الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

اضطراب اللغة التطوري مقابل خطر عسر القراءة: كيف نفرّق بينهما؟

ترجمة: أ. جنا الدوسري

يعد اضطراب اللغة التطوري (DLD) وعسر القراءة من الاضطرابات النمائية العصبية التي تؤثر سلباً على التحصيل الدراسي والتفاعل الاجتماعي للأطفال. على الرغم من اختلاف طبيعة كل منهما، فإنهما يتشابهان إلى حد كبير في بعض العمليات المعرفية الأساسية، خصوصاً في معالجة الأصوات اللغوية (الوعي الصوتي، الاستدعاء السريع للتسميات، والذاكرة القصيرة اللفظية) وقدرة الطفل على معالجة المعلومات اللفظية في الذاكرة العاملة. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة غالباً ما يواجهون صعوبات في المهارات اللغوية الشفوية، بينما الأطفال المصابون باضطراب اللغة التطوري قد يواجهون تحديات في القدرة على تفكيك الكلمات وقراءتها. رغم الاهتمام المتزايد بدراسة أوجه التشابه بين الاضطرابين، فإن الدراسات المقارنة التي تتناول هذه التداخلات لدى الأطفال في المراحل المبكرة من التعلم القرائي، مع تقييم جميع جوانب اللغة الشفوية بشكل شامل، ما تزال محدودة.

تركز الدراسة الحالية على مقارنة أداء ثلاثة مجموعات من الأطفال في مهارات معالجة الأصوات اللغوية، والذاكرة العاملة اللفظية، واللغة الشفوية، وفك الكلمات: مجموعة الأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري، ومجموعة الأطفال المعرّضين لخطر عسر القراءة، ومجموعة الأطفال ذوي التطور الطبيعي. شملت الدراسة صفوفاً أولية من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم حول ست سنوات، وتم تقييمهم باستخدام مجموعة متنوعة من الاختبارات التي تغطي جميع مكونات اللغة الشفوية والمهارات القرائية والمعرفية المتعلقة بالقراءة.

أظهرت النتائج أن الأطفال من المجموعتين الخاصتين (DLD وعسر القراءة) أدوا أسوأ من الأطفال ذوي التطور الطبيعي في معظم المهارات المقاسة. بالنسبة للأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري، كانت الصعوبات بارزة في مجالات اللغة الشفوية والذاكرة القصيرة اللفظية، بينما واجه الأطفال المعرّضون لخطر عسر القراءة تحديات أكبر في فك الكلمات والوعي الصوتي الصريح. كما كشفت الدراسة عن علاقات محددة بين المهارات المختلفة داخل كل مجموعة، مما يشير إلى أن طبيعة الصعوبات قد تختلف بين الأطفال حسب نوع الاضطراب.

اضطراب اللغة التطوري

اضطراب اللغة التطوري هو حالة نمائية عصبية تستمر مدى الحياة، يتميز بصعوبات واضحة ومستدامة في اللغة الشفوية، تبدأ منذ مراحل النمو المبكرة ولا يمكن نسبتها إلى تلف عصبي، أو فقدان السمع، أو قصور ذهني. يعاني الأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري عادة من صعوبات في أي من مكونات اللغة، سواء في التعبير أو الاستيعاب، وتشمل هذه المكونات الصوتيات، الصرف، النحو، المعنى، السرد، والبراجماتية. على سبيل المثال، يظهر هؤلاء الأطفال عادةً محدودية في المفردات، وصعوبة في تذكر معاني الكلمات الجديدة، ومشكلات في اكتساب القواعد اللغوية. كما يواجهون تحديات في مهارات اللغة العليا، مثل فهم النصوص المسموعة، إنتاج السرد، واستخدام اللغة بطريقة مناسبة في السياقات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، كثير من هؤلاء الأطفال يعانون من صعوبات في القراءة.

عسر القراءة

عسر القراءة هو اضطراب تعلم محدد يتميز بصعوبات مستمرة في القراءة والتهجئة، والتي تظهر منذ بداية تعلم القراءة، ولا يمكن تفسيرها بعدم كفاية التعليم. يُعتقد أن عسر القراءة ينبع أساساً من مشكلات في معالجة الأصوات اللغوية، مثل الوعي الصوتي، سرعة معالجة الأصوات، أو الذاكرة الصوتية، وقد يشمل أيضاً صعوبات في الذاكرة العاملة، سرعة المعالجة، والتعرف على الأنماط الكتابية. عادة ما يكون للاضطراب أساس جيني وبيئي، وقد يترافق مع حالات أخرى مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، صعوبات الحساب، واضطرابات التنسيق الحركي.

اللغة الشفوية لدى الأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري وعسر القراءة

أظهرت الدراسات أن الأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري يعانون من صعوبات هيكلية في اللغة تشمل المفردات والقواعد، بالإضافة إلى تحديات في الفهم والاستيعاب والسرد واستخدام اللغة في السياقات الاجتماعية. أما الأطفال المشخصين بعسر القراءة، فيظهرون غالباً صعوبات لغوية طفيفة، مثل محدودية المفردات أو صعوبات في فهم الجمل، والتي قد تتفاقم مع تطورهم بسبب انخفاض التعرض للغة من خلال القراءة. من الجدير بالذكر أن هذه الصعوبات اللغوية قد تكون موجودة قبل بدء التعليم الرسمي أو نتيجة لقلة ممارسة القراءة.

