ترجمة : أ. عبدالله الأحمري
يُركز العلاج الوظيفي كتخصص على مساعدة العملاء لتطوير واستعادة وتحسين والحفاظ على المهارات اللازمة لأداء الوظائف اليومية. الهدف الأساسي هو تعزيز استقلالية الفرد من خلال تطبيق تكيّفات وأنشطة وتمارين تُساهم في تحسين جودة حياته.
يعمل العلاج الوظيفي للأطفال – أو “العلاج الوظيفي ” – ضمن هذا الإطار نفسه، لكن قد تختلف أساليب العلاج والأهداف قليلاً عما يتلقاه البالغون. حيث يتم تصميم التدخلات بما يتناسب مع المرحلة النمائية للطفل وبيئته الطبيعية.
تأثير العلاج الوظيفي الإيجابي على الأسرة:
- تقليل الضغوط الأسرية: عندما يكتسب الطفل مهارات العناية الذاتية (كالأكل وارتداء الملابس)، يقل العبء على الوالدين
- تعزيز التفاعل الأسري: تحسين المهارات الاجتماعية والحركية للطفل يسهل مشاركته في الأنشطة العائلية
- تمكين الوالدين: يتعلم الآباء استراتيجيات عملية لدعم نمو طفلهم في الحياة اليومية
- تحسين جودة الحياة المشتركة: نجاح الطفل في أداء مهامه اليومية يعزز الثقة ويخلق جواً أسرياً إيجابياً
يُعد العلاج الوظيفي للأطفال استثماراً في استقلالية الطفل وسعادة الأسرة ككل، حيث تتحول التحديات اليومية إلى فرص للنمو والترابط الأسري.
كيف يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي للأطفال بالتعاون مع العائلات لمساعدتهم على النمو
أجرينا حواراً مع الدكتورة بوبي جرينر، مديرة برامج زمالة العلاج الوظيفي والأستاذة المساعدة في جامعة كريغتون، للتعرف على كيفية عمل أخصائيي العلاج الوظيفي للأطفال جنباً إلى جنب مع أولياء الأمور ومقدمي الرعاية لتمكين الأطفال من تحقيق إمكاناتهم.
ما دور أخصائي العلاج الوظيفي للأطفال؟
يسعى أخصائيو العلاج الوظيفي إلى تمكين العملاء من أداء مهامهم اليومية – أو “المهن” – بأقصى قدر من استقلالية. و يركز أخصائيو العلاج الوظيفي للأطفال على مساعدة الأطفال في تحقيق الاستقلال من خلال العمل على تطوير المهارات الحركية الدقيقة، و الحسية، والبصرية-الحركية التي يحتاجونها في حياتهم اليومية وتفاعلاتهم الاجتماعية.
وتوضح الدكتورة جرينر أن “مهام” الطفل تختلف تماماً عن مهام البالغين. فمهمته الرئيسية هي اللعب، والتعلم، والتفاعل مع الأطفال الآخرين – أن يكون طفلاً، وأخاً، وزميلاً في الصف. وتضيف: “اعتماداً على طبيعة الصعوبات التي يواجهها الطفل، يمكن أن تكون هذه المهام تحديًا حقيقياً”.
دور أخصائي العلاج الوظيفي للأطفال
يقوم أخصائيو العلاج الوظيفي للأطفال بتقييم المهارات الحالية لكل طفل في مجالات اللعب، والأداء المدرسي، والأنشطة اليومية، مقارنة بما هو مناسب نمائياً لفئته العمرية. وتساعد هذه التقييمات في تحديد التعديلات المطلوبة لتمكين الأطفال من أداء الأنشطة اليومية التي قد تبدو صعبة عليهم.
مجالات التقييم الشاملة:
توضح الدكتورة جرينر: “نركز على مشاركة الطفل في المهام اليومية مثل اللعب، والأنشطة المدرسية، وأنشطة الحياة اليومية. نقيم المهارات الحركية الدقيقة والكبيرة، والمعالجة الحسية، والتنظيم العاطفي، و التكامل البصري الحركي، وغيرها”.
