الصحة النفسية ومتلازمة داون
ترجمة: أ. شروق السبيعي
أسئلة وأجوبة مع الدكتورة سوزان فوسيت
إخلاء للمسؤولية: بعض الأسئلة التي تلقيناها كانت محددة للغاية و تتعلق بطفل محدد، ونظرًا لأن سوزان لم يتيح لها الفرصة لتقييم هذه الفئة فسوف تقدم معلومات وإرشادات عامة فقط في هذه المقالة، يرجى استشارة متخصص في الصحة النفسية للحصول على مساعدة مخصصة أكثر.
ما هي المشاكل النفسية الأكثر شيوعًا بين الأطفال والبالغين المشخصين بمتلازمة داون؟
تختلف المشاكل الأكثر شيوعًا حسب عمر الطفل، عند الأطفال يتم تشخيصهم باضطراب تشتت الانتباه أو الاضطرابات السلوكية الأخرى بشكل شائع، وعند المراهقين والبالغين يتم تشخيصهم باضطراب الاكتئاب بشكل شائع، ويتم تشخيص اضطراب الوسواس القهري (OCD) والقلق لجميع الفئات العمرية، لكن تصنيف اضطراب القلق يميل إلى الاختلاف، على سبيل المثال: الرهاب المحدد (مثل الخوف من الكلاب أو الإبر) شائع في جميع الأعمار، لكن الرهاب الاجتماعي و اضطراب القلق العام لا يتم التشخيص عادةً حتى عمر المراهقة أو البلوغ.
هل تختلف أعراض المرض النفسي لدى الأطفال المشخصين بمتلازمة داون مقارنة بالأطفال غير مشخصين بمتلازمة داون؟
تظهر الأعراض بشكل مختلف بالفعل! أحد العوامل المساهمة في ذلك هو أن الأطفال المشخصين بمتلازمة داون يواجهون صعوبة في استخدام اللغة التعبيرية، لذا فإن الأعراض مثل: الأفكار الوسواسية أو الشعور بعدم القيمة تميل إلى أن تكون صعبة الملاحظة أو التقييم، هناك عامل مساهم آخر وهو التداخل الموجود بين أعراض متلازمة داون ومشاكل الصحة النفسية، على سبيل المثال: يكون لدى الأطفال المشخصين بمتلازمة داون تفضيل قوي على القيام بأفعال وتتكرر دائمًا بنفس الطريقة واتباع النظام، وهذا يجعل من الصعب معرفة متى تجاوز الطفل الخط إلى التشدد الواضح الموجود في اضطراب الوسواس القهري.
ما هي أعراض اضطراب الاكتئاب واضطراب القلق والوسواس القهري واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
قبل تحديد الأعراض، من المهم تشجيع الآباء على إجراء تقييم شامل أولاً حول الأسباب الطبية المحتملة في حال ظهور تغيرات في السلوك، وفي ضوء السؤال السابق قمت بكتابة الأعراض التي تميل إلى الظهور في أغلب الأحيان لدى الأطفال المشخصين بمتلازمة داون.
اضطراب الاكتئاب: انخفاض أو فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقًا (قد يؤدي هذا إلى رفض الأطفال مغادرة المنزل بشكل متكرر) والانفعال وتغيرات في النوم أو الأكل وحركة بطيئة للغاية وانخفاض القدرة على الانتقال من نشاط إلى آخر و زيادة البكاء أو الظهور بمظهر مكتئب أو حزين.
اضطراب القلق: تجنب بعض المهام أو الأنشطة وزيادة المشاكل السلوكية وخاصة إذا كانت مرتبطة بأنشطة غير مفضلة والانفعال والأرق وقلة النوم والتعبير عن القلق بشأن الأحداث القادمة (قد يظهر من خلال تكرار نفس السؤال بشكل متكرر)
اضطراب الوسواس القهري (OCD): الإصرار على تكرار الأفعال بنفس الطريقة بشكل مستمر الالتزام في روتين يستغرق وقت طويل واتباع نفس الترتيب في كل مرة، إلى جانب الانزعاج إذا تم تغيير الروتين، التحقق من السلوكيات أو التحقق منها أو عدها.
ملاحظة: عندما يتطورون الأطفال بشكل طبيعي ويكون لديهم اضطراب الوسواس القهري يميلون إلى الانزعاج الشديد من هواجسهم وسلوكياتهم القهرية، فقد لا يكون هذا هو الحال بالنسبة لجميع الاطفال المشخصين بمتلازمة داون (ولكن غالبًا ما تكون أسرهم منزعجة من الأعراض).
