ترجمة : أ. نوره الدوسري
ما هي القصص الاجتماعية؟
القصص الاجتماعية هي نوع من السرد الموجه يُستخدم لمساعدة الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد على فهم المواقف الاجتماعية التي قد يجدونها صعبة أو مربكة. وعادة ما تُكتب هذه القصص من وجهة نظر الأطفال وتُشرح لهم ما سيحدث، ولماذا يحدث، وما الذي يمكنهم فعله، مما يوفر أسلوبًا واضحًا ومنظمًا للتعامل مع المواقف الاجتماعية.
وعند استخدامها بالشكل الصحيح، يمكن أن تكون القصص الاجتماعية أداة فعالة جدًا للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد في مجموعة واسعة من المواقف، مثل زيارة الطبيب، أو اتباع الروتين اليومي، أو تكوين الصداقات، وغيرها الكثير. في هذه المقالة، سنعرض أمثلة على القصص الاجتماعية الموجهة للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، وذلك بما يتناسب مع الفئات العمرية المختلفة ومستويات القدرات المتنوعة.
نشأة القصص الاجتماعية ولماذا هي مهمة؟
تم تطوير مفهوم القصص الاجتماعية على يد “كارول غراي” في عام 1990 كأداة تهدف إلى تحسين فهم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد للمواقف الاجتماعية وتنمية مهارات التواصل لديهم. فالأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد غالبًا ما يواجهون صعوبة في فهم التفاعلات الاجتماعية، وقد يكون ذلك نتيجة القلق أو صعوبات في التواصل أو حساسية زائدة للمثيرات الحسية أو اختلاف في أسلوب التواصل الاجتماعي.
على سبيل المثال، قد يجد بعض الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد صعوبة في الانتقال من نشاط إلى آخر في المدرسة، مثل التوقف عن استخدام الحاسوب والانتقال إلى حصة جديدة. في مثل هذه الحالات، تساعد القصص الاجتماعية في التمهيد للانتقال من خلال شرح ما سيحدث وتحديد التوقعات بوضوح. كما أن العديد من الأطفال يشعرون بالقلق من الذهاب إلى الطبيب، ويمكن أن تساعد القصة في تهدئتهم عبر شرح خطوات الزيارة وأسبابها.
القصص الاجتماعية لا تعتمد فقط على اللغة البسيطة، بل تُعزَّز بالصور التي تُعد من العناصر الأساسية. وقد تكون هذه الصور مرسومة أو حقيقية أو صورًا للأطفال انفسهم ويُختار النوع بناءً على ما يناسب الأطفال أكثر.
لماذا تُعد القصص الاجتماعية مهمة للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد (ASD)؟
تلعب القصص الاجتماعية دورًا حيويًا في دعم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من خلال ما يلي:
- تعزيز فهم الإشارات الاجتماعية: تُفسر القصص الاجتماعية المواقف الاجتماعية بلغة بسيطة وواضحة، مما يُسهم في مساعدة الأطفال على فهم الإشارات الاجتماعية والتوقعات السلوكية.
- خفض التوتر والقلق: عند شرح ما سيحدث في مواقف جديدة أو غير متوقعة، تقلل القصص الاجتماعية من التوتر الذي يشعر به الأطفال نتيجة الغموض.
- إدارة السلوك: كثيرًا ما تُستخدم القصص الاجتماعية ضمن استراتيجيات تغيير السلوك، حيث توضح السلوك المطلوب وتعزز البدائل الإيجابية.
- زيادة القدرة على التنبؤ: من خلال الصور وترتيب الأحداث، توفر القصص الاجتماعية هيكلًا واضحًا يجعل البيئة أكثر قابلية للتوقع بالنسبة للأطفال.
- تحسين التواصل: باستخدام صور وكلمات بسيطة، تُسهم القصص في تسهيل الفهم والتعبير، خاصة لدى الأطفال الذين يعانون من تأخر لغوي أو غير ناطقين.
