من المهم إعادة النظر في تسلسل الأنشطة، قد يستفيد الأخصائيين من مراجعة الأنشطة المطلوبة من الفرد على مدار اليوم وتصنيفها إلى مفضلة أو غير مفضلة أو محايدة لدى الأفراد، إذا كانوا الأفراد يواجهون صعوبة في الإنتقال من الممكن ترتيب أنشطة معينة بشكل استراتيجي بحيث ينتقل الأفراد من الأنشطة غير المفضلة إلى الأنشطة المفضلة ومن الأنشطة المفضلة إلى الأنشطة المحايدة، على الرغم من أن هذا قد لا يكون ممكنًا لجميع الإنتقالات التي يمرون بها الأفراد بالتأكيد إلا أنه قد يسهل بعض صعوبات الإنتقال، من المهم قيام الأخصائيين بالتقييم المستمر للأشنطة والبيئات والاحتياجات ونقاط القوة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، قد يكون استخدام مجموعة من استراتيجيات الإنتقال مناسبة لهم حيث بينت الأبحاث أن من خلال استخدام هذه الاستراتيجيات يمكن للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد أن ينتقلون بسهولة أكبر من نشاط أو مكان إلى آخر وتزداد استقلاليتهم والقدرة على المشاركة بنجاح أكبر في الأنشطة وفي المنزل والمدرسة ومكان العمل
المرجع: