
لماذا يقوم العديد من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد بمضغ الأشياء؟
ترجمة: أ. شروق السبيعي
إليك تجربة ذهنية صغيرة ممتعة: إذا تم سحب كل قطع ملابسك من درجك وتم إلقائها في كومة ضخمة تحتوي على كل قطع الملابس من درج كل شخص يعيش في منطقتك، فهل يمكنك اختيار قطع الملابس الخاصة بك من الكومة الكبيرة؟ ماذا عن اختيار قطع الملابس الخاصة بك من بين العناصر المتطابقة التي ستظهر حتمًا؟ لن أواجه أي مشكلة في اختيار هوديس والقمصان والملابس الأخرى من الكومة العشوائية، وهذا ليس لأنني أتمتع بحس فريد في الأناقة أو لأنني أصمم كل ملابسي حسب الطلب، لا أعرف هذا لأنني سأبحث عن الأربطة المتآكلة على هوديس والتمزقات والثقوب الصغيرة في أسفل وأكمام القمصان التي تكشف عن ميلي إلى مضغ الملابس التي أرتديها.
ولا يقتصر الأمر على الملابس فقط، فأنا أمضغ مناشف الاستحمام ومشابك الورق وقطع الورق الصغيرة، وأقوم بتقطيع أقلام الرصاص الخشبية ومضغ ثقوب في أكياس الوسائد ومضغ أي شيء قد يكون بين يدي، وكأنني لم أتوقف عن التسنين منذ كنت طفلة، فأنا أضع دائمًا شيئًا في فمي تقريبًا ورغم مع تقدمي في السن تمكنت من التوقف عن مضغ الثقوب في القمصان ونقع أكمامي باللعاب بحلول نهاية اليوم، إلا أنني ما زلت أمضغ بشراهة كما يفعل العديد من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد الآن.
لماذا يحدث هذا؟ حسنًا، يُعرف هذا باسم “التعلق الفموي”، ورغم أنه لا يقتصر بالتأكيد على الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، إلا أنه أكثر شيوعًا بين الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد، في الواقع أعتقد أن معظم الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد الذين تواصلت معهم إما شخصيًا أو عبر الإنترنت أفادوا بتشخيصهم بنوع من التعلق الفموي، يرى سيجموند فرويد أن التعلق الفموي يحدث عندما لا يتاح للأشخاص الفرصة للتسنين بشكل صحيح عندما كانوا أطفال وأن التعلق الفموي هو مؤشر على تطور عادة التدخين، على الرغم من أنني تعلمت من دورة علم النفس عبر الإنترنت التي أخذتها في الفصل الدراسي الماضي أن فرويد كان مؤثرًا جدًا في مجال علم النفس ولكنه كان مخطئًا أيضًا بشأن العديد من الأشياء، وأعتقد أن هذا بالتأكيد أحدها.
لا أستطيع أن أخبرك بالضبط لماذا ينتهي بي الأمر دائمًا بشيء في فمي، لكنني أعتقد أن الأمر أعمق من مجرد نوع من الصدمة النمائية الدقيقة (ولا أعتقد أنني في طريقي إلى بيئة التدخين أيضًا، نظرًا لأن رائحة دخان السجائر تجعلني أشعر بالغثيان)، كل ما يمكنني قوله هو أنني عادةً ما أمضغ دون وعي، وأفعل ذلك أكثر عندما أكون قلقة أو متوترة بشكل مختلف، ويبدو أن ذلك يلبي حاجة عميقة لدي، إذاً ما هو السبب الحقيقي وراء التعلق الفموي ولماذا يبدو أن العديد من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم تعلق فموي؟ حسنًا، إليك أفضل إجابة استطعت البحث عنها، وهي إجابة منطقية تمامًا:
ربما يكون حسيًا.
ربما يكون مضغ الأشياء نشاطًا حسيًا، وفي هذه الحالة يصبح مضغ الأشياء أو وضعها في فمك شكلاً من أشكال التحفيز، والتحفيز مفيد لأنه يساعد في الحفاظ على تنظيم أجسامنا وعقولنا، لذلك بالنسبة للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد الذين يمضغون، فإن المضغ مهم من الناحية الإدراكية 99.9٪ (عدد بلاغي) كمحفز، لا يحتاج مطلقًا إلى “إطفاءه” أو أي شيء من هذا القبيل، السلوك التحفيزي جيد ومفيد للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد (والناس بشكل عام).
ومع ذلك، فمن الواضح أنه ليس من الأفضل مضغ الأشياء أو وضع أشياء متسخة في الفم أو ارتداء قميص به رقعة مبللة طوال اليوم، إذَا كيف يمكن للمرء أن يمضغ بطريقة أقل ضررًا ؟ حسنًا، عناصر لاتكس مصممة خصيصًا للمضغ موجودة لشرائها عبر الإنترنت، أنا أستمتع بشكل خاص بالقلادات القابلة للمضغ، حيث يمكنك ارتداؤها وتلبية احتياجاتك للمضغ في أي وقت، بشكل عام تعتبر المنتجات القابلة للمضغ المصنوعة من مادة اللاتكس رائعة لأولئك الذين لديهم إدمان على تناول الطعام.
إذا كنت مشخص باضطراب طيف التوحد وتمضغ الأشياء فلا تخجل أو تشعر بالحرج، لا تدع أحدًا يخبرك أن طريقة تصرفك خاطئة، تقبل محفزاتك، لأنني أعتقد بصدق أنه إذا فعلنا ذلك كجهد جماعي، فإن الوصمة المحيطة بها سوف تتلاشى ببطء.
وإذا كنت ولي أمر أو معلمًا أو معالج لشخص ذو اضطراب طيف التوحد أو لأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد فلا تنظر إلى سلوكيات المضغ أو غيرها من وسائل التحفيز على أن يجب القضاء عليها وتغييرها، بل على أنها طريقة يستطيع بها الدماغ غير الطبيعي معالجة العالم الغامض من حوله، إن الجزء الصغير الذي يضمن أفضل جودة ممكنة لحياة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد هو قبول المحفز واستيعابه بطريقة محبة وخالية من الوصمة، و يشمل ذلك المضغ.
المرجع:
https://speakingofautismcom.wordpress.com/2020/05/18/why-do-so-many-autistic-people-chew-on-things/