الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

تجنّب إنهاك مقدمي الرعاية: رعاية الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد

 

ترجمة: أ. نوره الدوسري
 

رعاية الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد قد تكون تجربة مُجزية للغاية – لكنها في الوقت ذاته قد تكون مليئة بالتحديات. ومع ذلك، هناك خطوات يمكن اتخاذها لتجنّب إنهاك مقدمي الرعاية.

أهمية العناية بالذات

قاعدة ذهبية في الرعاية يمكن تلخيصها كالتالي: «ضعوا قناع الأكسجين لأنفسكم أولًا».

قد تبدو هذه الفكرة مخالفة للغريزة الطبيعية للآباء ومقدمي الرعاية، التي تدفعهم إلى تقديم احتياجات أطفالهم على احتياجاتهم الشخصية. ولكن رعاية الأطفال، وخاصة من لديهم احتياجات إضافية مثل اضطراب طيف التوحد، تُعد مهمة شاقة قد تأتي على حساب الصحة النفسية والجسدية والعاطفية لمقدمي الرعاية.

قالت السيدة إليزابيث راجن، الأخصائية النفسية الأولى في وحدة تنمية الطفل (CDU) التابعة لمعهد كو تيك بوات – المعهد الوطني لطب الأطفال بجامعة سنغافورة الوطنية (NUH):
«بعض الآباء ومقدمي الرعاية يشعرون بالذنب لمجرد رغبتهم في أخذ استراحة، أو لتفكيرهم في احتياجاتهم الشخصية.
يبدو أن وقت العناية الذاتية مستحيل المنال، وغالبًا ما يقللون من أهميته لأنهم يشعرون أن لديهم الكثير مما ينبغي إدارته… غالبًا ما يُعطون الأولوية لطلب الدعم لأطفالهم، ولكن ليس لأنفسهم، ظنًا منهم أنهم قادرون – ويجب عليهم – تحمّل العبء بمفردهم».

ولكن عندما يتمكن مقدمو الرعاية من تلبية احتياجاتهم الجسدية والنفسية، فإنهم يشعرون بمزيد من القوة والتمكن من التعامل مع تحديات الحياة اليومية في رعاية الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد.

وأضافت السيدة راجن: «هذا يُسهم في توفير بيئة صحية ينمو فيها الطفل ويتطوّر. وبهذه الطريقة، يكون الآباء أو مقدمو الرعاية في حالة ذهنية أفضل تُمكنهم من الاستمتاع برحلة التربية».

 

تجنّب إنهاك مقدمي الرعاية

كما هو الحال مع معظم الحالات، فإن الوقاية خير من العلاج – وهذا ينطبق على إنهاك مقدمي الرعاية.

قالت السيدة إيفلين سو، الأخصائية الاجتماعية الطبية الأولى في المعهد ذاته:
«نُعطي أطفالنا الفيتامينات والمكملات الغذائية بانتظام لأننا نهتم بصحتهم، ولا ننتظر حتى يمرضوا.
وبالمثل، ينبغي أن نعتني بأنفسنا بانتظام، وبخطوات بسيطة».

الخطوة الأولى تتمثل في التعرف على علامات الإنهاك. إذ يمكن أن تظهر أعراض الضغط النفسي والإنهاك بعدة صور:

  • أعراض عاطفية: مثل الشعور بالحزن أو القلق.

  • أعراض ذهنية: كالإرهاق أو صعوبة التركيز.

  • أعراض جسدية: مثل التعب، أو تغيّر الشهية أو اضطرابات النوم.

نصائح لتجنّب إنهاك مقدمي الرعاية

  1. مارسوا التعاطف مع الذات

يركّز مقدمو الرعاية غالبًا على تلبية احتياجات الطفل، وقد يغفلون عن تلبية احتياجاتهم الشخصية. قالت السيدة بانغ لي يين، الأخصائية الاجتماعية الطبية الأولى أيضًا في المعهد:
«رجاءً كونوا لطفاء مع أنفسكم.
كونوا صبورين ومتسامحين مع أنفسكم، واعلموا أن رعايتكم مهمة وقيمة في منح أطفالكم شعورًا بالحب والأمان».

وأضافت: «كما أن كل طفل فريد من نوعه، لا توجد طريقة واحدة تناسب الجميع في رعاية الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد. ما يناسب أحدهم، قد لا يناسب غيره».

  1. حدّدوا الأولويات

عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، من السهل الشعور بالإرهاق. في مثل هذه الحالات، تنصح السيدة بانغ الآباء ومقدمي الرعاية بالتعامل مع كل يوم على حدة.

«ركّزوا على ما هو ضمن نطاق قدرتكم»، قالت. «يمكن تقسيم المهام إلى أجزاء أصغر… وأعيدوا النظر في كيفية تنظيم وقتكم، مثل إعداد قائمة بالمهام اليومية. تأكّدوا من إدراج أنشطة تستمتعون بها أيضًا – لأنه إذا لم تخطّطوا لها، ستُطغى عليها الأمور الأخرى الملحّة».

