ترجمة : أ. عبدالله الأحمري
يمكن لعلماء النفس أن يلعبوا دورًا مهمًا في تشخيص اضطراب طيف التوحد ومساعدة الأشخاص على التعامل مع التحديات المصاحبة له وإدارتها.
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو اضطراب نمو عصبي معقد يؤثر على السلوك والتواصل والأداء الاجتماعي. ويمكن لعلماء النفس أن يلعبوا دورًا هامًا في تشخيص اضطراب طيف التوحد ومساعدة المشخّصين به على التعامل مع التحديات المرتبطة به وإدارتها.
كما يوحي مصطلح “طيف”، فإن أعراض اضطراب طيف التوحد تتواصل على شكل سلسلة متصلة. يتمكن بعض المشخّصين بهذا الاضطراب من النجاح في المدارس التقليدية، وشغل وظائف، وأداء مهام الحياة اليومية بمستويات متفاوتة من الدعم. بينما يعاني آخرون من إعاقات ذهنية كبيرة، ويحتاجون إلى دعم ومساعدة مكثفين طوال حياتهم.
على الرغم من أن اضطراب طيف التوحد اضطراب متنوع، إلا أنه يتميز عادةً بسلوكيات متكررة وصعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل.
تشمل بعض العلامات والأعراض الشائعة ما يلي:
- عدم القدرة على التحدث أو الإشارة بشكل طبيعي في مرحلة الطفولة.
- عدم القدرة على التواصل البصري منذ الطفولة.
- عدم القدرة على الاستجابة عند مناداة الطفل باسمه.
- فقدان المهارات اللغوية أو الاجتماعية المكتسبة سابقًا، عادةً خلال السنة الثانية من العمر.
- استجابات غير عادية للمدخلات الحسية.
- حركات غير عادية مثل هزّ الذراعين أو تدويرهما أو رفرفتهما.
- صعوبة في اللعب مع الأقران أو التفاعل معهم.
- صعوبة في التحدث عن المشاعر.
- صعوبة في فهم نبرة الصوت ولغة الجسد والإيماءات.
- اهتمام مفرط بموضوع معين.
- صعوبة في الخروج عن الروتين.
تشخيص اضطراب طيف التوحد
على الرغم من إمكانية تشخيص اضطراب طيف التوحد مبكرًا من عمر 15 إلى 18 شهرًا، إلا أن متوسط عمر التشخيص يبلغ حوالي 4.5 سنوات، ولا يُشخَّص بعض الأشخاص إلا بعد بلوغهم سن الرشد. وهذا أمر مؤسف، إذ يُعد التشخيص السريع أمرًا بالغ الأهمية للتدخل المبكر. وقد أظهرت الأبحاث أن التدخل المبكر المكثف يُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في نتائج علاج الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد. إذا كنت تشك في ظهور علامات الاضطراب على طفلك، فلا تؤجل إجراء الاختبار.
اضطراب طيف التوحد هو اضطراب في النمو العصبي، ويُعتقد أن له مكونًا وراثيًا قويًا. ومع ذلك، لا يُمكن حاليًا استخدام الاختبارات الطبية، مثل فحوصات الدم أو فحوصات الدماغ، لتشخيص اضطراب طيف التوحد. بدلًا من ذلك، يُشخِّص مُقدِّمو الرعاية الصحية الحالة بناءً على تاريخ المريض وسلوكياته.
يُمكن للعديد من الخبراء إجراء هذا التشخيص، بمن فيهم بعض علماء النفس وأطباء الأطفال وأطباء الأعصاب. وغالبًا ما يُشارك علماء النفس (بما في ذلك علماء النفس العصبي، المُتخصصون في العلاقة بين الدماغ والوظائف الإدراكية والسلوكية والعاطفية البشرية) في عملية التشخيص. من المهم أن يتمتع الخبير الذي يُجري التشخيص بخبرة واسعة في التعامل مع مجموعة واسعة من الأعراض المرتبطة باضطراب طيف التوحد.
لتشخيص اضطراب طيف التوحد، يعتمد علماء النفس على عدد من مصادر المعلومات:
- مقابلات مع المرضى
- ملاحظات سلوك المريض
- اختبارات القدرات المعرفية واللغوية
- فحوصات طبية لاستبعاد الحالات الأخرى
مقابلات مع أولياء الأمور أو المعلمين أو غيرهم من البالغين الذين يمكنهم الإجابة على أسئلة حول نمو المريض الاجتماعي والعاطفي والسلوكي.
