السلوكيات الجنسية لدى الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية
يعد اكتساب المهارات الاجتماعية المناسبة أمرًا مهمًا في جميع مراحل تطور وتغيَر الفرد مدى الحياة. حيث إن تدني المهارات الاجتماعية وإظهار السلوكيات غير المناسبة قد تؤثر سلباً على جودة حياة الفرد ومدى تقبله من قبل المجتمع، وهذا ينطبق على نحو خاص على الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية.
حيث يسلط هذا المقال الضوء على إحدى المشكلات التي تواجه الأفراد المشخصين بالاضطرابات النمائية وهي السلوكيات الجنسية غير المناسبة.
تم اقتراح بعض الحلول القائمة على البحث والتي قد تساعد بدورها على تسليط الضوء على العلاجات التحليلية السلوكية الناجحة التي تم تجربتها مع الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية.
أجريت جامعة أوبرون عام 2020 دراسة تقارن معدل المشكلات الجنسية بين الأفراد العاديين، وأولئك الذين تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد، ووجدت الدراسة أن نسبة حدوث المشكلات الجنسية تفوق عند الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية. حيث إنه ما بين 6٪ إلى 28٪ من الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية يظهرون السلوكيات الجنسية غير اللائقة حتى في الأماكن العامة. تؤكد هذه النسبة على احتياج الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية إلى المزيد من التدخلات الخاصة لمساعدتهم على فهم واستخدام المهارات الاجتماعية في السياقات الاجتماعية المناسبة.
إن مفهوم السلوكيات الجنسية غالبًا ما يكون صعب مناقشته مع آباء الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية أو متى أو كيف سيتم القيام بشرح هذا الموضوع حيث أن تجاهل مثل هذه الموضوع سوف يؤثر على خلق الفجوة الكبيرة حيال التصرف الصحيح تجاه الموقف، لذلك إن تقديم التربية الجنسية الصحيحة ستساعد على سد هذه الفجوة.
إن تعليم الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية السلوكيات الملائمة تقع على عاتق المعلمين بالتدخل والتأكيد على أهمية مشاركة الآباء في هذا التدخل. كما يمكن للوالدين والمعلمين استخدام الأحداث التي تحدث بشكل طبيعي لتعزيز المهارات وإنشاء تواصل فعَال يقوم على بناء الثقة بين الفرد والوالدين؛ وبالتالي خلق الفرص لتعزيز تعلم المهارات الاجتماعية المناسبة.
هناك بعض الأسباب التي تساهم في ظهور هذه السلوكيات بشكل أعلى لدى الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية، منها:
- الآثار الجانبية لبعض العلاجات: يمكن أن تسبب معظم مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان غير التقليدية والتقليدية وأدوية ضغط الدم وبعض الأدوية المضادة للقلق مجموعة متنوعة من الآثار الجانبية الجنسية. ومن المعروف حاجة الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية لاستخدام أنواع متعددة من العلاجات خلال مراحل حياتهم المختلفة. لذا قد ترتفع نسبة حدوث المشكلات الجنسية تبعاً لاستخدام أنواع معينة من الأدوية.
- وجود التقنيات والهواتف الحديثة المتاحة دون قيود والتي تتيح الفرص لهم بالاطلاع على المحتوى غير الملائم في أعمار مبكرة قد يعزز بالتالي ظهور السلوكيات الجنسية غير المناسبة.
- الرغبة في الاستكشاف مع قلة الوعي بمدى خصوصية الأعضاء الخاصة في الأماكن الاجتماعية.
- وجود المشاعر والرغبات الجنسية مع عدم معرفة التعبير عنها بالشكل الصحيح، أو في المكان المناسب.
يشير هيلماس آن (٢٠٠٦)” أن الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية يمتلكون الرغبات الجنسية كتلك التي يمتلكها الأفراد الطبيعيون، لكنهم لا يمتلكون المعرفة الكافية في كيفية توجيهها أو التحكم بها بالطريقة الملائمة مسبباً بذلك الكثير من الإحباط والقلق من قبل الآباء”.
هناك بعض الطرق المقترحة لمواجهة المشاكل الجنسية التي تظهر لدى الأفراد من ذوي الاضطرابات النمائية والحد من ظهورها:
1- القصص الاجتماعية
قامت جامعة أوبرون بعمل دراسة للكشف عن مدى فاعلية القصص الاجتماعية للخفض من ظهور السلوكيات الجنسية لدى الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية.
كانت أسئلة الدراسة تتمحور حول الآتي:
- هل من المهم للأطفال أن يتعلموا إبقاء أيديهم بعيدة عن ملابسهم في الأماكن العامة؟
- هل يحتاج المراهقون من ذوي الاضطرابات النمائية إلى تدريب على المهارات الاجتماعية إذا تمت رؤيتهم أكثر من مرة يقومون بلمس أعضائهم التناسلية في الأماكن العامة؟
- إذا كان هناك طالب آخر في صف طفلك يُظهر سلوكًا جنسيًا غير لائق، ما هو التصرف الملائم له؟
اشتملت الدراسة على شخصين تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد؛ أوليفيا ١١ عاماً، و يات ١٣ عام. تم اختيار المشتركين بسبب تاريخهم في اللمس غير المناسب للمناطق الحساسة في الأماكن العامة. تم استخدام طريقة القصص الاجتماعية مع العينة المختارة بهدف تغيير سلوكهم الجنسي غير المناسب في الأماكن العامة وفي المواقف الاجتماعية المختلفة.
انتهت نتيجة الدراسة بأن استخدام القصص الاجتماعية لتغيير السلوك لدى الأفراد ذوي الاضطرابات النمائية قد يكون مفيداً. فقد أشارت النتائج بانخفاض سلوك العينة المختارة واكتساب الوعي الاجتماعي بعدم لمس المناطق الحساسة في الأماكن العامة.
2- تلبية الاحتياجات التعليمية
تلبية الاحتياجات التعليمية للأطفال ذوي الاضطرابات النمائية من خلال التعاون بين الآباء والمعلمين في معرفة كيفية إيصال الإجابات المناسبة لسد فضول الطفل حول المواضيع الجنسية وكيفية حماية الأماكن الحساسة قد يحد من ظهور هذه السلوكيات خلال مرحلة الاستكشاف الذاتي.
3- التعليم من خلال النمذجة حسب منهج تحليل السلوك التطبيقي (ABA)
من خلال منهج تحليل السلوك التطبيقي تم تعليم الطفل المهارات اللازم اكتسابها من خلال عرض فيديو وتوفير الاستراتيجيات المرئية أو تحليل المهارات.
وأخيرًا يجب اكتساب المهارات الاجتماعية اللازمة للأفراد ذوي الاضطرابات النمائية و التي بشأنها تقلل من ظهور السلوكيات الجنسية. لذلك، يجب الحفاظ على بقاء هذه المهارات من خلال استمرارية التنمية الاجتماعية المقدمة من قبل المعلمين والآباء والتعزيز المستمر للسلوكيات المكتسبة.
المراجع
- Social Skills Training Targeting Inappropriate Sexual Behavior for Adolescents with Autism (csumb.edu)
- July 21, 2016 Ethics in sexual behavior assessment and support for people with intellectual disability by Sorah Stein and Karola Dillenburge. Ethics in sexual behavior assessment and support for people with intellectual disability (degruyter.com)