الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

استراتيجيات حسية لدعم الأطفال الصم

 

ترجمة : أ. عبدالله الأحمري

تحدثنا مع أخصائية العلاج الوظيفي للأطفال والممارسة في مجال التكامل الحسي شارلوت أناستاسي من عيادة “OT Play”، وكذلك مع أخصائية علاج النطق واللغة في الهيئة الوطنية للخدمات الصحية (NHS) والممارسة المتقدمة في التكامل الحسي كيرستي مانسفيلد، لمناقشة أفكار حول استراتيجيات حسية لدعم الأطفال الصم.

أولاً، دعونا نلقي نظرة على التكامل الحسي والاختلافات في المعالجة الحسية ضمن مجتمع الصم.

 

 التكامل الحسي هو الطريقة التي تتبعها أدمغتنا لاكتساب المعلومات الحسية من البيئة المحيطة ومن داخل أجسامنا، ومعالجتها، والاستجابة لها. تختلف طريقة معالجة المعلومات الحسية من شخص لآخر. ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تسبب الاختلافات في المعالجة الحسية صعوبة في التعامل مع المعلومات الحسية وفهمها والاستجابة لها بشكل مناسب. كما يمكن أن تؤثر الاختلافات في التكامل الحسي على كيفية قضاء أوقاتنا وما نشعر بالقدرة على القيام به في حياتنا اليومية.

 

هل يعاني الأطفال الصم من اختلافات في المعالجة الحسية؟

قد يكون الأطفال الصم أكثر عُرضة لمواجهة صعوبات في التكامل الحسي، إضافة إلى اختلاف تجربتهم في تلقي المدخلات السمعية مقارنة بفئة السامعين. تُظهر بعض الأبحاث أن أكثر من 70% من الأطفال الصم يعانون من صعوبات في التكامل الحسي(Bharadwaj, 2009). بينما وجدت دراسة أخرى (Alkhamra, 2020) أن الأطفال المستخدمين لزراعات القوقعة والمعينات السمعية أكثر عُرضة لاضطرابات المعالجة السمعية. كما كشفت الدراسة نفسها عن ارتفاع مخاطر مواجهة تحديات في التوازن، والمعالجة متعددة الحواس، والنمو الاجتماعي-العاطفي، والمهارات الحركية الدقيقة لدى الأطفال الحاملين للزراعات القوقعية.

لذلك، من المهم أن يكون بمقدور الأسر والمتخصصين التعرف على الحالات التي قد تكون فيها سلوكيات الأطفال الصم نابعة من حاجة حسية كامنة. كما أنه من المهم امتلاك استراتيجيات حسية تطبيقية يمكن استخدامها لدعم الاحتياجات الحسية للطفل في اللحظة ذاتها.

 

استراتيجيات حسية لدعم الأطفال الصم

شارلوت: “الأطفال الصم، وخاصة مستخدمي لغة الإشارة البريطانية (BSL)، يعتمدون على التعلم البصري بشكل أساسي. لذلك، نحن كآباء ومدرسين ومتخصصين ندعمهم، يجب أن نعزز هذه المهارة ونستخدم الوسائل البصرية باستمرار. يمكن أن تشمل هذه الوسائل الصور والرموز ومقاطع الفيديو التوضيحية أو العروض العملية. على سبيل المثال، يمكن عرض طريقة تحضير شطيرة، أو استخدام دليل مصور يوضح تمارين متنوعة قد تساهم في التنظيم الحسي.”

 

شارلوت: “في الدماغ، يقع الجهاز السمعي قريبًا جدًا من نظام التوازن. واعتمادًا على سبب الصمم، قد يعني هذا أن نظام التوازن لدى الشخص يتأثر. هل تعلم أن نظام التوازن لا يؤثر فقط على الحركة، ولكن أيضًا على العديد من الأنشطة اليومية الأخرى، بما في ذلك الوضعية، والوعي المكاني، والقدرة على استخدام جانبي الجسم معًا؟

يمكننا دعم مهارات التوازن من خلال توفير المزيد من فرص الحركة للطلاب يوميًا! انزل من الحافلة قبل محطة واحدة وامشِ بسرعة، أو قم بتدريب رياضي للأطفال عبر الإنترنت لمدة 7 دقائق عدة مرات في الأسبوع، أو اجعل الأطفال يساعدون في غسل الملابس، أو قم بزيارة الحديقة. أي طريقة يمكن من خلالها زيادة مستوى حركة طفلك ستساعد في تطوير التوازن، والوضعية، والوعي المكاني، مما يحسن استخدام جانبي الجسم معًا – وهذا أمر بالغ الأهمية لمستخدمي لغة الإشارة البريطانية وجميع الأطفال في مهام مثل استخدام أدوات المائدة، والمقص، والكتابة اليدوية.”

