الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

التحديات التي تواجه أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد

التحديات التي تواجه أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد

التحديات التي تواجه أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد

بواسطة عادل باشير، أنجم باشير، عفيفة لون، زهور أحمد

ترجمة أ. نجاة الرمضان

مقدمة:

اضطراب طيف التوحد هو اضطراب نمائي عصبي، ينطوي على تحديات في مجال التفاعل الاجتماعي والكلام والتواصل الغير اللفظي والسلوكيات المقيدة المتكررة، وصعوبة الانتقال من نشاط لآخر.

 من الناحية اللغوية قد يتمتع بعض الأطفال المشخصين باضطراب طيف توحد بمهارات لغوية جيدة لكنهم غير قادرين على استخدامها في التواصل مع الآخرين بشكل فعَال. أما البعض الأخر فقد يعاني من ضعف شديد في المهارات اللغوية بجانب ضعف مهارات التواصل الاجتماعي التي تحول دون مشاركتهم لأقرانهم في الكثير من الأنشطة كاللعب التمثيلي أو البدء بالمحادثة البسيطة مع الآخرين.

كما تظهر أعراض اضطراب طيف التوحد خلال الثلاث سنوات الأولى من حياة الطفل وبعدها يتم التشخيص بناءً على تلك الأعراض. عند تشخيص الطفل باضطراب طيف التوحد، يتم تشخيصه بناءً على تقييم شامل يشمل الملاحظة الإكلينيكية، و التقييم غير المباشر عن طريق مقابلة الأهل، الاختبارات النفسية واللغوية وبعض المعايير الأخرى الثابتة. 

 الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) يحتوي على أحدث معايير التشخيص وأكثرها دقة، كما يصنف اضطراب طيف التوحد ضمن الاضطرابات النمائية الشاملة. في الدليل التشخيص (DSM-5) يجب أن تظهر  أعراض تشخيص اضطراب طيف التوحد خلال مرحلة الطفولة المبكرة من حياة الطفل، حتى لو لم يتم التعرف على تلك الأعراض في ذلك الوقت. كما أنه يسمح للأطفال الذين تجاوزت أعمارهم سن المدرسة والذين يعانون من اضطرابات ذات صلة باضطرابات طيف التوحد ولم يحصلوا على التشخيص وقت ظهور الأعراض.

اضطراب طيف التوحد:

تشير الأبحاث إلى أن كلًا من الجينات الوراثية والبيئة يلعبان دورًا في تشخيص الأطفال باضطراب طيف التوحد. أما (غريف والت 2010) فيقول معلقًا على المشاكل السلوكية التي يسببها اضطراب طيف التوحد بأنها تمثل تحديًا أسريًا واجتماعيًا للأهالي بمجرد معرفتهم بتشخيص طفلهم باضطراب طيف التوحد.

قلق الأهالي عند تشخيص الطفل باضطراب طيف التوحد

من الطبيعي جدًا وجود القلق والتوتر لدى الأهالي عند تشخيص طفلهم باضطراب طيف التوحد. حيث ترتفع نسبة القلق تناسبيًا مع ارتفاع شدة أعراض اضطراب طيف التوحد. و قد يؤثر القلق و ينعكس بشكل مباشر على التطور الإدراكي والسلوكي والاجتماعي للطفل. 

وعلى الرغم من تعدد إعاقات النمو، إلا أن التشخيص باضطراب طيف التوحد له من التأثير المختلف وذلك لعدة أسباب:

 أولًا، لا يوجد علامات حيوية واضحة تدل على وجود اضطراب طيف التوحد. 

ثانيًا، إن اضطراب طيف التوحد له من التأثير المباشر على تراجع حياة الفرد الاجتماعية وتكوين العلاقات مما ينعكس على جودة حياة العائلة بشكل كامل. 

وأخيرًا، تزامن اضطراب طيف التوحد مع بعض الأعراض المصاحبة كالتشتت، التأخر الفكري، وظهور السلوكيات غير المناسبة. 

كل هذه العوامل قد تشعر الأهل بفقدان السيطرة والشعور بالإحباط والقلق وقد يصل إلى تشخيص الوالدين بالاكتئاب في بعض الحالات. يذكر (غوبتا وسينغال 2005) أن أعراض الصدمة تختلف بين أسرة وأخرى عند ولادة طفل من ذوي الاضطرابات النمائية. فبعضهم يشعر بفقدان الإيمان والحزن الشديد والاكتئاب والشعور بالذنب، بينما يشعر البعض الآخر بالتوتر والغضب والعجز. 