- تشجيع الاستقلالية: تُعزز القصص الاجتماعية القدرة على التعامل مع المواقف بشكل مستقل، إذ تقدم نماذج لاستجابات مناسبة يمكن للطفل تطبيقها.
المكونات الأساسية للقصة الاجتماعية
عادةً ما تتبع القصص الاجتماعية بنية ثابتة، لكنها تختلف في الطول والتعقيد حسب عمر الأطفال وقدرته. وتشمل العناصر الأساسية:
- المقدمة: تقديم موضوع القصة (مثال: “زيارة طبيب الأسنان”).
- الهدف: شرح السبب وراء أهمية القصة (مثال: “أذهب إلى طبيب الأسنان للحفاظ على صحة أسناني”).
- جمل وصفية: تقدم معلومات حقيقية عن الحدث أو الموقف (مثال: “سأجلس على كرسي الفحص”).
- جمل منظور: تصف مشاعر الأطفال أو أفكارهم (مثال: “الضوء الذي يسلطونه على عيني لا يعجبني”).
- جمل توجيهية: تقترح سلوكًا إيجابيًا مناسبًا (مثال: “يمكنني ارتداء نظارتي الشمسية لتخفيف الضوء”).
- جمل تأكيدية: تعزز أهمية الموقف وتؤكد قدرة الأطفال على التعامل معه (مثال: “من الجيد أن تكون أسناني نظيفة وصحية”).
عادةً ما تُرفق هذه الجمل بصور لتدعيم الفكرة، مثل صورة الأطفال يرتدون نظارات شمسية أثناء الفحص الطبي.
أمثلة على القصص الاجتماعية
1. الاستعداد للذهاب إلى المدرسة (الفئة العمرية: 5-10 سنوات)
- المقدمة: يجب أن أستعد في الوقت المحدد حتى لا أتأخر عن المدرسة.
- الهدف: سأكون جاهزًا بحلول الساعة 7:20 صباحًا.
- قبل الموقف: سأستيقظ عندما يرن المنبه.
- خلال الموقف:
- أرتدي ملابس نظيفة.
- إذا لم تعجبني الملابس التي اختارتها أمي، يمكنني أن أطلب تغييرها.
- بعد ارتداء الملابس، سأفرّش أسناني بمساعدة أمي.
- أبي سيأخذني إلى المدرسة بعد أن أستعد.
- أرتدي ملابس نظيفة.
- بعد الموقف: إذا كنت جاهزًا في الوقت المحدد، فلن أتأخر عن المدرسة ولن أفوّت وجبة الإفطار.
- الخاتمة: الاستعداد للمدرسة في الوقت المناسب يمنحني بداية جيدة ليومي.
2. زيارة الطبيب (الفئة العمرية: 4-10 سنوات)
- المقدمة: أذهب إلى الطبيب لأبقى بصحة جيدة.
- الهدف: سأبقى هادئًا أثناء الزيارة.
- قبل الموقف: سأحضّر لعبتي المفضلة.
- خلال الموقف:
- سأنتظر في غرفة الانتظار.
- الممرضة ستقيس طولي ووزني وضغطي.
- سيفحص الطبيب عيوني وأذني وفمي.
- السماعة الطبية باردة لكنها لا تؤذي.
- سأجيب عن أسئلة الطبيب.
- سأنتظر في غرفة الانتظار.
- بعد الموقف: عندما أبقى هادئًا، يستطيع الطبيب التأكد من أنني بصحة جيدة.
- الخاتمة: زيارة الطبيب ليست مخيفة، وأنا أستطيع أن أبقى هادئًا.
3. الذهاب إلى المتجر (العمر: 5-10 سنوات)
- المقدمة: أذهب إلى المتجر مع أمي لنشتري الطعام.
- الهدف: سأبقي يديّ لنفسي داخل المتجر.
- قبل الموقف: سأحمل سماعاتي ولعبتي.
- خلال الموقف:
- سأبقي يدي على عربة التسوق.
