الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

صعوبات التعلم: وقت التطبيق العملي

 

ترجمة : أ. عبدالله الأحمري

ما يحتاج الجميع لمعرفته
هل تعلم أن طالباً واحدًا على الأقل من بين كل عشرة طلاب يُتوقع أن يُظهر نوعًا من أنواع الصعوبات في مجالات مختلفة من المنهج المدرسي؟ وأن هذه الصعوبات قد تستمر في بعض الأحيان حتى مرحلة البلوغ رغم إمكانية التغلب عليها؟ الحقيقة هي أن هذه الصعوبات ليست أمراضًا، وبالتالي لا يوجد “علاج” لها.

من حيث الأصل، يمكننا القول إنها نوع من اضطرابات النمو العصبي التي تعيق القدرة على تعلم أو استخدام مهارات أكاديمية محددة مثل القراءة، الكتابة، أو الحساب، وهي غير متوقعة بمعنى أن الجوانب الأخرى للنمو تبدو طبيعية. نشير إليها باسم صعوبات التعلم النوعية، والتي تشمل:

  • عسر القراءة (Dyslexia)
  • اضطراب تشتت الانتباه (ADD)
  • اضطراب طيف التوحد (ASD)
  • اضطراب التناسق النمائي (DCD)
  • الوسواس القهري (OCD)

وغيرها، مما يوضح بشكل جلي أن هذه الصعوبات لا ترتبط عادة بالقدرة الفكرية أو انعدامها.

ومع ذلك، فإن لها تأثيرًا كبيرًا على الطالب، وأفراد الأسرة، والمعلمين، والزملاء في الفصل، وذلك أساسًا لأنه ليس من السهل فهم كيفية إدراك الأفراد ذوي هذه الاحتياجات للعالم ومعالجتهم للمعلومات. على الرغم من أن علوم الأعصاب حققت تقدمًا كبيرًا، إلا أن الكثير لا يزال غير مؤكد أو مجهولاً، ونحن كمعلمين نفتقر إلى المعرفة والتدريب في هذا المجال.

لذلك، إذا أردنا مساعدة جميع طلابنا، نحتاج إلى مراقبتهم بدقة لاكتشاف ما يحبونه، وما الذي يجعلهم يشعرون بالراحة في الفصل، وما يزعجهم، وكيف يتعلمون بشكل أفضل، وكذلك من يتوافقون معه. هذا بوضوح يتطلب وقتًا، ولهذا السبب بالضبط فإن تدريس الطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة يمثل تحديًا حقيقيًا.

 التكييفات في تدريس اللغة الإنجليزية

كمعلمين، عندما نلاحظ طالباً يعاني من صعوبة في قراءة كلمات بسيطة بينما باقي الفصل يقرأ نصوصًا طويلة بسهولة، أو طالباً لا يستطيع إنهاء المهام، أو شديد الفوضى، أو يفشل بانتظام في اتباع التعليمات، غالبًا ما نتساءل: “هل يمكن للطلاب ذوي صعوبات التعلم النوعية تعلُّم اللغة الإنجليزية؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف يمكننا جعل موادنا التعليمية في متناول الجميع؟ هل يمكننا التدريس بشمولية دون خفض التوقعات؟” دعونا نحلل هذه الأسئلة الرئيسية واحدًا تلو الآخر.

أولاً، يجب أن نقول إن الطلاب ذوي صعوبات التعلم النوعية يمكنهم تعلُّم لغة ثانية أو أجنبية، ما لم يتلقوا نصائح مهنية تُحذّر من ذلك. الأهم هو كيفية تعليمهم. يجب أن نضع دائمًا في اعتبارنا أنهم قد يحتاجون إلى تعديلات في المواد التي يستخدمونها.

