ترجمة: أ. عبدالله الأحمري
يُساعد العلاج الوظيفي (OT) الأشخاص على أداء المهام اليومية المهمة بالنسبة لهم. فهو يدعم الأشخاص الذين قد يواجهون تحديات جسدية أو نفسية أو عاطفية. يمكن أن يُساعدهم العلاج الوظيفي على العيش بشكل أكثر استقلالية وثقة.
يركز العلاج الوظيفي أيضاً على الصحة النفسية. فهو يُعلّم المهارات ويوفر الأدوات التي تجعل الأشخاص يشعرون بمزيد من التحكم وبضغط أقل. من خلال تعلّم طرق جديدة لإدارة الحياة اليومية، يمكن للأشخاص الشعور بسعادة أكبر وارتباط أقوى بالآخرين. يُساعد العلاج الوظيفي في تحسين الصحة النفسية العامة، مما يمكّن الأشخاص من التمتع بجودة حياة أفضل.
ما هو العلاج الوظيفي في الصحة النفسية؟
العلاج الوظيفي (OT) هو نوع من الرعاية الصحية يُساعد الأشخاص على القيام بالأنشطة التي يريدونها ويحتاجون إليها في حياتهم اليومية. يتبنى العلاج الوظيفي نهجاً شمولياً، أي أنه ينظر إلى الشخص ككل. وهذا يشمل احتياجاته الجسدية والعاطفية والاجتماعية. يُساعد العلاج الوظيفي الأشخاص على تطوير المهارات وإيجاد الحلول وتكييف بيئتهم لدعم رفاهيتهم. الهدف هو تحسين قدرتهم على المشاركة في الأنشطة اليومية وتعزيز جودة حياتهم.
في إطار الصحة النفسية، يركز العلاج الوظيفي على دعم الأشخاص الذين قد يواجهون تحديات تتعلق برفاههم النفسي.
يمكن أن يشمل ذلك مشكلات مثل القلق أو الاكتئاب أو التوتر. يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي مع الأشخاص لتحديد نقاط قوتهم ومجالات التحسين. ويساعدون العملاء على وضع أهداف شخصية، وتطوير استراتيجيات التأقلم، وتعلم مهارات جديدة يمكن أن تساعدهم في إدارة صحتهم النفسية. يمكن أن يشمل هذا الدعم أنشطة مثل الفن أو البستنة أو ممارسات اليقظة الذهنية التي تعزز الاسترخاء والمشاركة الاجتماعية.
المقصود بالبستنة : هي مجموعة الأنشطة المتعلقة بزراعة النباتات والعناية بها, مثل: زراعة الزهور أو الخضروات, سقي النباتات, تقليمها, وتنظيم الحدائق
يختلف العلاج الوظيفي في الصحة النفسية عن العلاج الوظيفي في إعادة التأهيل البدني.
بينما يركز إعادة التأهيل البدني على تحسين المهارات الجسدية والحركية، فإن العلاج الوظيفي في الصحة النفسية يؤكد على الرفاهية العاطفية والاجتماعية. في إطار الصحة النفسية، قد يستخدم الأخصائيون أنشطة إبداعية و تعبيرية لمساعدة الأشخاص على اكتشاف مشاعرهم والتعبير عن أنفسهم. يمكن أن يؤدي هذا إلى وعي ذاتي أكبر ونمو شخصي. ويكون التركيز على بناء المرونة وتحسين الأداء اليومي، مما يمكن أن يُساعد الأشخاص على الشعور بمزيد من التحكم في حياتهم.
الأهداف الأساسية للعلاج الوظيفي في الصحة النفسية
تعزيز الاستقلالية في الأنشطة اليومية
من الأهداف الرئيسية للعلاج الوظيفي في الصحة النفسية هو مساعدة الأشخاص على تحقيق مزيد من الاستقلالية. وهذا يعني دعم الأفراد في إكمال المهام اليومية، مثل الطبخ والتنظيف وإدارة الرعاية الشخصية. يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي مع العملاء لتحديد التحديات المحددة التي يواجهونها ووضع استراتيجيات للتغلب عليها. من خلال تحسين مهاراتهم، يمكن للعملاء اكتساب الثقة والشعور بمزيد من التحكم في حياتهم.
بناء وتحسين مهارات التأقلم
يساعد العلاج الوظيفي الأشخاص على بناء مهارات التأقلم لإدارة التوتر والمشاعر الصعبة. يُعلّم الأخصائيون العملاء استراتيجيات مختلفة، مثل التنفس العميق واليقظة الذهنية وحل المشكلات. تُساعد هذه المهارات الأشخاص على الاستجابة للتحديات بطرق أكثر صحة. من خلال تعلّم كيفية التعامل مع التوتر والقلق، يمكن للعملاء تحسين صحتهم النفسية والشعور بمرونة أكبر.
