الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

7 أمثلة واقعية لتدخل تحليل السلوك التطبيقي

pexels kseniachernaya 8535210

 أمثلة واقعية لتدخل تحليل السلوك التطبيقي

ترجمة : أ. شروق السبيعي

في مجال تحليل السلوك التطبيقي (ABA) العديد من الاستراتيجيات القائمة على الأدلة تلعب دورًا لتدريب الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على كيفية التعامل مع العالم من حولهم، قد تتضمن بعض أهداف تدخل تحليل السلوك التطبيقي زيادة السلوكيات المرغوبة واكتساب المهارات الاجتماعية والسلوكية وتطوير السلوكيات المهمة اجتماعيًا والحد من السلوكيات غير مرغوب فيها، قد لا تكون الاستراتيجيات المحددة المستخدمة واضحة في أهميتها لتطوير مهارات الأطفال إلا أن تأثيرها يمكن أن يكون عميقًا في إكتساب مهارات جديدة.

في هذه المقالة، سنتناول سبعة أمثلة مختلفة لتدخل تحليل السلوك التطبيقي والأنشطة التي يمكن استخدامها أثناء إجراء تدخل تحليل السلوك التطبيقي و سنتعرف عن سبب تطوير مهارات الأطفال وتطوير فهمهم للعالم من حولهم من خلال استخدام هذه الممارسات، وبصفتك أحد الوالدين فإنك تلعب دورًا في نمو طفلك إن فهم بعض الفروق الدقيقة في تدخل تحليل السلوك التطبيقي يمكّنك من المشاركة بنشاط ويزودك بفهم أكثر لأهداف الأنشطة المختلفة لـ تدخل تحليل السلوك التطبيقي.

  1. اللعب في بيئة ثرية لغويًا

اللعب ليس مجرد متعة للأطفال بل ضروري لتعليمهم وهو أيضًا أحد أهم المكونات الأساسية لأي برنامج ناجح لتحليل السلوك التطبيقي يقدم للأطفال لأسباب عديدة مختلفة، يتيح اللعب للأطفال خلق تواصل إيجابي مع أخصائي تحليل السلوك التطبيقي وتجربة تدخل تحليل السلوك التطبيقي، والمتعة والراحة الناتجة من التفاعلات الممتعة تلعب دورًا محوريًا في تسهيل التعلم وخلق علاقة إيجابية بين الطفل وأخصائي تحليل السلوك التطبيقي، هذا ضروري تمامًا للتدخل الفعال وسيؤدي إلى بيئة تعلم إيجابية ونتائج أكثر إيجابية.

كما أن اللعب يخلق مساحة فعالة وجذابة حيث يمكن للأطفال تطوير مهاراتهم اللغوية والتواصلية بشكل طبيعي من خلال دمج البيئة باللغة مثل: سرد اللعب وتسمية الأشياء في البيئة الطبيعية وربط الأطفال الكلمات المنطوقة بمحيطهم، يمكنهم تعلم طرق جديدة للعب بالألعاب أو التعرف على اهتمامات جديدة، يمكن أن تساعد هذه النتائج في إحداث تغيير إيجابي في السلوك من خلال تدريب الأطفال على مفردات ومهارات حركية واهتمامات جديدة وطرق أفضل للتواصل مع الآخرين، يجب أن يكون اللعب عنصرًا أساسيًا في كل جلسة تدخل تحليل السلوك التطبيقي.

  1. لعب الأدوار أو التخيلي

ترتبط أنشطة لعب الأدوار والتخيلي ارتباطًا وثيقًا باللعب وهي مهمة في تدريب الأطفال ونموهم، غالبًا ما تكون هذه الأنشطة عبارة عن سيناريوهات مختلفة مع استخدام اللغة والأفعال ذات الصلة على سبيل المثال: قد يتظاهر أخصائي تحليل السلوك التطبيقي بأنه عميل بينما يتظاهر الطفل بأنه موظف، لا يعمل هذا التفاعل المؤثر على تعزيز مهاراتهم الاجتماعية فحسب، بل يتم تزويدهم أيضًا بمهارة التعامل مع المواقف المختلفة التي تحدث بشكل طبيعي.

