ترجمة: أ. عبدالله الأحمري
إذا تأملنا لدقيقة ما فعلناه بأيدينا منذ استيقاظنا هذا الصباح، فسنجد أن الأمر لا يثير الدهشة فقط، بل يثير الإعجاب تمامًا. فلا نستخدم أيدينا جسديًا لأداء معظم المهام الوظيفية فحسب، بل نستخدمها أيضًا للتواصل والإيماء واللمس والتفاعل البشري. ومع ذلك، فإن أيدينا عرضة للإصابة، ونحن لا نقدر أهميتها حق التقدير إلا عندما تحدث الإصابة.
إصابات اليد
قد تحدث إصابات اليد تدريجيًا أو في لحظة، وقد تكون الإصابات الناتجة عنها مغيرّة للحياة. تشير إصابة اليد إلى أي ضرر يشمل الأصابع أو اليدين أو الرسغين. يوضح الجدول أدناه الفئات المختلفة لإصابات اليد، ومظاهرها السريرية، وأعراضها، والتأثير المحتمل على الوظيفة.
دور أخصائي العلاج الوظيفي في المرحلة الحادة (0-3 أشهر)
كجزء من فريق متعدد التخصصات، يلعب أخصائي العلاج الوظيفي دورًا هامًا في العلاج المباشر لإصابات اليد. تتضمن معظم الإصابات الرضحية هياكل وأنظمة متعددة وتتطلب جراحة. من الضروري أن يمتلك أخصائي العلاج الوظيفي فهمًا جيدًا للتركيب التشريحي، وإدارة الجروح، وشفاء الأوتار والأربطة والعظام، وكيف يؤثر ذلك على الميكانيكا الحيوية والحركة الوظيفية. في العديد من المستشفيات، أصبح أخصائيو العلاج الوظيفي أكثر مشاركة كجزء من فريق غرفة العمليات، حيث يقومون بتجبير الأطراف أثناء الجراحة أو قبلها أو بعدها مباشرة. قد يتم ذلك لتثبيت الكسور غير المستقرة، وتحميل الأنسجة، ومنع تشوه الأنسجة الرخوة وتقلصها.
حتى في هذه المرحلة المبكرة، يظل الهدف طويل المدى هو تعزيز الوظيفة إلى أقصى حد. كما سيشمل دور أخصائي العلاج الوظيفي:
- توعية المريض
- إدارة الجروح
- التحكم في الوذمة (التورم)
- إدارة الألم
- الدعم النفسي
- إدارة وحماية الترميمات التي أجريت للعظام والأوتار وغيرها
- منع تيبس المفاصل في جميع المفاصل غير المصابة
- إدارة الندوب
- بدء تمارين مُجدولة بشكل مناسب تشمل حركات/تمارين سلبية ونشطة
- وضع الأهداف
مسارات العلاج للإصابات المختلفة
يتبع جراحو اليد لأمراض العظام وفريق المتعدد التخصصات نطاقًا واسعًا من المسارات العلاجية والبروتوكولات المحددة لجميع أنواع الإصابات الرضحية، والتي قد تختلف بين المستشفيات. يمكن طلب البروتوكولات والإجراءات لتوجيه التكهن الطبي وإعادة التأهيل. على سبيل المثال، في إصابات وتر العضلة القابضة، قد يكون العصب مقطوعًا ويتطلب إصلاحًا جراحيًا وتجبيرًا مع توجيهات واضحة بشأن المدد الزمنية والعلاج. قد تسبب إصابة العصب فقدان الإحساس مما يؤثر على الوظيفة والسلامة. سيحتاج المريض إلى أن يتعلم كيفية التعامل مع الحرارة و الأجسام الحادة، وإعادة تدريب الدماغ من خلال استراتيجيات إزالة التحسس للتعرف على الإشارات الصادرة من الأعصاب الطرفية. يمكن أن تستغرق الحساسية المفرطة وعدم تحمل البروده لمدة تصل إلى عامين بعد إصابة العصب.
