الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

كيف يتم تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟

pexels kseniachernaya 7301366

كيف يتم تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد؟

ترجمة: أ. شروق السبيعي

تدخل تدريب الاستجابة المحورية — ويُسمى أيضًا علاج الاستجابة المحورية — هو تدخل سلوكي قائم على الأدلة. يهدف هذا التدخل إلى مساعدة الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد على بناء مهارات اجتماعية مهمة، وذلك من خلال استخدام استراتيجيات تعزز الدافعية الداخلية لديهم (أي الحافز لإكمال المهام) للمشاركة الفعالة في جلسات تدريب الاستجابة المحورية.

يعتمد تدخل تدريب الاستجابة المحورية على أربعة مهارات أساسية، هي: الدافعية الذاتية، بدء التفاعل الاجتماعي، التمييز بين المحفزات المتعددة، والإدارة الذاتية للسلوك. ومن خلال التركيز على هذه المهارات الأربعة، يُسهم تدخل تدريب الاستجابة المحورية في تحقيق تطوير شامل لا يقتصر على السلوك فقط، بل يشمل أيضًا التفاعلات الاجتماعية ومهارات التواصل مع الآخرين.

تتناول هذه المقالة المهارات الأساسية في تدخل تدريب الاستجابة المحورية، وفعاليته، ودوره في مساعدة الأطفال المشخَّصين باضطراب طيف التوحد على تطوير المهارات الاجتماعية الأساسية اللازمة للحياة اليومية.

ماهي عناصر تدخل تدريب الاستجابة المحورية (PRT)؟

تدخل تدريب الاستجابة المحورية هو تدخل سلوكي يُستخدم لعلاج اضطراب طيف التوحد، ويُركّز على تنمية المهارات الأساسية لدى الأطفال. يهدف هذا التدخل إلى مساعدة الأطفال المشخّصين باضطراب طيف التوحد على تحسين أدائهم في مختلف نواحي حياتهم اليومية، من خلال التركيز على مهارات أساسية تؤثر في مجالات التواصل، والسلوك، والمهارات الاجتماعية.

يُعتبر تعزيز دافعية الأطفال باستخدام استراتيجيات معينة من العناصر الأساسية في تدخل تدريب الاستجابة المحورية. فعلى سبيل المثال، بدلاً من أن يقوم الأخصائي باختيار الأنشطة خلال التدخل، يعتمد هذا النوع من التدخل على السماح للأطفال باختيار الأنشطة التي تثير اهتمامهم وتحافظ على دافعيتهم الذاتية. وتشمل الاستراتيجيات الأخرى المستخدمة في هذا التدخل ما يلي:

  • الاعتماد على التفاعلات المبنية على اللعب.
  • تشجيع الأطفال على ممارسة سلوكيات جديدة بالإضافة إلى تلك التي اتقنوها سابقًا.
  • تقديم فرص واضحة للأطفال ليمارسوا مهاراتهم و يظهرونها.
  • مكافأة السلوكيات المرغوبة بالإضافة إلى محاولات الأطفال في أداء هذه السلوكيات.

تدخل تدريب الاستجابة المحورية (PRT) مقابل تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA)

يعتمد تدخل تدريب الاستجابة المحورية على مبادئ تدخل تحليل السلوك التطبيقي. وما يميزه عن تدخل تحليل السلوك التطبيقي هو تركيزه على جوانب أساسية في نمو الأطفال بدلاً من استهداف سلوكيات محددة. وبذلك، يُمكّن تدخل تدريب الاستجابة المحورية من تطوير السلوكيات والتفاعلات الاجتماعية والتواصل.

بالإضافة إلى ذلك، يعزز تدخل تدريب الاستجابة المحورية السلوكيات المرغوبة، وكذلك المحاولات الصحيحة التي يبذلها الأطفال نحو هذه السلوكيات، مما يسهم في زيادة معدل التعزيز والحفاظ على دافعيتهم طوال فترة التدخل.

ما هي المهارات المحورية المستهدفة في تدريب الاستجابة المحورية (PRT)؟

يركز تدخل تدريب الاستجابة المحورية على أربعة مهارات يُعتقد أنها تؤدي إلى تحسينات واسعة النطاق في مجالات أساسية أخرى متعلقة بالأداء. المهارات الأربعة التي يستهدفها تدخل تدريب الاستجابة المحورية هي:

  • الدافعية الداخلية: استخدام تفضيلات الأطفال واهتماماتهم لزيادة الدافعية الداخلية نحو التعلم وتنفيذ المهارات الاجتماعية بشكل فعال.

  • بدء التفاعل الاجتماعي: تعزيز قدرة الأطفال على بدء سلوكيات اجتماعية تلقائية، مثل طرح الأسئلة أو لفت انتباه الآخرين دون توجيه مباشر.

  • التمييز بين المحفزات المتعددة : تدريب الأطفال على التمييز والاستجابة لمجموعة من المحفزات البيئية بدلاً من الاستجابة لمحفز واحد محدد.

  • الإدارة الذاتية للسلوك: تدريب الأطفال على مراقبة وتقييم سلوكياتهم الخاصة بشكل مستقل، مما يعزز الإدارة الذاتية وضبط السلوك.

يمكن لهذه المهارات الأساسية تحسين مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية والسلوكية. 

كيف يعمل تدخل الاستجابة المحورية (PRT)؟

تُعد مرونة تدريب الاستجابة المحورية من أبرز مزاياه، إذ يمكن تكييفه ليتناسب مع كل طفل على حدة، استنادًا إلى مجموعة المهارات الفريدة التي يمتلكها. وبالتالي، يتم تصميم خطة التدخل وفقًا لاحتياجات الطفل الفردية.

