ترجمة : أ. عبدالله الأحمري
يؤدي العلاج الوظيفي دورًا حيويًا في دعم الأفراد ذوي الإعاقة المشخّصين بالخرف للحفاظ على وظائفهم و استقلاليتهم وجودة حياتهم. تستعرض هذه المدونة أكثر التدخلات والاختبارات والاستراتيجيات المركزة على الفرد التي يستخدمها العلاج الوظيفي فعالية في المنزل والمجتمع ومرافق الرعاية السكنية.
يعد الخرف حالة تقدمية تؤثر على الذاكرة والإدراك والسلوك. ومع تطور الأعراض، تتغير أيضًا قدرة الفرد على أداء المهام اليومية، مما يؤثر غالبًا على استقلاليته وسلامته ورفاهيته. هنا يأتي دور أخصائي العلاج الوظيفي.
بدلاً من التركيز على المرض نفسه، يركز الأخصائيون على الفرد، ويساعدونه على القيام بالمزيد من الأمور التي تهمه أكثر، سواء كانت إعداد وجبة طعام، أو المشاركة في نشاط مفضل، أو التنقل داخل منزله بأمان.
في هذه المقالة، نستكشف كيف يمكن للعلاج الوظيفي أن يدعم الأفراد ذوي الإعاقة المشخّصين بالخرف وعائلاتهم من خلال استراتيجيات مخصصة، ومعدات عملية، وتعديلات على البيئة المحيطة، و مشاركة هادفة.
سواء كنتَ مقدّم رعاية، أو منسق دعم، أو متخصصًا في الرعاية الصحية، ستمنحك هذه المقالة فهمًا واضحًا لدور العلاج الوظيفي في رعاية الخرف، وكيفية الحصول على الدعم من خلال خدمات معينة أو أنظمة الدعم الوطنية.
ما هي تدخلات العلاج الوظيفي للأفراد ذوي الخرف؟
يستخدم أخصائيوا العلاج الوظيفي مجموعة واسعة من التدخلات والاستراتيجيات لدعم الوظائف والاستقلالية والرفاهية العاطفية للأفراد ذوي الإعاقة المشخّصين بالخرف.
يتم دائمًا تخصيص هذه الاستراتيجيات وفقًا لأهداف الفرد، وروتينه اليومي، وقدراته، ومرحلة تطور الحالة.
من التدخلات الشائعة في العلاج الوظيفي للخرف ما يلي:
- تبسيط المهام وتدرجها:
تكييف المهام لتتناسب مع القدرة الحالية للفرد، مثل تقسيم أنشطة العناية الشخصية أو الطهي إلى خطوات يمكن إدارتها. - التعديلات البيئية:
تركيب قضبان مساعدة، أو استخدام شرطات ملونة متباينة، أو ملصقات، أو تطبيق مبادئ التصميم الملائم للخرف لتقليل الارتباك والمخاطر. - مساعدات الذاكرة والدعم الإدراكي:
استخدام الإشارات البصرية، والتقاويم، وقوائم المراجعة، والتذكيرات الصوتية، وجداول الروتين لتقليل الاعتماد على الذاكرة قصيرة المدى. - المشاركة في أنشطة هادفة:
مساعدة الفرد على إعادة التواصل مع الهوايات المألوفة، مثل البستنة أو الأحاجي (البازل) أو طي الملابس، لدعم احترام الذات والمزاج. - التكنولوجيا المساعدة:
التوصية بأجهزة إنذار، أو إضاءة مستشعرة للحركة، أو أجهزة تذكير لدعم السلامة اليومية والاستقلالية. - الوقاية من السقوط ودعم التنقل:
تكييف ترتيب الأثاث، والإضاءة، والروتين لتقليل خطر السقوط. - تثقيف مقدم الرعاية وتدريبه:
تعليم أفراد الأسرة كيفية دعم أحبائهم بطريقة محترمة ومركزة على الفرد.
هذه الاستراتيجيات ليست ثابتة، بل تتطور مع تغير حالة الفرد. على سبيل المثال، قد تكون مساعدات الذاكرة محورية في المراحل المبكرة، بينما تصبح استراتيجيات الهدوء القائمة على الحواس أكثر بروزًا في المراحل المتأخرة.
تشير الأدلة إلى أن التدخل المبكر لأخصائي العلاج الوظيفي يمكن أن يؤخر دخول الفرد إلى مرافق الرعاية السكنية، ويقلل من الأعراض السلوكية، ويحسن جودة الحياة لكل من الفرد ذي الإعاقة المشخّص بالخرف ومقدمي الرعاية له.
