الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

فاعلية تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) في التعامل مع الاضطرابات المختلفة

pexels kindelmedia 7979757ؤؤؤؤ

فاعلية تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) في التعامل مع الاضطرابات المختلفة

ترجمة: أ. شروق السبيعي 

هل يُستخدم تدخل تحليل السلوك التطبيقي لمعالجة المشاكل السلوكية خارج اضطراب طيف التوحد؟ نعم، بالتأكيد.

نظرًا لاتساع استخدامات تدخل تحليل السلوك التطبيقي، تناولنا في هذه المقالة أبرز وأشهر تطبيقاته المرتبطة بالاحتياجات الراهنة. ومع ذلك، فإن هذا النهج العلاجي يمتد إلى استخدامات أوسع بكثير مما تم التطرق إليه هنا.

يمكن استخدام تدخل تحليل السلوك التطبيقي مع مختلف الفئات العمرية – من الأطفال والمراهقين إلى البالغين وكبار السن. ويهدف هذا النوع من التدخل إلى تعزيز السلوكيات الصحية والمرغوب فيها، والحد من تلك التي قد تؤثر سلبًا على الحالة النفسية أو الاجتماعية للأفراد.

يساهم تحليل السلوك التطبيقي في التعامل مع مجموعة واسعة من التحديات، منها الإدمان السلوكي أو المتعلق بالمواد المخدرة، واضطرابات القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى الصعوبات المرتبطة بالتقدم في العمر، مثل السلوكيات الناتجة عن الخرف أو تلك التي تظهر بعد التشخيص بالسكتة الدماغية.

ولا تقتصر تطبيقاته على البشر فحسب، بل تشمل أيضًا تدريب الحيوانات، مما يعكس مرونة هذا النهج العلاجي وقدرته على التكيف مع احتياجات متنوعة ومختلفة.

ورغم أن تدخل تحليل السلوك التطبيقي يُعرف غالبًا بفعاليته في علاج اضطراب طيف التوحد، فإن نطاق استخدامه لا يقتصر على هذه الفئة وحدها. ومن أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا الاعتقاد بأن هذا التدخل مخصص فقط لاضطراب طيف التوحد، في حين تُظهر التجارب إمكانية استخدامه بنجاح مع أفراد يواجهون تحديات أخرى، بل وحتى مع الأفراد غير المشخصين بأي اضطرابات داخل البيئات المدرسية، لتغيير السلوك وتحسين الأداء.

ما هي الاضطرابات الأخرى التي يتعامل معها تدخل تحليل السلوك التطبيقي؟

يستخدم تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) نفس الاستراتيجيات لتغيير السلوك مع الأفراد غير المشخصين باضطراب طيف التوحد، كما يمكن تطبيقه على من تم تشخيصهم باضطرابات نفسية، أو الذين يعانون من آثار جانبية ناجمة عن صدمات، وأمراض مزمنة. إذًا، ما هي الاضطرابات الأخرى التي يتعامل معها تدخل تحليل السلوك التطبيقي؟

  • اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

  • اضطراب الوسواس القهري

  • اضطراب المعارضة والتحدي

  • اضطراب ما بعد الصدمة

  • اضطراب الهلع

  • الأفراد الذين تعرضوا لصدمة دماغية رضحية

بالنسبة للأفراد البالغين، أظهرت الدراسات أن تدخل تحليل السلوك التطبيقي يمكن أن يكون فعالًا في التعامل مع مجموعة متنوعة من الاضطرابات، من بينها اضطرابات تعاطي المخدرات، والخرف، واضطرابات الأكل، وصعوبات التحكم في الغضب، إضافةً إلى اضطراب الشخصية الحدية.

اضطراب طيف التوحد

رغم أنه قد تم التطرق إلى ذلك سابقًا، إلا أنه لا يمكن الحديث عن إمكانيات تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) دون الإشارة إلى اضطراب طيف التوحد. إذ يُعد هذا التدخل الأسلوب العلاجي الأساسي والأكثر فاعلية في التعامل مع هذا الاضطراب، ويُطبّق بانتظام مع الأفراد بمختلف مستويات الأداء، من الحالات الشديدة إلى ذوي الأداء العالي، محققًا نتائج إيجابية ملموسة عبر الطيف.

