نقاط القوة في التفكير والتعلم لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
ترجمة: أ. شروق السبيعي
يتمتع الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد بالعديد من نقاط القوة و القدرات الفريدة التي تميزهم عن غيرهم. قد تظهر هذه القدرات بشكل بارز عند مقارنتهم بأقرانهم من الأطفال، أو قد تكون هذه المهارات بارزة في إطار إمكاناتهم الفردية، حتى وإن لم تكن ظاهرة عند مقارنتها بأقرانهم. بمعنى أنها تعكس تميز الأطفال في مهارات معينة تتناسب مع طريقتهم الخاصة في الفهم والتفاعل، مثل قدرته على التركيز لفترات طويلة في موضوع محدد، أو تميزه في المهارات البصرية أو الذاكرة، وهي نقاط قوة تستحق التقدير والدعم. تتنوع هذه القدرات لتشمل مهارات متعددة مثل التفكير، التعلم، التفاعل الاجتماعي، والاهتمامات الخاصة.
عندما تتعرفون على هذه النقاط القوية والمهارات الخاصة التي يمتلكها أطفالكم، يمكنكم استخدامها كأدوات فعالة لدعم نموهم وتطوير مهاراتهم في مختلف جوانب الحياة. بالتركيز على نقاط القوة، يصبح بإمكانكم تعزيز ثقة أطفالكم بأنفسهم وتشجيعهم على مواجهة التحديات بطريقة إيجابية، مما يساعدهم على تحقيق تقدم ملحوظ في تعلمهم وتفاعلهم مع البيئة المحيطة بهم.
إن فهم وتقدير القدرات الفريدة لكل طفل يعد خطوة أساسية نحو توفير بيئة تعليمية وتربوية مناسبة تدعم إمكانياتهم وتفتح لهم آفاقاً جديدة للنمو والنجاح.
فيما يلي بعض الأدوات التي تساعدكم على اكتشاف طريقة تفكير أطفالكم ونقاط قوتهم في التعلم:
التقييم النمائي: يُستخدم هذا التقييم كجزء من تشخيص اضطراب طيف التوحد، ويقيس نقاط القوة لدى الأطفال في عدة مهارات مثل مهارات التفكير الغير لفظي، إلى جانب مهارات اللغة والتواصل.
اختبار الذكاء (IQ): يقيس هذا الاختبار المهارات اللفظية، والاستدلال البصري، والذاكرة العاملة، وسرعة المعالجة، مقارنة بالأطفال من نفس الفئة العمرية. ويُعرف أيضًا باسم التقييم المعرفي.
التعلم والتفكير البصري واضطراب طيف التوحد
يُعتبر التفكير البصري من نقاط القوة الشائعة لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد، حيث يُظهر العديد منهم براعة في المهام التي تتطلب البحث البصري، مثل تحديد مثلث داخل صورة معقدة، أو تمييز حرف “S” الأحمر وسط مجموعة من الحروف.
ويُعتقد أن هذه القدرات البصرية القوية تعود إلى ميل الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد للتركيز على التفاصيل الدقيقة بدلاً من النظر إلى الصورة الكاملة.
يميل العديد من الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد إلى التعلم بطريقة بصرية، حيث تكون المعلومات المقدمة بصريًا أكثر ثباتًا ووضوحًا لهم مقارنةً بالمعلومات المسموعة. تساعد هذه الطريقة في تعزيز قدرتهم على فهم المحتوى و معالجته بشكل أفضل، مما يساهم في تطوير ردود أفعالهم في مختلف المواقف.
يمكنكم مساعدة أطفالكم المشخصين باضطراب طيف التوحد على التعلم من خلال عرض المعلومات بصريًا. كما يمكنكم استخدام قدرات أطفالكم في المعالجة البصرية لمساعدتهم في المهارات الأخرى. على سبيل المثال:
ضعوا تذكيرات بصرية في أرجاء المنزل. إذا كانوا أطفالكم يجيدون القراءة، يمكن أن تكون هذه التذكيرات كلمات مكتوبة، أو صورًا.
قوموا بتصوير أنشطة اللعب التي يفضلونها أطفالكم، ووضعها على لوحة التواصل. يمكن لهذه الوسيلة أن تُذكّر أطفالكم أو تساعدهم على اتخاذ القرارات.
قوموا بتصوير خطوات الأنشطة اليومية، مثل ترتيب حقيبة المدرسة أو تنظيف الأسنان، ثم ضعوا هذه الصور على الحائط قرب المكان الذي يتم فيه ممارسة كل نشاط.