دور أخصائي العلاج الوظيفي في عملية إعادة التأهيل
قد يبدو تقييم وعلاج إصابات اليد الرضحية شاقًا في البداية، ولكنه مجزٍ للغاية في الوقت نفسه. أولاً وقبل كل شيء، يجب تخصيص العلاج للفرد، ويجب أن يظهر الأخصائي دائمًا الإيجابية والاحترام، مع إدراك أن أولويات الأخصائي قد تختلف عن أولويات العميل.
يجب أن يقدم الأخصائيون أملاً واقعياً، وبناء علاقة مهنية قائمة على الثقة، وأن يكونوا مستمعين بارعين، وأن يحظوا بثقة العميل. ومن الجوهري أن يدرك الأخصائي تأثير الإصابات على الصحة النفسية للعميل ويضمن أن يكون هذا محوراً أساسياً في عملية إعادة التأهيل. فالهدف الأساسي للعلاج ليس بالضرورة استعادة يد “سليمة”، بل تحقيق أقصى قدر من الوظيفة بأدنى حد ممكن من الألم.
يتضمن تقييم علاج اليد جانبين: ذاتي وموضَعي، ويشمل:
- الحصول على الموافقة المستنيرة
- إقامة علاقة مهنية فعَّالة
- جمع التاريخ الطبي – بما في ذلك فهم الأمراض المرافقة التي قد تؤثر على عملية إعادة التأهيل والشفاء
- توثيق تاريخ الحالة الراهنة وآلية الإصابة وطريقة العلاج في المرحلة الحادة
- دراسة تقرير تقييم الاحتياجات الفورية والتقارير الطبية ذات الصلة (لمنع إرغام المريض على تكرار التفاصيل المؤلمة)
- تقييم تأثير الألم وطريقة إدارته المستمرة
- فحص وضعية الطرف اليدوي، بما في ذلك رصد أي مؤشرات على إهمال العضو
فحص الجلد، ويشمل:
- التئام الطعوم الجلدية واللفافات الجراحية أو الجروح الأخرى
- الملمس
- التعرق
- نمو الشعر
- الندوب
بحيث يتم وصف حالة الندوب بما في ذلك وجود فرط الحساسية، وإدارة الندوب الحالية والمستقبلية.
فحص الأنسجة الرخوة، ويشمل:
- الوذمة (التورم)
- سلامة الأوتار
- فحص العضلات
- قوة القبضة العامة
- قوة القبضة الدقيقة (بين الإبهام والأصابع)
فحص العظام والمفاصل، ويشمل:
- انتظام العظام
- سلامة المفاصل
- نطاق الحركة
- التيبس
تقييم الضرر الحسي أو إصابات الأعصاب، ويشمل:
- الحاجة إلى فحوصات إضافية (مثل دراسات توصيل الأعصاب)
- الألم الحسّي وفرط الحساسية
- التأثير العام لاضطراب الإحساس على الوظيفة والنوم
- الحاجة إلى إزالة التحسس كجزء من العلاج
تقييم البراعة والاستخدام الوظيفي لليد، مع مراعاة:
- تصورات المريض الشخصية
- بيئة المريض
- أنشطة الحياة اليومية ذات الصلة
- الهوايات
- متطلبات العمل
تحديد الحاجة إلى التوجيه أو الإحالة للخدمات الأخرى، مثل:
- التقييم النفسي السريري
- مراجعة أخصائي العظام
- الاستعانة بمساعد إعادة التأهيل
تحديد الحاجة إلى المعدات أو التعديلات المساندة.
برنامج إعادة تأهيل اليد العلاجي
ستعتمد جلسات علاج اليد على نتائج التقييم، ورغبات العميل، وموافقة التمويل، والأهداف التي يضعها كل من الأخصائي والعميل. سيكون العلاج دائمًا مبررًا سريريًا ويتضمن كل أو مزيج من الإجراءات التالية:
- تقديم النصائح والتوعية
- إدارة الندوب والجروح
- إزالة التحسس
- التجبير
- زيادة نطاق الحركة
- تعزيز قوة القبضة العامة والقبضة الدقيقة
- تحسين الاستقلال الوظيفي في أنشطة الحياة اليومية والعمل والهوايات، بما في ذلك الاستخدام الآمن للمعدات
- تقديم الدعم النفسي
من المهم التوضيح أنه وفقًا لمهارات أخصائي علاج اليد المعالج، قد يشمل ذلك أيضًا القدرة على معالجة الجوانب التالية:
- إدارة الإرهاق
- تحسين عادات النوم
- التعامل مع القلق
- تقديم نصائح حول التعديلات في المنزل أو مكان العمل أو المركبات
- إجراء تقييمات بيئة العمل
- التأهيل المهني
يستخدم أخصائيو العلاج الوظيفي مجموعة واسعة من المقاييس والأدوات الموضوعية والذاتية لتوفير معلومات أساسية، وإثبات التحسن والتقدم في خطة العلاج، بالإضافة إلى رصد أي جمود في تحقيق الأهداف.