العلاج والدعم
نظرًا لطبيعة هذا المرض المعقدة، يستفيد الأطفال المصابون باضطراب طيف التوحد من فرق علاجية متعددة التخصصات، تضم خبراء من مختلف المجالات. وتضم هذه الفرق عادةً أطباءً ومعلمين ومعالجي نطق ومعالجين مهنيين، بالإضافة إلى أخصائيين نفسيين.
طُوّرت العديد من التدخلات لعلاج الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد. من بين الأساليب الأكثر شيوعًا:
تحليل السلوك التطبيقي (ABA). وهو أسلوب يستخدم تقنيات تدريس قائمة على الأدلة لتعزيز السلوكيات المفيدة والحد من السلوكيات الضارة أو التي تعيق التعلم. وقد ثبت أن علاج ABA يُحسّن مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية والمهنية.
نموذج النمو القائم على العلاقات مع مراعاة الفروق الفردية (DIR). في نموذج DIR، المعروف أيضًا باسم العلاج بوقت اللعب، يتبع الآباء والمعالجين خطوات الطفل في اللعب معًا، مع توجيهه في الوقت نفسه للمشاركة في تفاعلات متزايدة التعقيد.
برنامج TEACCH للتوحد. يُعزز إطار عمل TEACCH المشاركة في الأنشطة، والمرونة، والاستقلالية، والكفاءة الذاتية من خلال استراتيجيات قائمة على نقاط القوة والصعوبات في التعلم لدى الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد.
من المهم أن يُقيّم طفلكم مُقدّم رعاية مُدرّب على تشخيص وعلاج اضطراب طيف التوحد، ليتمكن من التوصية بالتدخلات الأنسب. يُمكن إدارة هذه التدخلات من قِبل علماء النفس، بالإضافة إلى المُعلّمين ومُحلّلي السلوك المُعتمدين.
كما يلعب علماء النفس دورًا هامًا في مساعدة الأطفال من جميع الأعمار، وكذلك البالغين المشخّصين باضطراب طيف التوحد، على إدارة التحديات المُرتبطة بهذا الاضطراب.
استشارة طبيب نفسي بشأن اضطراب طيف التوحد
عند تشخيص اضطراب طيف التوحد أو مقابلة مريض به لأول مرة، يُجري أخصائيو علم النفس عادةً تقييمًا شاملًا. يُمثل هذا التقييم خارطة طريق تُحدد نقاط قوة المريض ومجالات الحاجة للمساعدة في توجيه العلاج.
يختلف كل شخص مصاب باضطراب طيف التوحد عن الآخر، ولديه مجموعة من نقاط القوة والتحديات. يمكن لعلماء النفس تقديم توصيات بناءً على الاحتياجات المعرفية والسلوكية والعاطفية والأكاديمية للفرد. يمكن لخطة العلاج هذه أن تُساعد معالجي تحليل السلوك التطبيقي والمعلمين وغيرهم على الاستفادة من نقاط قوة الفرد لمواجهة أي تحديات.
اضطراب طيف التوحد حالة تستمر مدى الحياة. مع نمو المرضى، يضع أخصائيو علم النفس خطط علاجية جديدة لمساعدة المرضى وعائلاتهم على النجاح في مراحل انتقالية رئيسية مثل بدء الدراسة، أو دخول مرحلة المراهقة، أو الانتقال إلى مرحلة البلوغ.
يمكن لعلماء النفس أيضًا المساعدة في مواجهة تحديات مُحددة يواجهها الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد وعائلاتهم. تشمل هذه الخدمات:
علاجات لمساعدة الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد على إدارة القلق أو اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب. غالبًا ما يشمل ذلك العلاج السلوكي المعرفي المُعدَّل، وهو أسلوب يساعد الأفراد على تغيير أفكارهم وسلوكياتهم السلبية.
علاجات للمساعدة في إدارة مشاكل النوم والتغذية التي غالبًا ما تتزامن مع اضطراب طيف التوحد.
مجموعات المهارات الاجتماعية لمساعدة المشخّصين باضطراب طيف التوحد على تحسين مهارات المحادثة والتواصل غير اللفظي واللعب.
العلاج النفسي الفردي لمساعدة البالغين المشخّصين باضطراب طيف التوحد على تحسين العلاقات الزوجية والأسرية، وتحسين المهارات الحياتية اللازمة للتوظيف.
للأشخاص الذين يعانون من إعاقات إدراكية أكثر حدة، تدخلات لتقليل العدوانية وإيذاء النفس وتحسين الامتثال.
قد لا يكون هدف العلاج النفسي علاج اضطراب طيف التوحد، بل مساعدة المشخّصين به على أداء وظائفهم على أكمل وجه ومواجهة التحديات.
المرجع:
Diagnosing and managing autism spectrum disorder
https://www.apa.org/topics/autism-spectrum-disorder/diagnosing





