الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

المراهقون والمشكلات الحسية: التحديات والاستراتيجيات 

ترجمة: أ. نوره الدوسري

يمر العديد من المراهقين المشخّصين باضطراب طيف التوحد بتجارب حسية مختلفة قد تكون إما أكثر حدة أو أقل من أقرانهم من المراهقين النموذجيين. وهذا يعني أنهم قد يشعرون باللمس أو الأصوات أو الأضواء أو الروائح أو المذاق بشكل مكثف جدًا أو أحيانًا بشكل باهت مقارنة بغيرهم. على سبيل المثال، قد تبدو الأصوات لهم أعلى وأكثر إزعاجًا من المعتاد، أو قد يشعرون بعدم الارتياح عند لمسهم، بينما قد يحتاج آخرون إلى عناق أو ضغط أقوى ليشعروا بالراحة.

إن التعامل مع هذه المشكلات الحسية خلال اليوم الدراسي، أو أثناء الأنشطة اللامنهجية، أو حتى داخل المنزل، قد يكون مربكًا ومرهقًا. فالحياة اليومية للمراهق مليئة بالمحفزات: أصوات مختلفة، روائح متعددة، إضاءة قوية، تغييرات بين الحصص الدراسية، ومتابعة الواجبات والجداول الزمنية والعلاجات. ومع دخول المراهقين مرحلة البلوغ، تزداد صعوبة التعامل مع المشاعر والتغيرات الحسية، لأن التغيرات الهرمونية والجسدية تزيد من حدة هذه التحديات.

المشكلات الحسية والسلوكيات الصعبة

كثيرًا ما تكون السلوكيات الصعبة أو المثيرة للتحدي لدى المراهقين مرتبطة بشكل مباشر بالمشكلات الحسية. فعندما يتعرض المراهق لمستوى عالٍ من التحفيز الحسي، قد يؤدي ذلك إلى ما يُعرف بـ “نوبات الانهيار”.

نوبة الانهيار (Meltdown):
هي انفجار عاطفي وسلوكي ناتج عن عجز المراهق عن التعبير أو التواصل بشكل مناسب، وغالبًا ما تكون بسبب التحفيز الحسي الزائد. وتختلف هذه النوبات عن نوبات الغضب العادية، إذ أنها مرتبطة بعدم قدرة المراهق على ضبط انفعالاته وتنظيم سلوكه (Self-Regulation).

إن فهم نوعية التحديات الحسية التي يواجهها المراهق يساعد الأهل على التعرف المبكر على العلامات التحذيرية قبل حدوث الانهيار، مما يمنحهم فرصة للتدخل وتهدئة الوضع.

التعرف على تفضيلات المراهق

إن معرفة ما يحبه المراهق وما لا يتحمله تُعد أداة قوية لنجاح الأهل في دعمه. فمن خلال مراقبة الأنشطة والتجارب التي تكون مريحة له أو مثيرة للتوتر، يمكن تعديل الروتين أو البيئة المحيطة لزيادة فرص النجاح وتقليل التوتر.

على سبيل المثال:

  • ما الأنشطة الأكثر إزعاجًا له؟
  • ما المواقف التي تثير ردود فعل قوية؟
  • ما التعديلات أو الأدوات التي تساعده على التكيف؟
  • هل هناك مواقف يستطيع تحملها إذا كان هو المتحكم فيها، مثل التحكم في مستوى صوت التلفاز أو الموسيقى؟
استراتيجيات وأدوات للتكيف مع المشكلات الحسية

1. الأجهزة والأدوات المساعدة

  • نظارات شمسية داكنة لتقليل حساسية الضوء.
  • سدادات أذن أو سماعات عازلة للضوضاء لتقليل الأصوات العالية.
  • ألعاب حسية مثل الكرات الضاغطة أو أدوات التململ (Fidget Toys).
  • أساور حسية خاصة.
  • ملابس صديقة للحواس، بدون علامات أو خامات مزعجة.
  • الاستماع للموسيقى المفضلة التي تساعد على الاسترخاء.

2. تعديلات الروتين

  • بناء روتين ثابت يتضمن أنشطة مهدئة قبل الخروج أو الذهاب إلى المدرسة.
  • تقليل ازدحام الجدول اليومي إن كان مرهقًا جدًا.
  • التخطيط المسبق للرحلات أو التسوق، مثل اختيار أوقات غير مزدحمة أو الاعتماد على التسوق عبر الإنترنت.
  • شراء الملابس أو الأحذية المفضلة بألوان وأشكال مختلفة لتجنب مقاومة التغيير.
  • الاستعداد المبكر عند اقتراب نفاد المستلزمات الأساسية لتفادي القلق.