تأتي هذه التعديلات في شكل تسهيلات أو تعديلات. يشير الأول (التسهيلات) إلى تغييرات في نهجنا التدريسي، ويمكن القيام بها بأربع طرق:

  1. طريقة العرض: كيفية تقديم المعلومات للطالب.
  2. طريقة الاستجابة: كيف يُظهر الطالب فهمه للمادة.
  3. بيئة التعلم: الظروف المحيطة بعملية التعلم.
  4. التوقيت والجدولة: الوقت الممنوح لإكمال المهام.

 

يظهر بعض الطلاب تحسناً في التعلّم عندما نقدّم النصوص بخطوط أكبر حجماً، بينما يظهر آخرون مهارات فهم أفضل عندما يستمعون إلى النص و يقرأونه في نفس الوقت بدلاً من القراءة فقط. قد يستجيبون أيضاً بشكل إيجابي للصور الشخصية، لذا بدلاً من استخدام صور الكتاب المدرسي لشرح الروتينيات، يمكننا أن نطلب من جميع الطلاب إحضار صور لحيواناتهم الأليفة والتحدث عن ما تأكله وتشربه وتفعله ولا تفعله. وهذا يجعل الدرس بأكمله أكثر معنى.

وبالمثل، عندما نلاحظ صعوبة في حفظ المفردات الجديدة، بدلاً من تدريس عشر كلمات في مرة واحدة، يمكننا تقديم مجموعات أصغر من الكلمات. إذا كنا ندرّس كلمات الفاكهة على سبيل المثال، يمكننا تجميعها حسب اللون أو الترتيب الأبجدي، وتدريس أربع كلمات في كل مرة.

أما النوع الثاني من التكيفات فيشير إلى استجابات الطلاب التي نتوقعها، حيث نحتاج غالباً إلى تقليل المتطلبات الكتابية والتركيز أكثر على العمل الشفهي. فبدلاً من مطالبة الصف بكتابة إجابات كاملة على الأسئلة حول نص استمعوا إليه أو قرأوه، يمكننا اعتماد نسخة شفهية من التمرين (صح أم خطأ). كما أن تحديد الجمل الصحيحة ومطابقة الأسئلة مع الإجابات خياران مفيدان أيضاً، حيث يتطلبان وقتاً وجهداً أقل. ومع ذلك، يبقى المحتوى والأهداف كما هما، وما نفعله هو مجرد تعديل في النهج.

 

تكييف البيئة التعليمية يشير إلى الحاجة لتوفير فصل هادئ أو فصل لا يحتوي على نوافذ كثيرة لمساعدة الطلاب الذين يتشتت انتباههم بسهولة، أو تغيير ترتيب المقاعد لمساعدة طالب يعاني من صعوبات في التفاعل الاجتماعي على سبيل المثال.

أما فيما يتعلق بالتوقيت والجدولة، فيمكننا القول أن هذا النوع من التكييف ضروري لمساعدة الطلاب الذين يحتاجون وقتاً أطول لإكمال المهام الكتابية. من الناحية العملية، يجب أن نضع في الاعتبار أن الطلاب ذوي الصعوبات غالباً ما ينتهون من عملهم المدرسي في المنزل. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون لديهم مواعيد مع متخصصين مختلفين بعد المدرسة. كل هذا يعني أنه من المستحسن تقليل الواجبات المنزلية إلى الحد الأدنى. ومن الجدير أيضاً التذكر أنهم قد يحتاجون إلى أداء أقسام مختلفة من الاختبار في أيام مختلفة ليتمكنوا من التركيز، كما هو الحال للطلاب الذين يعانون من صعوبات في القراءة أو تشتت الانتباه.

في جميع الأمثلة التي ناقشناها حتى الآن، يظل المحتوى الذي يتم تدريسه أو ممارسته أو اختباره كما هو. لم نخفض توقعاتنا، ولكن هناك أوقاتاً يجب فيها تغيير المحتوى لأن الطالب يفتقد الأدوات الجسدية أو المعرفية أو العاطفية للوصول إليه. هنا نتحدث عن تعديلات جوهرية. هذه التعديلات ليست شائعة وغالباً ما تتطلب عمليات تفويض محددة لأنها تؤثر على المنهج الدراسي.

