الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

هل تواجد الوالدين في جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي مفيد لطفلهم؟

هل تواجد الوالدين في جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي مفيد لطفلهم؟
هل تواجد الوالدين في جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي مفيد لطفلهم؟
 
ترجمة: أ. شروق السبيعي 

يساعد تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد على اكتساب مهارات حياتية مهمة. وغالبًا ما يتساءل الوالدان عمّا إذا كان تواجدهما في الجلسات العلاجية مفيدًا للطفل أم قد يُربك سير الجلسة ويؤثر على فعالية التدخل. سواء كنت تفكّر في بدء تدخل تحليل السلوك التطبيقي أو كان طفلك يتلقى جلسات علاجية حالياً، فإن هذه المقالة تستعرض مزايا ومشاكل تواجد الوالدين أثناء الجلسات، إلى جانب أفضل الممارسات لتحقيق أقصى فائدة. فهم دورك كشريك في العملية العلاجية يمكن أن يُسهم في وضع خطة علاجية فعالة وتحقيق نتائج إيجابية لطفلك.

فهم تدخل تحليل السلوك التطبيقي وأدوار الوالدين

تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) هو نهجٌ مُنظّم قائم على أسس علمية. يهدف إلى تطوير السلوكيات والمهارات مثل التواصل والحياة اليومية والتفاعل الاجتماعي. يُشرف الأخصائيون النفسيون على مُعظم مراحل التدخل، ولكن دور الوالدين بالغ الأهمية أيضًا، إذ يُقدمون رؤىً قيّمة حول احتياجات طفلهم واهتماماته.

يلعب الوالدان دورًا مهمًا في دعم الاستراتيجيات السلوكية خارج نطاق الجلسات العلاجية. يمكنهم المساعدة في تعزيز ما يطبقه الأخصائي في بيئة الطفل الطبيعية. تُساهم هذه المشاركة الفعّالة في دعم عمل الأخصائي وضمان الاستمرارية في تطبيق الاستراتيجيات، وهو عامل أساسي لتطور الطفل.

تعريف وأهداف تدخل تحليل السلوك التطبيقي

يستخدم تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) استراتيجيات سلوكية موجهة لإحداث تغييرات إيجابية في سلوكيات الأطفال، بهدف تعزيز مهارات التواصل وزيادة استقلاليتهم في مهام الحياة اليومية.

يقوم أخصائي تحليل السلوك التطبيقي باستخدام استراتيجيات مثل التعزيز الإيجابي وتشكيل السلوك لدعم تعلم الطفل وخفض السلوكيات غير المرغوب فيها. تُصمم هذه الاستراتيجيات بما يتناسب مع احتياجات الطفل الخاصة، لمساعدته على اكتساب مهارات جديدة ضمن بيئات منظمة.

الهدف الأساسي هو تحقيق تقدم مستدام وملموس يظهر في حياة الطفل اليومية. يركّز تدخل تحليل السلوك التطبيقي على التعزيز المستمر، مما يمكّن الطفل المشخص باضطراب طيف التوحد من اكتساب المهارات وتعميمها في مواقف حياتية مختلفة، ويسهم التدخل في تسهيل تعامله مع تحديات حياته اليومية بشكل أفضل.

دور الوالدين في عملية التدخل 

مشاركة الوالدين لا تُعد مجرّد دعم إضافي، بل تمثّل عنصرًا جوهريًا في مسار التدخل. فعندما يكون الوالدان مشاركين نشطين في العملية، يُسهمان بملاحظاتهما وخبراتهما الخاصة، وبذلك يُساعدان في توجيه التدخل بطريقة تتماشى مع الاحتياجات الفريدة لطفلهما.

في جلسات تدريب الوالدين، يتعلمون استراتيجيات إدارة السلوك وتنمية مهارات التواصل لدى طفلهم التي تتوافق جيدًا مع مبادئ تدخل تحليل السلوك التطبيقي. تضمن هذه المشاركة ثبات تطبيق أهداف التدخل في المنزل وفي المواقف الاجتماعية.

كما أن المشاركة الفعّالة تُسهم في بناء علاقة قوية بين الوالدين والأخصائي، وتعزّز التواصل الصريح والواضح بينهم. ويساهم هذا التعاون في تحقيق توازن فعّال بين أهداف التدخل واحتياجات الطفل الفردية، مما يُتيح وضع خطة واضحة تُسهم في تمكين الطفل من بلوغ مراحل نمائية مهمة وإحراز تقدم ملموس.