معالجة الأصوات اللغوية والذاكرة العاملة اللفظية

تتضمن معالجة الأصوات اللغوية ثلاثة مكونات رئيسية: الوعي الصوتي، الاستدعاء السريع للتسميات، والذاكرة القصيرة اللفظية. الوعي الصوتي هو قدرة الطفل على التفكير والتلاعب في بنية الكلمات الصوتية، ويشمل الوعي الضمني (مثل التعرف على القوافي) والوعي الصريح (مثل حذف أو مزج أو تقسيم الحروف). الاستدعاء السريع يقيس قدرة الطفل على الوصول السريع إلى رموز لغوية مخزنة في الذاكرة، أما الذاكرة القصيرة اللفظية فتشير إلى تخزين المعلومات اللفظية مؤقتاً. على الجانب الآخر، تشمل الذاكرة العاملة اللفظية تخزين المعلومات اللفظية ومعالجتها، وغالباً ما تُقاس من خلال مهام مثل التكرار العكسي للأرقام.

أظهرت الأبحاث أن كل من الأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري وعسر القراءة يعانون من صعوبات في معالجة الأصوات اللغوية والذاكرة العاملة اللفظية، لكن طبيعة هذه الصعوبات تختلف بين المجموعتين. ففي الأطفال المصابين باضطراب اللغة التطوري، تميل صعوبات الوعي الصوتي إلى الارتباط بمستوى اللغة الشفوية، بينما ترتبط القدرة على استدعاء الرموز السريعة وفك الكلمات بأداء القراءة. في الأطفال المشخصين بعسر القراءة، يُعتبر الوعي الصوتي الصريح والقدرة على استدعاء الرموز السريعة من أهم مؤشرات صعوبات القراءة، في حين أن تأثير الذاكرة القصيرة اللفظية قد يكون محدوداً ومتبايناً بحسب اللغة المكتوبة.

النماذج التفسيرية لتداخل اضطراب اللغة التطوري وعسر القراءة

هناك ثلاث نماذج أساسية تفسر العلاقة بين اضطراب اللغة التطوري وعسر القراءة: نموذج الشدة، نموذج العيب الإضافي، ونموذج التوافق المشترك. يضع نموذج الشدة الاضطرابين على طيف من صعوبات معالجة الأصوات اللغوية، حيث يُعاني الأطفال المشخصين بعسر القراءة من مشاكل في القراءة مع الحفاظ على اللغة الشفوية نسبياً، بينما يواجه الأطفال المصابون باضطراب اللغة التطوري صعوبات أشد تشمل القراءة واللغة الشفوية. أما نموذج العيب الإضافي فيفترض أن الاضطرابين متمايزان جزئياً؛ فهناك بعد مشترك يتمثل في صعوبات معالجة الأصوات اللغوية، وبعد إضافي خاص باضطراب اللغة التطوري يسبب ضعف اللغة. وأخيراً، يوضح نموذج التوافق المشترك أن الاضطرابين منفصلان ولكن يمكن أن يحدث تداخل بينهما لدى بعض الأطفال، حيث يكون عسر القراءة مرتبطاً أساساً بالوعي الصوتي، بينما اضطراب اللغة التطوري يتضمن صعوبات معرفية ولغوية أوسع.

الدراسة الحالية وأهدافها

تهدف الدراسة الحالية إلى تقديم دليل إضافي حول الملف اللغوي والمعرفي للأطفال اليونانيين الذين تتراوح أعمارهم بين ست وسبع سنوات، المشخصين باضطراب اللغة التطوري والأطفال المعرّضين لخطر عسر القراءة، من خلال تقييم شامل يشمل اللغة الشفوية، فك الكلمات، معالجة الأصوات اللغوية، والذاكرة العاملة اللفظية. تمثل الأسئلة البحثية الأساسية في تحديد مدى اختلاف أداء المجموعات الثلاث، وفهم نمط الأداء عبر المجموعات، واستكشاف العلاقات بين مهارات معالجة الأصوات اللغوية والذاكرة العاملة مع اللغة الشفوية وفك الكلمات.

النتائج

أظهرت النتائج فروقاً واضحة بين المجموعات. الأطفال ذوو التطور الطبيعي تفوقوا على مجموعتي DLD وعسر القراءة في معظم المهارات، بينما أظهر الأطفال المشخصين باضطراب اللغة التطوري ضعفاً ملحوظاً في اللغة الشفوية والذاكرة القصيرة اللفظية، وكان الأداء أقل حدة لدى الأطفال المعرّضين لخطر عسر القراءة، مع صعوبات رئيسية في فك الكلمات والوعي الصوتي الصريح. وأظهرت الدراسة وجود ارتباطات خاصة بكل مجموعة، ما يشير إلى اختلاف طبيعة الصعوبات بين الأطفال حسب نوع الاضطراب.

بناءً على هذه النتائج، يمكن القول إن الأطفال من كلا المجموعتين يعانون من صعوبات في معالجة الأصوات اللغوية، الذاكرة اللفظية، اللغة الشفوية، وفك الكلمات، لكن حدة وطبيعة هذه الصعوبات تتفاوت بين اضطراب اللغة التطوري وعسر القراءة، مع مراعاة التغيرات التطورية في هذه المهارات عبر مراحل التعلم المبكرة.

 

المرجع:

Developmental Language Disorder and Risk of Dyslexia—Can They Be Told Apart

https://www.mdpi.com/2076-328X/15/9/1234?utm_source=chatgpt.com