الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

كل ما يجب معرفته عن اضطراب طيف التوحد غير الناطق

 

ترجمة: أ. نوره الدوسري

إن كون الشخص مشخّصًا باضطراب طيف التوحد غير الناطق لا يعني عدم قدرته على التواصل أو عدم فهمه للغة. فمع الدعم المناسب، يمكن أن يصبح هؤلاء الأشخاص متواصلين بارعين، سواء باستخدام اللغة المنطوقة أو بوسائل أخرى.

 

نظرة عامة

اضطراب طيف التوحد غير الناطق ليس تشخيصًا مستقلًا، بل هو وصف لنمط معين من الأعراض المرتبطة باضطراب طيف التوحد (ASD).

يشير هذا المصطلح إلى أن الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد غير الناطقين لا يستخدمون الكلام المنطوق، أو يمكنهم استخدام عدد محدود فقط من الكلمات. وعلى الرغم من استخدام مصطلح “غير ناطق” لوصف هذه الفئة، إلا أنه مصطلح غير دقيق علميًا، حيث يفترض بشكل خاطئ أن هؤلاء الأشخاص غير قادرين تمامًا على استخدام الكلمات أو التواصل.

تشير التقديرات إلى أن نحو 25–30% من الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد يُصنّفون ضمن فئة غير الناطقين أو محدودي النطق. وعلى الرغم من أن ذلك قد يجعل عملية التواصل مع الآخرين – سواء من المشخّصين أو غير المشخّصين – أكثر تحديًا في بعض الأحيان، فإن غياب التواصل اللفظي لا يعني بالضرورة غياب التواصل كليًا.

كما أنه لا ينبغي افتراض أن الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد غير الناطقين أقل ذكاءً من غيرهم من الناطقين. فالكثير منهم يعيشون حياة كاملة ومليئة بالرضا. ومع ذلك، قد يحتاج البعض إلى دعم مستمر لمساعدتهم على التواصل بوسائل بديلة.

كان يُعتقد في السابق أن الأطفال الذين تجاوزوا عمر خمس سنوات نادرًا ما يطورون مهارات النطق، إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أن تطور اللغة يمكن أن يستمر حتى بعد هذا العمر، وقد يمتد في بعض الحالات حتى سن الثالثة عشرة.

على سبيل المثال، توصلت دراسة نُشرت عام 2013 إلى أن 47% من الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد ممن لديهم تأخر في النطق أصبحوا ناطقين بطلاقة بعد سن الرابعة، وأن 70% منهم بدأوا باستخدام عبارات وجمل.

من ناحية أخرى، توصلت مراجعة منهجية في عام 2018 إلى أن التدخلات التي تهدف إلى تحسين مهارات التواصل – سواء اللفظي أو غير اللفظي – مثل نظام التواصل من خلال تبادل الصور (PECS)، قد تؤدي إلى تحسن على المدى القصير، لكن هذه التحسينات قد لا تكون دائمة على المدى الطويل.

يستعرض هذا المقال الجوانب المختلفة المرتبطة باضطراب طيف التوحد غير الناطق، بما في ذلك الأعراض، الأسباب، التشخيص، العلامات المبكرة، سبل الدعم، والتوقعات المستقبلية.

 

ما هو اضطراب طيف التوحد غير الناطق؟

نظراً لكونه ليس تشخيصًا طبيًا مستقلاً، فإن تعريف اضطراب طيف التوحد غير الناطق قد يختلف حسب المصادر والتوجهات العلمية.

يرى بعض المتخصصين أن الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد غير الناطقين هم من لا يستخدمون الجمل أو الكلمات المفهومة بشكل تلقائي. بينما يرى آخرون أن بعضهم قد يكون قادرًا على التحدث أحيانًا، لكنهم لا يستطيعون الكلام في مواقف أخرى.

ومع ذلك، فإن عدم التحدث لا يعني عدم القدرة على التواصل أو الفهم. فالكثير من الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد غير الناطقين يستخدمون وسائل بديلة مثل الكتابة، أو الطباعة، أو الأجهزة المساعدة على التواصل.

لا ينبغي أن يُفترض بأن من لا يتحدث لا يفهم الكلام أو يفتقر للكفاءة. فاضطراب طيف التوحد حالة طيفية، ما يعني أن الأعراض تختلف من شخص لآخر. فقد يعاني الشخص من صعوبات كبيرة في جانب معين، كالتواصل اللفظي، بينما تظل قدراته الأخرى قوية وسليمة.

 

الأعراض

يرتبط اضطراب طيف التوحد غير الناطق بصعوبات في المهارات اللفظية، ومن أبرز الأعراض:

  • عدم البدء بالمحادثة أو عدم الاستجابة لها تلقائيًا.

  • استخدام عدد محدود من الكلمات، أو عدم استخدام الجمل بشكل متكامل.

  • استخدام الأصوات بدلًا من الكلمات للتعبير، وفي بعض الأحيان يفهم المحيطون هذه الأصوات ضمن سياقها.

  • الاعتماد على وسائل أخرى للتواصل بدلاً من اللغة المنطوقة.

ومن المهم الإشارة إلى أن غياب النطق لا يعني بالضرورة غياب الفهم اللغوي. لكن لا تزال الأبحاث العلمية غير مكتملة بشأن أسباب التباين في مهارات النطق بين الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

وقد دعا الباحثون في دراسة نُشرت عام 2021 إلى وضع تعريف أكثر وضوحًا ومعايير دقيقة لأضطراب طيف التوحد غير الناطق، إضافة إلى البحث عن عوامل عصبية تساعد في تفسير اختلاف أنماط التواصل، مما يسهم في تصميم تدخلات أكثر ملاءمة.

