
تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
ترجمة: أ. شروق السبيعي
لا يقتصر اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) على تشتت الانتباه أو فرط الحركة فقط، بل هو اضطراب في الدماغ يُسبب ظهور سلوكيات اندفاعية ومستويات غير عادية من فرط الحركة. ومع ازدياد انتشار هذا الاضطراب، يعمل الأطباء والباحثون على تطوير تدخلات مبتكرة لإدارته والتعامل مع أعراضه بشكل فعّال.
إحدى هذه التدخلات العلاجية هي تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، والذي حاز على اهتمام كبير في السنوات الأخيرة. يعتمد تدخل تحليل السلوك التطبيقي على توظيف مبادئ علم السلوك لتحسين المهارات والسلوكيات في الحياة اليومية. وقد استفاد الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد من هذا التدخل لسنوات، ونظرًا لأن علم السلوك قابلة للتطبيق على جميع الأفراد، فإن مجالات استخدامه واسعة وغير محدودة، ويمكن أن يستفيد منه الأفراد المشخصين اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
فهم إمكانيات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)
أظهر تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) نجاحًا ملحوظًا في تطوير السلوكيات التكيفية ومهارات التواصل والمهارات الاجتماعية لدى الأفراد.
يرجع تزايد الاهتمام بتطبيق تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) على اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) إلى عدة عوامل رئيسية، مثل:
- يركز تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) على تقديم تدخل مخصص يناسب التنوع الكبير في أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
- يعتمد هذا التدخل على استخدام التعزيز الإيجابي وتدريب الأفراد على سلوكيات بديلة تهدف بشكل خاص إلى مواجهة الصعوبات مثل الاندفاعية وتشتت الانتباه.
- يتيح إطار عمل تدخل تحليل السلوك التطبيقي المنظم و المبني على البيانات تتبع الاستراتيجيات وتعديلها بدقة لتلبية احتياجات كل فرد بفعالية.
يُعتبر تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) فعالًا في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) نظرًا لتركيزه على التحديات السلوكية المحددة التي تُعد جزءًا من أعراض هذا الاضطراب. فعلى سبيل المثال، يمكن تصميم استراتيجيات تدخل تحليل السلوك التطبيقي خصيصًا لخفض السلوكيات الاندفاعية، وتعزيز القدرة على التركيز، وتطوير مهارات التنظيم الذاتي. وتُعد هذه الجوانب من أبرز الصعوبات التي يواجهها الأفراد المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
كيف يساعد تدخل تحليل السلوك التطبيقي في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
هناك العديد من الأبحاث الواعدة حول تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، والمزيد من الأبحاث قيد التنفيذ. وجدت الدراسات أن استراتيجيات تدخل تحليل السلوك التطبيقي يمكن أن تساعد في تحسين التركيز، وزيادة القدرة على اتباع التعليمات، وخفض السلوكيات الغير مرغوب فيها لدى الأفراد المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة تحليل السلوك التطبيقي أن تدخل تحليل السلوك التطبيقي ساعد الأفراد المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه على زيادة تركيزهم على المهام واكتساب مهارات التعلم بشكل أكثر كفاءة داخل البيئة الصفية.
يركز تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) على إدارة أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه باستراتيجيات محددة. على سبيل المثال،
- للتعامل مع فرط الحركة، يمكن تضمين فترات مخصصة للحركة، أو استخدام التعزيز الإيجابي للتشجيع على الجلوس بهدوء لفترات طويلة.
- أما بالنسبة لتشتت الانتباه، فقد يقوم الأخصائيون بتقسيم المهام إلى خطوات صغيرة وسهلة التنفيذ باستخدام أدوات مثل الجداول البصرية.
- الحد من الاندفاعية، من خلال تعليم الأفراد استراتيجيات لمراقبة سلوكياتهم، وتقديم ملاحظات فورية تساعدهم على التفكير قبل الإقدام على الفعل.