في دراسة أجراها (برينس 2007) حول مسببات القلق لدى الأهالي منها: 

القلق بشأن استمرارية حال الطفل مع عدم وجود التدخل المناسب لاضطراب طيف التوحد، السلوكيات غير المناسبة و التي قد تحد من تقبل المجتمع له، انخفاض الدعم الاجتماعي الذي يحتاجه الأهالي.

 أضاف (كوركوتاس 2012) أيضًا بأن الأمهات هم الأكثر توترًا من الآباء، و ترتفع لديهن معدلات التوتر والانفعالات والاكتئاب بشكل أكبر من الآباء. كما أشار إلى أن معدل ارتفاع الاكتئاب عند تشخيص الطفل باضطراب طيف التوحد، قد ينخفض بشكل كبير مع مرور الوقت.

تربية الطفل ذوي اضطراب طيف التوحد

قد يصاحب تشخيص اضطراب طيف التوحد أعراض شديدة قد تلازم الفرد مدى الحياة إن لم يتم التدخل المناسب. هذه الأعراض لا تؤثر على الفرد فقط، بل قد يمتد تأثيرها ليصل إلى الأهالي.

حيث يواجه الأهالي صعوبة شديدة في كيفية التعامل مع السلوكيات الصعبة، كما يواجه الأهالي صعوبات في تعليمهم مهارات التواصل، مهارات الحياة الأساسية، حمايتهم من الخطر، وتهيئتهم الاستقلالية كأفراد بالغين. 

يذكر (ديشيس 2004) هناك بعض من العوامل التي قد تزيد من قوة الشعور بالصدمة لدى الأهالي وهي: 

عدم وضوح التشخيص، شدة اضطراب طيف التوحد، انخفاض شديد في نسبة الذكاء، مدى تقبل المجتمع للطفل، اختلاف طريقة التعبير والتواصل، ظهور السلوكيات غير المرغوبة.

 أما (كوركوتس 2012) فقد سلط الضوء على نظرة المجتمع للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد وتمييز المجتمع للطفل ذوي اضطراب طيف التوحد والأهالي كذلك، فقد يُنظر للأهالي على أنهم جزء من اضطراب طيف التوحد أو أنهم المسبب الأول له. 

يؤدي هذا الضغط الاجتماعي إلى خوف الأهالي من الذهاب إلى المتخصصين والحصول على التشخيص المناسب لأطفالهم، و رفض الحصول على التشخيص من قبل الأهالي قد يؤدي إلى مواجهة سلوكيات طفلهم ونوبات غضبه وغيرها من السلوكيات غير المناسبة.

قد يواجه الأهل ردود الفعل السلبية من قبل المجتمع نتيجة لهذه السلوكيات التي لم يستطع الأهل التعامل معها. وقد تستمر معاناة الأهل مع التغيرات التي يمر فيها الطفل خصوصًا عند سن دخول المدرسة. يذكر (كورتكس 2012) إلى احتياج أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد إلى الدعم الاجتماعي من قبل الجيران والأهل والأقارب لكيفية التعامل الضغوط الاجتماعية.

أشقاء الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد

يعاني أشقاء الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من صعوبات تتعلق بالتكيف وضعف العلاقة مع أشقائهم من ذوي اضطراب طيف التوحد .

 كما أشارت دراسة أن القلق الموجود لدى الأبوين والإجهاد الملحوظ قد ينتقل إلى الأبناء ويؤثر سلبًا على صحة العلاقات الأسرية. حيث  تشير الأبحاث إلى أن وجود أخ مشخص باضطراب طيف التوحد قد ينعكس على شخصيات أخوته، حيث أنهم معرضين للتشخيص بالاضطرابات النفسية أكثر من غيرهم، وذلك للعبء العاطفي الناتج عن النمو بجانب طفل لديه بعض من الصعوبات السلوكية والسلوكيات غير المناسبة. 

و في دراسة أخرى ذكر فيها أن الكثير من الأشقاء يشعرون أن أهاليهم ينظرون إلى احتياجاتهم بأنها احتياجات ثانوية، بينما يعطى الاهتمام الأكبر  والوقت لشقيقهم المشخص باضطراب طيف التوحد. يحمل هؤلاء الأشقاء حب عميق لأخوتهم لكنهم من ناحية أخرى عبروا عن شعورهم بالاستياء من حصوله على قدر أكبر من الاهتمام. 