نهج قائم على نقاط القوة:
تؤكد الدكتورة جرينر على أهمية التركيز على قدرات الطفل بدلاً من إبراز ما لا يستطيع فعله. “عندما أدرّس طلاب العلاج الوظيفي، نتحدث عن النهج القائم على نقاط القوة. بدلاً من التعامل مع العجز، هدفنا هو تسهيل التعديلات بناءً على مهارات الطفل واحتياجاته. كيف يمكننا تعديل العالم من حولهم ليتناسب مع ما يستطيعون فعله؟”
تطوير المهارات كعملية مستمرة:
وتضيف: “الأطفال لا يزالون في طور تطوير المهارات – عادة ما نركز على التنمية أكثر من استعادة المهارات المفقودة. جزء كبير من ممارسة العلاج الوظيفي للأطفال يتمثل في تسهيل تطوير المهارات للأطفال الذين ولدت عقولهم وأجسادهم باحتياجات وقدرات مختلفة”.
أهداف العلاج الوظيفي للأطفال
تشمل الأهداف الرئيسية للعلاج الوظيفي للأطفال ما يلي:
- تحسين المهارات الحركية وتنمية التنسيق بين اليد والعين
- تعلّم مهارات الرعاية الذاتية مثل الاستحمام، تنظيف الأسنان، وتناول الطعام بشكل مستقل
- الحفاظ على السلوكيات الإيجابية في مختلف البيئات والمواقف
- تعزيز الانتباه والمهارات الاجتماعية وتطوير التفاعل مع الآخرين
- تنمية التوازن، والقوة العضلية، ودمج المنعكسات لتحسين الحركة والثبات
بيئات الممارسة المهنية:
يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي للأطفال بشكل أساسي في العيادات الخارجية والمدارس، كما يعمل بعضهم في المرافق الداخلية (المستشفيات). وتضيف الدكتورة جرينر: “يمثل التدخل المبكر مجال عمل آخر للأخصائيين، حيث يُقدّم الخدمات في المنزل أو في البيئة الطبيعية للطفل، مما يمكن الأخصائيين من تدريب الوالدين ومقدمي الرعاية على استراتيجيات يومية لتنمية مهارات الطفل.”
نهج شمولي يركز على الأسرة:
يركز هذا النهج على تمكين جميع أفراد الأسرة للمشاركة بفعالية في رحلة نمو الطفل، مع التركيز على:
- الممارسة اليومية المستمرة
- دمج الأنشطة العلاجية في الروتين المنزلي
- تكييف المحيط ليتلاءم مع احتياجات الطفل
- بناء قدرات مقدمي الرعاية لضمان استمرارية التقدم
متى يحتاج الطفل لزيارة أخصائي العلاج الوظيفي للأطفال؟
في بعض الحالات، يكون الطفل قد حصل بالفعل على تشخيص محدد قبل بدء العمل مع أخصائي العلاج الوظيفي. لكن في حالات أخرى، يمكن أن تساعد تقييمات العلاج الوظيفي في تحديد الخطوات التالية لطبيب الأطفال. ورغم أن العلاج الوظيفي ليس تخصصاً تشخيصياً، إلا أن الأخصائيين يمكنهم المساهمة في عملية التشخيص ضمن فريق الرعاية الصحية.
توضح الدكتورة جرينر: “عندما يُحال الطفل إلى أخصائي العلاج الوظيفي، فإن ذلك غالباً ما يكون بسبب ملاحظة الوالدين أو طبيب الأطفال لوجود اختلاف في النمو لدى الطفل مقارنة بأقرانه في نفس العمر. وقد يظهر هذا الاختلاف في المهارات الحركية الدقيقة والكبيرة، أو في المهارات السلوكية، أو صعوبة تنظيم المشاعر، أو مشاكل مرتبطة بالمعالجة الحسية”.
