
الفرق بين اضطراب طيف التوحد والانطوائية
ترجمة: أ. شروق السبيعي
من السهل الخلط بين اضطراب طيف التوحد والانطوائية، حيث يؤثر كلاهما على طريقة تفاعل الأفراد مع العالم. كثيرًا ما يتساءل الآباء ومقدمو الرعاية عن النقاط التي يحدث فيها التداخل. دعونا نوضح هذه الأمور بشكل نهائي ونقدم بعض الإرشادات العملية لضمان تلبية احتياجات الجميع.
ما هي الانطوائية؟
الانطوائية هي سمة شخصية يميل فيها الأفراد إلى تفضيل قضاء الوقت بمفردهم، ولا يسعون إلى التفاعل الاجتماعي بشكل كبير. عادةً ما يشعر الأفراد الانطوائيين بالراحة والتجدد بعد قضاء وقت في العزلة أو في بيئات هادئة. يفضلون الانغماس في أفكارهم ومشاعرهم الخاصة، وقد يجدون التجمعات الاجتماعية الكبيرة مرهقة. من السلوكيات الشائعة لدى الأفراد الانطوائيين ما يلي:
- القيام بالأشياء بمفردهم، مثل القراءة أو الكتابة.
- يفضلون مجموعة صغيرة ومقربة من الأصدقاء على المجموعات الكبيرة.
- إنهم يحتاجون إلى البقاء بمفردهم لاستعادة نشاطهم بعد التفاعل الاجتماعي.
- قد يظهرون وكأنهم أكثر خجلًا أو تحفظًا.
يُفضّل الأفراد الانطوائيين المحادثات العميقة مع بعض الأصدقاء المقربين على المناسبات الاجتماعية الكبيرة، ويحتاجون إلى قضاء بعض الوقت بمفردهم لاستعادة نشاطهم. على سبيل المثال، قد يستمتعون بقضاء وقت استراحة الغداء بمفردهم، و يشعرون بالإرهاق في البيئات الصاخبة والمزدحمة.
ما الفرق بين اضطراب طيف التوحد والانطوائية؟
اضطراب طيف التوحد هو اضطراب نمائي عصبي يتسم بصعوبات في التفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى صعوبات في التواصل وظهور سلوكيات مكررة.
وهو يختلف عن الانطوائية حيث أن اضطراب طيف التوحد له معايير محددة في DSM-5، مثل وجود سلوكيات متكررة وقصور في مهارات التفاعل الاجتماعي.
بعض الاختلافات الرئيسية بين اضطراب طيف التوحد والانطوائية هي:
- التفاعل الاجتماعي: قد يتجنب الأفراد الانطوائيين التفاعل الاجتماعي طوعًا. بينما يواجه الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد صعوبة في فهم أو استخدام الإشارات الاجتماعية اللفظية وغير اللفظية.
- أنماط السلوك: غالبًا ما يكون لدى الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد سلوكيات متكررة وتركيز عالي على اهتمامات محددة، وهو أمر غير معتاد بالنسبة للأفراد الانطوائيين.
- الأساس العصبي: يعتمد اضطراب طيف التوحد على أساس عصبي يتضمن عوامل وراثية وبيئية، بينما الانطوائية تُعد سمة شخصية فقط.
تداخل الانطوائية و اضطراب طيف التوحد
على الرغم من وجود اختلافات جوهرية بين الانطوائية واضطراب طيف التوحد، إلا أنهما قد يتداخلان بطرق متعددة. فيما يلي بعض أوجه التداخل بينهما:
- التفضيل الاجتماعي: قد يفضل كل من الأفراد الانطوائيين والأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد البقاء بمفردهم أو مع مجموعات صغيرة مألوفة لتجنب الاستنزاف من التفاعل الاجتماعي.
- الحاجة إلى العزلة: قد يحتاج كل من الأفراد الانطوائيين والأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد إلى قضاء وقت منفرد لاستعادة نشاطهم. ففي حين يقضي الأفراد الانطوائيين وقتهم بمفردهم لاستعادة طاقتهم، قد يلجأ الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد إلى ذلك كوسيلة لتجنب التحفيز الحسي الزائد.
- الاهتمامات الخاصة: قد يكون لدى الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد والأفراد الانطوائيين تركيز عميق على الاهتمامات أو الهوايات الخاصة، مما يمنحهم الراحة والاستقرار.
- صعوبة التفاعل الاجتماعي: بينما قد يتجنب الأفراد الانطوائيين الأحداث الاجتماعية بشكل طبيعي، فإن الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد قد يفعلون ذلك بسبب صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية ولغة الجسد.
- السلوكيات المتكررة: قد يلجأ الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد والأفراد الانطوائيين إلى القيام بسلوكيات متكررة للتعامل مع القلق أو للتكيف مع المدخلات الحسية.
- الحساسية البيئية: يُظهر بعض الأفراد المشخّصين باضطراب طيف التوحد، وكذلك الانطوائيين، درجة عالية من الحساسية تجاه المحفزات الحسية مثل الأصوات المرتفعة والإضاءة القوية.
هل جميع الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد انطوائيون؟
من المفاهيم الخاطئة أن جميع الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد انطوائيين. اضطراب طيف التوحد يتسم بالتنوع، حيث قد تظهر على الأفراد سمات مختلفة، بما في ذلك سمات التفاعل الاجتماعي.
على سبيل المثال، يحب بعض الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد الخروج. ومع ذلك، قد يجدون صعوبة في التفاعل الاجتماعي. قد يستمتعون بالتواجد مع الآخرين، لكنهم يواجهون صعوبة في التفاعل الاجتماعي، لذا قد يحتاجون إلى الدعم .