يساعد تدخل تحليل السلوك التطبيقي بشكل فعّال في تحسين مهارات التواصل، وتجاوز التحديات الاجتماعية، وضبط الانفعالات، والحد من السلوكيات التكرارية التي تميز اضطراب طيف التوحد. يركز هذا التدخل بشكل خاص على تعزيز مهارات التواصل لدى الأفراد المشخصين به، مما ينعكس إيجابيًا على مهاراتهم الاجتماعية وقدرتهم على التحكم في انفعالاتهم.

يعاني العديد من الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد من صعوبات في النطق أو التعبير عن أفكارهم بوضوح، مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط ويؤثر على علاقاتهم مع الآخرين. يعمل أخصائيو تحليل السلوك التطبيقي على مساعدتهم في تطوير مهارات التواصل و خفض السلوكيات غير المرغوب فيها. كما يساهم هذا التدخل في تنمية مهارات الرعاية الذاتية والحياة اليومية، مما يدعم استقلاليتهم وقدرتهم على التكيف مع بيئتهم.

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

على الرغم من أن تدخل تحليل السلوك التطبيقي ليس موجهًا خصيصًا لعلاج بعض أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مثل فرط الحركة، والاندفاعية، وصعوبة التركيز، إلا أنه يمكن الاستفادة منه في تخفيف هذه الأعراض ومساعدة الأفراد المشخصين بهذا الاضطراب على التفاعل بشكل ملائم مع الآخرين. من خلال استخدام نظام مكافآت لتشجيع السلوكيات المرغوبة، مثل استراتيجية “الاقتصاد الرمزي” التي تعتمد على معززات مشروطة (كالملصقات أو الجوائز الصغيرة التي يمكن استبدالها بأنشطة مميزة)، يمكن تحفيز الأفراد على تطوير مهاراتهم الاجتماعية. كما يعمل أخصائيو تحليل السلوك التطبيقي على توجيه هؤلاء الأفراد لاتخاذ قرارات مدروسة، وتشجيعهم على التوقف والتفكير قبل القيام بأي فعل.

اضطراب الوسواس القهري

يُعالج اضطراب الوسواس القهري غالبًا من خلال العلاج السلوكي، ويمكن استخدام تدخل تحليل السلوك التطبيقي جنبًا إلى جنب مع التدخل النفسي لمساعدة الأفراد المشخصين بهذا الاضطراب على التأقلم معه. يعاني الأفراد المشخصين باضطراب الوسواس القهري من أفكار غير مرغوب فيها ومتكررة تجبرهم على أداء أفعال أو سلوكيات قهرية متكررة. وعلى الرغم من أن معظم الأفراد قد يواجهون أحيانًا أفكارًا مزعجة أو سلوكيات متكررة، إلا أن الأفراد المشخصين باضطراب الوسواس القهري يعانون منها بدرجة تؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية. يمكن خفض هذه السلوكيات من خلال اتباع خطة سلوكية يضعها أخصائيو تحليل السلوك التطبيقي المؤهلون، وتعزيز الاستجابات الإيجابية تجاه المحفزات السلبية.

اضطراب المعارضة والتحدي

اضطراب المعارضة والتحدي هو اضطراب نفسي يتميز بنمط مستمر من الغضب، و الانفعال، والجدال، والتحدي، والانتقام تجاه الأفراد ذوي السلطة. غالبًا ما يفقد الأفراد المشخصين بهذا الاضطراب أعصابهم بسهولة، وينزعجون من الآخرين، أو يحاولون إزعاجهم عمدًا، ويبدون حاقدين ويجادلون الكبار. وقد يتشابه هذا الاضطراب مع بعض السلوكيات الانفعالية والتمرد التي قد تظهر عند الأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد نتيجة سوء الفهم، إلا أنهما حالتان مختلفتان تمامًا. يمكن أن يساعد تدخل تحليل السلوك التطبيقي الأفراد المشخصين باضطراب المعارضة والتحدي على تعلم طرق صحية للتصرف، والابتعاد عن السلوكيات الغير مرغوب فيها المميزة للاضطراب. وبدلاً من الاعتماد على العقاب، يركز هذا التدخل على تعزيز السلوكيات المرغوب فيها من خلال الثناء والمكافآت، مما يساهم في خفض السلوكيات المرغوب فيها المرتبطة بالاضطراب.

