الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

أمثلة على السلوكيات التكرارية لدى المشخّصين باضطراب طيف التوحد

 

ترجمة : أ. نوره الدوسري

تُعد السلوكيات التكرارية سمة أساسية من سمات اضطراب طيف التوحد. وقد توفر هذه السلوكيات رؤى قيّمة لفهم تجارب واحتياجات المشخّصين بهذا الاضطراب. ويُعد فهم هذه السلوكيات أمرًا بالغ الأهمية للوالدين، ومقدمي الرعاية، وكل من يهتم بتقديم الدعم للأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

في هذا المقال، سوف نستعرض دور السلوكيات التكرارية في اضطراب طيف التوحد، ونناقش بعض الأنواع الشائعة لهذه السلوكيات.

دور السلوكيات التكرارية في اضطراب طيف التوحد

تُعرف السلوكيات التكرارية، والتي يُطلق عليها أيضًا اسم السلوكيات النمطية، بأنها سمة محورية في اضطراب طيف التوحد. وتشمل هذه السلوكيات أفعالًا تكرارية، واهتمامات محدودة، وميلاً إلى الصرامة والجمود.

ورغم أن الأسباب المحددة وراء هذه السلوكيات قد تختلف من فرد إلى آخر، فإنها تؤدي وظائف مهمة في حياة المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

فالسلوكيات التكرارية يمكن أن تساعدهم على تنظيم مشاعرهم، والتعامل مع القلق، ومواجهة المدخلات الحسية المُربكة. وقد توفر هذه السلوكيات إحساسًا بالراحة، والتنبؤ، والسيطرة في عالم كثيرًا ما يكون غير متوقع.

ومن المهم إدراك أن هذه السلوكيات لا ينبغي اعتبارها سلبية أو إشكالية بطبيعتها، بل هي آليات تكيّف تخدم غرضًا حيويًا للأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

الأنواع الشائعة للسلوكيات التكرارية

يمكن تصنيف السلوكيات التكرارية في اضطراب طيف التوحد إلى ثلاثة أنواع رئيسية: التكرار الحركي، والتكرار الحسي، والتكرار المعرفي. ويظهر كل نوع منها بشكل مختلف، ويؤدي وظائف مميزة للأفراد المشخّصين بهذا الاضطراب.

1. التكرار الحركي

يتمثل التكرار الحركي في تكرار الحركات الجسدية. وقد توفّر هذه الحركات إحساسًا بالراحة أو تساعد في تنظيم الذات أو التحفيز الحسي. وفيما يلي بعض الأمثلة:

رفرفة اليدين وتأرجح الجسم

تُعد رفرفة اليدين من السلوكيات الحركية التكرارية الشائعة، وتتمثل في تحريك اليدين بسرعة وبشكل متكرر، سواء بحركة مفتوحة أو مغلقة. وقد تظهر هذه السلوكيات عند الشعور بالحماس أو القلق، أو عند البحث عن تحفيز حسي. كما قد تساعد رفرفة اليدين في تهدئة الذات أو تنظيم المشاعر.

أما تأرجح الجسم، فيُقصد به تأرجح الجذع للأمام والخلف بشكل إيقاعي، سواء أثناء الجلوس أو الوقوف. وقد يؤدي هذا السلوك وظيفة تحفيزية ذاتية توفّر مدخلات حسية تعمل على تهدئة الفرد، خاصة في أوقات التوتر أو التحفيز الزائد.

تحريك أصابع القدم وتجمّد الجسم

تحريك أصابع القدم يُعد سلوكًا تكراريًا حركيًا يتمثل في تحريك الأصابع بشكل متكرر ومنتظم. وقد يستخدمه الأفراد المشخّصون باضطراب طيف التوحد لتلبية احتياجاتهم الحسية أو لتنظيم الذات. كما يمكن أن يساعدهم في التركيز ويوفر شعورًا بالراحة أو التحفيز.

أما تجمّد الجسم، فهو سلوك حركي تكراري يتمثل في حدوث سكون أو توقف مفاجئ ومؤقت لحركة الجسم. وقد يظهر تلقائيًا أو كرد فعل لمحفّزات معينة، مثل القلق الشديد أو التحفيز الحسي الزائد. ويمكن أن يعمل تجمّد الجسم كآلية تكيّف مؤقتة تمكّن الشخص من الانسحاب مؤقتًا من المواقف أو المحفزات المرهقة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه السلوكيات قد تختلف في شدتها وتكرارها من شخص إلى آخر، وتؤدي وظائف متنوعة حسب احتياجات الفرد. وهي غالبًا ما تكون وسيلة لتنظيم التجارب الحسية وإدارة المشاعر والبحث عن الراحة.

