كيف يمكن ملاحظة اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول عند الأطفال؟
ترجمة: أ. شروق السبيعي
حين يُظهر الأطفال فروقًا بسيطة في تواصلهم أو لعبهم أو تفاعلهم مع البيئة، قد تمر سمات اضطراب طيف التوحد دون ملاحظة، خاصةً عندما لا تكون هذه السمات شديدة. الأطفال الذين يمتلكون سمات أخف غالبًا ما يندرجون تحت ما يُعرف باضطراب طيف التوحد من المستوى الأول، ويُعد المستوى الأقل شدة ضمن المستويات الثلاثة لاضطراب طيف التوحد. قد لا يكون الدعم المستمر ضروريًا لهم، إلا أن التشخيص المبكر وتلقي التدخل المناسب يساهمان بشكل كبير في دعم تطورهم وتحسين جودة حياتهم.
قد يكون من الصعب التعرف على سمات اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال، خاصةً عندما تكون غير واضحة. ومع ذلك، فإن التشخيص المبكر يوفر فرصة للحصول على دعم فعال يُسهم في تمكين أطفالكم من النجاح اجتماعيًا وأكاديميًا.
ما هو اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول؟
اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول هو أحد أشكال اضطراب طيف التوحد (ASD) يُظهر صعوبات يمكن ملاحظتها في التفاعل الاجتماعي والتواصل والسلوك، لكنها تكون أكثر سهولة في التكيف معها مقارنة بالمستويات الأخرى. عادةً لا يحتاج الأطفال في هذا المستوى إلى دعم كبير في حياتهم اليومية، إلا أنهم قد يواجهون صعوبة في التعامل مع بعض المواقف المربكة أو المجهدة.
وعلى خلاف اضطراب طيف التوحد من المستوى الثالث، الذي يستدعي دعمًا مكثفًا في مختلف جوانب الحياة، فإن اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول قد يظهر من خلال سمات تبدو كتصرفات عفوية أو غريبة، لا يُنظر إليها فورًا كسمات تحذيرية. لذلك، من الضروري أن يكون لدى الأسر، والمعلمين، ومقدمي الرعاية الصحية وعي كاف بما يجب الانتباه له، ومعرفة الخطوات المناسبة التي ينبغي اتخاذها بعد ذلك.
ما هي بعض سمات اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول؟
لا يوجد طفلان متشابهان، حتى لو كان لديهما نفس التشخيص. ومع ذلك، هناك بعض السمات والسلوكيات المشتركة لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من المستوى الأول. تتراوح هذه السمات بين صعوبات في التفاعل الاجتماعي إلى حساسيات حسية واهتمامات متكررة.
فيما يلي عدد من السمات التي قد تشير إلى أن أطفالكم قد يندرجون تحت اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول:
الصعوبات الاجتماعية
غالبًا ما يرغب الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من المستوى الأول في التواصل مع الآخرين، لكنهم يواجهون صعوبة في “كيفية” القيام بذلك. قد:
يتجنبون التواصل البصري أو يحدون منه
يواجهون صعوبة في بدء المحادثات أو الاستمرار فيها
يسيئون تفسير لغة الجسد أو نبرة الصوت
يجدون صعوبة في فهم النكات أو السخرية أو الاستعارات
يفضلون اللعب بمفردهم أو يواجهون صعوبة في تكوين صداقات
قد يُنظر إليهم على أنهم خجولون أو “غريبون” اجتماعيًا، لكن هذه السلوكيات غالبًا ما تعكس صعوبات أعمق في كيفية معالجتهم للإشارات الاجتماعية.
اختلافات في التواصل
حتى وإن كانوا الأطفال يتحدثون بطلاقة أو بلغوا مراحل مبكرة في اللغة، فقد يواجهون صعوبة في استخدام اللغة في السياق الاجتماعي (المعروفة باسم اللغة البراغماتية). على سبيل المثال، قد:
يتحدثون باستمرار عن مواضيع مفضلة دون الانتباه لاهتمامات الآخرين
يفتقرون إلى الإحساس بتبادل الأدوار في المحادثة
يستخدمون لغة رسمية أو حرفية بشكل مفرط
يجدون صعوبة في تعديل أسلوبهم في الحديث وفقًا للمواقف المختلفة
هذه الصعوبات قد تجعل التفاعلات الاجتماعية مرهقة أو مربكة، خصوصًا في البيئات الجماعية.