كما شجعت على وضع حدود صحية:

«اسمحوا لأنفسكم برفض بعض الطلبات – فالموافقة على الكثير من الأمور يمكن أن تكون مجهدة.
حاولوا ضبط التوقعات، وضعوا أهدافًا قصيرة المدى واقعية، وتجنّبوا مقارنة أنفسكم بأهداف أو حياة غيركم من الآباء أو مقدمي الرعاية».

  1. اطلبوا الدعم من العائلة أو الأصدقاء أو مجموعات الدعم

قالت السيدة سو:
«في بعض الأحيان، يحاول مقدمو الرعاية لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يتحمّلوا المسؤولية بمفردهم. ولكن من المهم طلب الدعم عند الحاجة، خصوصًا عند ملاحظة علامات الإنهاك».

وأضافت أن الآباء ومقدمي الرعاية بإمكانهم التواصل مع أحبائهم للحصول على الدعم قبل أن تتفاقم الأمور.

«أخبِروا الآخرين كيف يمكنهم مساعدتكم! على سبيل المثال، يمكنكم أن تطلبوا من أحد الأصدقاء أو أفراد العائلة المساعدة في شراء مستلزمات المنزل أو إعداد الطعام».

وتابعت أن هناك العديد من مصادر الدعم الأخرى المتاحة، كالمجموعات المتخصصة في دعم أسر الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد:

«الاستماع إلى الآخرين الذين يشاركونكم نفس التجارب يمكن أن يذكّركم بأنكم لستم وحدكم، وقد يمنحكم طاقة جديدة في رحلتكم التربوية».

كما شجّعت على الانفتاح لطلب الدعم من المتخصصين عند الحاجة:

«على سبيل المثال، يمكنكم الالتحاق بدورات تدريبية في الرعاية لاكتساب مهارات تساعدكم في تقديم الدعم… أو طلب استشارات حول الجوانب العملية للرعاية، مثل التخطيط لمستقبل الطفل المالي».

  1. خصّصوا وقتًا للرعاية الذاتية

من الضروري أن يعتني الآباء ومقدمو الرعاية بأنفسهم. ويمكن تخصيص وقت يومي واقعي لذلك، مثل ثلاثين دقيقة في الصباح قبل أن تستيقظ الأسرة، كما اقترحت السيدة سو.

يمكن قضاء هذا الوقت في التواصل مع الأحبة، أو ممارسة أنشطة تمنحكم الطاقة (مثل المشي، الاستماع لموسيقى مفضلة، أو الكتابة).

كما شدّدت على أهمية أن يكون مقدمو الرعاية “حاضرين” أثناء هذه الأنشطة:

«هذا يعني أن يركّز الشخص على ما يشعر به في اللحظة الراهنة بدلًا من الانغماس في الأفكار أو القلق. فعلى سبيل المثال، عند المشي في الخارج، يمكن التركيز على الشعور بالنسيم، أو دفء الشمس، أو أصوات الطيور، أو استنشاق الهواء النقي. عيش اللحظة بوعي».

وأضافت: «يمكنكم ممارسة هذا التمرين حين تشعرون بالإرهاق خلال اليوم وتحتاجون إلى لحظة استراحة».

 

مثل سباق الماراثون

في النهاية، فإن تربية الأطفال تشبه سباق الماراثون أكثر من كونها سباقًا سريعًا.

قالت السيدة راجن:
«مع كل التحديات التي قد تصاحب الأبوة والأمومة، من الضروري أن يراعي مقدمو الرعاية وتيرتهم النفسية والجسدية. وأحيانًا، يعني هذا التباطؤ – وهذا لا بأس به».

والأهم من ذلك أن يتذكر مقدمو الرعاية أنهم مهمون أيضًا، ويخصصوا وقتًا لأنفسهم. وهذا من المرجح أن يعود بالنفع عليهم وعلى أطفالهم.

واختتمت حديثها بقولها:
«حاولوا خلال الطريق أن تجدوا طرقًا تعيد إليكم طاقتكم حتى تتمكنوا من مواصلة الرحلة والاستمتاع بها مع أطفالكم».

 

المرجع:

Avoiding caregiver burnout: Caring for children with ASD: https://nuhsplus.edu.sg/article/avoiding-caregiver-burnout-caring-for-children-with-asd#:~:text=Stress%20and%20burnout%20can%20present%20in%20different,fatigue%20and%20changes%20in%20appetite%20and%20sleep.&text=%E2%80%9CTry%20to%20manage%20expectations%20and%20set%20realistic,another%20parent%20or%20caregiver’s%20goals%20and%20life.%E2%80%9D