لماذا العلاج الوظيفي مهم لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد؟
ترجمة: أمجاد مسلم الفهمي
دائمًا ما نجمع بين حواسنا (البصر والسمع والشم واللمس والتذوق) من أجل فهم بيئتنا، ومع ذلك قد يواجه بعض الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد صعوبات في معالجة المعلومات الحسية، وقد يصبح الأمر مرهقًا وغير مريح أو مؤلمًا بالنسبة لهم.
من ناحية أخرى، يسعى بعض الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد إلى الحصول على إحساس معين لتهدئة أنفسهم وخفض شعور القلق والتوتر، وفي كثير من الأحيان يقومون بذلك من أجل المتعة والاسترخاء، كما أن شعورهم بالمحفزات الحسية يكون مختلف عن الأفراد الطبيعيين و يعرف باضطراب المعالجة الحسية.
في السنوات الماضية سلطت الأبحاث والملاحظات السريرية الضوء على أن العديد من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد أو الأطفال الذين لديهم اضطراب المعالجة الحسية غالبًا ما يواجهون صعوبات متزامنة في الوضع والتنسيق والتخطيط الحركي.
عندما نفتقد إلى “التصفية” اللازمة لاستبعاد المعلومات ليس لها صلة، فإن هذا قد يؤدي إلى حمل زائد على الحواس ويؤدي إلى الانهيار، فكل مدخل حسي يتراكم ويتراكم دون أن يتم تصفيته بشكل مناسب.
عندما يكون لدى الأطفال حمل زائد حسي، فقد يُنظر إليهم بشكل غير صحيح على أنهم لديهم سلوك مضطرب، وقد يؤدي الحمل الزائد الحسي أيضًا إلى الانسحاب أو التوقف التام.
عند حصول الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد الذين لديهم اضطراب في المعالجة الحسية على فرص العلاج الحسي المناسب والتكيف البيئي طوال اليوم سـ يساعدهم على إزالة الحواجز التي تمنعهم من التعلم ويساهم إلى حد ما في تحسين رفاهيتهم.
إن أخصائيين العلاج الوظيفي هم أهم من يقومون في معالجة هذه الصعوبات، حيث يقومون بمساعدة الأطفال من خلال تقديم النصائح والقيام بالتدخلات لاستهداف كل حاسة من الحواس وتنظيم الجهاز العصبي لدى الأطفال بشكل أفضل، ويمكن أن يؤدي هذا إلى خفض شعور القلق والإرهاق لدى الأطفال وتطوير انتباههم وأدائهم.
ما هو العلاج الوظيفي (OT)؟
يعمل أخصائيين العلاج الوظيفي على تطوير المهارات التي يحتاجها الأطفال للحفاظ عليها وتطويرها حتى يتمكنوا من أداء وظائفهم في البيئة المدرسية وخارجها، على سبيل المثال:
- العناية الذاتية (على سبيل المثال: ارتداء الملابس، وتناول الطعام، واستخدام المرحاض والقيام بالنظافة الشخصية)
- الأداء (على سبيل المثال: تنظيم المشاعر، ومستويات الانتباه، والمشاركة، والكتابة اليدوية، والمهارات التنظيمية)
- الاجتماعية (على سبيل المثال: التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء، والانتماء إلى مجموعة، والمشاركة في الهوايات/اللعب والمهارات الحركية للتربية البدنية).
كل طفل لديه مجموعة فريدة من الاحتياجات الحسية و تشبع هذه الاحتياجات بناء على الحالة المزاجية والبيئة والتدخل العلاجي.
بالنسبة للأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد يعمل الأخصائي الوظيفي على تطوير مهارات الكتابة اليدوية والمهارات الحركية الدقيقة ومهارات الحياة اليومية، ومع ذلك فإن الدور الأكثر أهمية هو أيضًا تقييم واستهداف الاختلافات الحسية لدى الأطفال، وهذا مفيد لإزالة حواجز التعلم ومساعدة الأطفال على أن يصبحوا أكثر هدوءًا وتركيزًا.
ما هي الحمية الحسية؟
الحمية الحسية هي خطة فيها أنشطة يومية مصممة بشكل خاص، وتهدف إلى قيام الأطفال بالأنشطة الحسية طوال اليوم من أجل تطوير مهارات التركيز والانتباه وضمان شعور الأطفال بأنهم “في أفضل حال” طوال اليوم، وكما يحتاج الجسم إلى الطعام الصحيح على فترات متساوية طوال اليوم فإنه أيضًا يحتاج إلى أنشطة تحافظ على المستوى الحسي بشكل أفضل.