تطبيق تدخل تحليل السلوك التطبيقي لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
يشمل تطبيق تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه الخطوات التالية:
- تقييم مفصل وتحديد أهداف واضحة.
- إجراء تقييم وظيفي للسلوكيات بهدف التعرف على العوامل التي تؤدي إلى استمرار السلوكيات الغير مرغوب فيها.
- تحديد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور سلوكيات معينة والعوامل البيئية التي تؤثر فيها.
باستخدام هذه المعلومات، يعمل الأخصائيون مع الأفراد وأسرهم على تحديد أهداف واضحة ومحددة، مثل تعزيز القدرة على التركيز أثناء أداء الواجبات المنزلية، وتقليل التشتت والانشغال أثناء الحصص الدراسية، وتعزيز مهارات التنظيم. تُصمم هذه الأهداف لتناسب احتياجات الأفراد وظروفهم الخاصة بشكل دقيق.
إن تكييف استراتيجيات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يستلزم تغيير الطرق التقليدية بما يتناسب مع طبيعة الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب. على سبيل المثال:
- يُعزز نظام الرموز السلوكيات المرغوب فيها من خلال تقديم مكافآت فورية عند إنجاز المهام.
- يهدف التدريب على المهارات الاجتماعية إلى معالجة الصعوبات الاجتماعية الشائعة المرتبطة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
- تُعزز أدوات المراقبة الذاتية وعي الأفراد بسلوكياتهم، مما يساعدهم على التحكم فيها بشكل أفضل.
- تساعد إدارة الوقت في تحسين التنظيم باستخدام الجداول الزمنية والمؤقتات البصرية.
التعزيز الإيجابي يعمل بشكل فعّال للغاية على زيادة اكتساب المهارات والسلوكيات المرغوب فيها لدى الأفراد المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. حيث يساعد تقديم المكافآت وردود الفعل الفورية، مثل الثناء اللفظي أو المكافآت الصغيرة، في الحفاظ على دافعية الأفراد. هذه الطرق المنظمة، التي تُستخدم لتقديم التعزيز والمكافآت بشكل منهجي، هي فعّالة لتعزيز السلوكيات الاجتماعية المرغوب فيها و خفض السلوكيات غير المرغوب فيها.
صعوبات تطبيق تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD):
- غالبًا ما يتطلب تدخل تحليل السلوك التطبيقي استثمارًا كبيرًا من الوقت، مما قد يكون صعبًا على بعض الأسر إدارته.
- يحتاج التدخل إلى أخصائيين سلوك معتمدين أو مرخصين لتطبيقه والإشراف عليه.
- ينبغي التنسيق مع أخصائيين لضمان استخدام المهارات المكتسبة من التدخل بشكل فعّال في المواقف الحياتية الواقعية.
- ليس كل الأفراد المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يستجيبون لاستراتيجيات تحليل السلوك التطبيقي بنفس الطريقة.
- قد يكون تدخل تحليل السلوك التطبيقي مكلفًا، وغالبًا ما تكون التغطية التأمينية غير كافية أو محدودة.
- على الرغم من وجود فوائد واضحة على المدى القصير، إلا أن هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات لتقييم تأثير التدخل على المدى الطويل.
خلاصة القول
رغم أن تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) أثبت فعاليته الكبيرة في التعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلا أنه يواجه عدة تحديات مثل الحاجة إلى فترة علاج طويلة، وعدم استجابة جميع الأفراد له، بالإضافة إلى تكاليفه المرتفعة.
مع ذلك، يُعد هذا التدخل نهجًا فرديًا قائمًا على البيانات ويعتمد على التعزيز الإيجابي، مما يجعله وسيلة منهجية فعّالة تساعد الأفراد المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه على تنمية مهاراتهم الحياتية الأساسية. ومع استمرار التقدم في الأبحاث، يُتوقع أن يزداد اعتماد هذا التدخل كخيار شائع لإدارة هذا الاضطراب.
المرجع:
ABA Therapy for ADHD