- إذا شعرت بالخوف من الغرباء، سأمسك بيد أمي.
- إذا رأيت حلوى، سأطلب من أمي إذنًا.
- سأبقي يدي على عربة التسوق.
- بعد الموقف: عندما ننتهي، نعود إلى المنزل.
- الخاتمة: عندما أبقي يدي لنفسي، تصبح تجربة التسوق أفضل للجميع.
4. وقت الطعام (العمر: 4-7 سنوات)
- المقدمة: وقت الطعام نجلس معًا على الطاولة.
- الهدف: سأبقى جالسًا حتى أنتهي من الأكل.
- قبل الموقف: سأغسل يديّ.
- خلال الموقف:
- سأنتظر حتى يجلس الجميع.
- إذا لم تعجبني بعض الأطعمة، لا بأس.
- إذا أردت النهوض، سأطلب الإذن.
- سأنتظر حتى يجلس الجميع.
- بعد الموقف: سأضع صحني في الحوض.
- الخاتمة: البقاء على الطاولة أثناء الطعام مهم لعائلتي.
5. وقت الاستحمام (العمر: 2-4 سنوات)
- المقدمة: أحتاج إلى الاستحمام حتى أبقى نظيفًا.
- الهدف: سأدع أمي أو أبي يغسل شعري.
- قبل الموقف: سأخلع ملابسي.
- خلال الموقف:
- سأدخل الماء وألعب.
- سأدعهم يغسلون جسمي وشعري.
- إذا لم أحب الشعور بالصابون، سأبقى ثابتًا.
- سأدخل الماء وألعب.
- بعد الموقف: سأرتدي ملابس النوم.
- الخاتمة: يمكنني البقاء ثابتًا حتى يبقيني أبي وأمي نظيفًا.
نصائح لإنشاء قصص اجتماعية فعالة للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
- خصصوا القصة لأطفالكم: اختاروا مواقف واقعية يواجهها الأطفال فعليًا في حياتهم اليومية، لتكون القصص أكثر ارتباطًا وفهمًا.
- استخدموا لغة مناسبة: اضبطوا مستوى اللغة حسب عمر الأطفال، مع مراعاة قدرتهم على الفهم والاستيعاب.
- استخدموا الصور: تساعد الصور على تثبيت المعنى، خصوصًا للأطفال الصغار أو من لديهم صعوبات في الفهم.
- كرروا القصة بانتظام: تسهم القراءة المتكررة في ترسيخ الفهم، وتخفيف القلق المرتبط بالمواقف الجديدة أو المقلقة.
- اجعلوا القصة تفاعلية: اطرحوا أسئلة أثناء القراءة مثل: “ماذا يمكننا أن نفعل إذا شعرنا بالتوتر؟” لجعل الطفل يشارك في التفكير والحوار.
- ركزوا على النتائج الإيجابية: تجنبوا العبارات السلبية مثل “لا تفعل”، وبدلًا منها استخدموا عبارات إيجابية وسلوكيات بديلة تشجع الطفل على السلوك المرغوب فيه.
- شجعوا على الاستقلال: ساعدوا الأطفال على اقتراح حلول للمواقف المختلفة، ليشعروا بالسيطرة والثقة في أنفسهم.
خاتمة
القصص الاجتماعية تُعد من أقوى الأدوات التربوية لدعم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد في فهم العالم من حولهم. فهي تساعدهم على التعامل مع المواقف الصعبة، وتقلل من القلق، وتدعم التواصل والاستقلالية. باستخدام لغة بسيطة وصور، ومع التكرار والمشاركة، يمكن أن تترك القصص الاجتماعية أثرًا إيجابيًا طويل الأمد.
باستخدام هذه الاستراتيجيات بانتظام، يمكن للآباء والمربين تمكين الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من خوض الحياة الاجتماعية بثقة ونجاح.
المراجع :
Social Stories for Kids with Autism (With Examples and Tips):
https://www.forbrain.com/autism-learning/social-stories/