فوائد تواجد الوالدين خلال جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي

إن تواجد الوالدين خلال جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) يُساعدهم على فهم الاستراتيجيات المستخدمة مع طفلهم، مما يعزز قدرتهم على تطبيقها بفعالية في المنزل و يدعم استمرارية التدخل خارج الجلسات.

يساعد تواجد الوالدين في الجلسات على تقوية الروابط العاطفية مع الطفل، مما يمنحه شعورًا بالطمأنينة والدعم بوجودهم إلى جانبه. ومع أهمية هذه المشاركة، من الضروري أيضًا تحقيق توازن مناسب؛ حيث ينبغي على الوالدين متابعة تقدم طفلهما مع إتاحة الفرصة له للتعلم بشكل مستقل. ويُعد هذا التوازن عاملاً أساسيًا لضمان تحقيق أهداف الجلسات العلاجية بفعالية.

تعزيز التعلم من خلال الملاحظة

يسهم تواجد الوالدين في جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) في تعميق فهمهم لأساليب التعلم التي يتبعها طفلهم والاستراتيجيات التي يستخدمها الأخصائي. إذ يتيح لهم ذلك الاطلاع على كيفية تطبيق الاستراتيجيات، مثل التلقين والتعزيز الإيجابي، مما يساعدهم على نقل هذه الممارسات إلى المنزل لتقوية مهارات الطفل المكتسبة حديثًا.

وبما أن الطفل المشخص باضطراب طيف التوحد يواجه أحيانًا صعوبات في المهارات الاجتماعية، فإن متابعة الجلسات قد تُلهم الوالدين بأفكار لتعزيز التفاعل الاجتماعي، سواء من خلال اللعب أو أثناء اللقاءات العائلية. كما تمنحهم الجلسات فرصة لرؤية تقدّم طفلهم في بيئة منظمة، مما يُمكنهم من خلق مواقف مشابهة في الحياة اليومية.

من خلال ملاحظة ردود أفعال طفلهم تجاه استراتيجيات التدريس المختلفة، يتمكن الوالدان من تعديل طرق الدعم في المنزل بما يتلاءم مع احتياجات الطفل. إن دمج الملاحظة مع الممارسة المنزلية يُعزّز من فعالية التدخل، ويُسهم في تحقيق نتائج تعليمية مستدامة.

تقديم الملاحظات الفورية

الملاحظات الفورية التي تقدم خلال الجلسات العلاجية تُساعد الوالدين على تعلم استراتيجيات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) بشكل مباشر وفوري. وهذا يُؤدي إلى استخدام هذه المهارات بشكل أفضل في الحياة اليومية. ويمكن توضيح آلية عملها كما يلي:

  • التصحيحات في الوقت الحقيقي: من خلال اكتشاف الأخطاء وتلقي النصائح، يمكن للوالدين تغيير الأمور على الفور.

  • ممارسة التعزيز: يتعرف الوالدان على كيفية تأثير توقيت وانواع التعزيز الإيجابي على سلوكيات الطفل.

  • طرح الأسئلة وطلب التوضيح: يتيح لهم الحصول على إجابات فورية من الأخصائي حول طرق التدخل أو مخرجات التدخل.

تضمن هذه الفرص للوالدين دعم نجاح طفلهم في المنزل. تساعدهم الملاحظات على التكيف، مما يُسهّل ربط التدخل بالتحديات اليومية.

تعزيز العلاقة بين الوالدين والطفل

يمكن أن تكون جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي تجربة رائعة للوالدين، فحين يشارك الوالدان يشعر طفلهما بالدعم، مما يعزز الثقة والأمان في علاقتهما.

من خلال المشاركة، يرى الوالدان جهود أطفالهم وقوتهم، مما يُساعدهما على التواصل ودعم نموهم أيضًا. إن متابعة الانجازات الصغيرة خلال الجلسات تخلق جوًا من التشجيع والأمل.

كذلك، عندما يشارك الوالدان بنشاط، يُظهران لطفلهما أن التدخل هو رحلة مشتركة يقطعونها معًا. يساهم هذا التعاون في تعزيز عملية التعلم لكل من الطفل والوالدين بفعالية، حيث يجمع بين التنظيم والدعم مع تعزيز استقلالية الطفل في عملية التطور.

المشاكل التي يواجهها الوالدان أثناء الجلسات العلاجية 

إن تواجد الوالدين خلال الجلسات له فوائد عديدة، ولكنه قد يسبب بعض المشاكل أيضاً، حيث قد يتشتت انتباه الطفل ويجد صعوبة في التركيز على الأخصائي أو المهام المطلوبة منه.