استخدموا الوسائل البصرية طوال اليوم أو للأنشطة اليومية.
غالبًا ما تكون الاستراتيجيات العلاجية والمساندة التي تعتمد على الوسائل البصرية فعّالة مع الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد.
التفكير المبني على القواعد لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد
غالبًا ما يعمل الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد بكفاءة ويميل الأطفال إلى الشعور بالأمان والطمأنينة عند وجود قواعد وروتين وهيكل واضحين. يمكن الاستفادة من ذلك لمساعدة أطفالكم على اكتساب مهارات جديدة وتطويرها.
إحدى الطرق للقيام بذلك هي توضيح ما يمكن أن يتوقعه الأطفال وما يمكنهم فعله في مواقف مختلفة. يمكنكم إنشاء كتاب صغير بالكلمات والصور يوضح هذه المواقف.
العبارات الإيجابية مثل: “عندما يحدث كذا، افعل كذا…” تكون أكثر فعالية من العبارات السلبية مثل “لا تفعل…”. يمكنكم الاستعانة بآراء أولياء أمور آخرين أو مختصين في تحديد المواقف التي تحتاج إلى توضيح.
على سبيل المثال:
عندما يحين وقت النوم، أنظف أسناني.
عندما يعطيني والدي النرد، يكون دوري في اللعب.
عندما أرى سيارة قادمة على الطريق، أبقى على الرصيف.
يمكن استخدام عبارات “أولًا…، ثم…” للأنشطة التي تتضمن خطوات واضحة، مثل: “إذا ارتديت حذاءك، يمكنك الخروج”، أو بأسلوب أبسط: “الحذاء أولاً، ثم الخروج”.
الاهتمامات الخاصة واضطراب طيف التوحد
غالبًا ما يستطيع الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد التركيز الشديد والتعلم العميق في المواضيع التي تثير اهتمامهم.
إليكم بعض الأفكار لتنمية مهارات أطفالكم من خلال الاستفادة من اهتماماتهم الخاصة:
مهارات اللعب: عندما يلعب أطفالكم بالألعاب التي يهتمون بها، شاركوهم اللعب. يمكنكم توسيع دائرة اللعب من خلال التعليق على ما تفعلونه معًا، تبادل الألعاب، و تناوب الأدوار.
مهارات الحساب: استخدموا ألعاب أطفالكم المفضلة للحديث عن الألوان، الأرقام، والأحجام – مثل: سيارات حمراء وزرقاء، شاحنات كبيرة ودراجات صغيرة.مهارات العناية الذاتية: عززوا تعاون أطفالكم من خلال دمج اهتماماتهم في الأنشطة الصعبة. مثلًا، إذا كان الاستحمام صعبًا، قدّموا لهم ألعابًا مرتبطة باهتماماتهم، أو استخدموا صورًا لهذه الاهتمامات على جدران الحمام كمحفز.
مهارات المحادثة: تحدثوا مع أطفالكم حول اهتماماتهم الخاصة. ربما يبدأ الأطفال بإلقاء خطاب بدلاً من إجراء محادثة، ويمكنكم تدريجيًا إدخال الأسئلة وتشجيعهم على طرح الأسئلة عليكم أيضًا.
مع تقدم أعمار أطفالكم، يمكنكم استكشاف طرق لاستثمار اهتماماتهم في تنمية مهارات جديدة. فعلى سبيل المثال، إذا كان أطفالكم بارعين في استخدام الحاسوب، فقد يرغبون في تعلم البرمجة أو تصميم الألعاب. وإن كانوا يحبون شخصية “توماس القطار”، فقد يثير اهتمامهم التعرف على شبكات القطارات في مناطقكم.
الحفظ التكراري (الذاكرة الآلية) واضطراب طيف التوحد
غالبًا ما يتمتع الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد بقدرة كبيرة على الحفظ. حيث يمكن للكثير منهم تذكر معلومات كثيرة ، مثل: حوارات الأفلام، كلمات الأغاني، أرقام لوحات السيارات، وحتى تفاصيل دقيقة من المحادثات أو الأحداث التي شاهدوها. هذه القدرة الفريدة على الحفظ تساعدهم في اكتساب مهارات جديدة واستخدام المعلومات بشكل فعال في حياتهم اليومية.
يمكنكم تشجيع أطفالكم على استخدام هذه القدرة في تعلم معلومات مفيدة، مثل رقم الهاتف والعنوان، والحروف الأبجدية، أو جداول الضرب.
المرجع:
Thinking and learning strengths in autistic children and pre-teens
https://raisingchildren.net.au/autism/learning-about-autism/about-autism/learning-strengths-asd