اضطراب تشتت الانتباه (ADD) واضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة (ADHD): عدم القدرة على الجلوس بشكل ساكن أو يتحركون باستمرار ولديهم صعوبة كبيرة في التركيز (حتى في الأنشطة القصيرة جدًا) ودرجة عالية من التشتت وعدم التحكم في الانفعالات مما قد يؤدي إلى مشاكل سلوكية تبدو وكأنها بدون سبب، مثل: رمي الأشياء أو الهروب.
ملاحظة: هناك تداخل واضح بين اضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة ومتلازمة داون! انظرو فيما إذا كانوا أطفالكم لديهم هذه الأعراض بشكل متكرر أو تكون شديدة أكثر من الأطفال الآخرين المشخصين بمتلازمة داون الذين رأيتهم.
هل هناك أي طرق لوقف حدوث المشاكل الصحة النفسية؟
نعم – أنا سعيد جدًا لأنك سألت! الوقاية أو التدخل المبكر هو دائمًا الحل الأفضل إن أمكن ومع ذلك فإن التاريخ العائلي أو المواقف المؤلمة من الأسباب الشائعة لتطور مشاكل الصحة النفسية ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل توقف حدوثها.
هناك الكثير من الأمور التي يمكن للآباء القيام بها لدعم الصحة السلوكية والنفسية! فمن عمر مبكر، يمكن للآباء تعزيز المجالات التالية: النشاط والاستقلالية والمرونة والتنوع والواقعية والقدرة على التواصل الاجتماعي واحترام الذات.
- النشاط: إن دور التمارين الرياضية المنتظمة في دعم الصحة النفسية الجيدة موثوقة تمامًا، مارسوها كلما أمكن ذلك!
- الاستقلالية: نريد أن يتم تمكين الأطفال المشخصين بمتلازمة داون في حياتهم، يمكن المساعدة في تطوير ذلك من خلال تقديم خيارات ضمن الروتين اليومي وتعليم الاستقلالية في مهارات الحياة اليومية، إذا ساعد الكبار الأطفال كثيرًا، فقد تتطور ظاهرة تسمى العجز المكتسب، وهذا يعني في الأساس أن الاطفال يتعلمون أنهم لا يملكون السيطرة على حياتهم الخاصة، ومن غير المستغرب أن يؤدي هذا إلى تشخيصهم باضطراب الاكتئاب.
- المرونة: يمكن أن يكون الروتين مفيد ومريح حقًا للأطفال المشخصين بمتلازمة داون، ولكن يجب على الآباء الحذر من الالتزام المبالغ فيه بالروتين أو الجمود العام، حاولوا تقديم بعض العناصر الجديدة بشكل منتظم للسماح لهم بتعلم كيفية التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف، كلما أطفالكم المشخصين بمتلازمة داون “مشوا مع التيار” كافئوهم بالكثير من الثناء الاجتماعي.
- التنوع: شجعوا أطفالكم على أن يكون لديهم مجموعة متنوعة من الاهتمامات، مثل: الأطعمة والرياضة والبرامج التلفزيونية والشخصيات المفضلة.
- الواقعية: اجعلوا أطفالكم المشخصين بمتلازمة داون متصلين بالواقع، ركّزوا على التفاعلات الاجتماعية الحقيقية حاولوا الحد من الوقت الذي يقضيه أمام الشاشات وخاصة مشاهدة نفس الشيء بشكل متكرر أو مشاهدة العروض الدرامية/العنيفة للغاية، الحرص على أن أطفالكم لا يقضون الكثير من الوقت في التفاعل مع الأصدقاء والشخصيات الخيالية أو تلاوة نصوص الأفلام، قوموا بتوجيههم إلى أنشطة الحياة الواقعية في كثير من الأحيان.
- القدرة على التفاعل الاجتماعي: التشجيع على التفاعل الاجتماعية قدر الإمكان، والتأكد من إشراك أقران آخرين من ذوي الإعاقات النمائية في الدائرة الاجتماعية للأطفال، تذكروا أنه في النهاية من الممكن أن تكون مجموعة أقرانهم أكثر من أقرانهم الطبيعيين.
- تقدير الذات: امنحوا أطفالكم قدرًا هائلاً من الثناء والتشجيع أكثر مما تعتقدون أنهم يحتاجون إليه! احتفلوا بكل النجاحات معهم وحتى الصغيرة منها، التأكد من مشاركتهم بانتظام الأنشطة التي فيها فرص يمكن من خلالها الإتقان، أي الأنشطة التي يجيدونها.
