الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

صعوبات التواصل اللفظي لدى المراهقين المشخصين باضطراب طيف التوحد واضطراب النمو

 

ترجمة أ. نوره الدوسري

مقدمة
يعاني بعض المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد أو اضطرابات النمو الأخرى من صعوبات في التواصل اللفظي، وهو ما يؤثر على حياتهم اليومية وعلاقاتهم الاجتماعية وأدائهم الدراسي. على الرغم من اهتمام الباحثين بتطور اللغة لدى الأطفال الصغار المشخّصين  باضطراب طيف التوحد، فإن المعلومات حول قدرات اللغة في مرحلة المراهقة محدودة. فهم العوامل المرتبطة بصعوبات التواصل اللفظي في هذه المرحلة يمكن أن يساعد الأسرة والمختصين في تقديم الدعم المناسب وتوجيه الخدمات بشكل أفضل.

تشير الدراسات إلى أن بعض خصائص الطفل في الطفولة المبكرة مثل القدرة على التعبير اللفظي ومهارات اللغة الأساسية وشدة أعراض طيف التوحد تؤثر على مستوى اللغة اللفظية في مراحل لاحقة. كما يمكن أن تلعب الخصائص العائلية والديموغرافية مثل تعليم الوالدين وعرقهم ودخل الأسرة دورًا في نتائج اللغة. ومع ذلك، هناك نقص في الدراسات التي تبحث في هذه العوامل في مرحلة المراهقة، ولا سيما عند مقارنة المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد مع أولئك المشخّصين  باضطرابات نمو أخرى.

أهداف الدراسة
هدفت هذه الدراسة إلى معرفة مدى شيوع صعوبات التواصل اللفظي لدى المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد واضطرابات النمو الأخرى، وتحديد العوامل المرتبطة بهذه الصعوبات. كما ركزت على معرفة تأثير الخصائص الفردية في الطفولة المبكرة والعوامل العائلية والديموغرافية على مستوى التواصل اللفظي في المراهقة.

طرق البحث
شارك في الدراسة 508 مراهقين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة، مع أمهاتهم كمقدمي الرعاية الأساسيين. تم تصنيف الأطفال عند سن 2–5 سنوات إما على أنهم مشخصين باضطراب طيف التوحد أو باضطرابات نمو أخرى. خلال مرحلة المراهقة، أبلغت الأمهات عن مستوى التواصل اللفظي لأطفالهن، وتم تصنيفهم إلى مجموعتين: مراهقون يعانون صعوبات في التواصل اللفظي ومراهقون يتواصلون لفظيًا بسهولة.

تم أيضًا جمع معلومات عن خصائص الطفل في الطفولة المبكرة، بما في ذلك مستوى اللغة التعبيرية والاستقبالية، وشدة أعراض اضطراب طيف التوحد، وكذلك بعض الخصائص العائلية مثل تعليم الأم وعرقها ونوع التأمين الصحي. استخدمت الدراسة أساليب إحصائية بسيطة لمقارنة المجموعتين ولتحديد العوامل المرتبطة بصعوبات التواصل اللفظي.

النتائج
أظهرت النتائج أن حوالي نصف المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد يعانون صعوبات في التواصل اللفظي، مقارنة بنسبة أقل بكثير بين المراهقين المشخّصين  باضطرابات نمو أخرى. وبشكل محدد، كانت نسبة المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد الذين يعانون صعوبات في التواصل اللفظي 47.4%، بينما كانت النسبة بين المشخّصين  باضطرابات نمو أخرى 14.6%.