 

الأسباب

اضطراب طيف التوحد حالة معقدة، ولا يوجد سبب واحد مباشر له. وتختلف أسباب ووتيرة ظهوره من حالة إلى أخرى.

تشمل العوامل المحتملة:

  • العوامل الوراثية: حددت الدراسات عددًا من العوامل الجينية التي تزيد من خطر الإصابة. كما أن وجود تاريخ عائلي قد يزيد من احتمالية التشخيص.

  • الاضطرابات الجينية والكروموسومية: مثل التصلب الحدبي ومتلازمة الكروموسوم الهش.

  • العوامل البيئية أثناء الحمل والرضاعة: مثل التعرض لأدوية معينة داخل الرحم.

ولا توجد أي أدلة علمية تُثبت وجود علاقة سببية بين اللقاحات واضطراب طيف التوحد، حتى بين الأطفال المعرضين للخطر وراثيًا.

ولا يمكن تحديد عامل واحد مسؤول عن تأخر أو غياب اللغة، لكن التدخلات المبكرة التي تركز على تنمية اللعب والانتباه والتقليد قد تُحسّن من مهارات التواصل.

 

التشخيص

اضطراب طيف التوحد غير الناطق ليس تشخيصًا منفصلًا، بل هو وصف لنمط من الأعراض ضمن اضطراب طيف التوحد.

ويشمل ذلك مجموعة من السلوكيات تمتد من الصمت الكامل إلى الكلام المحدود في مواقف معينة.

يُشخّص اضطراب طيف التوحد بناءً على تقييم سريري من قبل مختصين، ولا يوجد اختبار واحد حاسم.

تشمل معايير التشخيص:

  • صعوبات مستمرة في التفاعل الاجتماعي، مثل ضعف التواصل المتبادل، أو صعوبة في التعبير عن المشاعر أو مشاركة الاهتمامات.

  • صعوبات في فهم الإشارات غير اللفظية مثل الإيماءات وتعبيرات الوجه.

  • صعوبات في تكوين العلاقات أو الحفاظ عليها.

إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك:

  • أنماط سلوكية متكررة.

  • حساسية مفرطة أو منخفضة تجاه المؤثرات الحسية.

  • أعراض ظاهرة منذ الطفولة المبكرة.

  • تأثير واضح على الحياة اليومية.

  • عدم وجود تفسير طبي بديل.

العلامات المبكرة

تشمل العلامات المبكرة المحتملة لاضطراب طيف التوحد:

  • تأخر أو فقدان في مهارات اللغة.

  • عدم استخدام الإيماءات في عمر 12 شهرًا.

  • عدم فهم الإشارة بالإصبع في عمر 18 شهرًا.

  • عدم الاهتمام بالأطفال الآخرين.

  • غياب اللعب التخيلي حتى عمر سنتين ونصف.

  • تعبيرات وجه غير نمطية في عمر 9 أشهر.

  • عدم الاستجابة للاسم.

  • صعوبة أو تجنّب التواصل البصري.

الدعم

يهدف الدعم إلى تعزيز المهارات وتعزيز جودة الحياة. ويشمل:

  • العلاج السلوكي: مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، والذي يُستخدم لتعليم مهارات جديدة.

  • العلاج اللغوي والوظيفي: لتحسين المهارات التواصلية والاعتماد على الذات.

  • العلاج النفسي: للتعامل مع القلق أو الاكتئاب المصاحب.

  • دعم الأسرة: لتعليم الأسرة كيفية التعامل والتواصل بفعالية.

  • الأدوية: لعلاج أعراض مثل فرط النشاط أو القلق، وليس اضطراب طيف التوحد نفسه.

  • التكييفات البيئية: في المدرسة أو العمل.

 

تحليل السلوك التطبيقي (ABA)

يُعد من الأساليب الشائعة، لكنه مثير للجدل بسبب تاريخه القديم في استخدام أساليب عقابية.

في الوقت الحالي، يعتمد على اللعب ويهدف لتعليم مهارات الحياة اليومية دون قمع السمات التوحدية.

ينبغي مراعاة تأثيره على الصحة النفسية، واحترام هوية الشخص، والتأكد من جودة البرنامج العلاجي.

 

التوقعات المستقبلية

لا يوجد “علاج نهائي” لاضطراب طيف التوحد، لكن التدخلات المناسبة تُحسّن من نوعية الحياة.

بعض الأشخاص يُظهرون أعراضًا أقل في مرحلة البلوغ، خاصة إذا تلقوا دعمًا مبكرًا. بينما قد يلجأ آخرون إلى “إخفاء” الأعراض، ما قد يُصعّب ملاحظتها لاحقًا رغم استمرار وجودها.

يُفضّل الكثير من الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد اعتباره طريقة مختلفة في التفكير، وليس مرضًا.

فهم يواجهون تحديات، لكنهم أيضًا يمتلكون نقاط قوة مثل القدرة على التعلُّم النمطي، أو التركيز العالي.

 

الخلاصة

قد يجعل اضطراب طيف التوحد غير الناطق بعض التفاعلات أكثر تعقيدًا، لكنه لا يعني غياب القدرة على التواصل.

فبوجود الدعم الصحيح، وتقبّل وسائل التواصل البديلة، يستطيع العديد من الأشخاص المشخّصين باضطراب طيف التوحد غير الناطقين أن يصبحوا متواصلين مميزين، سواء باستخدام اللغة المنطوقة أو بدونها.

 

المرجع : 

 

Everything to know about nonverbal autism: 

https://www.medicalnewstoday.com/articles/non-verbal-autism?utm_source=chatgpt.com