كيف يبدو العلاج إذا تم تشخيصهم بمشكلة نفسية؟
هناك نوعان رئيسيان للعلاج: العلاج الدوائي والعلاج النفسي أو الاستشارة، يمكن للأطفال المشخصين بمتلازمة داون الاستفادة من أي منهما، أو حتى أفضل من ذلك كلاهما معًا! تعمل الأدوية بشكل جيد مع الأطفال المشخصين بمتلازمة داون في علاج مشاكل الصحة النفسية، على الرغم من أن الطبيب النفسي قد يكون حذرًا للغاية، على سبيل المثال: البدء بجرعة منخفضة جدًا عند تجربة دواء جديد.
قد لا يبدو “العلاج بالكلام” التقليدي مناسبًا للأطفال الذين يواجهون صعوبة في التعبير عن أنفسهم من خلال الحديث، ولكن إذا استخدم الطبيب النفسي أو الاستشاري نهجًا أكثر تنظيماً، مثل: العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، فقد يكون هذا مفيدًا للأطفال المشخصين بمتلازمة داون، يتضمن هذا العلاج تغيير أو تعلم سلوكيات جديدة، ومعرفة الفئات التشخيصية مثل: “اضطراب القلق” و”اضطراب الوسواس القهري”، وتعلم كيفية تحديد المشاعر والتعبير عنها، وتغيير أنماط التفكير غير المفيدة، سيكون من المهم العثور على طبيب لديه خبرة في تغيير نهج العلاج السلوكي المعرفي مع الأطفال المشخصين بالإعاقات العقلية.
تعرضت ابنتي لحادث حافلة منذ بضع سنوات، ومنذ ذلك الحين وهي تعاني من الصدمة واضطراب ما بعد الصدمة والكوابيس واضطراب الوسواس القهري، لديها أدوات واستراتيجيات لكنها تغيرت، لم تعد مستقلة، وتراجعت مهاراتها في حل المشاكل بشكل كبير، وهي تخاف من العالم لم تعد تشعر بالأمان، كيف أساعد ابنتي على الشعور بالأمان مرة أخرى؟
يبدو هذا الأمر مجهدًا للغاية بالنسبة لابنتك، ناهيك عن بقية أفراد الأسرة، من الممكن أن يستغرق اضطراب ما بعد الصدمة وقتًا أطول للشفاء عند الأطفال المشخصين بمتلازمة داون، من الشائع أن تتسبب تجربة صادمة في التشخيص باضطراب الوسواس القهري أو القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة لدى الأطفال المشخصين بمتلازمة داون، علاوة على ذلك فقد قيل إن الأطفال المشخصين بمتلازمة داون قد يواجهون صعوبة في جميع أنواع الذكريات، وربما الذكريات المؤلمة بشكل خاص وكأنها تحدث في اللحظة الحالية، ويرجع هذا إلى مهارات الذاكرة البصرية القوية نسبيًا.
إن الحدث المؤلم مثل الحادث الخطير قد يخلف عواقب طويلة الأمد على الصحة النفسية للأطفال، بالإضافة إلى ذلك فإن التراجع في المهارات الذي قد يحدث بعد الحدث المؤلم قد يكون صعبًا للغاية على الآباء الذين اعتادوا على مستوى معين من الاستقلالية، إن مقابلة ابنتك في المكان الذي هي فيه الآن ومساعدتها على إعادة اكتساب مهاراتها ببطء بدلاً من التركيز على ما لم تعد قادرة على القيام به قد يكون مفيدًا هذا لكم جميعًا، قد يكون من الصعب أيضًا التفكير في العديد من المشاكل التي ربما تطورت منذ الحدث المؤلم، مع وضع هذا في الاعتبار محاولة اختيار مهارة واحدة من شأنها تتطور نوعية حياتها وحياة الأسرة إذا استعادتها، قومي بطلب مساعدة أخصائي العلاج الوظيفي لمساعدتك في تقسيم المهمة إلى أجزاء صغيرة من أجل مساعدتها على إعادة بناء استقلاليتها، مهارة واحدة محددة في كل مرة.
*إذا كانت هذه المشكلة مستمرة منذ فترة طويلة وتؤثر على حياة الأطفال اليومية، فإنني أوصي بشدة بالحصول على مساعدة فردية من طبيب نفسي متخصص.
ابنتنا تخاف من النوم وتعاني من الكوابيس، فهي محرومة من النوم، لقد جربنا كل شيء التأمل والموسيقى والعلاج بالروائح وما إلى ذلك، لكنها لم تتوقف الكوابيس، كيف يمكننا مساعدتها في الحصول على ليلة نوم جيدة؟
يؤسفني سماع أن النوم صعب للغاية على ابنتكم! الكوابيس أو الرعب الليلي هو اضطراب في النوم، والعديد من اضطرابات النوم أكثر شيوعًا في متلازمة داون.
