ترجمة: أ. رزان بن دهر
يخشى العديد من الآباء و الأمهات أن يؤدي “وصف” الطفل بأنه مشخص باضطراب صعوبات التعلم إلى شعوره بوجود خلل فيه ، أو أنه مختلف ، أو أقل حماسًا للمحاولة ، و لكن الواقع هو العكس تمامًا: ففهم الطفل طبيعة تشخيصه باضطراب صعوبات التعلم يمنحه شعورًا بالراحة، ويحفزه على تجاوز التحديات التي يواجهها ، إليك كيف يمكنك بدء هذا الحوار.
اتصلت إحدى الأمهات ذات مرة بمدرستي المتخصصة في التربية الخاصة لطلب زيارة تعريفية لها و لابنها ، الذي كان يواجه صعوبات كبيرة في المدرسة ، وقد طرحت سؤالًا غريبًا خلال مكالمتها الأولى: “هل توجد في المدرسة أي لافتات ، أو ملصقات تشير إلى أن البرنامج مخصص للأطفال المشخصين باضطراب صعوبات التعلم؟”
سألتها عن سبب رغبتها في معرفة ذلك ، فأجابت ، “ابني لا يعلم أنه مشخص باضطراب صعوبات التعلم ، و لا نريد له أن يعرف” هو يعلم ، صدقيني ، هو يعلم.
لطالما حيّرتني معاناة بعض الآباء و الأمهات من التردد في مناقشة تشخيص صعوبات التعلم مع أطفالهم ، فـ معرفة الطفل بأنه مشخص باضطراب يمكن التعرف عليه وهو شائع، وقابل للقياس والعلاج، غالبًا ما تجلب له قدرًا كبيرًا من الراحة ، أما في غياب هذه المعلومة ، فمن المرجح أن يصدق الطفل سخرية زملائه ، و يشعر فعلًا أنه غبي ، الحقيقة ستُحرّره!
إذا لم يكن لدى الطفل فهم أساسي لطبيعة التحديات التي يواجهها في التعلم ، فمن غير المرجح أن يتمكن من الحفاظ على دافعيته داخل الصف ، و بسبب حيرته تجاه الصعوبات التي يواجهها في المدرسة ، فلن يكون قادرًا على الالتزام بالدراسة كما ينبغي.
كيف نتحدث مع الطفل عن صعوبات التعلم؟
عند مناقشة صعوبات التعلم التي يواجهها الطفل، من الضروري أن تشرح له بوضوح وبأسلوب يتناسب مع عمره ودرجة وعيه ما هي صعوبات التعلم التي تم تشخيصه بها و ما ليست عليه ستلاحظ أحيانًا أن لدى الطفل العديد من المفاهيم الخاطئة حول حالته ، مثل اعتقاده أنها “ستختفي في المدرسة المتوسطة” ، أو “أنها تعني أنه غبي” ، أو “أنه لن يستطيع أبدًا تعلّم القراءة” ، من المهم جدًا أن تصحح هذه الأفكار المغلوطة بلطف و ثقة.
خلال هذه المناقشات ، أحرص على تسليط الضوء على نقاط قوته و مواهبه و اهتماماته ، و لا تركّز فقط على ما يواجهه من صعوبات ، عبّر عن تفاؤلك بشأن تطوره ومستقبله.
ذكّر طفلك بأنه قادر على التعلم بالفعل ، و لكنه يتعلم بطريقة فريدة تتطلب منه بذل جهد إضافي و المشاركة في دروس و أنشطة تختلف عن تلك التي يشارك فيها أقرانه أو إخوته. شدد على أن هذا الاضطراب ليس ناتج عن خطأ ارتكبه ، و ليس ذنبه بأي شكل من الأشكال ، اشرح له أن التعلم يُشكّل تحديًا خاصًا بالنسبة له ، و أنه قد يحتاج إلى وقت أطول من زملائه لإتقان المهارات المختلفة ، ذكّره بأنه “سينهي السباق” في النهاية ، حتى و إن سلك طريقًا مختلفًا عن الآخرين ، أخبره بأن البالغين في حياته يقفون إلى جانبه و يدعمونه.