ما المنهجية التي يتبعها العلاج الوظيفي؟
يقوم العلاج الوظيفي في رعاية الخرف على منهجية تركز على الفرد وتستند إلى نقاط قوته، حيث تُشكّل هوية الفرد، وتفضيلاته، وخبراته الحياتية الإطار لكل القرارات. لا ينظر أخصائيو العلاج الوظيفي إلى العملاء فقط من خلال تشخيص حالتهم، بل كأشخاص لهم تاريخ فريد، وروتين يومي، وأهداف شخصية.
هذا الأمر يصبح بالغ الأهمية في رعاية الخرف، حيث يمكن لأعراض مثل فقدان الذاكرة، والارتباك، والتغيرات السلوكية أن تؤثر على قدرة الفرد ذي الإعاقة على القيام بوظائفه اليومية والتفاعل مع محيطه.
الهدف من العلاج الوظيفي ليس “علاج” الحالة المرضية، بل تمكين الفرد من أن يحظى بحياة ذات جودة رغم وجودها.
المبادئ الأساسية لنهج العلاج الوظيفي:
- التمكين فوق الاعتماد
- البيئة كأداة علاجية
- التدخل القائم على الروتين
- الرعاية الحساسة للتواصل
- الاحترام للهوية والثقافة
تكييف العلاج وفق مراحل الخرف:
المرحلة المبكرة
مساعدات الذاكرة، تبسيط المهام، الحفاظ على أنشطة الحياة اليومية، والتخطيط للمستقبل
المرحلة المتوسطة
التكنولوجيا المساعدة، تعديلات المنزل، تدريب مقدم الرعاية، دعم التنقل الآمن
المرحلة المتأخرة
التهدئة الحسية، رعاية الراحة، دعم وضعيات الجسم، والعلاج الوظيفي في نهاية الحياة
هذا النهج المَرحلي يضمن تطور العلاج مع تغير احتياجات العميل، والحفاظ على التركيز على الكرامة والسلامة والمشاركة.
لماذا هذا النهج مهم:
يساعد هذا النموذج العلاجي على تقليل احتمالية ظهور السلوكيات المثيرة للقلق مثل العدوانية، أو الهياج، أو الانسحاب، لأن الفرد ذا الإعاقة يشعر بأنه مفهوم، ومسموع، ومدعوم في بيئة يمكن التنبؤ بها. كما يمنع هذا النهج “الإعاقة الزائدة”، وهي الحالة التي تسبب فيها البيئة أو المهمة صعوبة كبيرة تؤدي إلى فقدان غير ضروري للوظائف.
ما هو تقييم أخصائي العلاج الوظيفي للخرف؟
يبدأ أخصائيوا العلاج الوظيفي كل تدخل بتقييم شامل ومرتكز على الشخص. في رعاية الخرف، يضمن هذا أن التوصيات ليست مناسبة سريريًا فحسب، بل متوافقة أيضًا مع قيم الفرد ذي الإعاقة، وروتينه اليومي، ومرحلة تطور الحالة.
بدلاً من تقييم الحالة وحدها، يستكشف أخصائيو العلاج الوظيفي الأثر الوظيفي للخرف، وما يزال الفرد ذو الإعاقة قادرًا على فعله، وما المعوقات التي يواجهها، وكيف تؤثر بيئته ودعمه على حياته اليومية.
مجالات التقييم الشائعة في رعاية الخرف:
- أنشطة الحياة اليومية الأساسية (ADLs)
مثل تناول الطعام، ارتداء الملابس، والنظافة الشخصية - أنشطة الحياة اليومية الآلية (IADLs)
مثل إدارة الأدوية، التسوق، وإدارة الشؤون المالية - القدرات الإدراكية والوظائف التنفيذية
تشمل الذاكرة، الانتباه، التخطيط، وحل المشكلات - السلامة المنزلية والبيئية
تقييم المخاطر المحتملة في بيئة المعيشة - المعالجة الحسية
استجابة الفرد للمؤثرات الحسية المختلفة - قدرة مقدم الرعاية ومستوى الضغط
تقييم قدرات مقدم الرعاية ومستوى الإجهاد الذي يتعرض له - الأهداف والتفضيلات الشخصية
فهم تطلعات الفرد ورغباته الشخصية
بعد الانتهاء من التقييم، يقدم أخصائي العلاج الوظيفي تقريراً مفصلاً مع التوصيات المناسبة، ويضع خطة علاجية شاملة قد تشمل:
• جلسات علاجية منزلية
• برامج تثقيفية لمقدمي الرعاية
• تجريب المعدات المساعدة والتكنولوجيا الداعمة
يتم عادةً إعادة التقييم بشكل دوري خلال مراجعة الخطط العلاجية أو عند ملاحظة تطور في الأعراض.