السلوكيات المتكررة والاهتمامات الشديدة
أحد الجوانب الشائعة لاضطراب طيف التوحد من المستوى الأول هو الميل إلى الروتين وظهور سلوكيات متكررة. قد تلاحظون:
تكرار حركات جسدية مثل رفرفة اليدين أو المشي ذهابًا وإيابًا
رغبة شديدة في اتباع طقوس أو روتين معين
اهتمام عميق بمواضيع محددة (مثل القطارات، الخرائط، ألعاب الفيديو)
رغم أن هذه الاهتمامات تُعد مصدرًا للتعلم وتطوير الثقة، إلا أنها قد تُقيد مرونة الأطفال وتُصعّب عليهم التكيف مع المواقف الجديدة.
الحساسيات الحسية
يعاني العديد من الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من حساسية عالية أو منخفضة تجاه المدخلات الحسية. وقد تلاحظون أن أطفالكم:
يغطون آذانهم عند سماع أصوات عالية
يتجنبون ملمسًا معينًا في الملابس أو الطعام
يتفاعلون بقوة مع الأضواء الساطعة أو الأماكن المزدحمة
قد يقومون بسلوكيات مثل الدوران أو الضغط للحصول على مدخلات حسية معينة.
سواء كان الأطفال يعانون من حساسية عالية أو منخفضة تجاه المدخلات الحسية، فإن هذه التجارب الحسية قد تؤثر على مزاجهم، وانتباههم، ومشاركتهم في الأنشطة اليومية.
القدرات المعرفية وصعوبات الأداء التنفيذي
يُظهر بعض الأطفال في هذا المستوى مهارات متقدمة مثل الذاكرة أو الرياضيات أو التفكير البصري. ومع ذلك، قد يواجهون صعوبة في:
التخطيط وتنظيم المهام
الانتقال بين الأنشطة أو المواضيع
إدارة الوقت أو تنفيذ تعليمات متعددة الخطوات
حتى وإن كانوا الأطفال يتمتعون بقدرات معرفية عالية، فإن هذه الصعوبات في الأداء التنفيذي قد تجعل الروتين اليومي في المنزل أو المدرسة أكثر تعقيدًا.
أهمية التشخيص المبكر
حتى وإن بدت السمات خفيفة، فإنها قد تؤثر على قدرة الأطفال على التواصل مع الأقران، وإدارة المشاعر، والنجاح في بيئات منظمة مثل المدرسة. إن معرفة مستوى أطفالكم في اضطراب طيف التوحد يساعد في تحديد خيارات التدخل والدعم المناسب.
كما أن الحصول على تشخيص رسمي يتيح للأسر الوصول إلى الموارد، والتسهيلات التعليمية، والتدخلات المصممة لتلبية احتياجات أطفالهم الخاصة.
علاج اضطراب طيف التوحد من المستوى الأول: أنواع برامج تحليل السلوك التطبيقي (ABA) المفيدة
عندما يتعلق الأمر بدعم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من المستوى الأول، يُعتبر تدخل تحليل السلوك التطبيقي من أكثر التدخلات فعالية ومدعومة بالأبحاث. يساعد هذا التدخل الأطفال على تطوير مهارات ضرورية للحياة اليومية، مثل التواصل والتفاعل الاجتماعي وتنظيم المشاعر والالتزام بالروتين اليومي، وذلك من خلال خطط فردية منظمة ومخصصة.
هناك أنواع مختلفة من برامج تدخل تحليل السلوك التطبيقي مصممة لتلبية احتياجات كل طفل وأسرته. بالنسبة لبعض الأطفال، يقدم العلاج الجزئي المركّز باستخدام تحليل السلوك التطبيقي دعمًا مستهدفًا في مهارات محددة مثل المحادثة، التفكير المرن، وإدارة الانتقالات بين الأنشطة.
قد يستفيد آخرون من الدوام الكامل خلال النهار، والذي يتيح بيئة علاجية مكثفة ومتنوعة تساعد في تطوير المهارات الأساسية وتوسيع نطاق السلوكيات المكتسبة.
كلا النموذجين مُصممان لمساعدة الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد من المستوى الأول على تنمية الثقة بالنفس والاستقلالية، سواء كانوا يحتاجون إلى دعم في عدد قليل من المهارات أو في عدة جوانب من حياتهم اليومية. إذا كنتم قد تساءلتم يومًا: “ما هي بعض سمات اضطراب طيف التوحد لدى أطفالنا؟” أو كنتم تبحثون عن إرشادات بشأن الخطوات التالية، فإن الاطلاع على برامج تدخل تحليل السلوك التطبيقي يشكل بداية قوية.
المرجع:
What Does Level 1 Autism Look Like in Children?
https://www.empowerbh.com/blog/what-does-level-1-autism-look-like-in-children/
