الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

ما الذي يجب أن تبحث عنه في التشخيص؟

ترجمة: أ. شروق السبيعي

عندما يواجه الأطفال من مشاكل نفسية أو سلوكية ، فلا توجد اختبارات دم أو فحوصات يمكنها أن تخبرك ماهو الخطأ، أضف إلى ذلك حقيقة مفادها أن الأطفال غالبًا لا يتمكنون من إخبارك بوضوح بما يزعجهم، نسمع من العديد من الآباء الذين يشعرون بالإحباط لأنهم لا يستطيعون فهم سبب تصرفات أطفالهم غير الطبيعية أو عدم سعادتهم أو التعثر في المدرسة.

إن مفتاح الحصول على مساعدة جيدة هو الحصول على صورة جيدة لما يحدث، وهذا ليس دائمًا بالبساطة التي نتمناها، فقد يكون من الصعب الفرز بين عدد كبير من المتخصصين الذين يقومون بتشخيص مشاكل الصحة النفسية والنمائية، وإذا كان الطبيب الذي تراه في عجلة من أمره أو غير ملم بأنواع المشاكل التي يعاني منها طفلك، فقد تحصل على صورة خاطئة أو غير كاملة.

لهذا السبب من المهم أن تعرف كيف تحدد ما إذا كان الطبيب الذي تراه للتشخيص، سواء كان طبيب الأطفال أو مختصًا في الصحة النفسية، يتبع أفضل الممارسات في تحديد ما يزعج طفلك.

إجراء تقييم شامل

للحصول على تشخيص فعال، يحتاج الطبيب إلى جمع معلومات حول كافة جوانب الأداء النفسي والسلوكي لطفلك، وليس فقط القائمة المختصرة للأشياء التي تجدها مشكلة، أحد الأسباب الأكثر شيوعًا للتشخيص الخاطئ هو التركيز فقط على التصورات المسبقة للآباء حول ما هو السيئ عند الأطفال.

إن الصورة الأكبر لمزاج الأطفال وسلوكهم ضرورية لأن جذور الأعراض التي تقلقك قد لا تكون واضحة، على سبيل المثال قد يكونون الأطفال الذين يبدون غاضبين أو عدوانين في الواقع يشعرون بالقلق للغاية، الأطفال الذي يواجهون صعوبة التركيز في المدرسة قد لا يكونون لديهم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه كما يُفترض عادةً، بل قد يكونون مكتئبين أو يشعرون بالقلق مرة أخرى، (في الواقع، غالبًا ما يتم تجاهل القلق لدى الأطفال لأنه يتنكر في مجموعة واسعة من السلوكيات)

يوضح رون ستينجارد وهو طبيب نفسي مخضرم متخصص في الأطفال والمراهقين “غالبًا ما تكون الأعراض الظاهرة ناجمة عن أسباب مختلفة، ويجب أن تغطي المقابلة الكاملة والدقيقة جميع العوامل المحتملة”.

التاريخ الكامل

يجب على طبيبك أن يطرح أسئلة ليس فقط حول الحالة المزاجية الحالية لطفلك والأداء الحالي، بل أيضًا حول تاريخ طفلك، إن معرفة كيفية تطور سلوكياته وتغيرها مع نموه يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في فهم ما يزعجه الآن وكيفية علاجه.

يقول الدكتور ستينجارد، الخبير في تشخيص الأطفال الذين يعانون من مشاكل معقدة: “نحن بحاجة إلى التفكير في التشخيص باعتباره قصة، وليس مجرد تحقق لسلسلة من المربعات، نحن بحاجة إلى السؤال عن كل الأشياء التي أوصلت الأطفال إلى هذه المرحلة”.

على سبيل المثال لاحظ أنه إذا كانوا الأطفال لديهم قلق شديد بشأن المدرسة في سن العاشرة، فإن هؤلاء الأطفال إذا كانوا قلقين بشكل غير عادي على سبيل المثال بشأن الانفصال عن والديهم في سن الثالثة أو الرابعة فسوف تشك في أنهم يواجهون من مشكلة أساسية في ضبط نظام الإنذار الداخلي الخاص بهم، وقد تعاملهم بشكل مختلف أكثر من الأطفال الذين أصبحوا فقط خائفين بعد التحاقهم بالمدرسة والذين من الممكن أن تعلموا القلق استجابة للمشاكل هناك.

فكر في أكثر من مشكلة

هدف آخر من أهداف المقابلات التفصيلية تجنب خطأ افتراض أن جميع سلوكيات الأطفال لها مصدر واحد، وهذا مهم بشكل خاص لأنه من الشائع جدًا أن يواجه الأطفال عددًا من الصعوبات المتداخلة، قد يكون لدى الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد أيضًا اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، قد يكون لدى الأطفال المشخصين باضطراب صعوبات التعلم أيضًا الاكتئاب أو القلق، وهو لن يختفي تلقائيًا إذا حصلوا على المساعدة على صعيد التعلم.