شارلوت : “استخدام الملصق الخاص بالاستراحات الحسية باستمرار مع الطلاب الصم يقترح أفكارًا للحركة، وقد وجدنا أن هذه الاستراتيجيات التي لا تتطلب معدات مفيدة جدًا لطلابنا. فهي تشتمل على مجموعة من التمارين المهدئة و التمارين المنشطة التي يمكن استخدامها في أي وقت للمساعدة في التنظيم الحسي.”

 

التنظيم الحسي يشير إلى الطرق التي ندير بها جميعًا حالات طاقتنا وعواطفنا، بحيث نشعر بأننا في الحالة المناسبة تمامًا (سواءً كانت حالة من الهدوء أو النشاط) للقيام بالمهام التي نحتاج أو نرغب في إنجازها.

كيرستي: “مع العديد من الأطفال الذين أعمل معهم كأخصائية نطق، نركز على دعم التنظيم الذاتي بالإضافة إلى مهارات الانتباه والاستماع لتمكينهم من التواصل. ما أستخدمه في الجلسات وأوصي به يعتمد على حالة الطفل وعمره وغير ذلك، لكنني غالبًا ما أؤكد للآباء والمعلمين ضرورة فصل فكرة ‘الجلوس الجيد’ عن ارتباطها التلقائي ب ‘الاستماع الجيد.”

 

كيرستي: “قد يحتاج الطفل الأصم إلى الحركة لمساعدته على الانتباه إذا كان يعاني من صعوبات في الجهاز الدهليزي (التوازن) أو احتياجات حسية أخرى. يعد ملصق ‘الاستماع بالجسم كله’  مفيدًا جدًا للمناقشة مع الآباء حول ما يحتاجه طفلهم تحديدًا.”

 

كيرستي: “بالنسبة لأطفال مرحلة ما قبل المدرسة والصغار، نمزج بين الغناء والحركة. يُعدُّ ربط الحركات بالغناء مفيداً لكل من:

  • تنمية المهارات اللغوية
    • تحفيز النظام الدهليزي (المسؤول عن التوازن)
      • تنشيط الحس العميق (المتعلق بإدراك حركة الجسم ووضعيته)

فعلى سبيل المثال، تُعدُّ حركات أغنية ‘بيبي شارك’ وأغنية ‘لفّ البكرة’ ممتازة لتعزيز التنسيق بين جانبي الجسم وتشجيع الحركات التي تصل أو تتجاوز خط منتصف الجسم.

أما أغنية مثل ‘الدوق الكبير ليورك’ تحث الأطفال على السير بطريقة منتظمة والتحرك في المكان – حيث تساهم الحركات الأرضية القوية في تنشيط الحس العميق بشكل فعّال.”

كيرستي: “أطلب من طاقم المدرسة دمج أنشطة الحس العميق في الروتين اليومي، مثل: دفع وإمساك أبواب الممرات والفصول الدراسية، وحمل وتوزيع الكتب، وما إلى ذلك. كما أستخدم استراتيجيات مشابهة في جلسات العلاج، على سبيل المثال: جعل الطفل يدفع الكراسي والمكاتب إلى مكانها قبل البدء.

وأسمح للطفل بأن يقرر الطريقة المناسبة له للانتباه في ذلك اليوم – سواء بالجلوس على حافة الكرسي متكئًا على المكتب، أو الوقوف والتحرك من قدم إلى أخرى، أو الاستلقاء على الأرض، أو الارتداد على كرة اليوجا، وغير ذلك. وأدمج الحركة في الجلسات عند الحاجة، مثل: وضع الأشياء بعيدًا عن متناول اليد بحيث يضطر للتمدد للوصول إليها، وما شابه.”

نشكر شارلوت و كيرستي على هذه الأفكار القيمة!

كما نوصي بالنظر في إجراء تعديلات في بيئة طفلك لتناسب احتياجاته وتفضيلاته الحسية الخاصة. يمكن أن يشمل ذلك:

  • تعديل الإضاءة والتحكم في الضوضاء المحيطة
  • إضافة عناصر توفر مدخلات حسية مناسبة مثل:
    • الألعاب المحشوة ذات الأثقال
    • الألعاب الحسية القابلة للمضغ
    • ألعاب التشتيت الحركي
    • كرة اليوجا

علماً أن محتويات هذه الأدوات ستكون مخصصة لاحتياجات طفلك الفردية. إذا كان طفلك يتلقى العلاج من أخصائي علاج وظيفي أو أخصائي نطق ولغة مدرب على التكامل الحسي، فسيكون قادراً على اقتراح استراتيجيات حسية مصممة خصيصاً لاحتياجات واهتمامات طفلك.

 

 

المرجع:

 Sensory Strategies for Supporting Deaf Children

 

https://www.sensoryintegrationeducation.com/pages/news-sensory-strategies-for-supporting-deaf-children