الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

اضطراب الحركة النمطية (Stereotypic Movement Disorder – SMD)

 

ترجمة : أ.  نوره الدوسري

يُعدّ اضطراب الحركة النمطية حالةً سلوكية تتميز بوجود حركات متكررة وغير هادفة يقوم بها الطفل بشكل مستمر، دون وجود سبب طبي معروف وراءها. من أبرز الأمثلة على هذه الحركات رفرفة اليدين، هز الرأس، أو الحركة المتكررة للأصابع. على الرغم من أن هذه الحركات تبدو غير ضارة في ظاهرها، فإنها قد تتداخل مع الأنشطة اليومية للطفل، وتؤثر على قدرته على التركيز أو المشاركة في الحياة الاجتماعية والتعليمية بشكل طبيعي.

 

أسباب اضطراب الحركة النمطية

حتى الآن، لم يتم تحديد سبب واضح ومحدد لاضطراب الحركة النمطية. تشير الدراسات إلى أن هذا الاضطراب قد يرتبط بعوامل عصبية أو بيولوجية، ولكن لا توجد أدلة قاطعة تثبت وجود خلل دماغي محدد يسببه. كما أن بعض الأطفال المشخّصين  باضطرابات أخرى، مثل اضطراب طيف التوحد أو بعض حالات تأخر النمو، قد يظهر لديهم هذا النوع من الحركات، إلا أن اضطراب الحركة النمطية يمكن أن يحدث بشكل مستقل دون ارتباط بحالات أخرى.

الأعراض والعلامات

تشمل الأعراض الرئيسية لاضطراب الحركة النمطية ظهور حركات متكررة وبلا هدف واضح، مثل:

  • رفرفة اليدين أو الأذرع بشكل متكرر.

  • هز الرأس ذهابًا وإيابًا.

  • حركة الأصابع أو اليدين بطريقة نمطية مستمرة.

  • القفز أو التأرجح في المكان بشكل متكرر.

تبدأ هذه الحركات غالبًا في مرحلة الطفولة المبكرة، وقد تستمر لعدة سنوات. يلاحظ الأهل أن الطفل يقوم بهذه الحركات غالبًا في أوقات التوتر أو الملل، وقد تصبح أكثر وضوحًا عند شعوره بالإثارة أو التركيز على مهمة معينة.

التأثير على الحياة اليومية

على الرغم من أن بعض الحركات قد تبدو بسيطة وغير ضارة، فإن استمرارها قد يؤثر على القدرة على المشاركة في الأنشطة اليومية، مثل اللعب الجماعي، التعلم في المدرسة، أو أداء المهام المنزلية. في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي هذه الحركات إلى إصابات طفيفة، مثل خدوش أو كدمات، خصوصًا إذا كانت الحركة تتضمن ضرب الجسم أو الرأس.

الفروق بين اضطراب الحركة النمطية واضطرابات أخرى

من المهم التمييز بين اضطراب الحركة النمطية والحركات النمطية المرتبطة باضطراب طيف التوحد أو حالات القلق العصبي. بينما تكون الحركات في اضطراب طيف التوحد غالبًا جزءًا من نمط أوسع من السلوكيات الاجتماعية واللغوية، فإن اضطراب الحركة النمطية يقتصر عادةً على حركات جسدية متكررة بدون تأثير على التفاعل الاجتماعي أو اللغة.

التشخيص

يعتمد تشخيص اضطراب الحركة النمطية على تقييم سلوكي شامل يقوم به الأخصائي النفسي أو أخصائي تحليل السلوك. يشمل التقييم مراقبة الحركات، تسجيل تكرارها وملاءمتها للوقت، والتأكد من عدم وجود أسباب طبية أو عصبية أخرى تفسر هذه الحركات. يمكن أن يساعد الأهل في تقديم وصف دقيق للأنشطة اليومية للطفل، وسياق ظهور الحركات، وهو ما يُعد جزءًا مهمًا من عملية التشخيص.

 

العلاج وإدارة الحالة

غالبًا لا تتطلب حالة اضطراب الحركة النمطية علاجًا دوائيًا، خاصة إذا كانت الحركات لا تسبب إصابات جسدية أو تأثيرًا كبيرًا على الحياة اليومية. ومع ذلك، يمكن استخدام أساليب سلوكية لتحسين القدرة على التحكم في الحركات، ومن أبرز هذه الأساليب:

  • تدريب عكس العادة (Habit Reversal Training): يُعدّ هذا الأسلوب من أبرز التدخلات السلوكية التي تساعد الطفل على التعرف على الحركات غير المرغوبة واستبدالها بحركات بديلة أو سلوكيات أكثر ملاءمة. يشمل التدريب عدة خطوات، مثل التوعية بالحركة، تعلم إشارات التحذير قبل حدوثها، واستخدام استراتيجيات بديلة لتقليل التكرار.

  • التدخل السلوكي الإيجابي: يمكن للأهل والمختصين تعزيز السلوكيات المرغوبة من خلال تقديم مكافآت عند التوقف عن الحركة أو أداء سلوك بديل.

  • تقنيات الاسترخاء وإدارة التوتر: بما أن الحركات غالبًا ما تزداد في أوقات التوتر أو الملل، فإن تعليم الطفل استراتيجيات الاسترخاء أو الانخراط في أنشطة ممتعة يمكن أن يقلل من الحاجة لأداء هذه الحركات.

توجيهات للأهل والمختصين

يمكن للأهل أن يلعبوا دورًا مهمًا في دعم الأطفال المشخّصين  باضطراب الحركة النمطية من خلال:

  • ملاحظة وتسجيل توقيت الحركات وسياقها لفهم الأنماط.

  • تجنب العقاب على الحركات، والتركيز بدلاً من ذلك على تعزيز السلوكيات البديلة.

  • التشجيع على الأنشطة التي تتطلب استخدام اليدين أو الانتباه الكامل، مثل الألعاب التعليمية والفنون اليدوية.

  • العمل مع أخصائي سلوكي لتصميم خطة تدخل فردية تناسب احتياجات الطفل وقدراته.

الخلاصة

اضطراب الحركة النمطية حالة شائعة نسبيًا في مرحلة الطفولة، تتميز بحركات جسدية متكررة وغير هادفة. على الرغم من عدم وجود سبب طبي محدد لها، إلا أن هذه الحركات قد تؤثر على الأنشطة اليومية للطفل وتسبب أحيانًا إيذاءً ذاتيًا. لا يتطلب الاضطراب علاجًا دوائيًا في معظم الحالات، لكن التدخل السلوكي، وبالأخص تدريب عكس العادة، يمكن أن يكون فعالًا في تقليل التكرار وتحسين القدرة على التحكم في الحركات. دعم الأهل والمختصين ومتابعة الطفل بشكل مستمر يساهم في تعزيز مهاراته السلوكية والاجتماعية، ويحد من أي تأثير سلبي على جودة حياته.

 

المرجع 

 

Cleveland Clinic. (2025, January 15). Stereotypic Movement Disorder: Symptoms & Treatment. Health Library, Cleveland Clinic.https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/stereotypic-movement-disorder