
كيفية تدريب الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد على مهارة التقليد
ترجمة: أ. شروق السبيعي
استراتيجيات ورؤى لتطوير مهارة التقليد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
فهم أهمية مهارة التقليد
تُعدّ مهارة التقليد من المهارات الأساسية التي تشكّل حجر الزاوية في قدرة الأطفال على التعلّم وتطوير المهارات الاجتماعية والتواصلية. وبالنسبة للأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد (ASD)، فإن غياب هذه المهارة قد يؤثر بشكل كبير في تعلّمهم وتفاعلهم مع الآخرين. تهدف هذه المقالة إلى استعراض استراتيجيات فعّالة لتدريب الأطفال على مهارة التقليد، مع تسليط الضوء على دورها المهم في دعم النمو الشامل، وبيان أثرها المباشر في تمكين الأطفال من اكتساب مهارات إضافية.
مدخل إلى التدريب على مهارة التقليد
كيف يمكننا تدريب الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد على مهارة التقليد؟
عند تدريب الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد على مهارة التقليد، يُفضّل البدء بتقليد الأفعال باستخدام أشياء ملموسة. يمكن استخدام تعليمات واضحة مثل ‘افعل هذا’، مع تنفيذ حركة بسيطة، كإسقاط مكعب داخل كوب. و يُساهم استخدام أدوات متطابقة في تعزيز قدرة الأطفال على التركيز وتقليد الفعل المطلوب بدقة و بفعالية.
استخدام النمذجة والتلقين:
ابدأوا بتقديم تلقين بسيط، مثل التلقين الجسدي، لمساعدة الأطفال على أداء الفعل. ثم خففوا التلقين تدريجيًا مع تقدم الأطفال في أداء المهارة بثقة. يُعرف هذا الأسلوب باسم “التلاشي التدريجي”، ويُعدّ فعالًا في تعزيز استقلالية الأطفال وتمكينهم من التقليد دون الاعتماد المستمر على التلقين.
أهمية التعزيز
يلعب التعزيز دورًا مهمًا في عملية التدريب، حيث يمكن للتعزيز الفوري والمدح أن يحفز الأطفال ويساعدهم على ربط مهارة التقليد بتجارب إيجابية. كما أن دمج أنشطة ممتعة وتفاعلية، مثل استخدام الألعاب في مواقف جذابة، يعزز التعاون ويسهم في تحسين فعالية التدريب.
التدرج من تقليد الأفعال البسيطة إلى المعقدة
بمجرد إتقان تقليد الأشياء، يصبح من الضروري الانتقال إلى تقليد الحركات الكبيرة والدقيقة. ابدأوا بتقديم أفعال أكثر تعقيدًا خطوة بخطوة، مع الحفاظ على جلسات قصيرة ونشطة. بالإضافة إلى ذلك، يُفضل استخدام أنشطة مرتبطة بالروتين اليومي لتعزيز مهارة التقليد وجعل التدريب جزءًا طبيعيًا من يوم الأطفال.
أنشطة تفاعلية لتطوير مهارة التقليد
ما هي بعض الأنشطة التي تُساعد في تطوير مهارة التقليد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟
لتطوير مهارة التقليد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، من الضروري المشاركة في أنشطة تفاعلية متنوعة. إليكم بعض الاستراتيجيات التي يمكنكم اتباعها:
ألعاب الأصوات: حفّزوا الأطفال على المشاركة في ألعاب تبادل الأصوات، مثل إصدار أصوات وجهًا لوجه والتوقف لمعرفة ما إذا كانوا الاطفال سـ يكررونها. كما يمكن استخدام أصوات الحيوانات لجذب انتباه الأطفال وجعل التدريب ممتعًا.
اللعب أمام المرآة: استخدموا المرآة للقيام بإظهار تعابير وجه مضحكة وتعليم حركات الوجه، مما يجعل تمارين التقليد ممتعة ويساعد الأطفال على رؤية ما يجب عليهم القيام به.
الروتين اليومي: دمج مهارة التقليد أثناء الأنشطة اليومية مثل وقت تناول الطعام أو ارتداء الملابس، لتشجيع التناوب والتدريب ضمن بيئة طبيعية ومألوفة.
