
كيفية التعامل مع نوبات الغضب المتكررة في الأماكن العامة: استراتيجيات عملية للآباء قائمة على تحليل السلوك التطبيقي
ترجمة: أ. شروق السبيعي
قد يكون التعامل مع نوبات الغضب في المنزل صعبًا، ولكن عندما تحدث في الأماكن العامة فإن التحدي يتفاقم، كل أب واجه انهيارًا في متجر بقالة أو نوبة غضب في مطعم، ولكن الخبر السار هو أنه باستخدام الأدوات والاستراتيجيات الصحيحة – القائمة على تحليل السلوك التطبيقي (ABA) – يمكنك إدارة هذه المواقف بشكل فعال، يركز تحليل السلوك التطبيقي على فهم وظيفة السلوكيات وتنفيذ استراتيجيات قائمة على الأدلة لتقليل تكرار وشدّة الانفعال، في هذه المقالة سنتناول استراتيجيات تحليل السلوك التطبيقي للتعامل مع نوبات الغضب العامة ومنع حدوثها في المستقبل.
فهم سبب حدوث نوبات الغضب في الأماكن العامة
نوبات الغضب هي شكل من أشكال التواصل، وخاصة عندما يفتقر الطفل إلى المهارات اللغوية للتعبير عن احتياجاته، في الأماكن العامة قد تزداد نوبات الغضب بسبب:
- التحفيز الزائد: يمكن للبيئات الجديدة والحشود والأصوات أن تطغى على حواس الطفل، مما يؤدي إلى الانهيار العصبي.
- التعب أو الجوع: يمكن لهذه الاحتياجات الفسيولوجية الشائعة أن تجعل الطفل أقل تحملًا للتأخير أو التغييرات في الروتين.
- عدم المعرفة: إن عدم القدرة على التنبؤ بالأماكن العامة (على سبيل المثال، أماكن أو أشخاص غير مألوفين) قد يؤدي إلى خلق الشعور بالقلق، مما يؤدي إلى سلوكيات غير مرغوب فيها.
من منظور تحليل السلوك التطبيقي يعد فهم وظيفة نوبة الغضب أمرًا بالغ الأهمية، هل يسعى طفلك إلى جذب الانتباه/التواصل، أو الهروب من موقف ما، أو الوصول إلى عنصر/نشاط، أو الحصول على مدخلات حسية؟ يساعد تحديد الوظيفة في تحديد كيفية الاستجابة ومنع حدوث مثل هذه السلوكيات في المستقبل.
حضّر طفلك قبل الخروج
يركز تحليل السلوك التطبيقي على التدخلات السابقة ، وهو ما يعني معالجة الأسباب المحتملة قبل أن تؤدي إلى مشكلة سلوكية.
أخبر طفلك: أخبر طفلك مسبقًا بما يتوقعه، يمكن للغة البسيطة والواضحة أو الجدول البصري أن يقدم الترتيب والقدرة على التنبؤ، مما يقلل من الشعور بالقلق.
مثال: “أولاً، نذهب إلى المتجر، ثم سيكون لدينا وقت للوجبات الخفيفة.”
القصص الاجتماعية: هي عبارة عن روايات قصيرة وشخصية تصف موقفًا، بما في ذلك ما يمكن للطفل أن يتوقعه وما يجب عليه فعله.
احضر أشياء مريحة: يمكن لشيء مألوف، مثل لعبة مفضلة أو وجبة خفيفة، أن يقدم شعوراً بالأمان في بيئة غير مألوفة.
المبدأ الذي يعمل به ABA: من خلال إعداد طفلك وتقليل الغموض، فإنك تعالج الأسباب المحتملة التي قد تؤدي إلى نوبة غضب.
حافظ على هدوئك وتجنب المبالغة في رد الفعل
يلعب سلوكك الشخصي دورًا رئيسيًا في كيفية استجابة طفلك.
- حافظ على هدوئك: كثيرًا ما يقلد الطفل سلوك والديه، فإذا صعّدت من انفعالاتك فقد يصعّد طفلك من انفعالاته أيضًا، مارس التنفس العميق أو خذ لحظة للابتعاد إذا شعرت بالإرهاق (على افتراض أنه من الآمن القيام بذلك).