 

الاستراتيجيات والأدوات

سواء كنا بحاجة إلى تقديم تسهيلات أو إجراء تعديلات، هناك استراتيجيات بسيطة وعملية يمكننا استخدامها.

الاستباقية : هي إحدى هذه الاستراتيجيات. يمكننا أن نطلب من الطلاب الذين يعانون من صعوبة في قراءة نص أو الاستماع إلى ملف صوتي، أن يقوموا بالقراءة أو الاستماع في المنزل قبل استخدامه في الفصل. بهذه الطريقة، يمكن للطلاب أخذ الوقت الذي يحتاجونه دون الشعور بأي ضغط في الفصل الدراسي إلى جانب زملائهم. عادةً ما تؤدي هذه الطريقة إلى نتائج جيدة جدًا، ولكن لا يمكن تطبيقها دون دعم أسرهم، لذا يجب علينا كسب تعاونهم مسبقًا.

تجزئة المهام : هي استراتيجية أخرى. إذا كان هناك تمرين في الكتاب يحتوي على ثمانية أسئلة، يمكننا تقسيم الفصل إلى مجموعتين وكل مجموعة تجيب على أربعة أسئلة. العمل في أزواج هو خيار آخر. وبالمثل، عند التعامل مع فهم النصوص القرائية، يمكننا تقسيم النص إلى فقرات، وبدلاً من وضع ستة أسئلة أسفل النص، يمكننا وضع سؤالين بعد كل فقرة حتى يعرف الطلاب أين يمكنهم العثور على المعلومات.

أخيرًا، هناك أيضًا أدوات يمكن أن تُساعدنا في عملنا، ومن بينها التكنولوجيا. فبينما تُساعد الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الطلاب على تجنب الأخطاء الكتابية، توجد تطبيقات تُحوّل النصوص المكتوبة إلى ملفات صوتية والعكس صحيح، على سبيل المثال: Leo – Recording and transcription (تحويل التسجيلات إلى نصوص) أو Reading Machine (للتدريب على القراءة). كما تتضمن معظم الكتب المدرسية حاليًا مُكوّنًا رقميًا يُتيح للمعلمين عرض صفحات كاملة أو مجرد تمرين على السبورة البيضاء. لا تُضيف هذه المنهجية المُسبقة تنوعًا إلى الدرس فحسب، بل تتضمن أيضًا العمل مع صور أكبر، مما يُساعد الطلاب الذين يُعانون من صعوبات في القراءة أو التركيز.

 

أداة أخرى مفيدة هي نافذة القراءة: مستطيل من الورق المقوى بفتحة في المنتصف، يُستخدم كنافذة عند وضعه على النص. يعمل كإطار يُساعد الطلاب على التركيز أثناء القراءة. وهذا مُفيد جدًا، خاصةً للطلاب الذين يُعانون من عُسر القراءة، والذين غالبًا ما يُعانون من “رقص الحروف”.

 

الخلاصة :

من الضروري التأكيد على مفهوم في غاية الأهمية، وهو أن “التوصيف بالملصقات” (Labels) لا يساعد. نحن محترفو تدريس، ويجب أن يظل هذا هو مهمتنا الرئيسية. علينا أن نتجنب تشخيص الطلاب. بدلاً من ذلك، يجب أن نركز على الملاحظة الدقيقة لسلوكهم ومواقفهم وعملهم. هذا هو المفتاح لاكتشاف الطريقة التي يتعلمون بها بشكل أفضل، وبالتالي كيف يمكننا مساعدتهم.

 

المرجع:

Learning Difficulties: Time to get practical   :https://www.macmillanenglish.com/sa/blog-resources/article/advancing-learning-learning-difficulties-time-to-get-practical