الضغوط المالية لدى أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد

قد يحصل الطفل على تشخيصه في عمر مبكر، مما يتطلب التدخل المبكر للحد من الآثار الناتجة عن التشخيص باضطراب طيف التوحد. 

وقد تعد استراتيجيات التدخل المبكر مكلفة، وتتطلب ساعات طويلة من العمل مع المدرب أو الأخصائي. فينفق الأهالي مبالغ طائلة في محاولة الحصول على التدخل المناسب لطفلهم من ذوي اضطراب طيف التوحد.

بالرغم من أن المدارس العامة في المدن الرئيسية ملزمة بتوفير التعليم المناسب للأطفال ذوي طيف التوحد، إلا أن البرامج التعليمية المقدمة غالبًا ضعيفة في أدائها ونتائجها. مما يجعل الأهالي يبحثون عن مراكز أخرى لتلقي الخدمة ويتم دفع تكاليفها من أموالهم الخاصة. 

كما أن بعض الحالات تتطلب نظامًا غذائيًا معينًا يتطلب توفيره الكثير من المال، أيضًا قد يحتاج بعض الأطفال إلى الأدوية التي لا يتكفل بها التأمين الصحي. يقول (شارب و بيكر 2007) أن التأمين الصحي قد يغطي تكلفة بعض الفحوصات الطبية المستخدمة في عملية التشخيص، وتكلفة الأدوية الموصوفة، لكنه لن يدفع ثمن مقابل العلاجات التي تستهدف السلوكيات الناتجة عن اضطراب طيف التوحد.

استقرار الحياة الزوجية بين آباء وأمهات الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد 

يتبادر في أذهاننا صورة لحياة آباء الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد بأنها صعبة واحتمالية الطلاق فيها عالية نظرًا للتوتر والقلق الذي يدب في حياة العائلة حين ولادة طفل مشخص بأحد الاضطرابات النمائية. 

يذكر (سوبسي 2004) بأن التحديات التي تواجه آباء الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية أصبحت أصعب مما كانت عليه في السنوات الماضية. فالزواج يستغرق وقتًا طويلًا للبقاء بحالة جيدة محافظًا على اتزانه، وعند وجود طفل من ذوي اضطراب طيف التوحد قد يأخذ الكثير من الوقت وقد يحرم أحد الوالدين من النوم نتيجة لاضطرابات النوم التي قد يعاني منها طفلهم. 

قد تضعف الرابطة العاطفية بين الوالدين بسبب المطالب المرتبطة بوجود طفل مشخص باضطراب طيف التوحد مما قد يجعل أحدهم يفكر بالانسحاب وترك عبء المسؤولية على الطرف الآخر. 

من ناحية أخرى قد يميل الأهالي إلى الانعزال عن المجتمع نظرًا لصعوبة اصطحاب طفلهم ذوي اضطراب طيف التوحد إلى الزيارات العائلية أو أنهم قد يشعرون بعدم الارتياح لدعوة الآخرين إلى منزلهم.

الاستنتاجات

إن لم يتم التدخل في الوقت المناسب فقد يواجه أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد تحديات صعبة في التعامل مع المشكلات السلوكية المرتبطة باضطراب طيف التوحد. 

 أما من الناحية النفسية، فقد  يعاني بعض أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من فترات الحزن العميق والاكتئاب ولوم الذات والشعور بالذنب. أما البعض الآخر فقد يشعرون بالعجز، والشعور بعدم الكفاءة، والغضب، والصدمة والشعور بالذنب. لذلك يحتاج أهالي الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد إلى التدخل وفهم حالة طفلهم حتى لا تطغى عليهم هذه المشاعر. 

أما الأشقاء فقد يواجهون مشاكل مرتبطة بالتكيف وصعوبة تكوين علاقة أخوية جيدة مع أخيهم المشخص باضطراب طيف التوحد لذلك يجب التدخل المبكر من قبل الأهالي لتكوين العلاقات الجيدة و معرفة طرق التعامل الصحيحة مع أخيهم. 

من الناحية المادية يضع تشخيص الطفل باضطراب طيف التوحد عبء مالي ثقيل على العائلة مؤثرا بشكل سلبي على العلاقة الأسرية بين الأفراد إن لم يتم التدخل بشكل صحيح و في الوقت المناسب.

المرجع

Challenges Faced by families of Autistic Children-153.pdf (researchpublish.com)