2. التكرار الحسي

يتعلق هذا النوع من السلوكيات التكرارية بالسعي للحصول على تحفيز حسي من خلال التكرار والتفاعلات الحسية المتكررة. ويُعد ذلك وسيلة لإدارة البيئة المحيطة والتفاعل معها.

قد ينخرط الأفراد المشخّصون باضطراب طيف التوحد في سلوكيات تكرارية ناتجة عن تجاربهم الحسية، حيث يسعون إلى مدخلات حسية محددة توفر لهم الراحة أو تساعد في تنظيم مشاعرهم. ومن هذه السلوكيات:

  • الدوران – مثل تدوير الجسم أو الأشياء في حركة دائرية.

  • الطرق أو النقر المتكرر – كالنقر المتكرر على الأشياء باستخدام الأصابع.

  • التحفيز البصري – مثل التحديق في الأضواء أو الأشياء المتحركة بشكل متكرر.

توفّر هذه السلوكيات شعورًا بالألفة والسيطرة على البيئة الحسية المحيطة. ومن خلال البحث عن مدخلات حسية محددة، يستطيع الأفراد تنظيم تجربتهم الحسية والعثور على الراحة.

كما قد يُظهر بعض المشخّصين باضطراب طيف التوحد انشغالًا حسيًا أو تعلقًا بتجارب حسية معينة أو بأشياء معينة. وقد تشمل هذه الانشغالات الحواس المختلفة، مثل اللمس، أو البصر، أو السمع، أو التذوق، أو الشم.

وتُعد هذه التفاعلات وسيلة للتواصل مع البيئة الحسية بطريقة ذات معنى ومريحة لهم. ومن الضروري فهم أن هذه السلوكيات تؤدي وظيفة مهمة وتساعدهم على التفاعل مع العالم المحيط.

3. التكرار المعرفي

إلى جانب التكرار الحركي والحسي، يُعد التكرار المعرفي من السلوكيات التكرارية الشائعة لدى المشخّصين باضطراب طيف التوحد. ويتضمّن ذلك الأفكار المتكررة، والانشغال بمواضيع محددة، والتكرار اللفظي.

وتؤدي هذه السلوكيات دورًا مهمًا في حياة الأفراد المشخّصين باضطراب طيف التوحد، وتُعطي لمحة عن أساليب معالجتهم للمعلومات وأنماط تواصلهم.

التكرار اللفظي

التكرار اللفظي هو أحد مظاهر التكرار المعرفي، ويظهر من خلال تكرار الكلمات أو العبارات أو النصوص، غالبًا دون ارتباط واضح بالسياق. وقد يشمل ذلك تكرار الأسئلة، أو ترديد جمل من برامج تلفزيونية أو أفلام، أو تكرار ما يقوله الآخرون.

الأفكار والانشغالات المتكررة

يعاني الكثير من المشخّصين باضطراب طيف التوحد من أفكار أو انشغالات متكررة بمواضيع أو أشياء محددة. وقد تتراوح هذه الانشغالات بين اهتمام مكثف بأشياء أو مواضيع معينة، إلى التركيز الشديد على تفاصيل محددة.

على سبيل المثال، قد ينشغل الطفل بلعبة معينة أو موضوع محدد، ويقضي وقتًا طويلاً في التفكير فيه أو الحديث عنه.

وغالبًا ما تؤدي هذه الانشغالات دورًا مهمًا في توفير الشعور بالراحة والتنبؤ وسط عالم قد يبدو فوضويًا أو غير متوقع. وهي ليست بالضرورة سلبية، بل يمكن أن تكون مصدرًا للبهجة والتفاعل وفرصة للتعبير عن الاهتمامات الشخصية.

الخلاصة

تُعد السلوكيات التكرارية سمة محورية من سمات اضطراب طيف التوحد، وقد تظهر بأشكال متعددة تؤثر بشكل كبير على حياة المشخّصين بهذا الاضطراب. وتمثل هذه السلوكيات وسيلة للتعامل مع عالم معقد ومربك، وقد توفّر الراحة والتنبؤ لمن يعانون من فرط التحفيز أو القلق.

إن فهم هذه السلوكيات والتعرّف عليها أمر أساسي لتقديم الدعم والتدخلات المناسبة التي يمكن أن تُسهم في تحسين جودة حياة المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

 

Examples of Repetitive Behaviors in Autism

https://goldencaretherapy.com/examples-of-repetitive-behaviors-in-autism/