عندما ينخفض المستوى الحسي للغاية، يمكن تحفيزه من خلال القيام بأنشطة مثل:
- الرقص
- الغناء
- الألعاب الرياضية
إذا ارتفع المستوى الحسي بشكل كبير وأصبح الأطفال لديهم فرط النشاط، فيمكن للأنشطة المريحة أن تساعد على انخفاضه، مثل:
- الذهاب للمشي
- القراءة
- سماع الأناشيد \ الأغاني
يمكن لأخصائي العلاج الوظيفي أن يستخدم مهاراته المتقدمة في التدريب والتقييم لوضع حمية حسية فعالة للأطفال وتطبيقها على مدار اليوم، ويهدف هذا إلى تحسين الصحة العامة وتحسين جودة الحياة.
ما هي المشاكل التي تهدف الحمية الحسية إلى معالجتها؟
يمكن أن يكون تأثير الحمية الحسية فوري ومتراكم، فهي تساعد في الواقع على إعادة هيكلة الجهاز العصبي لدى الأطفال بمرور الوقت، حتى يصبحون أكثر قدرة على تحمل المواقف ويمتلكون المهارات اللازمة للسيطرة على مشكلات التنظيم الذاتي الخاصة بهم.
يساعد التدريب/التوجيه على التعرف على السلوكيات والمشاعر من خلال تدريبهم على استراتيجيات التنظيم الذاتي، والتكيف بنجاح مع هذه الاستراتيجيات واستخدامها لتلبية احتياجات أي مجال، وهذا بدوره يمكن أن يمنع الإرهاق والإنهيار ويخفض من شعورهم بالتوتر والقلق.
وهذا يسمح للأطفال بالتركيز على المهمة التي بين أيديهم بدلاً من تشتيت انتباههم بمحفزات مثل:
- الورقة الموجودة في خلف قميصهم تفرك رقبتهم
- أصوات الضجيج في الخارج
- بعد الاصطدام بهم في الممر
الدوائر الحسية:
“إن المشاركة في دائرة حركية حسية قصيرة تهيئ الأطفال للاندماج بفعالية في اليوم التالي، وعند ظهور الأعراض السلوكية مثل: التململ وضعف التركيز أو الاتصال الجسدي المبالغ فيه أو الخمول يشير ذلك إلى أن الأطفال يواجهون صعوبة في المشاركة في عملية التعلم” هوروود (2009)
غالبًا ما يوصي أخصائيين العلاج الوظيفي ببدء اليوم بالدوائر الحسية: وهو برنامج يتضمن أنشطة حركية حسية يساعد الأطفال على الوصول إلى حالة “الاستعداد للتعلم”، الدوائر الحسية عبارة عن سلسلة من الأنشطة المصممة خصيصًا لتنشيط جميع الحواس، وهي طريقة رائعة لتنشيط الأطفال أو تهدئتهم خلال اليوم.
تتضمن كل جلسة ثلاثة عناصر:
- أنشطة لتوجيه الانتباه (على سبيل المثال: الدوران، والقفز على الكرة الرياضية، والقفز إلى شكل ما) يحفز الجهاز العصبي المركزي في الجسم للاستعداد للتعلم.
- القيام بالأنشطة (على سبيل المثال: تحقيق التوازن على لوح متمايل والدحرجة واللعب بالكرات) وهي أنشطة تتطلب عمل العقل والجسم معًا.
- أنشطة مجهدة (القيام بالأعمال اليدوية الثقيلة والضغط العميق مثل: دفع الحائط، و تمارين الضغط باستخدام الأوزان) هذه الأنشطة تقوم بتوعية الأطفال عن أجسادهم في المكان وزيادة القدرة على تنظيم المدخلات الحسية ذاتيًا.
يصبح الأطفال بعد قيامهم بهذه الأنشطة أكثر تنظيماً وهدوءًا وتركيزًا، مما يخفض من شعورهم بالقلق ويزيد من الفرص للنجاح والإنجاز في بيئة مليئة بـ المشتتات مثل التي نعيش فيها الآن.
المرجع:
https://www.autism.org.uk/advice-and-guidance/professional-practice/occupation-therapy