الألعاب التفاعلية: الألعاب المنظمة مثل “سيمون يقول” واستخدام مجموعات متطابقة من الأدوات تساهم في تعزيز قدرة الأطفال على تقليد الأفعال بشكل أفضل. فعلى سبيل المثال، يمكن القيام بتدحرج سيارة وطلب من الطفل تقليد هذا الفعل.
الاحتفال بالنجاحات: قدموا مدحًا فوريًا أو احتفلوا عندما يقوم الأطفال بالتقليد بشكل صحيح. يساهم هذا التعزيز في تحفيز الأطفال على المشاركة في أنشطة التقليد ويخلق بيئة تعليمية إيجابية.
إن جعل هذه الأنشطة ممتعة و متوافقة مع اهتمامات الأطفال يعزز من تعاونهم ويساهم في تنمية مهاراتهم بشكل أفضل.
دور مهارة التقليد في تطور الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
كيف تؤثر مهارة التقليد على تطور الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟
تلعب مهارة التقليد دورًا أساسيًا في تنمية المهارات الاجتماعية والتواصلية لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، إذ يُعدّ من العوامل الأساسية في تطوير مهارة التواصل الهادفة، ويعتبر من العوامل الرئيسية التي تسهم في تحقيق تعلم فعّال. غالبًا ما يواجه هؤلاء الأطفال صعوبة في تقليد الآخرين، مما يؤثر سلبًا على اكتسابهم لمهارات اللغة والتفاعل الاجتماعي اللازمة للتواصل الناجح.
التأثير على تطور التواصل الهادف
الأطفال الذين يفتقرون إلى إظهار تقدم ملحوظ في مهارة التقليد قد يواجهون تأخير في قدرتهم على التواصل الهادف. يمكن أن يحد هذا من فرص التعلم سواء في المواقف الأكاديمية أو الاجتماعية. تقدم خدمات التدخل المبكر، ومنها تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، استراتيجيات منهجية لتعزيز مهارة التقليد. على سبيل المثال، يمكن استخدام الألعاب المفضلة لتحفيز الأطفال على المشاركة أثناء التدريب على مهارة التقليد، مما يضفي على عملية التدريب طابعًا ممتعًا ومحفزًا.
أهمية التدخل المبكر
أظهرت عدة تدخلات، مثل استخدام الروبوتات الاجتماعية كروبوت QTrobot، فعالية كبيرة في تطوير مهارة التقليد، خصوصًا لدى الأطفال الذين قد يعانون من قلق عند التفاعل مع البشر. تسهم البيئات التدريبية المنظمة في زيادة مشاركة الأطفال وتحسين تعاونهم، مما يؤدي في النهاية إلى تطوير مهارة التقليد بشكل أفضل. بشكل عام، يُعتبر تطوير مهارة التقليد من خلال التدخل المبكر أمرًا ضروريًا ليس فقط لتعزيز فرص التعلم، بل أيضًا لتطوير مهارة التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد.
خطوات التدريب على مهارة التقليد
ما هي الخطوات المتبعة لتدريب الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد على مهارة التقليد؟
يشمل التدريب على مهارة التقليد عادةً مجموعة من الخطوات الأساسية التي تساعد الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد على تطوير هذه المهارة المهمة.
تحديد المعزز: ابدأوا بتحديد ما يحفز الأطفال. قد يكون لعبة مفضلة، أو حتى تعزيز لفظي. فهم اهتماماتهم يسهم في زيادة تفاعلهم.
إعطاء التعليمات : اجذبوا انتباه الأطفال أولًا. استخدموا تعليمات لفظية واضحة وموجزة، مع نمذجة الفعل الذي تريدون منهم تقليده. على سبيل المثال، القيام بفعل بسيط كالتصفيق.
استخدام التلقين والتعزيز: إذا واجه الأطفال صعوبة، فقدموا لهم تلقين جسدي لمساعدتهم. من الضروري تقديم تعزيز فوري للمحاولات الناجحة، لما لذلك من دور في دعم السلوك المستهدف وترسيخه.