بعضهم أكثر تحفظًا بطبيعتهم، ويفضلون الاستمتاع بالأنشطة الهادئة، تمامًا مثل الأفراد الانطوائيين. قد يفضل هؤلاء الأفراد البقاء بمفردهم أو مع مجموعات صغيرة تفضل العلاقات العميقة.
على سبيل المثال، قد يفضل بعض الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد أماكن العمل الهادئة ويتجنبون التجمعات الاجتماعية، ويجدون الراحة في الأنشطة المحددة مثل البرمجة والتصميم الجرافيكي بسبب الصعوبات التي يواجهونها في فهم الإشارات الاجتماعية والتواصل البصري.
قد يستمتع الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد بالأنشطة الفردية مثل اللعب بالليغو، حيث يساعدهم ذلك في الحفاظ على هدوئهم وتركيزهم، كما يفضلون تجنب البيئات الصاخبة واللعب بمفردهم.
بعض الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد منفتحون يحبون المناسبات الاجتماعية والتواجد بين الناس، على الرغم من أنهم قد يواجهون صعوبة في قراءة الإشارات الاجتماعية وقد يبدون حادين في المحادثات.
التعامل مع الصعوبات الاجتماعية
يواجه كل من الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد و الأفراد الانطوائيين صعوبات اجتماعية، رغم اختلاف طبيعة هذه الصعوبات.
فيما يلي بعض النصائح والاستراتيجيات العملية لإدارة التفاعلات الاجتماعية للأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد والأفراد الانطوائيين.
ممارسة الرعاية الذاتية
ينبغي منح الأفراد المشخّصين باضطراب طيف التوحد والأفراد الانطوائيين وقتًا للقيام بأنشطة فردية، لاستعادة طاقتهم والانخراط في ما يسعدهم. سيساهم ذلك في الوقاية من الإرهاق الاجتماعي وتقليل التوتر.
من الضروري جدًا احترام المساحة الشخصية، حيث قد يؤدي ضيق المساحة إلى إجهاد الأفراد المشخّصين باضطراب طيف التوحد. لذلك، يُفضل تخصيص مساحة هادئة في المنزل أو المدرسة ليتمكنوا من اللجوء إليها عند الحاجة.
وضع الحدود
مساعدة الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد على فهم حدودهم في التعامل مع الناس وضرورة التواصل بشأن احتياجاتهم.
شجّعوهم على توضيح الحدود. دعوا الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد والأفراد الانطوائيين يشعرون بالراحة عندما يرفضون الدعوات الاجتماعية أو يغادرون مبكرًا من الفعاليات عندما يشعرون بالإرهاق.
المشاركة في تدريبهم على المهارات الاجتماعية
بالنسبة للأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد، يمكن للتدريب المكثف على المهارات الاجتماعية أن يُحسن تفاعلاتهم بشكل ملحوظ. قد يشمل ذلك تعلّم التواصل غير اللفظي في بيئة مُريحة و داعمة.
يساعد التدريب على لعب الأدوار في تهيئة الأفراد لمواقف اجتماعية بطريقة صحيحة، مما يساهم في تعزيز استعداد الأفراد الانطوائيين و المشخصين باضطراب طيف التوحد وتقليل التوتر المرتبط بالتفاعلات الاجتماعية في حياتهم اليومية.
استخدموا التعزيز الإيجابي لتشجيعهم على تطوير مهاراتهم الاجتماعية. اعترفوا حتى بأبسط الإنجازات، مثل بدء محادثة أو تكوين صداقة جديدة. سيعني ذلك الكثير.
احتضان التنوع:
من المهم احتضان تنوع سمات الشخصية داخل اضطراب طيف التوحد لتعزيز التعاطف والفهم المتبادل. إن إدراك الاختلافات والتشابهات بين اضطراب طيف التوحد والانطوائية يساعدنا في تقديم الدعم الأفضل للأفراد الذين يواجهون هذه الصعوبات الفريدة. من خلال فهم هذه التفاصيل الدقيقة، يمكننا إنشاء بيئات أكثر شمولًا تحتفل بالطرق المتنوعة التي يتفاعل بها الأفراد مع العالم و يتكيفون معها.
الأسئلة الشائعة
س: هل الانطوائية هي شكل من أشكال التنوع العصبي؟
ج: لا، الانطوائية ليست شكلاً من أشكال التنوع العصبي. إنها سمة شخصية وليس اضطراب نمائي عصبي. يشير التنوع العصبي عادةً إلى اضطراب طيف التوحد، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وعسر القراءة.
س: هل يمكن أن يكون الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد اجتماعيين؟
ج: نعم، يمكن للأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد أن يكونوا اجتماعيين، رغم أنهم قد يواجهون صعوبات في التفاعل الاجتماعي. اضطراب طيف التوحد يتسم بالتنوع الواسع، ويشمل مجموعة متنوعة من السلوكيات الاجتماعية المختلفة.
س: هل يمكن الخلط بين اضطراب طيف التوحد والخجل؟
نعم، قد يعتقد البعض أن الانطواء الاجتماعي وضعف التواصل المرتبط باضطراب طيف التوحد هو مجرد خجل. ومع ذلك، يُعتبر اضطراب طيف التوحد اضطرابًا نمائيًا يتميز بخصائص تختلف بشكل كبير عن الخجل البسيط.
س: هل يفضل الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد البقاء بمفردهم؟
ج: تختلف تفضيلات الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد بشكل كبير. فبعضهم يفضل الوحدة، في حين يفضل البعض الآخر التفاعل الاجتماعي، لكنهم قد يواجهون صعوبة في التواصل.
المرجع:
Autism and Introversion: What’s the Difference?
https://www.autismparentingmagazine.com/autism-and-introversion/