
لماذا العلاج المعرفي السلوكي قد لا يكون هو الحل للقلق الموجود عند الأفراد ذوي ASD
ترجمة: أ. شروق السبيعي
يعاني حوالي 40% من الأفراد الأطفال والمراهقين ذوي اضطراب طيف التوحد من مستويات مزمنة من القلق، وعندما نقارن هذا بمعدلات القلق بين السكان الطبيعيين والذي يبلغ حوالي 15%، فمن الواضح أن هذه مشكلة كبيرة بالنسبة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد وهو شيء نحتاج إلى تحسين قدرتنا على تحديده ومعالجته.
عندما أتحدث عن المستويات المزمنة للقلق، فأنا لا أتحدث عن الشعور بالقلق قليلاً بشأن الذهاب إلى مكان جديد أو الأداء أمام الفصل الدراسي، إنه القلق الذي يؤثر على قدرة الأفراد على القيام بالأشياء اليومية بدون ضرر، ويؤثر سلبًا على نوعية حياتهم.
ربما سمعت عن القلق الذي يُذكَر في اضطراب طيف التوحد باعتباره شيئًا يعاني منه جميع الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد بسبب اختلاف في التواصل والتفاعل الاجتماعي الذي يجعل العالم غير معروف في بعض الأحيان، أو ربما لأن الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا تجعلنا أكثر حساسية للتوتر والشعور بالقلق، نعم بالنسبة للعديد من الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد فإن عدم اليقين بالعالم الطبيعي يجعل المواقف مثيرة للقلق، ونعم يبدو أن أدمغة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد أكثر عرضة للتوتر، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، لا ينبغي اعتبار القلق جزءًا لا مفر منه من تجربة اضطراب طيف التوحد التي يتعين على الأفراد التعود عليها بسبب نمطهم العصبي، إذا كان يسبب الضيق ويحد من قدرتهم على العمل فيجب أن نعطي الأولوية للدعم.
إننا نعلم الآن أن تجربة القلق لدى الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد قد تختلف بشكل كبير عن تجربة الأفراد غير المشخصين باضطراب طيف التوحد، وبالتالي فإنها تتطلب غالبًا طرقًا مختلفة للدعم، على سبيل المثال عندما يكون عند الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد ما يبدو أنه قلق الانفصال، والذي يعاني منه أيضًا الأفراد العاديون، فقد يكون السبب الرئيسي للقلق مختلفًا وقد يحتاجون بالتالي إلى دعم مختلف، قد يشعرون الأفراد بالقلق بالفعل من حدوث شيء لأحد الوالدين في غيابهم أو من عدم عودة الوالد لاستلامهم في نهاية المدرسة أو روضة الأطفال، أو قد يعاني الأفراد من صعوبات فيما يسميه الدكتور وين لوسون “ديمومة الأشياء”، مما يجعل الوعي الإدراكي للأفراد أن الوالد سيعود، لكنهم يعانون من شعور قوي بالخسارة والانفصال عندما يكون الوالد بعيدًا عن الأنظار، يجب معالجة هذه الأسباب الكامنة وراء القلق بطرق مختلفة.
تشير الأبحاث إلى أن بعض الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد يعانون من مثيرات القلق التي تشبه تلك التي يعاني منها الأفراد غير المشخصين باضطراب طيف التوحد مثل الخوف من العناكب والكلاب والانفصال عن أحد الوالدين أو إجراء اختبار، ومع ذلك فقد وجدت أيضًا أن الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد يمكن أن يظهروا مخاوف وقلقًا حول المثيرات الجديدة على سبيل المثال الرجال ذوي اللحى والدمى والمحفزات الحسية (مثل الروائح والأصوات).
أيضًا في حين أن القلق يبدو أنه ينطوي عادةً على أفكار أو إدراكات بالإضافة إلى تغيرات فسيولوجية غير مريحة أو مزعجة، فإن القلق قد يحدث عند الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد دون أفكار مصاحبة، وخاصةً عندما يكون المحفز الحسي هو المحرك، مما يجعل طرق التدخل مثل العلاج السلوكي المعرفي غير فعالة في كثير من الأحيان، ومن المؤسف أنه من الشائع أن الأخصائيين الذين لا يفهمون القلق عند الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد يفترضون أن الأفكار موجودة ويصرون على أن يحدد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد هذه الأفكار (التي قد تكون غير موجودة) للتقدم في العلاج، وقد يؤدي هذا إلى اعتقاد أن الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد يفعلون شيئًا خاطئًا عندما لا يستطيعون تحديد أي أفكار تجعلهم يشعرون بالقلق، ولكن في الواقع إن الأخصائيين هم الذين يسيرون على المسار الخطأ.
علاوة على ذلك، بالنسبة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد الذين يعانون من القلق المرتبط بالمدخلات الحسية يمكن أن ينتج الألم عند التعرض للمحفزات الحسية وأيضًا عند توقع التعرض، لذلك فإن الأفراد الذين يعانون من الأصوات الصاخبة المؤلمة عند سماعها قد يعانون من استجابة قلق فسيولوجية عند تعرضهم للأصوات الصاخبة، وأيضًا يشعرون بالقلق بشأن الذهاب إلى أي مكان قد يكون مزعجًا مثل التجمع المدرسي أو حدث رياضي، مما يؤدي إلى شعورهم بالضيق عند التفكير في التواجد في هذه المواقف، بالنسبة للأفراد الذين يعانون من القلق القائم على الحواس، فإن التكيفات لدعم احتياجاتهم الحسية هو التدخل الأكثر فعالية، التدخلات “التقليدية” مثل التعرض التدريجي تتسبب في الواقع مزيد من الضيق والصدمة المحتملة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد لأن نظامهم الحسي لم يصبح معتادًا على التعرض المتكرر، ومع ذلك لا تزال تُستخدم بانتظام مع الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد في العلاج بسبب عدم فهم تجربة اضطراب طيف التوحد الفريدة.
من الضروري أن يستمع الآباء والمعلمين والأخصائيين في الرعاية الصحية إلى الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد لفهم تجاربهم والبحث عن معلومات موثوقة حول كيفية تقديم أفضل دعم ممكن للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد أثناء رعايتهم، مع فهم أفضل لكيفية ظهور القلق عند الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، ومعرفة الأساليب التي يمكن أن تلبي احتياجاتهم بشكل أكثر فعالية، أنا واثق من أننا نستطيع إحداث فرق في رفاهية الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد وفي المقابل مجتمع اضطراب طيف التوحد ككل.
المرجع:
https://raelenedundon.com/why-cbt-may-not-be-the-answer-for-anxiety-in-autistic-children/