اضطراب ما بعد الصدمة

عند تعرّض الأفراد لحدث مرعب، سواء بشكل مباشر أو من خلال مشاهدته، يمكن تشخيصهم باضطراب ما بعد الصدمة. وغالبًا ما يرتبط هذا الاضطراب بالمحاربين القدامى (الجنود الذين تعرضوا لصدمات نفسية خلال الحروب أو العمليات العسكرية)، إلا أنه في الواقع قد يصيب أي فرد تعرض للإيذاء أو التهديد، أو لحوادث خطيرة، أو كوارث طبيعية. ويعاني الأفراد المشخصين بهذا الاضطراب من مستويات عالية من القلق، وذكريات مؤلمة متكررة، وكوابيس مزعجة.

رغم أن تحليل السلوك التطبيقي ليس التدخل الوحيد لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، إلا أنه يلعب دورًا مهمًا في خفض الاستجابات السلبية المرتبطة بالذكريات المؤلمة. يعمل أخصائيو تحليل السلوك التطبيقي على تنشيط الذكريات المؤلمة بشكل متعمد، ثم يساعدون الأفراد على تهدئة ردود أفعالهم الانفعالية.

اضطراب الهلع

كما هو الحال مع اضطراب الوسواس القهري، يُعد اضطراب الهلع أحد اضطرابات القلق، ويمكن التخفيف من حدته من خلال تدخل تحليل السلوك التطبيقي (ABA).
أما اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، فإن النوبات التي يمر بها الأفراد لا تكون ناتجة دائمًا عن محفز واضح أو مباشر.
يعاني الأفراد المشخصين باضطراب الهلع من نوبات خوف شديدة قد يصاحبها ضيق في التنفس، دوار، خفقان في القلب، ألم في الصدر، أو آلام في المعدة.
وقد يقوم تدخل تحليل السلوك التطبيقي بعلاج اضطراب الهلع من خلال استخدام استراتيجية “التنشيط السلوكي” (Behavioral Activation – BA)، والتي تهدف إلى تشجيع الأفراد على الاندماج في أنشطة ممتعة عند بداية الشعور بنوبة الهلع.
تكمن الفكرة في تعليم الأفراد أن سلوكهم يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على حالتهم المزاجية، مما يمنحهم قدرة أكبر على التحكم في نوباتهم. وكما هو الحال مع اضطراب ما بعد الصدمة، يعمل تدخل تحليل السلوك التطبيقي على تحديد المحفزات ومواجهتها بهدف تشكيل استجابات جديدة وإيجابية

الصدمات الدماغية الرضحية

تُعتبر الصدمات الدماغية الرضحية سببًا رئيسيًا في حدوث الإعاقات لدى الكثير من الأفراد. فقد تؤدي الضربات على الرأس إلى تلف في الدماغ يؤثر على سلوكهم، وقد تظهر آثار هذا التلف مع تطور نموهم. يعاني بعض الأفراد المشخصين بهذه الصدمات من اضطرابات نفسية شديدة وصعوبات حركية وضعف في المهارات الإدراكية. يُستخدم تدخل تحليل السلوك التطبيقي لتغيير هذه السلوكيات وتحسين جودة حياة الأفراد. من خلال هذا التدخل، يمكن معالجة المشاكل السلوكية الناتجة من الصدمات الدماغية الرضحية، مثل العدوانية والقلق وقلة الدافعية والتحديات السلوكية. كما يساعد تدخل تحليل السلوك التطبيقي الأفراد على إعادة اكتساب المهارات الاجتماعية والمهارات الأساسية. يُعد هذا التدخل وسيلة فعالة لإعادة تأهيل الأفراد الذين تعرضوا لصدمات دماغية رضحية ومساعدتهم على التكيف مع التحديات الناتجة عنها.

يُعد تدخل تحليل السلوك التطبيقي تدخل فعّال يساعد الأفراد على التحكم في السلوكيات غير المرغوب فيها والتغلب عليها. وإذا كنتم تعتقدون أن هذا التدخل يقتصر فقط على علاج اضطراب طيف التوحد، فأنتم بذلك تفوتون الفرصة للاستفادة من الفوائد الكبيرة التي يقدمها للأفراد المشخصين باضطرابات أو إعاقات مختلفة.

المرجع: 

Your Guide to The Many Ways ABA Therapy is Used Beyond Treating Autism Spectrum Disorder

https://www.appliedbehavioranalysisedu.org/2021/11/aba-for-non-autistic-children/