يساعد استخدام لعب الأدوار والتخيلي على التعمق في المفاهيم وتفاعل الأطفال مع الأشياء الموجودة في البيئة، كما يتيح للأطفال ربط الأشياء التي يعرفونها بالتطبيقات العملية مثل: القدرة على تمييز المطرقة مقابل فهم كيفية استخدامها.

هذه الأنشطة تهيئ الأطفال في المواقف الواقعية، سواء كان الذهاب الى مواعد طبيب الأسنان أو مواقف أخرى في الحياة اليومية، إن المشاركة في الحوار التخيلي وسيناريوهات لعب الأدوار تسمح للأطفال باكتساب فهم أعمق للعالم وكيفية ارتباط الأفكار المختلفة مما يعزز مهارات الحياة الأساسية.

  1. أنشطة المطابقة

تُستخدم ألعاب المطابقة أيضًا في توجيه تعليم الأطفال ونموهم، وتقدم مجموعة من الفوائد القيمة، أولاً تشجع الأطفال على المسح البصري لمنطقة ما، وهي مهارة أساسية تضع الأساس لمهارات أساسية أخرى، إن تعليم الأطفال كيفية مطابقة العناصر أو الصور لا يعزز فقط قدرتهم على التركيز في العناصر المهمة في الأماكن المختلفة من خلال المسح فحسب بل يطور أيضًا التركيز والذاكرة قصيرة المدى.

تسهل أنشطة المطابقة إنشاء روابط بين العناصر والمفاهيم ذات الصلة، من خلال أنشطة المطابقة يتعلم الأطفال التعرف على الأنماط والعلاقات، مما يزيد من تعميق فهمهم للمفاهيم، على سبيل المثال: تعليم الأطفال مطابقة صور مختلفة للكلاب سيعطيهم فهمًا أعمق لكيفية اختلاف الكلاب عن القطط أو الحيوانات الأخرى.

هذه الأنشطة تعزز فهمهم للعالم من حولهم وتنمي قدرتهم على استخلاص روابط بنفس المعنى من خلال تشجيعهم على النظر وتحسين الذاكرة وتعزيز التركيز وتعزيز تكوين الروابط تعمل هذه الأنشطة على تزويد الأطفال بمجموعة واسعة من المهارات، مما يعزز نموهم الشامل.

  1. الصناديق الحسية  

يمكن أيضًا استخدام الصناديق الحسية في تدخل تحليل السلوك التطبيقي مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، يمكن أن تساعد هذه الصناديق الأطفال على تطوير القدرة على تحمل التجارب الحسية الجديدة، فهي تساعد الأطفال على التعرف على مواد ودرجات الحرارة وأحاسيس مختلفة في بيئة إيجابية، مما يشعرهم بالراحة والفضول.

الصناديق الحسية يمكن أن تحفز الأطفال على استكشاف مجموعة واسعة من الأشياء والمواد في بيئة الأطفال والتفاعل معها وإشراك حاسة اللمس والشم وأحيانًا التذوق للسماح لهم بتجربة تعليمية متعددة الحواس، يمكن أن يعزز قدرة الأطفال على معالجة المدخلات الحسية والاستجابة لها بشكل فعال.

يمكن لهذه الصناديق أيضًا أن تهيئ الأطفال لمواقف حسية قد يواجهونها في الحياة اليومية، مثل: الاتساخ أثناء اللعب في الهواء الطلق أو سكب شيء ما على أنفسهم عن طريق الخطأ، فإن التعرض لعناصر حسية مختلفة من خلال الصناديق الحسية يزود الأطفال بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه المواقف بثقة، وهي أداة قيمة في تعزيز التكامل الحسي ومساعدة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد على النجاح في بيئات حسية غنية متنوعة.

  1. حل الألغاز

قد يستخدم أخصائي تحليل السلوك التطبيقي أيضًا الألغاز مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، تعد الألغاز أدوات رائعة لصقل المهارات الحركية الدقيقة، أخذ قطع الألغاز وتحريكها ووضعها يمكن أن يساعد في تطوير المهارات الحركية الدقيقة، وأيضًا تساهم في تطوير مهارات التآزر البصري الحركي، إن محاولة تركيب القطع بناء على الأشكال والأنماط تعمل على زيادة قدرة الأطفال على تآزر الإدراك البصري مع الحركات وهي مهارة تمتد إلى ما هو أبعد من حل الألغاز إلى العديد من الأنشطة الحياتية الواقعية.