اعتبارات إضافية
يوجد بطبيعة الحال وفهمًا فارق واضح في نطاق ومدة الخدمات التي يمكن تقديمها في القطاع الحكومي مقارنة بالقطاع المستقل.
يُعد علاج اليد عنصرًا أساسيًا في رحلة إعادة تأهيل العميل بعد إصابات اليد، ونحن نتعاون مع العديد من مدراء الحالات في مختلف أنحاء المملكة المتحدة الذين يحيلون عملاءهم إلينا بانتظام لتلقي هذا الدعم. يتمتع اخصائيو علاج اليد بمهارات عالية ويشهدون طلبًا متزايدًا بالمقابل، مما دفعنا إلى إيجاد طرق مبتكرة لضمان تلبية احتياجات العملاء ضمن الموارد المتاحة لعلاج اليد. لحسن الحظ، فإن العملاء ذوي إصابات اليد لا يعانون دائمًا من ضعف إدراكي، وبالتالي يمكنهم أن يكونوا فاعلين في عملية إعادة تأهيلهم من خلال التثقيف المستمر والنصائح والدعم من الأخصائي.
غالبًا ما تُنجز جلسات التقييم والعلاج بشكل شخصي وعن بُعد عبر مكالمات الفيديو، مما قد يكون أكثر كفاءة من حيث الوقت والتكلفة. لقد قمت شخصيًا بإجراء تقييمات عن بُعد باستخدام جهاز ضغط الدم المعدل الذي تم تجهيزه وإرساله مسبقًا إلى المريض لقياس قوة القبضة.
غالبًا ما يعاني الأشخاص ذوو بتر الأصابع أو الإبهام، أو الإصابات السحقية الشديدة، من قيود وظيفية بسبب الألم الحسي الشديد. يمكن أن يؤدي هذا إلى تكوُّن الأورام العصبية، مما قد يستلزم اللجوء إلى تدخلات جراحية إضافية، علماً أن نتائج هذه التدخلات ليست مضمونة دائمًا.
في مثل هذه الحالات، يُوصى بدراسة إحالة المريض لإجراء جراحة واجهة العصب الطرفي التجديدي (RPNI)، حيث يتم زرع النهاية المقطوعة للعصب الطرفي داخل نسيج عضلي.
تُظهر هذه التقنية الحديثة نتائج متزايدة في تخفيف الألم والحساسية لدى المرضى الذين عانوا سابقًا من ضعف في الأداء الوظيفي بسبب الألم الحسي المزمن، كما تقلل من خطر تكرار ظهور الأورام العصبية.
خاتمة
يتمتع أخصائيو العلاج الوظيفي المتخصصون، بفضل خلفيتهم التدريبية في مجال الصحة الجسدية والنفسية، بالمؤهلات المثالية لعلاج إصابات اليد المعقدة. فهم لا يعالجون الطرف المصاب فحسب، بل يعتنون بالشخص ككل، ويدركون بشكل كامل تأثير خلل الوظيفة في الطرف العلوي على كل جانب من حياة المريض.
دائمًا ما تتأثر النتائج بدافعية المريض والتزامه، ومع ذلك يتحلى الأخصائي بالصبر والعاطفة والإصرار لتحقيق أقصى استعادة وظيفية في النهاية. عند العمل مع الأشخاص ذوي إصابات اليد، ينبغي لمدير الحالة دائمًا أن ينظر في توجيه العميل إلى أخصائي علاج يدوي متخصص كجزء أساسي من عملية إعادة التأهيل والشفاء.
المرجع :
The role of Occupational Therapy in Hand Trauma