- تجنب تعزيز نوبات الغضب: من منظور تحليل السلوك التطبيقي من الممكن أن يتكرر السلوك الذي يتم تعزيزه، إذا استسلمت لطلب أثناء نوبة غضبه (على سبيل المثال، شراء حلوى لوقف البكاء)، يتعلم طفلك أن نوبة الغضب هي طريقة فعالة للحصول على ما يريد، بدلاً من ذلك قدم له عنصرًا مشابهًا ولكنه أقل رغبة، مثل وجبة خفيفة من حقيبتك بدلاً من الحلوى عند ممر الخروج.
المبدأ الذي يعمل به ABA: من خلال توفير قدر أقل من التعزيز عند حدوث نوبة الغضب، فإنك تقلل من احتمالية تعزيز السلوك.
استخدم التعزيز الإيجابي للسلوكيات المرغوبة
يعد التعزيز الإيجابي حجر الزاوية في تحليل السلوك التطبيقي وهو فعال للغاية في تشجيع السلوكيات المرغوبة.
- امدح سلوكيات معينة: عندما يتصرف طفلك بشكل مناسب في الأماكن العامة، عزز هذا السلوك على الفور بالثناء، كن محددًا حتى يعرف بالضبط ما فعله بشكل صحيح.
مثال: “أنا أحب كيف بقيت بجانبي في المتجر!”
- استخدم المكافآت الصغيرة: إذا كانت الجولات العامة صعبة، ففكر في الأقتصاد الرمزي أو نظام مكافآت بسيط، على سبيل المثال كسب جائزة صغيرة أو مكافأة بعد إكمال مهمة بنجاح (على سبيل المثال “إذا بقيت بجانبي في المتجر، فستحصل على 5 دقائق من وقت الشاشة عندما نصل إلى المنزل”).
المبدأ الذي يعمل به ABA: التعزيز الإيجابي يزيد من احتمالية تكرار طفلك للسلوك المرغوب في المواقف المستقبلية.
إعادة توجيه طفلك وتشتيت انتباهه
يعد إعادة التوجيه استراتيجية مفيدة من تحليل سلوك تطبيقي، خاصة عندما تكتشف العلامات المبكرة لنوبة غضب قادمة.
- أشركه في مهمة مختلفة: إذا لاحظت أن طفلك يشعر بالإحباط، فتعاطف معه ثم حاول إعادة توجيه انتباهه إلى شيء أكثر متعة أو إثارة للاهتمام.
مثال: “أعلم أن الطابور طويل، انظر إلى تلك البالونات الملونة!” أو “أعلم أنك تحبها، هل يمكنك مساعدتي في العثور على التفاح؟”
- تقديم الخيارات: إن منح طفلك شعورًا بالتحكم يمكن أن يخفف من حدة الموقف في كثير من الأحيان، على سبيل المثال “هل تريد المشي معي أم الجلوس في العربة؟” هذا الاختبار البسيط يقدم التحكم مع بقاءك مسؤولًا عن الموقف.
المبدأ الذي يعمل به ABA: إعادة التوجيه بمثابة تدخل مسبق، مما يمنع السلوكيات الغير مرغوب فيها من خلال تقديم بديل أكثر قبولا.
حدد طلبات واضحة وبسيطة
يحتاج الطفل إلى معرفة السلوك المتوقع منه، في تحليل السلوك التطبيقي يعد التواصل الواضح وطلبات يمكن التعامل معها أمرًا ضروري.
- اشرح الخطة: قبل الخروج قم بوضع الخطوات، استخدم لغة واضحة وموجزة أو وسائل دعم بصرية (مثل جدول مصور).
مثال: “سنذهب إلى المتجر، وعليك البقاء بجوار عربة التسوق، بعد الانتهاء يمكنك اختيار وجبة خفيفة.”
- حافظ على تعليمات بسيطة: تجنب إرهاق طفلك بالعديد من التعليمات في وقت واحد، ركز على طلب واضح واحد في كل مرة.
المبدأ الذي يعمل به ABA: يساعد تحديد الطلبات الواضحة على تقليل احتمالية حدوث نوبة غضب.
ممارسة الروتين المستمر
تعد الاستمرارية أمرًا أساسيًا في تحليل السلوك التطبيقي، كما يساعد الروتين في تقديم شعور الأمان للطفل.
- التزم بالروتين المألوف: إذا كان ذلك ممكنًا، حافظ على نفس الروتين في الجولات العامة، يشعر الطفل براحة أكبر عندما يعرف ما يمكن توقعه.