ويضرب الدكتور ستينجارد مثالاً لطفل وصفه والداه بأن لديه فرط حركة ومندفع، وكان يعالج بأدوية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وقد لاحظ والداه استجابة قوية للدواء في سلوكه في المنزل، ولكن من المدهش أن معلميه أفادوا بأن أداءه في المدرسة لم يتحسن بشكل كبير، والذي تغيب عن أذهانهم هو أنه بالإضافة إلى اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه كان لديه أيضًا قلق شديد، ولم يعمل الدواء المنشط على معالجة الأعراض في المدرسة بشكل كامل لأن المدرسة كانت بؤرة قلقهم مما جعل من الصعب عليهم التركيز والاستقرار.

مصادر مختلفة 

كما ينبغي للطبيب ألا يعتمد على الآباء فقط في الحصول على معلومات عن أداء الأطفال، فبعض الأطفال يتصرفون بشكل مختلف للغاية في بيئات مختلفة مثل المنزل والمدرسة، وإذا ظهرت أعراض الأطفال فقط عندما يكونون في المنزل أو في المدرسة فقط أو مع مجموعة واحدة فقط من الأشخاص فقد يتم تفسيرها بشكل مختلف تمامًا عما إذا حدثت في بيئات عدة.

ولهذا السبب، من المهم أن يجمع الطبيب المعلومات من الأطفال والآباء والمعلمين وغيرهم من البالغين الذين لديهم معرفة بهم، وغالبًا أدوات الكشف تستخدم على شكل استبيانات ومقاييس تقييم، لجمع المعلومات من مصادر أخرى.

أدوات التشخيص

هناك العديد من أدوات التشخيص المتخصصة التي يستخدمها الطبيب للمساعدة في الحصول على نظرة موضوعية لسلوكيات الأطفال وأعراضهم.

تتخذ بعض هذه الأدوات شكل مقابلات منظمة، حيث يطرح الطبيب مجموعة من الأسئلة المحددة حول سلوك الأطفال، وتستند الأسئلة إلى معايير الاضطرابات النفسية التي تظهر لدى الأطفال، وتُستخدم الإجابات لتوجيه تفكير الطبيب في التشخيص.

تتضمن الأدوات الشائعة التي يتم تنظيم المقابلات من خلالها ما يشار إليه باسم ADIS (جدول مقابلات اضطرابات القلق)، وK-SADS (جدول الأطفال للاضطرابات النفسية والفصام).

بعض الأدوات المستخدمة التي تساعد في جمع المعلومات هي مقاييس التقييم، حيث يتم تقييم الأطفال رقميًا وفقًا لقائمة من الأعراض، ​​على سبيل المثال BASC (نظام تقييم سلوكي للأطفال) عبارة عن مجموعة من الأسئلة المخصصة للآباء والمعلمين والأطفال للاستفادة من وجهات النظر المتعددة لمساعدة الطبيب على فهم سلوكيات الأطفال ومشاعره، وتساعد هذه البيانات في تحديد الأماكن التي قد تتطلب مزيد من البحث.

بالنسبة للأطفال المشخصين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، تشمل الأدوات شائعة الاستخدام مقياس التقييم SNAP (Swanson، Nolan، Pelham) للمعلمين والآباء، والذي يقيم الأطفال على أساس عدد تكرار حدوث كل من  18 عرضًا مذكورًا في القائمة.

A-DOS (جدول مراقبة تشخيص اضطراب طيف التوحد) عبارة عن مجموعة من المهام التي تنطوي على التفاعل بين المختبر والطفل والتي تم تصميمها لتشخيص اضطراب طيف التوحد.

العثور على متخصص مؤهل

عند البحث عن طبيب نفسي لإجراء تقييم لطفلك، قد ترغب في أن تكون مستعدًا بالأسئلة التي ستساعدك على تحديد ما إذا كان الطبيب المعين مناسبًا لاحتياجاتك:

  • ما نوع التدريب الذي لديك؟
  • هل أنت معتمد و/أو مرخص؟
  • ما مدى الخبرة التي تمتلكها في تشخيص الأطفال الذين يتشابه سلوكهم مع سلوكي؟
  • كيف تصل إلى التشخيص؟
  • هل ستوصي بخيارات العلاج وتحيل إلى متخصصين آخرين إذا لزم الأمر؟

تجنب التجربة والخطأ

الأمر الأخير الذي يجب الحذر منه هو قبول العلاج من طبيب يعرض كتابة وصفة طبية دون تقديم تشخيص أو تفسير لسلوك طفلك.

تمامًا كما يمكن أن يكون الصداع ناتجًا عن العديد من الأشياء المختلفة، يمكن أن تكون السلوكيات أو الحالات المزاجية المزعجة أعراضًا لمجموعة من الاضطرابات النفسية والنمائية، ومن الخطأ أن نحاول تناول الأدوية لمعرفة ما إذا كانت فعّالة في علاج الأعراض دون بذل جهد جاد لفهم الأسباب.

يحدث هذا، على وجه الخصوص عندما يكون من الصعب التعامل مع الأطفال، قد يكون من الضروري إعطاء أدوية للأطفال الذي فقدوا السيطرة على أنفسهم، ولكن لا ينبغي القيام بذلك بدلاً من التشخيص الدقيق، خاصة وأن العلاج السلوكي فعال بشكل مدهش مع العديد من الأطفال الذين لديهم سلوكيات غير مرغوب فيها.

المرجع: 

https://childmind.org/article/what-should-you-look-for-in-a-diagnosis/