الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

هل يحتاج أطفالنا إلى دواء نفسي؟

ترجمة : أ. نوره الدوسري 

 

قد تكون الأدوية النفسية مفيدة لأطفالنا إذا تم تشخيصهم بأي من الحالات التالية:

  • القلق

  • اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)

  • الاكتئاب واضطرابات المزاج

  • الاضطراب ثنائي القطب

  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

  • الذهان أو الهلوسات

هل ستُغيّر الأدوية النفسية أدمغة أطفالنا؟

الإجابة المباشرة هي: “لا”.
ولكن، الأطفال الذين تعرّضوا لصدمات نفسية غالبًا ما تكون لديهم لوزة دماغية (Amygdala) متضخّمة، مما يجعلهم يشعرون بالخوف والغضب بشكل مفرط. عندما تكون الأدوية فعالة، فإنها قد تُساهم في تقليص حجم اللوزة الدماغية لدى الأطفال المتأثرين بالصدمات النفسية، دون أن تُلحق أي ضرر بالدماغ.

 

الفوائد المحتملة للأدوية النفسية

تقدّم الأدوية العديد من الفوائد حسب تشخيص الطفل، ونستعرض فيما يلي بعضًا منها:

1. تقليل الألم العاطفي

لو كنّا نشعر بألم جسدي شديد لدرجة تمنّينا فيها الموت، لَسَعينا فورًا إلى علاج السبب. الألم العاطفي لا يقلّ أهمية عن الألم الجسدي. عند معالجة الاكتئاب باستخدام الأدوية، ينخفض خطر الانتحار، الذي يُعد ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الأطفال في ولاية داكوتا الشمالية، الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 18 عامًا.

2. تحسين التركيز والانتباه

في حالات ADHD، يكون هناك تفاوت بين القدرات العقلية والقدرة على التركيز. لا يتمكن الأطفال من استثمار قدراتهم الفكرية بالكامل بسبب صعوبة الحفاظ على التركيز. الأدوية تُمكّنهم من تحقيق أقصى استفادة من قدراتهم المعرفية.

3. تقليل خطر الإدمان

الأطفال المشخّصين بـ ADHD معرضون لخطر الإصابة بالإدمان بنسبة تفوق المعدل الطبيعي بخمس مرات. لكن عند علاجهم بالمنشطات مثل “ريتالين” أو “أديرال”، ينخفض هذا الخطر ليصبح مرة واحدة فقط أعلى من أقرانهم.

4. تقليل القلق

القلق شائع بين الأطفال، وقد يمنعهم من الذهاب إلى المدرسة أو التفاعل مع الآخرين أو الخروج من المنزل. وقد ثبت أن استخدام الأدوية مع العلاج النفسي يُساهم في خفض مستويات القلق بشكل فعّال.

 

المخاطر المحتملة للأدوية النفسية

تنقسم الآثار الجانبية للأدوية النفسية إلى نوعين:

  1. آثار جانبية مؤقتة تزول عند إيقاف الدواء

  2. آثار جسدية قد تستمر لفترة أطول وتؤثر على الجسم

الآثار الجانبية المؤقتة

معظم الأعراض الجانبية، كآلام المعدة، تختفي عند إيقاف الدواء. من أكثر المخاوف شيوعًا لدى الأهالي أن تتحوّل شخصية الطفل إلى “زومبي”، وهو أمر نادر جدًا، وإن حدث فإنه يزول بعد التوقف عن استخدام الدواء.

الآثار الجسدية

بعض الأدوية، خصوصًا تلك المستخدمة لعلاج الذهان أو الاضطراب ثنائي القطب، قد تُسبب زيادة في مستويات الكوليسترول أو البرولاكتين أو نسبة السكر في الدم. ولذلك، يقوم الأطباء بإجراء تحاليل دم دورية لمتابعة أي تغيّرات قد تؤثر على صحة الطفل الجسدية. كما أن بعض هذه الأدوية قد تؤدي إلى زيادة الوزن، ويتم مراقبة ذلك من قبل الطبيب لضمان عدم تطوّر المشكلة.

من المهم أن يتذكّر الأهالي أن بدء استخدام دواء نفسي لا يعني التزامًا مدى الحياة، بل هو تجربة يمكن التراجع عنها في حال عدم الفعالية أو ظهور آثار جانبية غير مقبولة.

 

وصمة العار المرتبطة باستخدام الأدوية النفسية

رغم تراجع وصمة العار المتعلقة بالصحة النفسية مقارنة بالسابق، إلا أنها لا تزال تشكّل عائقًا كبيرًا أمام تلقي الرعاية النفسية، خاصة لدى الأطفال.
تُشير الرابطة الوطنية للأمراض النفسية (NAMI) إلى أن:

“وصمة العار مدمّرة للصحة النفسية، لأنها تخلق بيئة من الخجل والخوف والصمت، تمنع الكثيرين من طلب المساعدة والعلاج.”

الأطفال أيضًا يتأثرون بهذه الوصمة. وإذا شعروا بالخوف من التحدث إلى والديهم حول مشاعرهم، فقد لا يحصلون على الرعاية اللازمة لمعالجة حالات نفسية قابلة للعلاج.

