لماذا يتم التأخر في تشخيص اضطراب طيف التوحد؟
ترجمة: أ. شروق السبيعي
وكيف يمكن لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ومشاكل المعالجة الحسية أن تمنع التدخل المبكر؟
بالنسبة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، فإن التدريب المبكر على المهارات الاجتماعية ويفضل قبل سن المدرسة يمكن أن يكون له تأثير كبير على تطورهم في المستقبل، لكن الكثير من الأطفال يفتقدون هذا التدخل المهم.
بالنسبة للعديد من الأطفال ليس لأنهم لا يتم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد بل لأنهم أولًا يتم تشخيصهم بتشخيص مختلف، وغالبًا يقومون الأطباء بتشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه للأطفال في عمر الثانية أو الثالثة، أو يُقال للآباء إن أطفالهم لديهم اضطراب في المعالجة الحسية، ثم لا يتم اكتشاف اضطراب طيف التوحد إلا مع زيادة متطلبات المدرسة والمواقف الاجتماعية، إحدى الأمهات التي نعرفها تم تشخيص طفلها بكلا الاضطرابين – المعالجة الحسية في عمر الثانية واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في عمر الرابعة- قبل تشخيصه باضطراب طيف التوحد قبل بلوغه عمره الخامس بقليل.
إن هذه التشخيصات الأولية ليست بالضرورة غير دقيقة أثناء قيامهم بها، وتشير التقديرات إلى أن 30 إلى 40 في المائة من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد يتم تشخيصهم باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، كما أن اضطراب المعالجة الحسية شائع جدًا بين الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، وتعتبر من أعراض اضطراب طيف التوحد، ولكنها قد تؤخر تشخيص اضطراب طيف التوحد إذا توقفوا الأطباء والآباء عند هذا الحد، وبينما يتلقى هؤلاء الأطفال علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو اضطراب المعالجة الحسية، فإنهم يفتقدون العلاج الذي يمكن أن يكون له تأثير أكثر أهمية على حياتهم.
يقول الدكتور ويندي ناش، طبيب نفسي للأطفال والمراهقين، والذي عالج العديد من الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، “إن البدء بتقديم الخدمات في وقت مبكر أمر مهم للغاية ولا ينبغي السماح لعدم وجود تشخيص مؤكد بالوقوف في طريق التدخل”.
رؤية ما وراء التشخيص السريع
يقول أمير ميودونيك، طبيب نمو أطفال في مستشفى بوسطن للأطفال: “هناك ميل لتشخيص المريض، بسبب وجود عدد من الأعراض التي تتناسب مع هذا التشخيص، يمكن للأطباء تطوير التركيز الشديد حيث قد يتم تجاهل بعض الأدوات الأخرى”.
الدكتور ميودونيك هو الباحث الرئيسي في دراسة أجريت على الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، ونشرت في مجلة طب الأطفال، والتي ربطت التشخيص الأولي لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بتأخير لمدة ثلاث سنوات في الإجمال عن تشخيص اضطراب طيف التوحد، كانوا الأطفال الذين تم تشخيصهم لأول مرة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أكثر عرضة بنحو 30 مرة لتلقي تشخيص اضطراب طيف التوحد بعد سن السادسة من أولئك الأطفال الذين كان اضطراب طيف التوحد هو تشخيصهم الأول.
وقد أكدت الدراسة تجربة الدكتور ميودونيك السريرية، ويقول: “نرى عددًا لا بأس به من الأطفال الذين نقوم بـ تشخيصهم باضطراب طيف التوحد في عمر كبير، والذين تم تشخيصهم سابقًا باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه .
وتشعر كاثرين لورد، الباحثة الناشطة في مجال اضطراب طيف التوحد، والتي تعمل الآن أستاذة وباحثة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، بقلق مشابه من أن التركيز المبكر على المشاكل الحسية، على الرغم من أنه قد يساعد الأطفال إلى حد ما، إلا أنه قد يؤخر تشخيص اضطراب طيف التوحد، وتقول: “نرى أطفالًا يتم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد، ولسنوات كانوا يذهبون إلى علاج النطق والتخاطب والعلاج الوظيفي للمشاكل الحسية، بينما كان ينبغي أن يكون لديهم أخصائيين يعملون معهم على المهارات الاجتماعية”.
لماذا يتم تجاهل اضطراب طيف التوحد في هذا التشخيص المبكر؟
هناك عدد من الأسباب التي تجعل عملية التشخيص الأولية لاضطراب طيف التوحد لا تؤدي إلى تشخيص اضطراب طيف التوحد، كما وضح الدكتور ناش، لتجنب التأخير يجب أن يكونون الآباء على دراية بهذه الأسباب.
- يميل كل من الأطباء والآباء إلى أفضل تشخيص، ويقول: ” في الواقع أن الأطباء يريدون مستوى معينًا من اليقين قبل تقديم تشخيص دائم للإعاقات المحتملة، لذا فإن الطريقة الأولى غالبًا ما يكون علاج ما يمكن علاجه ثم إعادة التشخيص، على سبيل المثال: دعونا نتعامل مع هذا باعتباره اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أولاً ونرى إلى أي مدى يرتبط ضعف التواصل البصري بتشتت الانتباه .
- يريد أطباء الأطفال إعطاء فرصة للنمو، ويقول الدكتور ناش إن هذا أمر منطقي مع الأطفال، لأنهم يتطورون بمعدلات مختلفة، لكن الأطباء يميلون إلى طمأنة الآباء الذين غالبًا ما يتم تجاهل ملاحظاتهم ومخاوفهم.