أظهرت الدراسة أن بعض خصائص الأطفال في الطفولة المبكرة كانت مرتبطة بصعوبات التواصل اللفظي لاحقًا. على سبيل المثال، كان انخفاض مستوى اللغة التعبيرية في الطفولة المبكرة مرتبطًا بشكل كبير بزيادة احتمال مواجهة صعوبات في المراهقة. كما لوحظ أن الأعراض الانطوائية في مرحلة الطفولة المبكرة كانت مرتبطة بشكل طفيف بزيادة هذه الصعوبات، خصوصًا لدى الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

أما الخصائص العائلية والديموغرافية فقد أظهرت نتائج مهمة أيضًا. فالأمهات من العرق الأسود غير اللاتيني أكثر احتمالًا للإبلاغ عن صعوبات التواصل اللفظي لدى أطفالهن مقارنة بالأمهات البيض. كما كانت الأمهات اللاتي حصلن على بعض الدراسة الجامعية أكثر احتمالًا للإبلاغ عن صعوبات مقارنة بالأمهات الحاصلات على درجة متقدمة. في مجموعة الأطفال المشخّصين  باضطرابات نمو أخرى، كانت الإناث أكثر عرضة لصعوبات التواصل مقارنة بالذكور.

كما أظهرت التحليلات أن مستوى اللغة التعبيرية المبكر كان العامل الأقوى الذي تنبأ بصعوبات التواصل اللفظي في المراهقة، وأن بعض العوامل العائلية مثل التعليم والعرق والتأمين الصحي لعبت دورًا إضافيًا في التنبؤ بهذه الصعوبات.

التأخر اللغوي في الطفولة المبكرة
كان نحو 43.5% من الأطفال المشاركين في الدراسة يعانون تأخرًا في اللغة لا يقل عن 12 شهرًا خلال الطفولة المبكرة، وقد استمرت صعوبات التواصل اللفظي لدى نصف هؤلاء الأطفال حتى المراهقة. هذا يشير إلى أن التأخر المبكر في اللغة يمكن أن يكون مؤشرًا قويًا لمشاكل التواصل لاحقًا.

مناقشة
تشير نتائج الدراسة إلى أن صعوبات التواصل اللفظي شائعة بين المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد، وأن هذه الصعوبات تظهر بشكل أقل بين المراهقين المشخّصين  باضطرابات نمو أخرى. كما تبين أن خصائص الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل مستوى اللغة التعبيرية والأعراض الانطوائية، تلعب دورًا مهمًا في التنبؤ بهذه الصعوبات.

تلعب الخصائص العائلية والديموغرافية أيضًا دورًا مهمًا، فقد ارتبط التعليم والعرق والتأمين الصحي بنتائج التواصل اللفظي. هذا يشير إلى أهمية مراعاة السياق العائلي عند تقييم احتياجات المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد أو اضطرابات النمو الأخرى، وتوجيه الموارد والخدمات لهم بشكل أفضل.

تظهر الدراسة أن التدخل المبكر في مجال اللغة التعبيرية قد يساعد في تقليل الصعوبات اللفظية لاحقًا، وأن تحديد الأطفال الأكثر عرضة لهذه الصعوبات يمكن أن يسهم في تقديم الدعم المستهدف لهم. كما أن معرفة الخصائص العائلية المرتبطة بصعوبات التواصل تساعد الأخصائيين في تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع هذه الحالات، سواء في المدارس أو في مراكز التأهيل أو في المنزل.

خاتمة
تشير الدراسة إلى أن صعوبات التواصل اللفظي شائعة بين المراهقين المشخّصين  باضطراب طيف التوحد، وهي أعلى بكثير مقارنة بالمراهقين المشخّصين  باضطرابات نمو أخرى. العوامل المرتبطة بهذه الصعوبات تشمل الخصائص الفردية في الطفولة المبكرة مثل مستوى اللغة التعبيرية والأعراض الانطوائية، بالإضافة إلى الخصائص العائلية والديموغرافية مثل تعليم الأم وعرقها ونوع التأمين الصحي.

يمكن استخدام هذه النتائج لتحديد المراهقين الأكثر عرضة لمشاكل التواصل اللفظي، ولتقديم الدعم والخدمات المستهدفة لهم بشكل فعال، مما يسهم في تحسين مهارات التواصل والاندماج الاجتماعي والأداء التعليمي لهؤلاء المراهقين.

 

المرجع :

Child and family characteristics associated with verbal communication difficulties in adolescents with autism and other developmental disabilities: 

https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC11881030/#S27