أحيانًا، قد يتسبب الوالدان دون قصد في تعطيل سير الجلسات العلاجية، سواء من خلال تقديم نصائحهما الخاصة أو التأثير على تطوير استقلالية الطفل. لذلك، من الضروري إيجاد توازن بين مشاركة الوالدين وإتاحة المجال للأخصائي والطفل. إن التعامل الفعّال مع هذه المشاكل يعدّ أمرًا جوهريًا لضمان نجاح التدخل.

عوامل تشتيت انتباه الطفل المحتملة

الطفل يتأثر بشدة بالبيئة المحيطة به، وقد يُشكل وجود أحد الوالدين في الجلسات العلاجية مصدر تشتيت له. عندما يشارك الوالدان بشكل متكرر، قد لا يركز الطفل لتعليمات الأخصائي، مما يصعب عليه إتمام المهام والبقاء مركزًا. التعلق الزائد بالوالدين قد يعيق قدرة الطفل على التعلم الذاتي وبناء الثقة اللازمة لإنجاز المهام بمفرده.

بالإضافة إلى ذلك، قد يصدر الوالدان إشارات غير لفظية مُربكة دون قصد، مما قد يعيق سير الجلسة العلاجية. من المهم أن يلتزم الوالدان بالهدوء مع تشجيع طفلهما على الاستقلالية. يُسهم هذا التوازن في خلق بيئة علاجية أكثر فاعلية.

مخاطر التواجد المبالغ فيه من قبل الوالدين

رغم رغبة الوالدين في تقديم المساعدة، إلا أن التواجد المبالغ فيه أثناء الجلسات العلاجية قد يُسبب مشاكل. فإذا تولوا زمام الأمور أو تجاهلوا توجيهات الأخصائي فقد يُضعف ذلك أهداف التدخل.

هذا السلوك المسيطر قد يمنع الطفل من الاستقلالية، ويجعله يعتمد على والديه أكثر من الأخصائي. يحتاج كل طفل إلى تطوير مهاراته الخاصة دون تدخل الوالدين.

ينبغي على الوالدين الثقة بخبرة أخصائي تحليل السلوك التطبيقي (ABA). وعليهم اتباع القواعد المحددة في التدخل لضمان حصول طفلهم على أفضل فرصة لتحقيق تقدم ملموس.

المشاكل النفسية التي لدى الوالدين 

قد تُثير المشاركة في الجلسات العلاجية مشاعر قوية لدى الوالدين. قد يصعب عليهم رؤية طفلهم يواجه الصعوبات، مما قد يُؤدي إلى القلق أو الشعور بالذنب.

وضع أهداف واقعية واستخدام استراتيجيات التكيف مع أخصائي تحليل السلوك التطبيقي (ABA) يُساعد الوالدين في التعامل مع هذه المشاعر. كما أن الاحتفال بالإنجازات الصغيرة خلال الجلسات والحصول على الدعم من الأصدقاء أو الأخصائي يساهم في بناء المرونة النفسية.

يجب على الوالدين أن يدركوا أن الانتكاسات لا تلغي ما تم تحقيقه من تقدم، بل هي جزء طبيعي من مسيرة النمو. وبالتفاؤل والتركيز على النتائج على المدى الطويل، يمكن للوالدين تجاوز المشاكل النفسية التي تواجههم.

في الختام 

يُعدّ بقاء الوالدين أثناء جلسات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) مسألةً مُعقّدة. تختلف احتياجات كل طفل، لذا يجب أن يكون التركيز موجهًا إليه. وجود الوالدين يُساعد على التعلّم، ويتم تقديم ملاحظات فورية لهم ، ويُعزّز العلاقة مع طفلهم. مع ذلك، قد يُسبّب ذلك تشتتًا ومشاكل نفسية. إيجاد توازن جيد لكلٍّ من الطفل والوالدين هو الأساس. يُمكن للجميع أن يُساهموا في عملية التدخل بهذه الطريقة. التحدث بصراحة مع الأخصائي والاهتمام بمشاعر الطفل يُمكن أن يُهيئ بيئة علاجية مُناسبة. تواجدكم مُهم، ولكن من الضروري أيضًا معرفة متى يجب التراجع.

المرجع:

Should Parents Stay During ABA Therapy Sessions? The Role of Family

https://moveupaba.com/blog/should-parents-stay-during-aba-therapy-sessions/