- لا يمكن تشخيص اضطراب طيف التوحد من خلال زيارة سريعة الى العيادة، ويشير الدكتور ناش إلى أن أحد الأسباب التي قد تجعل أطباء الأطفال لا يكتشفون اضطراب طيف التوحد هو أن التشخيص يستغرق وقتًا طويلاً، تستغرق أداة التقييم الموحدة المسماة بـ ADOS – جدول مراقبة تشخيص اضطراب طيف التوحد- 30 دقيقة ، ومن المفترض أن يقترن ذلك بمقابلة منظمة مع الآباء حول الأعراض الحالية والماضية، ويستغرق ذلك عدة ساعات.
- قد يشبه اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه المقترن باضطراب طيف التوحد باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه الشديد، ويوضح الدكتور ناش: “أسمع وصف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه الشديد كثيرًا، وفي تجربتي، يتبين غالبًا أنه اضطراب طيف التوحد، وإذا جمعت بين الأعراض ــ الاندفاعية وتشتت الانتباه ــ فقد يعلق هؤلاء الأطفال حقًا في حلقة مفرغة، ولا يستطيعون الخروج منها، وقد يكون هذا مزعجًا للغاية.
- اضطراب طيف التوحد هو اضطراب واسع النطاق من السلوكيات. قد لا يتعرف غير المتخصص على أعراضه لأنها أكثر تنوعًا ودقة مما يدرك، على سبيل المثال: قد يقول الطبيب إن الطفل كان لديه تواصل بصري أو كان يبتسم، لذلك لا يمكن أن يكون ضمن اضطراب طيف التوحد، لكن ما يميز اضطراب طيف التوحد، كما يلاحظ الدكتور ناش، هو كيفية استخدام هذا التواصل البصري في التفاعل الاجتماعي، “الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم نطاق ضيق من التأثير، ولكن في بعض الأحيان يكون التأثير ابتسامة مستمرة، وقد يحدق الطفل ويبتسم”، في نفس الوقت ما يلاحظونه الأطباء هو مجرد لحظة واحدة، وقد لا يرون السلوكيات التي تظهر عند الآباء في المنزل.
- غالبًا ما يتم اكتشاف المشاكل الحسية في الحضانة. يوجد لدى العديد في الحضانة أخصائيين علاج وظيفي على رأس العمل، وهم قادرون على العمل مع هؤلاء الأطفال، قد تتسبب المشاكل الحسية بالفعل في ضائقة للأطفال، لكنها غالبًا لا تكون الصورة الكاملة كما يلاحظ الدكتور ناش “عندما يصبح اضطراب المعالجة الحسية هو التركيز الأساسي أو الوحيد، يخسر الأطفال الكثير، ويفقدون وقتًا ثمينًا”.
يحث الدكتور ناش الآباء الذين لديهم أطفال صغار ويشكون في أنهم قد يكونو لديهم اضطراب طيف التوحد على التأكد من حصولهم على تشخيص كامل من قبل متخصص مدرب وذو خبرة في تشخيص اضطراب طيف التوحد، طبيب نفسي للأطفال أو طبيب أعصاب أو طبيب أطفال متخصص في النمو.
وإذا كنتم تشعرون بأن التشخيص لا يزال غير صحيح أو غير كاف لتفسير السلوك الذي تلاحظونه، فقد ترغبون في البحث عن رأي آخر، قد يغريكم قبول جهود الأصدقاء والعائلة وحتى الأطباء لتجنب التصنيف الذي قد يكون مخيفًا، لكن القيام بالانتظار والمراقبة ليست فكرة جيدة إذا كان اضطراب طيف التوحد احتمالًا.
ويحث الدكتور ناش الآباء على “تمكين أنفسهم، والدفاع عن حقوق أطفالهم”.
الأسئلة الشائعة
لماذا يكون تشخيص اضطراب طيف التوحد في كثير من الأحيان متأخرا؟
في كثير من الأحيان، لا يتم تشخيص الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد إلا بعد التحاقهم بالمدرسة، وفي بعض الأحيان يكون ذلك بسبب تشخيصهم باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو باضطراب المعالجة الحسية أولاً، وغالبًا ما تكون هذه التشخيصات الأخرى صحيحة، ولكن للحصول على العلاج المناسب يحتاجون الأطفال أيضًا إلى تشخيص اضطراب طيف التوحد.
لماذا يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للحصول على تشخيص اضطراب طيف التوحد؟
غالبًا ما يتردد الأطباء في تشخيص اضطراب طيف التوحد إذا كان من المحتمل أن يكون هناك تشخيص آخر، في بعض الأحيان يتم تشخيص الأطفال الذين لديهم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه واضطراب طيف التوحد على أنهم لديهم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه الشديد، ثم لا يدرك أحد أن هناك المزيد من التطور عندما يبدأون الأطفال في الذهاب إلى المدرسة وتصبح الجوانب الاجتماعية في اضطراب طيف التوحد أكثر وضوحًا.
ما الذي يتأخرون عليه الأطفال إذا تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد في وقت متأخر؟
عندما يتم تشخيص الأطفال متأخر باضطراب طيف التوحد، فإنهم يفتقدون التدخل المبكر الذي يساعد في تدريبهم على المهارات الاجتماعية.
المرجع:
https://childmind.org/article/why-autism-diagnoses-are-often-delayed/