يمكن أيضًا استخدامها كوسيلة لتعليم الاطفال مفردات الجديدة، من خلال دمج الصور أو القوالب في الألغاز يمكن لأخصائي تحليل السلوك التطبيقي تعليم الأطفال على مجموعة واسعة من الكلمات والمفاهيم، عندما يحدد الأطفال قطع الألغاز ويضعونها يربطون هذه الصور بمفردات معينة تتطور لديهم المهارات اللغوية بطريقة جذابة.

بالإضافة إلى ذلك، تساعد الألغاز على تنمية مهارات حل المشكلات، إن تركيب قطع الألغاز يتضمن التفكير المنطقي والاستدلال المكاني والقدرة على تصور الصورة الأكبر من القطع الفردية، من خلال حل الألغاز يمكن للأطفال تعلم كيفية التعامل مع التحديات بشكل منتظم، بشكل عام يمكن لأخصائي تحليل السلوك التطبيقي أن يكمل الألغاز مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد فذلك يحفز على النمو الشامل وتنمية المهارات الإدراكية الهامة.

  1. الغناء 

يقدم الغناء العديد من الفوائد للأطفال أثناء جلسات تحليل السلوك التطبيقي، يساعد على تطوير السمع والمهارات اللفظية، يتعلم الأطفال الاستماع إلى الكلمات والأصوات في الأغاني وتقليدها، والقدرة على ظهور الأصوات بشكل صحيح، هذه القدرة تضع الأساس لتطوير مهارات التواصل اللفظي والنمو اللغوي.

كما تعمل الأغاني كأدوات عملية لتعليم الاستجابات التكميلية، وهي خطوة مهمة لبناء المهارات اللغوية أكثر تعقيدًا على سبيل المثال: عند غناء الأغاني والتوقف بعدها يمكن أن يساعد الطفل في ملء الفراغات (مثل: “عجلات الحافلة تتحرك …”) كما يمكن أن يساعد في تطوير مهارات أكثر صعوبة مثل الإجابة على الأسئلة، هذه التمارين تشجع الأطفال على إكمال الجمل والانخراط في تبادل الكلام مما يسهل نمو التواصل.

يمكن أن يقدم الغناء نهجًا جديدًا وجذابًا للتعلم، ويمكن استخدامه لتعليم مفاهيم مختلفة بطريقة أكثر جاذبية وإثارة للاهتمام على سبيل المثال: عند غناء الحروف الهجائية والنظر إليها يساعد في تعزيز التعرف على الحروف، من خلال الجمع بين المدخلات السمعية والإشارات البصرية، يعزز هذا النهج قدرة الطفل على تحديد وفهم الحروف والأصوات المقابلة لها.

  1. قراءة القصص

تعتبر قراءة القصص وسيلة فعالة لأخصائي تحليل السلوك التطبيقي لتدريب الأطفال على المهارات الاجتماعية المختلفة والمشاعر والتفاعلات اليومية الشائعة، عند سرد القصص يتعرف الأطفال على شخصيات ومواقف متنوعة، مما يعلمهم كيفية التعامل مع السلوكيات الاجتماعية المعقدة المختلفة، يمكنهم التعرف على المشاعر وفهم الإشارات الاجتماعية وإدراك هيكل التفاعلات اليومية، مما يعزز الوعي الاجتماعي.

إن القصص يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة لدى الأطفال للتفاعل، مع تفاعلهم مع الشخصيات والقصص يمكنهم استكشاف طرق مختلفة للتواصل والاستجابة لمواقف مختلفة، مثل: زيارة الطبيب وما يجب عليهم فعله إذا شعروا بالغضب، ويمكن أن تساعد الأنواع المختلفة من القصص الاجتماعية في فتح الأبواب للتفاعل الاجتماعي أكثر تنوعًا وتكيفًا.

ويمكن استخدامها لتعليم الأطفال السلوكيات الإيجابية وتحديد المشاكل السلوكية، غالبًا ما تتضمن القصص شخصيات تتخذ قرارات وتواجه نتائج هذه القرارات مما يعلم الأطفال كيفية تعلم مفهوم السبب والنتيجة. يمكن لأخصائي تحليل السلوك التطبيقي الاستفادة من هذه القصص لتعليم السلوكيات المرغوبة ونتائجها الإيجابية، بالإضافة إلى نتائج المشاكل السلوكية، هذه الطريقة يمكن أن تساعد الأطفال على استيعاب هذه الدروس بطريقة يمكن ربطها بالواقع ولا تُنسى.