 

كيفية التعامل مع موضوع الأدوية النفسية مع الأطفال

كيف نتحدث مع أطفالنا عن الأدوية؟

يبدأ الحديث عن الأدوية النفسية في عيادة الطبيب. على الطبيب أن يتحدث مباشرة مع الطفل ويشرح له كيف أن سلوكياته تؤثر عليه وعلى علاقاته، مثلًا:

“كم مرة تعرضت للعقاب بسبب مقاطعة الدرس؟ هل شعرت بالإحراج بسبب فشلك أو عدم تسليم الواجبات؟”

ثم يُمكننا مناقشة الحلول الممكنة، بما في ذلك تجربة الدواء. نُطمئن أطفالنا أن القرارات المتخذة ليست نهائية، بل يمكن تجربة الدواء لعدة أسابيع لنرى مدى تأثيره والتحمّل للآثار الجانبية إن وجدت.

ماذا إذا رفض الأطفال تناول الأدوية؟

لا يمكن إجبار الطفل على تناول الدواء. لكن يمكننا التفاوض معه وتشجيعه على التجربة. مثلًا:

“دعنا نجرب الدواء لمدة أسبوعين فقط.”

لسنا مع فرض الدواء على الطفل، ولكن يمكن تحفيزه عن طريق تقديم مكافأة بعد فترة التجربة، كالسماح له بنشاط يفضله.

هل يجب إبلاغ المدرسة؟

إذا كانت لدينا علاقة ثقة مع المدرسة ونشعر بأنهم لن يُصدروا أحكامًا على الطفل بسبب استخدامه للدواء، فقد يكون من المفيد إبلاغهم.
معظم المدارس تتعامل مع مثل هذه الحالات بتفّهم وتعاون، لكن هذا ليس مضمونًا دائمًا.

 

كيف نعرف ما إذا كان الدواء فعالًا؟

تقييم فعالية الدواء عملية تعتمد على جمع الملاحظات من عدة مصادر: الطفل، الأهل، والمعلمين.

  • في حالات الاكتئاب والقلق، غالبًا ما يقول الطفل: “أشعر بتحسّن.” وإذا لم يُلاحظ التحسّن، يجب إعادة تقييم جدوى العلاج.

  • في ADHD، يكون الأهل عادةً أول من يلاحظ تغيرات إيجابية في سلوك الطفل.

  • في الاضطراب ثنائي القطب، نلاحظ: هل قلت نوبات الغضب؟ هل أصبح النوم أفضل؟

نجمع هذه المعلومات، إلى جانب الملاحظات الطبية، لاتخاذ قرارات بشأن الاستمرار أو تعديل العلاج.

 

إيجاد الدواء والجرعة المناسبة

يتطلب اختيار الدواء والجرعة المناسبة خبرة طبية متخصصة.
يستخدم الأطباء ما يُعرف بـ “خوارزميات العلاج” وهي خطوط إرشادية معيارية تُوجّه قراراتهم العلاجية فيما يخص نوع الدواء وجرعته.

يمكن أن يستفيد بعض الأطباء من الاختبارات الجينية، رغم أن نتائجها ليست دائمًا حاسمة. ومع ذلك، يمكن أن تقدم بعض المعلومات حول نوعية الأدوية التي قد تكون أكثر فعالية، وتساعد في تحديد الجرعة الأنسب.

 

هل يمكن لأطفالنا التوقف عن استخدام الأدوية عندما يشعرون بتحسّن؟

نعم، لكن لا يُنصح بذلك.
في حالات الاكتئاب والقلق، فإن إيقاف الدواء في الأشهر التسعة الأولى قد يؤدي إلى عودة الأعراض النفسية — لأن الدماغ يعود إلى حالته السابقة. لذلك، يُفضل أن يستمر الطفل على الدواء لمدة لا تقل عن تسعة أشهر.

أما أدوية ADHD، فهي تختلف، حيث يُظهر حوالي 30–40٪ من الأطفال تحسنًا كافيًا يسمح بإيقاف الدواء لاحقًا. وهنا يقوم الطبيب بمتابعة التطور وتعديل الجرعة عند الحاجة.

 

أهمية العلاج النفسي وتعديل نمط الحياة

الأدوية النفسية تعمل بفعالية أكبر عند دمجها مع العلاج النفسي وتعديلات في نمط الحياة.
المتابعة المنتظمة مع أخصائي نفسي تساهم في الحفاظ على التحسن، بالإضافة إلى:

  • تناول طعام صحي

  • الحصول على قسط كافٍ من النوم

  • ممارسة الرياضة بانتظام

  • بناء علاقات اجتماعية صحية

 

متى يجب علينا طلب المساعدة؟

غالبًا ما يكون الأهل أول من يلاحظ أن أطفالهم يعانون من صعوبات عاطفية أو سلوكية.
ينبغي علينا التعرّف إلى العلامات الشائعة للاضطرابات النفسية لدى الأطفال، وإذا شعرنا بالقلق أو الشك، يجب علينا التحرك فورًا.
ينبغي التواصل مع طبيب الأطفال أو اختصاصي نفسي، وعلينا التزوّد بالمعلومات الضرورية حول الصحة النفسية والمشكلات الخاصة بأطفالنا، وتقديم الدعم والحب اللازمين لهم للاستمرار في العلاج والشفاء.



المرجع : 

Does My Child Need Psychiatric Medication? : 

https://dakotafamilyservices.org/resources/blog/archive/does-my-child-need-medication/