3. استراتيجيات داعمة

  • إشراك الأخوة والأقارب في معرفة الاستراتيجيات المستخدمة مثل خفض صوت التلفاز أو تخفيف الإضاءة.
  • تخصيص ركن في المنزل يحتوي على أدوات مهدئة (مثل سماعات أو ألعاب حسية).
  • إشراك المراهق في اختيار الأدوات أو الملابس التي تناسبه.
  • مراقبة العلامات المبكرة للقلق واستخدام الأدوات المهدئة في المواقف الصعبة (مثل زيارة الطبيب).
  • تجربة استراتيجيات مختلفة حسب الحاجة، مع الانتباه إلى أن ما ينجح مرة قد لا ينجح في كل مرة.
  • تدريب المراهق على التعرف إلى إشارات التوتر لديه وطلب المساعدة عند الحاجة.
 
تأثير المشكلات الحسية في المدرسة

يمكن أن تؤثر التحديات الحسية بشكل كبير على تجربة المراهق في المدرسة. على سبيل المثال:

  • الكراسي أو الطاولات التقليدية قد تكون غير مريحة، والحل هو إضافة وسادة أو السماح باستخدام أداة حسية صغيرة.
  • الممرات المدرسية غالبًا ما تكون صاخبة ومزدحمة، مما يجعل ارتداء سماعات أو سدادات أذن خيارًا جيدًا.
  • الفصول قد تحتوي على ألوان وزخارف كثيرة تسبب تشتتًا حسيًا.
  • وقت الغداء قد يكون صعبًا بسبب الأصوات والروائح وكثرة الحركة.

من المفيد أن يناقش الأهل هذه القضايا مع فريق المدرسة، وقد تكون هناك حاجة إلى خطة حسية خاصة بالمراهق داخل الأنشطة الدراسية مثل الموسيقى أو الرياضة.

المشكلات الحسية في المجتمع

الخروج للمجتمع يطرح تحديات إضافية مثل الضوضاء أو الروائح أو الحشرات. وحتى المواقف اليومية البسيطة مثل مواقف السيارات قد تكون مزعجة بسبب أصوات المحركات أو أصوات الأبواق.

على الأهل تجربة طرق مختلفة لمساعدة المراهق مثل استخدام سماعات الرأس، وتدريبه على قواعد السلامة (مثل الحذر من السيارات المتحركة).

تأثير المشكلات الحسية على النوم والعناية الذاتية والتغذية
  • النوم: يعاني العديد من المراهقين المشخّصين باضطراب طيف التوحد من صعوبة النوم أو النوم لساعات قليلة. قد يساعد الروتين الليلي المهدئ مثل قراءة كتاب أو الاستماع للموسيقى.
  • العناية الشخصية: قد يرفض المراهق استخدام بعض المنتجات مثل معجون الأسنان أو الشامبو بسبب الطعم أو الرائحة أو الملمس. من المفيد تجربة منتجات مختلفة تناسب تفضيلاته.
  • التغذية: التفضيلات الغذائية قد تكون محدودة بسبب قضايا تتعلق بالقوام أو الملمس أو الرائحة. من المهم إدخال الأطعمة الجديدة تدريجيًا وبصبر، مع مراعاة الأسباب الحسية وراء الرفض.
تقبّل ما لا يستطيع المراهق تحمله

في بعض الحالات، هناك أنشطة أو مواقف لا يمكن للمراهق تحملها مطلقًا، مثل الألعاب النارية أو العروض الضوئية. قد يؤثر ذلك على الأسرة كلها، ولكن من الممكن إيجاد بدائل مثل مشاهدة الألعاب النارية عبر التلفاز أو من مكان بعيد باستخدام وسائل الحماية الحسية.

الخلاصة

التحديات الحسية لدى المراهقين المشخّصين باضطراب طيف التوحد ليست مجرد تفاصيل صغيرة، بل هي محور أساسي يؤثر في حياتهم اليومية وسلوكياتهم. إن فهم هذه التحديات والتخطيط المسبق وتوفير الاستراتيجيات والأدوات المناسبة يمكن أن يساعد الأهل على تقليل المواقف المرهقة، وتعزيز قدرة المراهق على التكيف، وتحقيق حياة أكثر توازنًا.

إن بناء بيئة داعمة، والمرونة في التجربة، والاستماع إلى المراهق وتفضيلاته، كلها خطوات جوهرية تساعد الأسرة على التعامل مع هذه المرحلة الحساسة بنجاح.

المرجع :

Teens and Sensory Issues: Issues and Strategies:

https://www.milestones.org/map/browse-articles/teens-and-sensory-issues-issues-and-strategies