الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

المثير التمييزي في تحليل السلوك التطبيقي

المثير التمييزي في تحليل السلوك التطبيقي

المثير التمييزي في تحليل السلوك التطبيقي 

ترجمة: أ. شروق السبيعي 

ما هو المثير التمييزي (Discriminative Stimulus)؟

إن أحد الركائز الرئيسية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي هو المثير التمييزي 

المثير التمييزي (Discriminative Stimulus) هو مصطلح يستخدم في تدخل تحليل السلوك التطبيقي لوصف إشارة محددة تتطلب استجابة محددة من قبل الأفراد.

بعبارة أخرى، المثير التمييزي هو تقديم إشارة للأفراد تخبرهم بما يجب عليهم فعله في موقف معين.

على سبيل المثال: إذا كان الفرد يتدرب على طلب لعبة، فقد يكون المثير التمييزي هو وجود اللعبة في الغرفة، فعندما تكون اللعبة موجودة تزداد دافعية الفرد لطلبها وإذا لم تكن اللعبة موجودة يكون الفرد أقل ميلاً لطلبها.

كيف يتم استخدام المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي؟

يعد المثير التمييزي ركيزة رئيسية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي، فهو يساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على اكتساب سلوكيات ومهارات جديدة من خلال تقديم إشارة واضحة حول ما هو متوقع منهم أن يقومون به في موقف معين.

في تدخل تحليل السلوك التطبيقي يستخدم الأخصائي المثير التمييزي لمساعدة الأفراد على القيام بسلوك معين، ثم يقوم الأخصائي بتعزيز الأفراد إذا قاموا بتأدية السلوك بالشكل الصحيح، بمرور الوقت يرتبط المثيير التمييزي بالسلوك ويقومون الأفراد بتأدية السلوك دون الحاجة إلى المساعدة.

أمثلة على المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي:

فيما يلي بعض الأمثلة حول كيفية استخدام المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي:

  1. تدريب الفرد على طلب وجبة خفيفة: المثير التمييزي هو الوجبة الخفيفة في الغرفة، عندما تكون الوجبة الخفيفة موجودة في الغرفة من الممكن أن يطلبها الفرد، إذا لم تكن الوجبة الخفيفة موجودة فمن الممكن لا يطلبها.
  2. تدريب الفرد على اتباع التعليمات: المثير التمييزي هو قول الأخصائي “إلمس أنفك”، عندما يقول الأخصائي  “إلمس أنفك” فمن الممكن أن يلمس الفرد أنفه، إذا لم يقل الأخصائي أي شيء فلن يقوم الفرد بتأدية سلوك لمس الأنف.
  3. تدريب الفرد على استخدام المرحاض: المثير التمييزي هو وجود المرحاض في الحمام، عندما يكون الفرد في الحمام فمن الممكن أن يستخدم المرحاض وإذا لم يكن في الحمام فلن يستخدم المرحاض.

أهمية استخدام المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي مع الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد:

يعد المثير التمييزي أداة فعالة في تدخل تحليل السلوك التطبيقي والذي يساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على تطوير مهاراتهم وسلوكياتهم وبناء عادات إيجابية جديدة، من خلال استخدام المثير التمييزي يمكن لـ أخصائيين تحليل السلوك التطبيقي خلق بيئة تشعر الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد بالأمان والدعم والفهم.

إن المثير التمييزي مهم بشكل خاص للأفراد ذوي باضطراب طيف التوحد لأنهم غالبًا يواجهون صعوبة في فهم الإشارات والتوقعات الاجتماعية، قد يجدون الأفراد صعوبة في فهم العالم من حولهم بدقة أو الاستجابة بشكل مناسب في المواقف المختلفة، يقدم المثير التمييزي الرؤية الواضحة التي يمكن أن تساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على فهم ما هو متوقع منهم بشكل أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي يسمح للأخصائيين تقديم توجيه فوري عندما يقومون الأفراد بسلوك ما بشكل صحيح أو غير صحيح، تعمل هذه التوجيهات على تعزيز السلوكيات الإيجابية مع تصحيح السلوكيات الخاطئة.

بشكل عام، استخدام المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي أمرًا بالغ الأهمية لمساعدة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على تطوير مهاراتهم واكتساب سلوكيات جديدة بنجاح، فهو يخلق بيئة آمنة وداعمة تساعد الأفراد على التنبؤ والتطور والوصول إلى إمكاناتهم الكاملة.

كيفية تحديد واختيار المثير التمييزي الفعال في تدخل تحليل السلوك التطبيقي:

يعد تحديد واختيار المثير التمييزي الفعال أمرًا بالغ الأهمية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي، ويتطلب ذلك إلى ملاحظة دقيقة وجمع البيانات وتحليل سلوك الأفراد. 

الخطوة الأولى في تحديد المثير التمييزي الفعال هي القيام بإجراء التقييم الوظيفي للسلوك (FBA)، إن تقييم السلوك الوظيفي هو عملية تتضمن جمع البيانات حول سلوك الأفراد لتحديد وظيفة السلوك أو سببه، ومن خلال التقييم يمكن تحديد المثير التمييزي المتوقع.