يمكن تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية من قبل:

  • الأخصائيين والمعالجين

  • المعلّمين

  • الوالدين

على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية من قبل الوالدين فعّال في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي لدى الأطفال، كما يُسهم في تعزيز كفاءة الوالدين، ويمنحهم شعورًا أكبر بالتمكين.
كما أن تدريب الوالدين على تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية في المنزل يساعد في تحقيق استمرارية التدخل. وبالمثل، فإن تدريب المعلّمين على تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية لا يمنحهم شعورًا بالدعم أثناء تعليم الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد فحسب، بل يتيح أيضًا تقديم التدخل في بيئات طبيعية، مثل الفصل الدراسي، بدلاً من حصر التدخل في العيادات.

تختلف عدد ساعات تدخل تدريب الاستجابة المحورية من حالة لأخرى. فبعض البرامج قد تتضمن من 7 إلى 18 ساعة أسبوعيًا لمدة 16 أسبوعًا. بينما قد تتطلب بعض الخطط العلاجية ما يصل إلى 25 ساعة في الأسبوع، وذلك حسب احتياجات الأطفال ومستواهم في التطور الاجتماعي.

أمثلة على تدخل تدريب الاستجابة المحورية (PRT)

تختلف استراتيجيات تطبيق تدريب الاستجابة المحورية حسب احتياجات الأطفال وتطورهم. ومن أبرز عناصر هذا التدخل الاعتماد على ميول الأطفال عند اختيار الأنشطة التي يشارك فيها، واستخدام تلك الأنشطة كوسيلة لتطبيق استراتيجيات التدريب وتعزيز المهارات الاجتماعية.

فعلى سبيل المثال، قد يُعرض على الطفل مجموعة من الألعاب ليختار من بينها، وعندما يعبّر عن رغبته بشكل مناسب، يُمنح اللعبة التي اختارها كمكافأة ‘طبيعية’—أي تتماشى مع اهتمامه الحقيقي. وتمثل هذه المواقف فرصة لتطوير مهارات اللعب والتفاعل الاجتماعي، مثل التحدث عن اللعبة.

مدى فعالية تدخل تدريب الاستجابة المحورية (PRT)

لقد ثبت أن تدخل تدريب الاستجابة المحورية تدخل فعّال للأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد. على سبيل المثال، أظهرت الأبحاث أن تدخل تدريب الاستجابة المحورية أدى إلى تحسين مهارات التواصل الاجتماعي، مثل الاستجابة للتفاعلات الاجتماعية واكتساب مهارات لغوية من خلال زيادة طرح الأسئلة. وقد أدت هذه التحسينات إلى تحسينات ثانوية، مثل خفض السلوكيات الغير مرغوبة، والمقيدة، والمتكررة.

بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر التركيز على الدافعية الداخلية — أي قيام الأطفال بالأنشطة التي يفضلونها — أمرًا مفيدًا بشكل خاص لأنه يخلق فرصًا للتفاعل مع الآخرين من خلال الانتباه المشترك لموضوع أو نشاط معين، والمشاركة في اللعب التخيلي، وهما مهارتان اجتماعيتان مهمتان.

على الرغم من أن تدخل تدريب الاستجابة المحورية قد أثبت فعاليته، إلا أن تقديرات عدد الأطفال الذين يحققون نتيجة مثالية أو أفضل نتيجة بعد التدخل تختلف. فبعض الدراسات أشارت إلى أن نسبة الأطفال الذين حصلوا على نتيجة مثالية تتراوح بين 2% إلى 25%، في حين أظهرت دراسة أخرى أن 47% منهم حققوا نتيجة مثالية. وتختلف هذه التقديرات بشكل واسع بسبب الاختلاف في تعريف “النتيجة المثالية”.

فعلى سبيل المثال، الباحثون الذين وجدوا نسبة نجاح 47% عرفوا “النتيجة المثالية” بأنها امتلاك معدل ذكاء متوسط والالتحاق بفصل دراسي عادي (بدلاً من التعليم الخاص)، بينما استخدم آخرون معايير أشد صرامة، مثل غياب أعراض اضطراب طيف التوحد تمامًا وامتلاك مهارات تواصل ومهارات اجتماعية طبيعية مشابهة للأطفال غير المشخصين باضطراب طيف التوحد. وهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد النتائج المتوقعة بعد الانتهاء من برنامج علاجي قياسي يعتمد على تدخل تدريب الاستجابة المحورية. 

ملخص

يُعد تدخل تدريب الاستجابة المحورية نهجًا علاجيًا قائمًا على الأدلة أثبت فعاليته في علاج الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد. يشمل تدخل تدريب الاستجابة المحورية أربعة مهارات أساسية: الدافعية الداخلية، بدء التفاعل الاجتماعي، التمييز بين المحفزات المتعددة، الإدارة الذاتية للسلوك. يختلف تدخل تدريب الاستجابة المحورية عن تدخل تحليل السلوك التطبيقي بتركيزه على المهارات الأساسية التي تساعد في تطور الأطفال بدلاً من السلوكيات المحددة، ويعزز كلًا من السلوكيات المرغوبة ومحاولات تحقيقها.

يمكن للأخصائيين والمعلمين والوالدين تطبيق تدخل تدريب الاستجابة المحورية بهدف تحقيق تحسينات واسعة في مهارات الأطفال التواصلية والسلوكية والاجتماعية.

المرجع: 

How Does Pivotal Response Training (PRT) for Children With Autism Work?

https://www.verywellhealth.com/pivotal-response-training-7561144