ما هو نهجك في التعامل مع العملاء المصابين بالخرف؟
تبدأ كل علاقة بين أخصائي العلاج الوظيفي والعميل في رعاية الخرف التعاطف والاحترام والفهم العميق لحياة هذا الفرد.
يسعى الأخصائيون لفهم:
- هوية الفرد قبل التشخيص
- الأمور التي كانت مهمة في حياته
- المصادر التي تمنحه الراحة
- الطرق المناسبة لدعم هويته الشخصية
يتمحور النهج حول بناء الثقة والتكيف مع الاحتياجات المتغيرة مع الحفاظ على كرامة الفرد في كل مرحلة من مراحل الرحلة.
استراتيجيات العلاج الوظيفي في الرعاية المركزة على العميل لمرضى الخرف:
- بناء العلاقة من خلال الأنشطة والأفراد المألوفين
- تجنب زيادة الحمل المعلوماتي، تقديم خطوة واحدة في كل مرة
- استخدام الإشارات غير اللفظية والإيماءات لمساعدة التواصل
- تعزيز الاستقلالية من خلال الخيارات البسيطة والمشاركة
- التحقق من المشاعر وتوجيهها بدلاً من التصحيح
- دعم مقدمي الرعاية من خلال الروتين الواقعي والتدريب الواضح
مثال تطبيقي من الحياة الواقعية:
جورج، وهو رجل يبلغ من العمر 78 عاماً وكان يعمل في السابق في مجال تنسيق الحدائق، ويعاني من خرف بمستوى متوسط، كان يتجول بشكل متكرر بحثاً عن “أدواته”.
قام أخصائي العلاج الوظيفي بالعمل مع عائلته لإنشاء منطقة خارجية آمنة مزودة بأسرة زراعية مرتفعة وأدوات آمنة وخفيفة الوزن.
تم إدخال روتين “الزراعة الصباحية” الذي ساعد على:
• استعادة ثقته بنفسه
• تقليل سلوك التجوال
• إضفاء البهجة على حياته اليومية
هذا هو جوهر الرعاية الفعالة للخرف: تكييف المهمة والبيئة والتوقعات لدعم الفرد ذي الإعاقة، وليس مجرد التعامل مع التشخيص.
أسئلة شائعة (FAQs)
كيف يمكن لأخصائي العلاج الوظيفي مساعدة فرد مشخّص بالخرف على البقاء في المنزل لفترة أطول؟
من خلال تقييم البيئة والروتين اليومي، واقتراح تعديلات السلامة، ودعم الوظائف اليومية باستخدام استراتيجيات عملية.
هل يغطي التأمين الوطني للإعاقة (NDIS) جلسات العلاج الوظيفي للخرف؟
يتوفر تمويل NDIS للأفراد الذين تم تشخيصهم بالخرف المبكر (تحت سن 65 في وقت التقديم).
هل يمكن للعلاج الوظيفي أن يقلل من ضغط مقدم الرعاية؟
نعم، من خلال تبسيط المهام، وتحسين الروتين اليومي، وتدريب مقدمي الرعاية على طرق الدعم الآمنة والمحترمة.
ما الأدوات التي يستخدمها أخصائيوا العلاج الوظيفي لدعم الذاكرة؟
التقاويم، وأجهزة التذكير، والجداول البصرية، والساعات الناطقة، والإشارات الملونة، و الروتينات المنظمة.
كم مرة يجب أن يزور أخصائي العلاج الوظيفي؟
يعتمد ذلك على أهداف العميل، ومستوى الخطورة، و مرحلة الخرف. قد تكون الزيارات أسبوعية خلال مراحل التدخل المكثف، أو كل 3-6 أشهر للمراجعات الدورية.
الخلاصة
يقدم العلاج الوظيفي الأمل والإطار العملي والدعم الملموس للأفراد ذوي الإعاقة المشخّصين بالخرف و لمقدمي الرعاية لهم.
بدءاً من الاستراتيجيات في المراحل المبكّرة وصولاً إلى رعاية الراحة والدعم في المراحل المتأخرة، يركز أخصائيو العلاج الوظيفي على الوظيفة والسلامة والكرامة، مما يساعد الأفراد ذوي الإعاقة على العيش باستقلالية لفترة أطول، ويدعم العائلات في كل خطوة على هذا الطريق.
المرجع :
Occupational Therapy Approaches to Dementia Care
https://www.physioinq.com.au/blog/occupational-therapy-approaches-to-dementia-care