استعن بالصعوبات التي واجهتها أنت نفسك في مرحلة التعلم، و تحدث عن الاستراتيجيات التي ساعدتك على التغلب عليها. مثل هذه القصص الشخصية يمكن أن تمنح الطفل شعورًا بالطمأنينة و الانتماء ، و تشجعه على المثابرة ، لا أعتقد أن ذكر أسماء شخصيات مشهورة واجهت صعوبات في التعلم يكون دائمًا مصدرًا فعالًا للإلهام و التحفيز.
قد يكون النهج الأكثر واقعية هو إعطاء أمثلة لأشخاص يعرفهم الطفل كمصادر إلهام: “هل كنت تعلم أن العم جون واجه أيضًا صعوبات في المدرسة و اضطر لإعادة الصف الثالث؟ كان يستغرق وقتًا طويلاً في أداء واجباته و لا يزال يعاني من صعوبة في الكتابة ، و لكنه يعمل في وظيفة رائعة في المستشفى ، و هو يحب الطهي ، تمامًا مثلك ، و لا أحد يستطيع تحضّير طبق تشيلي أفضل منه!”
فسّر لطفلك الصعوبات التي يواجهها يوميًا. فدور الوالدين في توضيح وفهم ما يمر به الطفل من تحديات يُعد من أهم وأثمن الأدوار في حياة طفل من ذوي اضطراب صعوبات التعلم. يجب على الوالدين توضيح طبيعة الاضطراب للطفل، مما يساعده على فهم الصعوبات التي يمر بها كل يوم ، و غالبًا ما يشعر الطفل بارتياح كبير عندما يدرك أن الصعوبات التي يواجهها لها اسم ، و أن هناك آخرين يعانون من مشكلات وصعوبات مماثلة.
من المهم أن يتم تقديم هذه المعلومات بطريقة حساسة و مناسبة لعمر الطفل ، و يجب ألا تُقدَّم هذه المعلومات المهمة ضمن جلسة تكون في الأساس من نوع “لنناقش الآن صعوبات التعلم لديك” ، بل يُفضَّل أن تتم مناقشة الصعوبات التي يواجهها الطفل معه بشكل تدريجي ، و غير رسمي ، و بطريقة متسلسلة.
ابحث عن اللحظات المناسبة للتعليم و استغلها. فعندما يطرح الطفل سؤالًا متعلقًا بصعوباته ، احرص على الإجابة بصدق و بطريقة تراعي مشاعره ، كن حذرًا عند تقديم المعلومات، ولا تزوده بأكثر مما يمكن استيعابه أو التعامل معه في تلك اللحظة.
لتوضيح ذلك ، تخيّل أن الطفل يشبه كوبًا فارغًا لا يحتوي على أي معلومات عن طبيعة صعوباته ، و أنت تمثل الإبريق المملوء بالبيانات و التقارير و المعلومات والمعرفة حول تلك الصعوبات ، قم “بسكب” معرفتك ببطء داخل الكوب حتى يمتلئ، أي إلى الحد الذي يمكن للطفل فهمه دون ضغطه أو إرباكه ، احرص دائمًا على إنهاء الحديث برسالة تطمئن طفلك ، و أكد له أنك سعيد بمناقشة أي شيء معه في أي وقت ، و أنك دائمًا موجود لدعمه و الاستماع إليه.
تعد عملية إزالة الغموض مرحلة أساسية في تمكن الطفل من التعبير عن نفسه، إذ ينبغي أن يكون مستعدًا مع تقدمه في العمر، لشرح ما يواجهه من صعوبات واحتياجات للمعلمين و المدربين و أرباب العمل دون تدخل من الوالدين.
المرجع:
The Best Way to Explain Learning Disabilities to Your Child
https://www.additudemag.com/telling-your-child-they-have-a-learning-disability/





