الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

الفروق الفردية لدى الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

pexels eren li 7169004

الفروق الفردية لدى الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

ترجمة: أ شروق السبيعي

عائلتنا المكونة من خمسة أفراد تضم خمسة صور مختلفة ومتميزة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. فبينما ينفجر أحد الأبناء نشاطًا وحيوية، ينغمس آخر في أفكاره. وبينما يتفاعل أحدهم مع الإحباط بغضب واضح، يكبت الآخر هذه المشاعر، مما يؤدي إلى الشعور بالخجل. هذا يشير إلى أن رأيكم حول اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد لا يكون دقيق، وأفضل طريقة للتعامل معه هي الإنصات بعناية لأطفالكم.

يعاني أبنائي الثلاثة من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD أو ADD). وكذلك والدَاهم، ومعظم أصدقائهم. هذا يعني أنني رأيتُ العديد من مظاهر اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه خلال حياتي، وأدركتُ أمرًا مهمًا: لا توجد حالتان متشابهتان من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

ما يناسب طفلًا مشخص باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد لا يناسب طفلًا آخر. وقد لا تكون التسهيلات التي تُنقذ طفلًا في المدرسة ضرورية لطفل آخر. قد تختلف المحفزات، والعثرات، والتحديات، ونقاط القوة اختلافًا كبيرًا بين أبنائي الثلاثة لدرجة أنك لن تتخيل أنهم إخوة. كآباء ومعلمين، علينا بالطبع البحث في التشخيصات، وقراءة الكتب المدرسية، والبحث في مجتمعات الدعم عن إجابات. ولكن الأهم من ذلك كله، يجب أن ننظر إلى كل طفل بشكل فردي.

بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يحتاجون إلى الحركة

بعض الأطفال لا يستطيعون التركيز وهم واقفون. حرفيًا. لا يستطيعون استيعاب المعلومات إلا إذا كانوا يقفزون، أو يتحركون بكثرة، أو يركلون، أو يتجولون. يستفيد هؤلاء الأطفال من الكراسي النطاطة، أو الأربطة المطاطية المشدودة حول أرجل مكاتبهم لاستخدامها في الركل، أو الفصول الدراسية المفتوحة التي تتيح لهم الحركة عند الحاجة.

مررتُ بمرحلة فرط حركة في مراهقتي، و كانت قاسية. حتى اليوم، أستطيع الاستماع بشكل أفضل بوجود لعبة في يدي.

يبدو أن بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يميلون إلى التفكير العميق أو الانشغال الذهني

ابني الأوسط نشيط جدًا ويميل إلى القفز والتحرك كثيرًا. أما ابني الأكبر، فيميل إلى التشتت والتجول بلا هدف، ينظر إلى النافذة، أو يغوص في أفكاره. وأنا كذلك على نفس الحال. يُعتبر هذا النوع من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (Inattentive Type) غالبًا الأصعب في التعرف عليه، لأن هؤلاء الأطفال لا يسببون إزعاجًا أو اضطرابًا للآخرين. لا يثيرون الشغب أو يزعجون الناس. المشكلة تظهر فقط في أوقات الامتحانات، حين لا يعرفون كل الإجابات، فيبدو أنهم “يحققون أداءً منخفضًا”. لن تتمكنوا من الأداء الجيد إذا لم تستطيعوا التركيز لاستيعاب المعلومات أو التركيز أثناء الامتحان.

بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يستطيعون التحكم في أعصابهم، يرجع ذلك إلى ضعف التحكم في الانفعالات

يعاني ابني الأكبر من مشاكل في ضبط انفعالاته، ما يجعله يفقد أعصابه بشكل مفاجئ. ينفعل بشدة عندما يشعر بالجوع أو العطش أو الانزعاج، يرفض التهدئة أو التحكم في انفعاله. أجد صعوبة في الهدوء كذلك عندما أفقد أعصابي. أما زوجي، فنادرًا ما يفقد أعصابه. قد تُسبب هذه الصعوبة في ضبط النفس مشاكل سلوكية خطيرة في الفصل الدراسي، حيث قد يُوصف الأطفال الذي لديهم هذا العرض بأنهم “أطفال سيئين”، وليسوا أطفال لا يستطيعون التحكم في مشاعرهم سبب عوامل عصبية، ويحتاجون إلى مساحة ليتعلموا كيف يتحكمون بها.

بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يستطيعون التعامل مع الفشل

يتعافى ابني الأكبر بسرعة، بينما لا يستطيع ابني الأوسط تحمل أي شكل من أشكال الفشل. فبالنسبة له، يشعر وكأن ذلك يمثل رفضًا له، مما يثير لديه اضطراب حساسية الرفض، وهو أحد الأعراض الشائعة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، والذي غالبًا ما يُساء فهمه. اضطررتُ لتعليمه القراءة ثلاث مرات منفصلة بسبب البكاء ونوبات الغضب التي كانت تنتابه عندما لم يستطع نطق الحروف بشكل صحيح من المحاولة الأولى. هذا أيضًا قد يُسبب الكثير من المشاكل في الفصل، حيث لا يمتلك المعلمون الوقت الكافي لدعم كل طفل أثناء مواجهته لمشاعره القوية.

أنا لم أواجه هذه المشكلة؛ عندما كنت أغضب من الفشل، كنت أنتقد نفسي داخليًا بشدة، لكنني كنت أخشى العواقب بما يكفي لأحاول مجددًا. أما ابني الأوسط، يشعر بالعجز ويمنع نفسه من المحاولة. في بيئة مدرسية تقليدية ذات نظام صارم، قد يفشل ببساطة لأن دماغه المتأثر باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يعمل بشكل طبيعي.

بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يزدهرون في بيئة منظمة، بينما يحتاج آخرون إلى بيئة أكثر مرونة

أنا وزوجي نجحنا بشكل جيد في التعامل مع المدارس ذات النظام الصارم، التي فرضت قواعد وإجراءات رسمية مثل كتابة الواجبات المنزلية بطريقة محددة، وتجليد الكتب، وترتيب العناوين، وغيرها. وكانت هناك عواقب واضحة وصارمة في حال عدم إنجاز العمل بدقة وفي الوقت المحدد. هذا الالتزام الصارم الذي التزم به الجميع شكّل لنا نوعًا من التكيف والتأقلم.

يشعر أبنائي بالملل والإحباط بسرعة عندما يكون هناك الكثير من النظام والروتين. هم يحتاجون إلى قضاء وقت كافٍ في الهواء الطلق للركض، و الالتحاق بدروس تناسب اهتماماتهم، والحصول على مساحة واسعة للتحرك بحرية — بعيدًا عن الوقوف في صفوف منظمة وهم يرتدون الزي المدرسي. “في أي بيئة — منظمة أم غير منظمة — سينمو أطفالكم و يزدهرون بشكل أفضل؟ يمكنكم الإجابة على هذا السؤال فقط من خلال معرفة أطفالكم وفهم احتياجاتهم.

يستفيد بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من التعلم عبر الشاشات، في حين غيرهم لا يناسبهم ذلك.

بعض أدمغة الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تزدهر عند استخدام الشاشات: فالوسيلة الديناميكية تُحفّز الخلايا العصبية في أدمغتهم، مما يعينهم على الحفاظ على تركيزهم واستيعاب المعلومات. التعلم من الشاشة يُساعدهم في الواقع على التعلّم بشكل أفضل. ابني الأكبر والأوسط يدرسان بهذه الطريقة. كانت أجهزة الكمبيوتر بمثابة نعمة لهما، وكذلك أفلام اليوتيوب الوثائقية.

من ناحية أخرى، يتعلّق ابني الأصغر بالشاشات كثيرًا، ويعتمد عليها تمامًا. وعندما تُسحب منه الأجهزة، يبكي ويثور غضبًا. بعد مرور ستة أشهر، لا يزال يطلب تلك اللعبة التعليمية البسيطة في الرياضيات التي جربناها سابقًا دون فائدة تُذكر (ولهذا أطلقنا عليها اسم “متواضعة”). لا تزال تلك اللعبة غير المفيدة تعني له الكثير، حتى لو لم تُساعده فعليًا في التعلم. هو لا يستطيع استخدام الشاشات كوسيلة فعالة للتعلم، وإن فعل، فلا يمكن أن تكون مبنية على الألعاب. من ناحية أخرى، تُفيده ألعاب الطاولة بشكل كبير.

يعاني بعض الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من مستوى تركيز شديد وغير معتاد

أنا وابني الأكبر نركز بشدة، لدرجة أننا نتجاهل العالم ونضيع الوقت. أما ابني الأوسط وصديقه المقرب، فيُصابان بهواجس تمتد لأيام أو أسابيع، أو ربما حتى أشهر. أما ابني الأصغر، فيركز بشدة، على أمرين فقط: الشاشات وألعاب الطاولة.

يُركّز مايكل فيلبس على السباحة، قد يُظهر بعض الأطفال تركيزًا عميقًا على مجالات مثل القراءة أو الألعاب أو الفنون. من الضروري مراقبة ما يُثير هذا التركيز لديهم، وإلى أي مدى ينغمسون فيه، ثم نحاول استثماره بطريقة إيجابية. هذا النوع من الملاحظة قد يكون مفيدًا للغاية حيث تساعدنا في تحديد التسهيلات المناسبة لهم في البيئة المدرسية.

بعض الأطفال المشخّصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد يُظهرون  كل ما سبق – لكن ذلك لا يعني أبدًا أنهم يتعمّدون استفزازك، أو إثارة غضبك، أو إحباطك، أو خذلانك

يعاني أطفالكم من اضطراب عصبي يدفعهم إلى التصرف بطرق مختلفة، وقد تتنوع هذه الطرق من طفل لآخر. ولكن، مهما كانت أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لديهم، فهذه الأعراض ليست ذنبهم. فلا تُشعروهم بالعار. والمقصود بذلك: لا تقولوا لهم عبارات مثل “لماذا لا تُنصتون عندما نتحدث إليكم؟” أو “لماذا لا تبذلون جهدًا أكبر؟” أو “أنتم أذكياء، فلماذا لا تُحسنون التصرف؟”

إذا كان هناك أمر واحد يشترك فيه جميع الأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، فهو أنهم يدركون اختلافهم، ويجتهدون قدر استطاعتهم للتكيّف.

إنهم بحاجة إلى عائلات داعمة تقف بجانبهم. ومن خلال معرفتكم العميقة بأطفالكم، فإنكم تقدمون لهم الدعم في رحلتهم ليصبحوا بالغين معافين، سعداء، و متقبلين لذواتهم رغم التحديات.

لذا، استوعبوا المعلومات من الكتيبات والتشخيصات والأطباء… ثم استمعوا إلى أطفالكم جيدًا.

المرجع: 

My ADHD Looks Nothing Like Your ADHD

https://www.additudemag.com/different-adhd-symptoms-neurodiverse-family/