يبدو أنكم جربتوا استراتيجيات الاسترخاء وطرقًا لجعل وقت النوم أكثر متعة، وهي أفكار رائعة ولكنكم قد تحتاجون إلى طبقة إضافية، قد تحتاجون إلى مزيد من الفهم حول ماهية الكوابيس، على سبيل المثال: قد تكون قصة اجتماعية مفيدة عن الكوابيس يمكنكما قراءتها معًا، حتى تفهم أنها ليست حقيقية (على الرغم من أنها تبدو كذلك)، يمكنكم تضمين مناقشة حول الفرق بين الواقع والخيال/غير الحقيقي.
هل كان هناك أمر تسبب في ظهور الكوابيس؟ هل تستطيع التحدث عن ذلك معكم؟، حتى ولو بطريقة محدودة أو بمساعدة بصرية؟ إذا كان الأمر كذلك فقد يساعدها هذا في التغلب على المشكلة الأساسية، ومع ذلك لاحظوا أن العديد من الكوابيس الليلية غير ناتجة عن أي شيء محدد، بل تمثل ضغوطًا غير محددة، لديكم بالفعل استراتيجيات الاسترخاء تأكدوا الآن من أن لديكم وقتًا مخصصًا قبل النوم لاستراتيجيات عاطفية مثل: الراحة والعناق والطمأنينة.
وأخيرًا، سيؤدي الحرمان من النوم إلى تفاقم قلقها، هل هناك طريقة لأخذ قيلولة قصيرة أو فترة راحة على مدار اليوم؟ على الرغم ليست حلاً طويل الأمد لقلة النوم أثناء الليل، ولكن الفترة القصيرة للنوم النهاري يحقق شيئين: الراحة التي تحتاج إليها بشدة، وإمكانية “ممارسة” النوم في بيئة آمنة مع أشخاص تشعر معهم بالراحة ومألوفين عليها، ثم ستتعرض للنوم دون كوابيس مما قد يخفض من شعورها بالقلق بمرور الوقت (تحدث الكوابيس عادةً في ساعات الصباح الباكر، بعد فترة طويلة من ذهاب الشخص إلى النوم).
كيف نساعد أطفالنا الذين لديهم صدمة طبية خطيرة بسبب الأشياء التي اضطروا إلى تحملها طبيًا، سواء كان ذلك بسبب احتجازهم لإجراء عملية/تحليل دم، أو انتهاك شعورهم بالخصوصية من خلال إجبارهم على كشف أجزاء من أجسادهم للطبيب، أو الاضطرار إلى البقاء في المستشفى لفترة طويلة (وهو ما يكون فيه الكثير من الوخزات والوخزات غير مرغوب فيها على أقل تقدير)؟ ابنتنا لا تحب حتى كلمة طبيب وترتجف بمجرد مرورها الى المستشفى، يجب الآن تخديرها فقط لسحب الدم، كيف نساعدها على التعافي من الصدمة ودعمها للإجراءات المستقبلية؟
نظرًا لأن الأطفال المشخصين بمتلازمة داون غالبًا ما يواجهون من تعقيدات طبية، فإنهم غالبًا لا يكونون غرباء عن البيئات الطبية مثل: المستشفيات، يبدو أن ابنتكم قد تحملت الكثير! لقد تطورت استجابة الخوف القوية تجاه الأماكن أو الأطفال أو الكلمات حتى تلك المرتبطة بشكل عفوي بالمواقف المخيفة هذا يعني أنه بغض النظر عن العلاج الذي تختاره، فسوف يتعين عليك التحرك ببطء وحذر.
لحسن الحظ، يمكن العديد من الاستراتجيات أن تكون مفيدة مع المخاوف الطبية (أو الرهاب المحدد من أي نوع) مثل استراتيجية العلاج بالتعرض، يتضمن هذا العلاج تعريض الأطفال تدريجيًا للشيء أو الموقف المخيف، عمليًا استخدمت هذا لمساعدة المراهقين المشخصين بمتلازمة داون على التغلب من الخوف من الإبر، على سبيل المثال، نبدأ ببناء سلم المخاوف مع القيام بتجارب للإبر الأقل خوفًا في الأسفل والأكثر خوفًا في الأعلى، قد يتم البدء بالنظر إلى صور الإبر ثم مشاهدة مقاطع فيديو لطفل يجري فحص دم ثم النظر إلى إبرة حقيقية والقيام بلمسها، ثم زيارة المختبر حيث سيحصل المراهق على الإبرة وننتقل إلى التجربة النهائية على السلم الحصول على فحص الدم.
المرجع :
https://www.dsrf.org/resources/blog/mental-health-and-down-syndrome/