بمجرد تحديد المثيرات التمييزية المناسبة من المهم تقييمها بشكل منظم لتحديد الأكثر فعالية.

يمكن القيام بذلك من خلال تقديم مثيرات مختلفة في بيئة خاضعة للملاحظة وتقييم استجابة الأفراد، يجب اختيار المثير الذي يثير السلوك المرغوب باستمرار كـ مثير تمييزي.

من الضروري اختيار المثيرات التمييزية التي تكون محددة وواضحة ويمكن تمييزها بسهولة عن المثيرات البيئية الأخرى، على سبيل المثال: عند القيام بتدريب الأفراد على طلب مشروب، فإن استخدام كلمة “مشروب” كـ مثير تمييزي سيكون أكثر فعالية من استخدام  عبارة عامة مثل “هل يمكنني الحصول على شيء ما”.

من المهم أيضًا ملاحظة أن الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد قد يستجيبون بشكل مختلف لـ أنواع مختلفة من المثيرات، قد يستجيب بعض الأفراد بشكل أفضل للمثيرات البصرية مثل الصور أو الرموز، بينما قد يستجيب بعض الأفراد بشكل أفضل للمثيرات السمعية مثل الأصوات أو الكلمات، لذلك من المهم أن نأخذ مستوى الأفراد في عين الاعتبار عند اختيار المثير التمييزي.

بإختصار، يعد تحديد واختيار المثير التمييزي الفعال أمرًا بالغ الأهمية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي، يمكن أن يساعد التقييم الوظيفي للسلوك (FBA) وتقييم المثيرات المحتملة بشكل منظم في تحديد المثير الأكثر فعالية لكل فرد.

إن اختيار مثير محدد وسهل التمييز ويتوافق مع مستوى الأفراد يمكن أن يزيد من فعالية تدخل تحليل السلوك التطبيقي ويؤدي إلى نتائج ناجحة.

تطبيق المثيير التمييزي:

إن المثير التمييزي يعد استراتيجية أساسية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي ولكن توجد مشاكل شائعة أثناء تطبيقه، فيما يلي بعض المشاكل الشائعة التي قد يواجهونها الأخصائيين عند تطبيق المثير التمييزي بالإضافة إلى الحلول المناسبة:

1. صعوبة تحديد المثير الفعال: قد يكون تحديد المثير التمييزي الصحيح أمرًا صعبًا، حيث قد يستجيب الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد للإشارات المختلفة بشكل مختلف

يمكن أن يساعد التقييم الوظيفي للسلوك وتقييم المثيرات المحتملة بشكل منظم في تحديد المثيرات الأكثر فعالية لكل فرد.

2. الإعتماد على المثير: من المهم التوقف عن تقديم المثير التمييزي لضمان قدرة الأفراد على أداء السلوك بشكل مستقل

يمكن تقليل تكرار تقديم المثير بشكل تدريجي بمرور الوقت سـ يساعد الأفراد على تعزيز أداء السلوك بشكل استقلالي.

3. التعزيز بشكل عشوائي: عند تعزيز السلوكيات بشكل عشوائي أو في الوقت الخطأ قد يؤدي إلى ارتباك وإحباط الأفراد 

 من المهم تعزيز السلوكيات فور حدوثها وأن يكون متسق في النوع وكميته المستخدمة.

4. عدم تعميم المهارات: قد يجدون الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد صعوبة في تعميم المهارات التي تم اكتسابها في بيئات مختلفة أو في مواقف أخرى

يمكن تعميم المهارات في البيئات الجديدة بشكل تدريجيًا مع الاستمرار في استخدام المثير التمييزي لتعزيز التعميم.

5. مقاومة أو تجنب بعض المثيرات: قد يكون لدى بعض الأفراد نفور أو حساسية معينة تجاه بعض المثيرات مما يجعل من الصعب استخدامها كـ مثيرات تمييزية

في هذه الحالة ، قد يكون من الضروري إيجاد مثيرات بديلة وقابلة للتطبيق ومقبولة أكثر لدى الأفراد.

من خلال إدراك هذه المشاكل المحتملة والقيام بالحلول المناسبة، يمكن للأخصائيين استخدام المثير التمييزي في تدخل تحليل السلوك التطبيقي بشكل فعال وتعزيز النتائج الإيجابية للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد.