تعزيز الرفاهية الاجتماعية والعاطفية
الروابط الاجتماعية والصحة العاطفية مهمتان للجميع. يركز العلاج الوظيفي على مساعدة الأشخاص لتحسين مهاراتهم الاجتماعية وبناء العلاقات مع الآخرين. قد يشجع الأخصائيون الأشخاص على المشاركة في الأنشطة الجماعية أو البرامج المجتمعية، مما يمكن أن يساعد في تقليل مشاعر العزلة. من خلال تعزيز التفاعلات الاجتماعية والدعم العاطفي، يمكن للأشخاص الشعور بمزيد من الارتباط وتحسين رفاهيتهم العامة.
الحد من الأعراض عبر الروتين المنظم والمشاركة الفعالة
يمكن لإنشاء روتين يومي منظم أن يساعد في تقليل أعراض حالات الصحة النفسية. يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي مع الأشخاص لتصميم جداول زمنية تتضمن أنشطة يستمتعون بها ويحتاجون إلى القيام بها. يمكن للمشاركة في أنشطة هادفة أن تمنحهم شعوراً بالغاية والإنجاز. من خلال وجود روتين، يمكن للعملاء إدارة وقتهم بشكل أفضل وتقليل مشاعر القلق أو الإرهاق، مما يؤدي إلى تحسين صحتهم النفسية.
المجالات الرئيسية التي يعالجها أخصائيو العلاج الوظيفي في الصحة النفسية
مهارات الحياة اليومية
يساعد أخصائيو العلاج الوظيفي الأشخاص على تحسين مهارات حياتهم اليومية. ويشمل ذلك إدارة مهام الرعاية الذاتية مثل الاستحمام وارتداء الملابس والعناية بالمظهر. كما يركزون على التغذية من خلال تعليم الأشخاص كيفية تحضير وجبات صحية والحفاظ على نظام غذائي متوازن. ومن خلال تعزيز هذه المهارات، يمكن للأشخاص الاعتناء بأنفسهم بشكل أفضل والشعور بمزيد من الثقة في مسؤولياتهم الشخصية.
تطوير المهارات الاجتماعية
يعد بناء مهارات اجتماعية قوية أمراً أساسياً للحصول على علاقات صحية. يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي مع العملاء لتطوير مهارات اتصال فعالة، مثل الإنصات الفعال والتعبير عن المشاعر. كما يساعدون الأفراد على تعلم كيفية تكوين الصداقات والحفاظ عليها. ومن خلال تحسين المهارات الاجتماعية، يمكن للعملاء الشعور بمزيد من الارتباط بالآخرين، مما يقلل من مشاعر الوحدة والعزلة.
إدارة التوتر والقلق
يوفر أخصائيو العلاج الوظيفي استراتيجيات لمساعدة الأشخاص على إدارة التوتر والقلق. يعلمون الأشخاص كيفية تحديد المحفزات التي تؤدي إلى مشاعر طاغية. وقد يقدم المعالجون تقنيات استرخاء، مثل تمارين التنفس العميق وممارسات اليقظة الذهنية. ومن خلال تعلم هذه الاستراتيجيات، يمكن للعملاء التأقلم بشكل أفضل مع القلق وتقليل أعراضهم، مما يؤدي إلى تحسين صحتهم النفسية.
أنشطة العمل والترفيه
يعد إيجاد توازن بين أنشطة العمل والترفيه مهماً للرفاهية العامة. يساعد أخصائيو العلاج الوظيفي الأشخاص على تحديد الهوايات التي يستمتعون بها والسعي لممارستها، كما يدعمونهم في البحث عن وظيفة أو في المهام المتعلقة بالعمل. يمكن للمشاركة في أنشطة هادفة أن تعزز الشعور بالغاية والإنجاز. ومن خلال موازنة الإنتاجية مع الترفيه، يمكن للعملاء تعزيز جودة حياتهم وتحقيق شعور بالرضا في روتينهم اليومي.
الاستراتيجيات والتدخلات المستخدمة في العلاج الوظيفي للصحة النفسية
استراتيجيات اليقظة الذهنية والاسترخاء
تعد تقنيات اليقظة الذهنية والاسترخاء أدوات مهمة في العلاج الوظيفي للصحة النفسية. وتشمل هذه التقنيات التأمل الموجه وتمارين التنفس. يساعد التأمل الموجه الأشخاص على التركيز على اللحظة الحالية وتقليل التوتر. تعلم تمارين التنفس الأشخاص كيفية تهدئة عقولهم وأجسادهم. ومن خلال ممارسة هذه التقنيات، يمكن للأشخاص إدارة القلق وتحسين إحساسهم العام بالرفاهية.
استراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي
تُستخدم استراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي لمساعدة الأشخاص على تحديد أنماط التفكير غير المفيدة وتغييرها. يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي مع الأشخاص للتعرف على الأفكار السلبية التي قد تؤدي إلى مشاعر الحزن أو القلق. ومن خلال تحدي هذه الأفكار واستبدالها بأخرى أكثر إيجابية، يمكن للعملاء تغيير مشاعرهم وسلوكياتهم. ويمكن أن يساعدهم هذا على التأقلم بشكل أفضل مع التوتر وتحسين صحتهم النفسية.
العلاج القائم على النشاط
يتضمن العلاج القائم على النشاط المشاركة في أنشطة هادفة ذات معنى للفرد. يوجه أخصائيو العلاج الوظيفي الأشخاص لاختيار الأنشطة التي تهمهم، مثل الفن أو الموسيقى أو الرياضة. وتساعد هذه الأنشطة على بناء الثقة وتوفير شعور بالإنجاز. ومن خلال المشاركة في مهام ممتعة، يمكن للعملاء تحسين مزاجهم ودوافعهم مع تطوير مهارات حياتية مهمة.
التعديل الحسي
يستخدم التعديل الحسي أنشطة حسية لمساعدة الأشخاص على تنظيم مشاعرهم. وقد يقدم أخصائيو العلاج الوظيفي للعملاء تجارب حسية مختلفة، مثل الأنشطة اللمسية (اللمس)، أو الروائح المهدئة، أو المحفزات البصرية. ومن خلال استكشاف هذه الأنشطة الحسية، يمكن للعملاء تعلم كيفية إدارة مشاعرهم وردود أفعالهم بشكل أفضل. ويمكن أن يكون هذا مفيداً بشكل خاص لمن يشعرون بالإرهاق أو القلق، حيث يعزز التوازن والاستقرار العاطفي.
فوائد العلاج الوظيفي للصحة النفسية
تحسين الأداء اليومي وجودة الحياة
يساعد العلاج الوظيفي الأفراد على تحسين أدائهم اليومي، مما يعني أنهم يستطيعون التعامل مع المهام اليومية بشكل أفضل. وهذا يمكن أن يشمل الرعاية الشخصية، والأعمال المنزلية، وإدارة الوقت بفعالية. ومع تطور مهارات الأفراد و استقلاليتهم، تتحسن جودة حياتهم بشكل عام. ويمكنهم المشاركة بشكل أكثر اكتمالاً في أنشطتهم اليومية، مما يؤدي إلى قدر أكبر من الرضا والإنجاز.
تعزيز الوعي الذاتي واحترام الذات
من خلال العلاج الوظيفي، يكتسب الأشخاص فهماً أفضل لأنفسهم، بما في ذلك نقاط قوتهم ومجالات نموهم. وهذا الوعي الذاتي يساعد العملاء على التعرف على قدراتهم وتحدياتهم. ومع تحقيقهم لأهدافهم و تعلمهم مهارات جديدة، ينمو تقديرهم لذاتهم. ويؤدي ارتفاع تقدير الذات إلى نظرة أكثر إيجابية للحياة وثقة أكبر في التعامل مع المواقف اليومية.
إدارة أفضل للتوتر والقلق والاكتئاب
يوفر العلاج الوظيفي الأدوات والاستراتيجيات لمساعدة الأشخاص على إدارة التوتر والقلق والاكتئاب. يتعلم العملاء استراتيجيات التأقلم التي تمكنهم من التعامل مع المشاعر الصعبة بفعالية أكبر. ومن خلال تطبيق ممارسات اليقظة الذهنية، وتقنيات الاسترخاء، واستراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي، يمكن للأشخاص تقليل أعراضهم وتحسين صحتهم النفسية. ويساعدهم هذا الدعم على الشعور بمزيد من التحكم في صحتهم النفسية.
زيادة الدافعية والمرونة
يعزز العلاج الوظيفي زيادة الدافعية والمرونة لدى الأشخاص. من خلال تحديد أهداف قابلة للتحقيق والمشاركة في أنشطة هادفة، يجد الأشخاص إحساساً بالغاية في حياتهم اليومية. ومع تخطي التحديات وتجربة النجاح، يبنون مرونة تساعدهم على النهوض بعد النكسات. وهذه الدافعية المكتشفة حديثاً تشجع الأشخاص على مواصلة السعي نحو أهدافهم، مما يؤدي إلى نمو شخصي مستمر وتحسين الصحة النفسية.
المرجع:
The Role of Occupational Therapy in Mental Health
https://www.scopeaust.org.au/news/role-of-occupational-therapy-in-mental-health