كما تساعد قراءة القصص في تطوير مهارة الانتباه المشترك، وهي مهارة بالغة الأهمية تعمل على تهيئة الأطفال في الفصول الدراسية وغيرها من السياقات الاجتماعية، فمع اندماج الأطفال في قراءة القصص المشتركة، يتعلمون التركيز على نفس الأحداث التي يركز عليها الأخصائيين أو أقرانهم، وتعزز مهارة الانتباه المشترك التواصل والتعاون والمشاركة، وهو ما يقدم أساسًا متينًا للتفاعلات الناجحة في البيئات الجماعية.

ما هو النشاط المناسب لكل طفل؟

أفضل جزء في تدخل تحليل السلوك التطبيقي هو التركيز على التدخل الفردي، كل طفل لديه تفضيلات ومهارات ونقاط قوة ونقاط ضعف واهتمامات وشخصية فريدة، يقوم أخصائي تحليل السلوك التطبيقي بأخذ هذه الجوانب الشخصية في الاعتبار أثناء وضع خطة التدخل، إن الأخصائيين المعتمدين من المجلس يتعاونون مع الآباء بشكل وثيق لتحديد الأهداف المهمة لأطفالهم، يمكن تغيير الأنشطة التي تم تحديدها سابقًا أو تبسيطها لتتماشى مع قدرات واحتياجات الأطفال الحالية.

قد يستجيب بعض الأطفال بشكل جيد للقصص الاجتماعية، في حين البعض يستجيبون من خلال الموسيقى أو الأغاني، بالنسبة للبعض قد ينصب التركيز على إتقان مهارة المطابقة الأساسية، بينما قد يعمل آخرون على مطابقة الكلمات المكتوبة بالصور المقابلة، وبغض النظر عن الطريقة المحددة، يظل الهدف العام ثابتًا وهو ضمان استمتاع الأطفال عند التعلم في بيئة ثرية وداعمة.

أمثلة على نجاح تدخل تحليل السلوك التطبيقي

من خلال خبرتي في العمل مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، حظيت بشرف مشاهدة التغييرات الملحوظة من خلال استخدام هذه الأنشطة المتنوعة والعديد من الأنشطة الأخرى التي لم يتم ذكرها، لم تعمل هذه التدخلات فقط على تطوير حياة عدد لا يحصى من الأطفال بل شعروا الآباء بالأمل والراحة.

لقد عملت مع أطفال غير ناطقين حصلوا على تدخل تحليل السلوك التطبيقي وبعد هذا التدخل خرجوا وهم يعبرون عن أنفسهم بثقة باستخدام جمل كاملة، إن مشاهدة مثل هذا النمو ليس فقط مفيد للغاية بل إنه أيضًا شهادة على فعالية تدخل تحليل السلوك التطبيقي في تطور اللغة.

لقد حظيت بشرف مساعدة الأطفال على التواصل الذين اعتادوا على الضرب الشديد على الرأس والعدوان تجاه الآخرين، ومن خلال التدخلات الصبورة والمستهدفة، تم تدريبهم على كيفية طلب احتياجاتهم ورغباتهم بشكل فعال، مما أدى إلى تقليل هذه السلوكيات الخطيرة بشكل كبير، إن التطورات لا تقل عن كونها مذهلة. إن قوة تدخل تحليل السلوك التطبيقي لا تصدق في تحسين جودة الحياة لكل من الطفل وأسرته.

هذا عدد قليل من قصص النجاح الكثيرة التي كنت محظوظًا بمشاهدتها طوال مسيرتي المهنية، إن رحلة كل طفل مختلفة من نوعها، وتطورهم هو شهادة على تفاني وخبرة أخصائيين تحليل السلوك التطبيقي الذين عملوا معهم، يمكن للآباء استخدام هذه الأنشطة وغيرها من الأنشطة العديدة في المنزل لمواصلة تطوير التعلم طوال اليوم.

المرجع: 

https://blueabatherapy.com/aba/aba-therapy-examples