التكرار والممارسة : كرّروا المهمة عدة مرات، مع إتاحة الفرصة للأطفال للممارسة. خففوا التلقين تدريجيًا عند تحسن مستوى الإتقان لدى الأطفال.
إن تطبيق هذه الخطوات يمكن أن يطور مهارة التقليد بشكل فعال، ويعزز التعلم والتفاعلات الاجتماعية.
أهمية مهارة التقليد في اضطراب طيف التوحد
لماذا تُعد مهارة التقليد من المهارات النمائية المهمة لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟
يُعد التقليد مهارة أساسية تسهم بشكل كبير في نمو الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد، إذ تمكّنهم من اكتساب السلوكيات واللغة والمهارات الاجتماعية من خلال الملاحظة والتكرار. كثيرًا ما يواجه الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد (ASD) صعوبات لاكتساب مهارة التقليد، مما يؤثر على قدرتهم على التواصل والتفاعل الاجتماعي. قد تعيق هذه الصعوبات نموهم العام مقارنةً بأقرانهم الطبيعيين.
لقد أثبتت المناهج التعليمية المنظمة، مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، فعاليتها في تطوير مهارة التقليد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، مما ينعكس إيجابًا على تجربتهم التعليمية. وتُعد برامج التدخل المبكر ضرورية، حيث تشير الأبحاث إلى وجود ارتباط وثيق بين ضعف مهارة التقليد وتأخر النمو في الجوانب الإدراكية واللغوية. ومن خلال تطوير مهارة التقليد، يمكن للآباء دعم أطفالهم على التفاعل الاجتماعي، وتعزيز الروابط مع الأقران، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة القائمة على تبادل الأدوار.
تُسهم مهارة التقليد بشكل مباشر في تعزيز قدرة الأطفال على التفاعل مع الآخرين، ومشاركة الخبرات، وتطوير مهاراتهم الإدراكية والاجتماعية الأساسية. وعندما يتمكن الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد من اكتساب هذه المهارة، يحرزون تقدمًا ملحوظًا في التواصل الفعّال، مما يُثري تجربتهم التعليمية ويجعل مهارة التقليد عنصرًا جوهريًا في برامج التدخل والعلاج الموجهة لاضطراب طيف التوحد.
استراتيجيات عملية للتدريب الفعال على مهارة التقليد
ما هي بعض الاستراتيجيات العملية لتطوير مهارة التقليد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟
لتطوير مهارة التقليد بشكل فعال لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، يمكن للآباء والمعلمين الاستفادة من مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات.
استراتيجيات التقليد المشروط
قلّدوا الأطفال: ابدؤوا بتقليد سلوكيات الأطفال لتحفيزهم على التفاعل، فهذه الخطوة تساهم في بناء بيئة تعليمية تفاعلية ومشوقة تشجع الأطفال على الاستجابة والمشاركة.
استخدموا التلقين: ابدؤوا بأداء الحركة المستهدفة مع قول “افعل هذا”، وقدموا تلقينًا جسديًا عند الحاجة. خففوا التلقين بشكل تدريجي كلما زادت ثقة الأطفال و أتقنوا المهارة.
دمج الأنشطة القائمة على اللعب
سيناريوهات ممتعة: ادمجوا اللعب أثناء تدريب الأطفال، مثل دحرجة سيارة وتشجيع الأطفال على تقليدها. استخدموا الألعاب المفضلة للأطفال لتعزيز التفاعل والتعاون بينهم.
تقليد الأشياء: استخدموا مجموعات متطابقة من الأدوات التي تمكّنكم من تنفيذ أفعال متشابهة، مع تعزيز محاولاتهم من خلال المدح والتشجيع.
المشاركة في الروتين اليومي: قوموا بالتدريب على مهارة التقليد خلال الأنشطة اليومية مثل أوقات الأكل أو ارتداء الملابس.
استخدام التكنولوجيا والروبوتات الاجتماعية
الروبوتات الاجتماعية: يساهم استخدام الروبوتات الاجتماعية مثل QTrobot في خلق بيئة تدريبية منظمة تساعد الأطفال على خفض القلق وزيادة الدافعية لتقليد السلوكيات.