- استخدم روتينًا حتى في الأماكن العامة: إذا كان طفلك يعرف أنه بعد متجر البقالة تأتي وجبة خفيفة، فسيكون متعاون أكثر لأنه يتوقع الجزء التالي من الروتين.
المبدأ الذي يعمل به ABA: الاستمرارية والقدرة على التنبؤ يقللان من الشعور بالقلق الذي يؤدي غالبًا إلى نوبة غضب.
التخطيط للاستراحات وإدارة التوقعات
إن فهم حدود طفلك والتخطيط لذلك أمر بالغ الأهمية.
- عرض فترات راحة: إذا كانت رحلتك طويلة أو مرهقة، فخطط لفترات راحة قصيرة للسماح لطفلك بإعادة ضبط نفسه.
مثال: “دعنا نجلس على هذا المقعد لبضع دقائق، ثم سننتهي”.
- حافظ على إمكانية تنظيم الجولات: اعرف مدى قدرة طفلك على تحمل الأماكن العامة وخطط للجولات وفقًا لذلك، لا تجبره على الخروج إلى ما هو أبعد من حدوده، خاصة إذا كان متعبًا أو جائعًا.
المبدأ الذي يعمل به ABA: تساعد إدارة التوقعات وتوفير فترات الراحة على منع المحفزات التي يمكن أن تؤدي إلى نوبة غضب، ومعالجة سوابق السلوك الغير مرغوب فيه.
بعد نوبة الغضب: التفكر والتعليم
يركز تحليل السلوك التطبيقي على تعليم السلوكيات المرغوب فيها عندما يكون طفلك سعيدًا ومسترخيًا ومتفاعل، أثناء الموقف الصعب وبعده مباشرة ليس الوقت المناسب لتعليم السلوكيات المرغوب فيها، عندما يتم إبعادك عن الموقف (فكر في اليوم التالي) وطفلك يكون سعيدًا ومسترخيًا ومتفاعل، استخدم هذا الوقت كفرصة لتعليم طفلك وممارسة ما يمكنه فعله في المرة القادمة.
- تأمل في التجربة: فكر في سلوكك الشخصي و إدارتك للموقف، ما الذي أثار السلوك؟ كيف بدأ السلوك؟ كيف استجبت للسلوك؟ ما الظروف الإضافية المحيطة بالسلوكيات والتي يمكن أن تساعدك على الاستعداد بشكل أفضل في المرة القادمة؟ على سبيل المثال هل تناول طفلك وجبة الإفطار في وقت مبكر جدًا وتجاهل الوجبات الخفيفة، وذهبت للتسوق في وقت الغداء؟ يمكن أن يساعدك التفكير في هذه العوامل في إعداد طفلك بشكل أفضل عند الخروج التالي.
- تعليم بدائل أخرى: ساعد طفلك على بناء مهارات جديدة من خلال تعليمه كيفية التعبير عن احتياجاته بشكل مناسب (على سبيل المثال استخدام الكلمات أو جهاز التواصل البديل، أو الإشارة إلى صورة، أو الإشارة).
المبدأ الذي يعمل به ABA: من خلال التركيز على تعليم السلوكيات البديلة، يمكنك تقليل احتمالية حدوث نوبة الغضب في المستقبل.
متى يجب عليك طلب المساعدة من المتخصصين
رغم أن نوبات الغضب بين وقت وآخر تعتبر طبيعية، إلا أن نوبات الغضب المتكررة أو الشديدة قد تشير إلى الحاجة إلى تدخل متخصص.
- ابحث عن الإشارات الحمراء: إذا كانت نوبة الغضب متكررة للغاية، أو مستمرة لفترة طويلة، أو ينطوي على عدوان، فقد يكون الوقت قد حان لطلب الدعم من محلل سلوك معتمد من مجلس الإدارة.
- تدخل تحليل السلوك التطبيقي : يعمل محللو السلوك التطبيقي المعتمدون مع الأسر لتطوير خطط سلوكية مخصصة تركز على خفض نوبات الغضب من خلال تعليم السلوكيات الوظيفية البديلة.
المبدأ الذي يعمل به ABA: التدخل المهني هو المفتاح عندما تستمر السلوكيات على الرغم من تطبيق الاستراتيجيات، حيث يمكن لمحلل السلوك التطبيقي المعتمد إجراء تقييم وظيفي شامل للسلوك وإنشاء تدخل مصمم خصيصًا.
المرجع: