ترجمة : أ. نوره الدوسري
المقدمة
غالبًا ما يتضمن التدخل المبكر للأطفال الذين تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد (ASD) جلسات العلاج السلوكي التطبيقي (ABA). لقد اكتسب ABA شعبية كبيرة بسبب منهجه المنظم في تحسين المهارات الاجتماعية والتواصلية والسلوك لدى الأطفال المشخّصين بالتوحد. ومع ذلك، تعتمد فعاليته على عوامل عديدة، وليس من غير المألوف أن تكتشف العائلات أن جلسات ABA لا تحقق النتائج المرجوة. يلعب التحليل السلوكي دورًا محوريًا في فهم هذه العوامل. يستعرض هذا المقال أسباب عدم نجاح ABA لطفلك ويقدم رؤى حول كيفية تعظيم الفوائد المحتملة له.
فهم علاج ABA: لمحة عامة
العلاج السلوكي التطبيقي (ABA) مستند إلى مبادئ تحليل السلوك، ويهدف إلى فهم كيفية عمل السلوك وتأثير العوامل البيئية عليه. في سياق التوحد والحالات النفسية المختلفة، يستخدم الأخصائيون هذه المبادئ لتعليم مهارات جديدة، وتقليل السلوكيات الإشكالية، وتعزيز التغيرات الإيجابية في نمو الطفل المشخص باضطراب طيف التوحد.
يقوم ABA بتقسيم المهارات المعقدة إلى خطوات صغيرة وقابلة للإدارة. ويشجع الأخصائيون على تكرار السلوكيات المرغوبة من خلال نظام التعزيز الإيجابي، مثل المديح أو المكافآت. ومن خلال زيادة تعقيد المهام تدريجيًا مع تقدم الطفل، يهدف ABA إلى تزويده بالمهارات الحياتية الأساسية وتقليل السلوكيات التي قد تعيق تعلمه أو تفاعلاته الاجتماعية.
مبادئ العلاج السلوكي التطبيقي
التعزيز الإيجابي: يعد أحد الركائز الأساسية للعلاج. يقوم على فكرة أن السلوكيات التي تليها نتائج مرغوبة من المرجح أن تتكرر. في التطبيق العملي، يتم تقديم التعزيز الإيجابي، مثل المديح اللفظي أو لعبة صغيرة أو نشاط مفضل، فور قيام الطفل بالسلوك المرغوب.
التعزيز السلبي: على الرغم من اسمه، لا يعني العقاب، بل يشمل إزالة محفز غير مرغوب فيه أو موقف مزعج عند قيام الطفل بالسلوك المرغوب. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يعمل على التعبير عن حاجته للراحة، قد يتوقف الأخصائي مؤقتًا عن مهمة صعبة عندما يتواصل الطفل بشكل مناسب.
من المهم التوازن بين التعزيز الإيجابي والسلبي وضمان توافقهما مع تفضيلات الطفل وحساسيته. توجه الاعتبارات الأخلاقية تطبيق هذه المبادئ، مع إعطاء الأولوية لرفاهية الطفل وتهيئة بيئة تعلم إيجابية.
الأساليب الشائعة المستخدمة في ABA
يشمل ABA مجموعة متنوعة من التقنيات المصممة وفقًا لاحتياجات الطفل.
- التدريب التجريبي المنفصل (DTT): جلسات منظمة فردية، حيث يقسم الأخصائي المهارات إلى خطوات محددة، ويحفز الطفل لأداء السلوك المرغوب، ويقدم تغذية راجعة وتعزيزًا فوريًا.
- تدريب الاستجابة المحورية (PRT): أسلوب طبيعي قائم على اللعب، يركز على تطوير مناطق محورية في نمو الطفل مثل الدافعية والمبادرة الذاتية والاستجابة لمؤشرات متعددة، ما يؤدي إلى تحسينات أوسع في المهارات المختلفة.
تحلل الأخصائيون المتغيرات البيئية التي قد تؤثر على السلوك، ويفهمون كيف تشكل المحفزات والنتائج تصرفات الطفل، لتصميم تدخلات تعدل السلوك وتعزز التعلم بفاعلية.
التوقعات مقابل الواقع: فجوة العلاج
غالبًا ما تؤدي الشهادات الإيجابية وقصص النجاح حول ABA إلى توقعات عالية بين الآباء الباحثين عن تدخل فعال لأطفالهم المشخّصين باضطراب طيف التوحد. من السهل الانغماس في أمل تحقيق اختراقات كبيرة وتحولات سريعة. ومع ذلك، من الضروري التعامل مع ABA بواقعية، مع الاعتراف بأن رحلة العلاج غالبًا ما تتضمن تقدمًا وتحديات على حد سواء.
سد الفجوة بين التوقعات والواقع يتطلب تواصلًا مفتوحًا مع مقدم ABA، وفهمًا شاملاً لاحتياجات الطفل ونقاط قوته، واستعدادًا لتعديل الاستراتيجيات بناءً على استجابته.
قصص النجاح والنتائج الموعودة
تحفيزية بالتأكيد، تظهر قصص الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد الذين أحرزوا تقدمًا كبيرًا في التواصل والمهارات الاجتماعية والاستقلالية بعد ABA. وغالبًا ما تبرز هذه النتائج الإيجابية تحسينات في تطور اللغة والسلوك التكيفي وتقليل السلوكيات الصعبة، مما يعزز جودة الحياة للطفل والأسرة.
ومع ذلك، من المهم تذكر أن رحلة كل طفل فريدة، وأن تعميم النتائج الإيجابية دون مراعاة الاختلافات الفردية في شدة الأعراض وأنماط التعلم والديناميات الأسرية قد يؤدي إلى توقعات غير واقعية. بينما يعد ABA أداة قوية، فهو ليس حلًا موحدًا، وتعتمد فعاليته بشكل كبير على النهج الشخصي والتعديلات المستمرة.
العوامل الرئيسية التي تؤثر على فعالية ABA
إذا لم تحقق ABA النتائج المرجوة، يجب الانتباه إلى عدة عوامل مهمة:
- مؤهلات وخبرة الأخصائي
- تصميم برنامج فردي يلبي احتياجات الطفل
- مشاركة الأسرة في العملية العلاجية
مؤهلات وخبرة الأخصائي
خبرة الأخصائي المعالج لها دور حاسم. يجب أن يكون الأخصائي معتمدًا من مجلس تحليل السلوك (BCBA)، ويمتلك خبرة عملية مع الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد، ويقيم علاقة قائمة على الثقة والتواصل الفعّال مع الطفل.
تصميم برنامج فردي
لا يصلح النهج الموحد لجميع الأطفال. يبدأ العلاج بتقييم شامل لمهارات الطفل الحالية، لتحديد نقاط القوة ومجالات التطوير. بناءً على ذلك، يصمم الأخصائي برنامجًا مخصصًا يأخذ في الاعتبار اهتمامات الطفل لتعزيز الدافعية والمشاركة، مع متابعة مستمرة وتعديلات دورية.
مشاركة الأسرة
تعد مشاركة الأسرة ضرورية لنجاح ABA. من خلال الدعم المستمر والتعزيز خارج الجلسات، يستفيد الطفل من بيئة تعلم متكاملة. كما يمكن للأخصائي تعليم الأسرة استخدام التعزيز الإيجابي وإدارة السلوكيات الصعبة وتهيئة بيئة منزلية منظمة.
علامات عدم فعالية ABA
- غياب التقدم مع مرور الوقت: قلة التقدم المستمر رغم الالتزام بالخطة العلاجية تتطلب إعادة تقييم.
- التغيرات السلوكية السلبية: ظهور سلوكيات جديدة أو عودة سلوكيات سابقة يشير إلى مشاكل في الخطة أو ضغوط خارجية.
- زيادة التوتر أو القلق لدى الطفل: قد تنتج عن برنامج مكثف جدًا، أو عدم توافق أسلوب التعلم مع طرق العلاج، أو قلة الاهتمام بالحالة العاطفية للطفل.
التحديات الشائعة في تطبيق ABA
- قلة عدد الجلسات أو مدتها: تأثير كبير على النتائج.
- التطبيق الصارم للتقنيات دون مراعاة خصوصية الطفل: يحد من فاعلية العلاج.
- الإفراط في التركيز على تقليل السلوكيات “غير المرغوب فيها”: قد يقلل من بيئة التعلم الإيجابية.
دور التواصل في نجاح ABA
التواصل المفتوح والمستمر بين الأخصائي والأسرة هو أساس النجاح. يشمل الاستماع الفعّال، معالجة القلق، واتخاذ قرارات مشتركة لتحسين خطة العلاج.
تقييم ملاءمة ABA لطفلك
لا يناسب ABA جميع الأطفال بنفس الطريقة. يجب تقييم احتياجات الطفل، أسلوب تعلمه، وتفضيلاته قبل بدء العلاج، مع التفكير في العلاجات البديلة إذا لزم الأمر مثل العلاج الوظيفي، علاج النطق، الموسيقى أو الفن والعلاج بمساعدة الحيوانات.
وضع توقعات وأهداف واقعية
من المهم التركيز على الانتصارات الصغيرة والاعتراف بالتقدم التدريجي بدلًا من التركيز فقط على النتائج النهائية.
متى يجب تعديل أو تغيير العلاج
إذا استمر ركود التقدم، أو ظهرت تحديات جديدة، أو أثرت الخطة سلبًا على رفاهية الطفل، يجب إعادة تقييم خطة العلاج، واستشارة أخصائيين آخرين إذا لزم الأمر.
أهمية دعم الأسرة والمجتمع خارج العلاج
إن بناء نظام دعم قوي خارج الجلسات ضروري للعائلات، بما في ذلك مجموعات الدعم المحلية وعبر الإنترنت، والأنشطة الاجتماعية والورش المصممة للأطفال المشخّصين بالتوحد.
الخلاصة
تعتمد فعالية ABA على عدة عوامل، بما في ذلك مؤهلات الأخصائي، تصميم البرنامج الفردي، ومشاركة الأسرة. التعرف على علامات عدم فعالية العلاج، مثل عدم التقدم أو زيادة توتر الطفل، أمر بالغ الأهمية للتدخل في الوقت المناسب. يلعب التواصل المفتوح والتغذية الراجعة دورًا محوريًا، كما أن تقييم ملاءمة ABA لتلبية احتياجات الطفل الفردية أمر ضروري. يجب تعديل التوقعات والاحتفال بالإنجازات، مع بناء شبكة دعم قوية خارج العلاج لتعزيز رفاهية الطفل وتقدمه.
المرجع :
Reasons Why Your ABA Therapy Might Not Be Working :
https://blossomabatherapy.com/blog/reasons-why-your-aba-therapy-might-not-be-working