علامات تدل على حاجة الطفل للعلاج الوظيفي:
- تأخر في المهارات الحركية: صعوبة في مسك القلم، استخدام المقص، أو ربط الأزرار
- تحديات حسية: حساسية مفرطة تجاه الأصوات، الأضواء، أو القوام المختلفة
- صعوبات في التنظيم الذاتي: نوبات غضب متكررة، صعوبة في الانتقال بين الأنشطة
- تحديات في الرعاية الذاتية: صعوبة في ارتداء الملابس، تناول الطعام، أو النظافة الشخصية
- مشاكل في التفاعل الاجتماعي: صعوبة في اللعب مع الأقران أو فهم الحدود الشخصية
يُعد التدخل المبكر عاملاً مهماً في تحقيق أفضل النتائج، حيث يساعد الطفل على تطوير المهارات اللازمة للنجاح في المهام اليومية والتفاعلات الاجتماعية.
الأطفال المعرضين لتأخر النمو
يواجه الأطفال المصابون بالحالات التالية خطراً متزايداً للإصابة بتأخر النمو:
- إصابات الولادة / العيوب الخلقية
- اضطرابات المعالجة الحسية
- إصابات الدماغ / الحبل الشوكي الرضحية
- صعوبات التعلم
- التحديات السلوكية
- اضطراب طيف التوحد وغيره من اضطرابات النمو الشاملة
- الشلل الدماغي والأمراض المزمنة الأخرى
- متلازمة داون وغيرها من الحالات الجينية التي تؤثر على جسم الطفل ودماغه
كيف يعمل أخصائيو العلاج الوظيفي للأطفال مع مقدمي الرعاية؟
يُعد التعاون مع أولياء الأمور ومقدمي الرعاية جزءاً جوهرياً في عملية العلاج الوظيفي للأطفال، بدءاً من التقييم ووصولاً إلى التدخل.
وتؤكد الدكتورة جرينر: “يُعد الوالدان ومقدمو الرعاية الخبراء الحقيقيين بأطفالهم. توفر خبرتهم الحياتية رؤى بالغة الأهمية لوضع خطة العلاج الأنسب”. وتشرح أن فهم أهداف مقدم الرعاية لطفله، ومعرفة ما يحبه الطفل وما يتقنه، لا تقل أهمية عن اكتشاف المشكلات التي قد يعاني منها.
أسس التعاون الناجح:
- الشراكة في وضع الأهداف: مشاركة الأسرة في تحديد أولويات العلاج
- التبادل المستمر للملاحظات: الاستفادة من ملاحظات الأسرة اليومية حول استجابة الطفل
- التدريب العملي: تمكين مقدمي الرعاية من تطبيق الاستراتيجيات في البيئة الطبيعية
- المرونة: تكييف الخطط العلاجية بما يتناسب مع ظروف الأسرة واحتياجاتها
- التمكين: بناء ثقة الأسرة في قدرتها على دعم نمو طفلها
تأثير العلاج الوظيفي على حياة الطفل والأسرة
وتوضح الدكتورة جرينر: “عندما نتمكن من فهم الصورة الكاملة لحياة الطفل وظروف الأسرة، نستطيع تقديم التوجيهات المناسبة من منظور العلاج الوظيفي حول ما يمكن أن يدعم حياة الطفل اليومية ليمارس طفولته بشكل طبيعي مثل أقرانه.”
وتشير جرينر إلى أن خطة العلاج الوظيفي الفعالة يمكن أن تنعكس إيجاباً على جميع أفراد الأسرة، لأنها “تُساهم في انسيابية الحياة اليومية وتحسين الأداء الوظيفي للأسرة ككل.”
دورك كأخصائي علاج وظيفي في صنع الفرق
يُكرس أخصائيو العلاج الوظيفي للأطفال جهودهم المهنية لتمكين الأطفال من التعامل مع متطلبات الحياة بثقة، وتحقيق أقصى استفادة من قدراتهم.
وبينما تتركّز الأهداف الأساسية للعلاج الوظيفي للأطفال على تطوير الأداء الوظيفي والمهارات الاجتماعية، فإنه من المهم تسليط الضوء على التأثير النفسي الإيجابي لهذا التدخل. فاكتساب هذه المهارات يُعزز ثقة الطفل بنفسه، ويغرس فيه شعوراً متواصلاً بالإنجاز والكفاءة.
المرجع:
How Occupational Therapy for Kids Benefits the Whole Family
https://www.creighton.edu/blog/how-occupational-therapy-kids-benefits-whole-family