التعلم المنظم: يمكن للروبوتات نمذجة السلوكيات بشكل منتظم، مما يجعل بيئة التدريب على مهارة التقليد أكثر توقعًا وأمانًا، وهذا قد يسهم في تحقيق نتائج أفضل للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد.
يمكن أن يعزز الجمع بين التدريب باستخدام المحاولات المنفصلة (DTT) وهذه الاستراتيجيات الطبيعية تطوير المهارة بشكل أكبر، مما يضمن اكتساب الأطفال للمهارات الأساسية اللازمة للتفاعلات الاجتماعية وتعلم اللغة.
استكشاف الطرق الحديثة والمبتكرة في التدريب على مهارة التقليد
ما هي نتائج الأبحاث؟
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الدمج بين استراتيجية التدريب من خلال المحاولات المنفصلة (DTT) والتقليد المشروط يُعد أسلوبًا واعدًا في تنمية مهارة التقليد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد (ASD) الذين في سن ما قبل المدرسة. وتُظهر النتائج أن هذا الأسلوب يحقق نتائج أفضل لدى الأطفال الذين يمتلكون بعض المهارات الأساسية في التقليد. ويتميّز بقدرته على تعزيز الجوانب الوظيفية لمهارة التقليد، إلى جانب دوره الفعّال في دعم التفاعل الاجتماعي، مما يساهم في تقديم تجربة تعليمية متكاملة تتماشى مع متطلبات النمو لدى الأطفال.
ما هي التحديات والتدخلات الموجودة؟
يواجه الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد (ASD) تحديات متكررة في تقليد الأفعال، خصوصًا في السياقات الاجتماعية. وغالبًا ما تفتقر الاستراتيجيات التقليدية مثل استراتيجية التدريب من خلال المحاولات المنفصلة (DTT) إلى العناصر الاجتماعية، مما قد يحدّ من فعاليتها. في المقابل، تركز استراتيجيات التقليد المشروط على متابعة قيادة الأطفال، مما يخلق بيئة تعليمية أكثر تفاعلاً واستجابة لاحتياجاتهم. كما برز استخدام الروبوتات الاجتماعية مثل QTrobot كتدخل فعّال، إذ يُسهّل هذا النوع من التدخل إجراء التدريب على مهارة التقليد بشكل منظم، مما يساهم في تقليل القلق وتعزيز التعاون لدى الأطفال.
ما هي الاتجاهات المستقبلية للتدريب على مهارة التقليد؟
ينبغي أن تركز الجهود المستقبلية لاكتساب مهارة التقليد على تقديم تدخلات فردية تتناسب مع احتياجات كل طفل بشكل فردي. كما يُعد تنويع استراتيجيات التدريب وزيادة قابليتها للتكيف مع احتياجات الأطفال، إلى جانب مواصلة البحث في الدمج الفعّال بين الاستراتيجيات التقليدية والمبتكرة، أمرًا ضروريًا لتعزيز جودة التدخلات وتحقيق نتائج إيجابية. إن استكشاف دور التكنولوجيا والروبوتات الاجتماعية في التدريب على مهارة التقليد قد يمهد الطريق نحو تجارب تعليمية أكثر تفاعلية وفاعلية، مما يضمن اكتساب الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد المهارات الأساسية في التواصل والتفاعل الاجتماعي.
بناء أساس قوي من خلال مهارة التقليد
من خلال استراتيجيات مدروسة، وأنشطة تفاعلية، ووسائل تعليمية متطورة، يستطيع الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد تحقيق تطوّر ملحوظ في مهارة التقليد. تُعدّ هذه المهارة ركيزة أساسية للنمو الشامل والمشاركة الفعّالة في البيئات الاجتماعية. يُسهم الاهتمام المبكر بتنمية هذه المهارات في تمكين الآباء والمعلمين من تقديم دعم أكثر فعالية، من خلال توفير بيئة تعليمية غنية ومحفّزة تتيح فرصًا أوسع للتدريب، وتُعزز تطوّر مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي، مما يدعم النمو الشامل للأطفال في مختلف المجالات.
المرجع:
How to Teach Imitation Skills to Children with Autism
https://www.precisionfamilytherapy.com/post/how-to-teach-imitation-skills-to-children-with-autism