بمجرد أن يكتسب الأفراد سلوكًا جديدًا من خلال المثير التمييزي، من المهم التوقف تدريجيًا من استخدام المثير لـ تعزيز الاستقلالية لدى الأفراد، فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يستخدمونها أخصائيين تحليل السلوك التطبيقي للتوقف عن استخدام المثير التمييزي:

  1. تقليل التلقين بشكل تدريجي: يمكن للأخصائي أن يقلل تدريجيًا من شدة أو تكرار التلقين بمرور الوقت، على سبيل المثال: إذا تدرب الفرد على طلب اللعبة عندما تكون موجودة في الغرفة، يبدأ الأخصائي بتقديم تلقين لفظي مثل “ماذا تريد؟” ثم يتوقف منها تدريجيًا.
  2. تأخير تقديم التعزيز: تأخير تقديم التعزيز يمكن أن يساعد الأفراد على توقف اعتمادهم على المثير التمييزي، على سبيل المثال: إذا كان الفرد يتدرب على طلب وجبة خفيفة عندما يكون هناك فرد آخر موجود في الغرفة يمكن تقديم التعزيز في البداية بعد طلبه لها، وبعد إتقانه لطلب الوجبة الخفيفة يمكن تأخير تقديم التعزيز قليلاً (ثانيتين) لتعزيز الاستجابة بشكل مستقل.
  3. تقليل تقديم التعزيز: بمجرد أن يكتسب الأفراد مهارة عن طريق المثير التمييزي، يتم تقليل تقديم التعزيز وذلك يساعد في الحفاظ على دافعية الأفراد وتقليل اعتمادهم على الإشارات فبدلاً من تقديم التعزيز وتحفيزهم من خلال إشارة معينة على سبيل المثال: وجود وجبة خفيفة، يمكن تقليل تقديم التعزيز وتقديمها بشكل عشوائي.
  4. زيادة صعوبة الهدف: عند قيام الأفراد في تأدية السلوكيات في المواقف البسيطة مع وجود مثير تمييزي واضح، يمكن للأخصائي زيادة الصعوبة وتدريبهم على هدف أصعب من خلال تقديم مثير وضوحه أقل أو مثيرات مختلفة ومتنوعة.

من خلال استخدام استراتيجيات التلاشي بشكل مناسب ومنظم، يمكن لأخصائي تحليل السلوك التطبيقي مساعدة الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على تعميم المهارات التي تم اكتسابها من خلال المثير التمييزي في بيئات ومواقف أخرى وقد لا يكون المثير واضح وهذا يعزز الاستقلالية ويساعد الأفراد على تحقيق النجاح على المدى الطويل في حياتهم اليومية.

دور الوالدين ومقدمي الرعاية:

يتم تطبيق تدخل تحليل السلوك التطبيقي عادةً في العيادة ولكن من الضروري أن يشارك الوالدين ومقدمي الرعاية في عملية التدريب، يمكن أن تساعد هذه المشاركة في ضمان تعميم السلوكيات والمهارات المكتسبة في بيئة المنزل.

إحدى الطرق التي يمكن من خلالها تساعد على تطبيق المثير التمييزي في المنزل هو العمل مع الأخصائي الخاص بالأفراد لتحديد المثير الفعّال لسلوكيات معينة، يمكن للأخصائي مساعدة الوالدين حول اختيار المثيرات الواضحة والمحددة والتي يمكن تمييزها بسهولة عن المثيرات البيئية الأخرى.

بمجرد تحديد المثير التمييزي الفعال، يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية دمجها في الروتين اليومي للأفراد في المنزل.

على سبيل المثال: عند تدريب الفرد على طلب وجبة خفيفة، فإن المثير التمييزي هو وجود الوجبة الخفيفة نفسها، فقد يحتفظ الوالدين بوعاء صغير من الوجبة الخفيفة على رف منخفض حيث يمكن للفرد رؤيته، وعندما يريد الوجبة يمكنه الإشارة إلى الوعاء كإشارة لطلبها.

من المهم أيضًا أن يعمل الوالدين ومقدمي الرعاية على تعزيز السلوكيات الإيجابية باستمرار عند استخدام المثير التمييزي في المنزل، وهذا يعني تقديم تعزيز فوري عندما يقوم الأفراد بأداء سلوك ما بشكل صحيح وأن يكون متسق في النوع وكميته المستخدمة.

بالإضافة إلى استخدام المثير التمييزي في المنزل يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية أيضًا العمل مع الأخصائي لتحديد فرص التعميم، فـ التدريب بطرق جديد أو أماكن جديدة تدريجيًا مع الاستمرار في استخدام المثير التمييزي يعزز استقلالية الأفراد.

من خلال استخدام المثير التمييزي في المنزل يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية المساعدة في تسهيل النتائج الناجحة للأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد، وضمان حصولهم على دعم مستمر في جميع البيئات، يؤدي ذلك إلى تقدم أكبر نحو تحقيق الأهداف طويلة المدى.

في الختام:

يعد المثير التمييزي استراتيجية أساسية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي فهو يساعد الأفراد ذوي اضطراب طيف التوحد على اكتساب سلوكيات ومهارات جديدة من خلال تقديم مثير واضح للقيام بما هو متوقع منهم في موقف معين.

من خلال فهم مصطلح المثير التمييزي وكيفية استخدامه في تدخل تحليل السلوك التطبيقي، يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية دعم أطفالهم ذوي اضطراب طيف التوحد بشكل أفضل.

المرجع: 

https://www.goldenstepsaba.com/resources/discriminative-stimulus