ترجمة : أ . نوره الدوسري
اضطراب الشخصية الفصامية هو حالة صحية نفسية تتميّز بنمط ثابت من الانفصال عن العلاقات الاجتماعية وافتقار عام للاهتمام بها. كما يتميّز الأشخاص المشخّصون بهذا الاضطراب بوجود نطاق محدود من التعبير العاطفي عند التفاعل مع الآخرين.
نظرة عامة
ما هو اضطراب الشخصية الفصامية؟
اضطراب الشخصية الفصامية (ScPD) هو حالة صحية نفسية تُعرَّف بنمط مستمر من الانفصال عن العلاقات الاجتماعية وغياب الاهتمام بتكوينها أو الحفاظ عليها. كما يظهر لدى الأشخاص المشخّصين بهذا الاضطراب محدودية واضحة في التعبير العاطفي أثناء تفاعلهم مع الآخرين.
يُعد اضطراب الشخصية الفصامية أحد اضطرابات الشخصية المصنّفة ضمن “المجموعة أ” (Cluster A)، والتي تتّسم بأنماط تفكير وسلوك غير اعتيادية أو غريبة. وتُعد اضطرابات الشخصية حالات مزمنة طويلة الأمد تتّسم بأنماط سلوكية غير مرنة وواسعة النطاق، تؤدي إلى مشكلات اجتماعية وضيق نفسي.
قد يبدو الأشخاص المشخّصون بهذا الاضطراب منعزلين وغير مهتمين وبعيدين عن الآخرين، وغالبًا لا يدركون أن سلوكهم غير معتاد أو قد يكون مشكلة.
ما الفرق بين اضطراب الشخصية الفصامية والفصام؟
الفصام هو مجموعة من الاضطرابات الذهانية التي تسبب انفصالًا كبيرًا عن الواقع. وقد يواجه الشخص المشخص بالفصام مزيجًا من الهلاوس، والضلالات، والتفكير والسلوك غير المنظم بشكل شديد، مما يعيق قدرته على العمل اليومي.
اضطراب الشخصية الفصامية لا يتضمّن الهلاوس أو الضلالات، كما أنّه عادةً لا يؤثر بشكل كبير على أداء الفرد اليومي.
ما الفرق بين اضطراب الشخصية الفصامية واضطراب القلق الاجتماعي؟
اضطراب القلق الاجتماعي هو حالة يعاني فيها الشخص من خوف شديد ومستمر من التعرض للنقد أو الحكم من الآخرين، مما يدفعه لتجنب المواقف الاجتماعية.
أما في اضطراب الشخصية الفصامية، فإن تجنب العلاقات الاجتماعية لا يعود إلى الخوف من حكم الآخرين، بل إلى عدم الاهتمام أصلاً بتكوين علاقات.
مَن الأكثر عرضة لاضطراب الشخصية الفصامية؟
معظم اضطرابات الشخصية تبدأ بالظهور في سنوات المراهقة مع اكتمال نمو الشخصية، لكن قد يلاحظ على بعض الأفراد ظهور علامات الاضطراب في عمر أصغر.
ما مدى شيوع اضطراب الشخصية الفصامية؟
يُعد الاضطراب غير شائع نسبيًا، إذ يُقدّر أن نحو 3.1% إلى 4.9% من سكان الولايات المتحدة يعانون منه.
الأعراض والأسباب
ما أعراض اضطراب الشخصية الفصامية؟
العرض الأساسي هو نمط مستمر من الانفصال عن العلاقات الاجتماعية وعدم الاهتمام بها.
عادةً ما يتصف الشخص المشخّص بهذا الاضطراب بما يلي:
- عدم الرغبة أو المتعة في العلاقات القريبة، حتى مع أفراد الأسرة.
- تفضيل الهوايات والأنشطة والعمل الذي يتطلّب العزلة.
- انخفاض أو غياب الرغبة في الأنشطة الجنسية.
- ندرة أو غياب التعبير عن المشاعر.
- اللامبالاة تجاه النقد أو المديح.
ما أسباب اضطراب الشخصية الفصامية؟
لا تزال أسباب اضطرابات الشخصية، بما فيها اضطراب الشخصية الفصامية، غير مفهومة بالكامل. وتشير الأبحاث إلى احتمال مساهمة عوامل عدة، منها:
1. العوامل الوراثية
يعتقد بعض الباحثين بوجود علاقة وراثية بين الفصام واضطراب الشخصية الفصامية. كما أنّ بعض سمات اضطراب طيف التوحد تشبه سمات اضطراب الشخصية الفصامية، ما يشير إلى احتمال وجود ارتباط وراثي.
2. العوامل البيئية
بعض الدراسات تشير إلى أن الأشخاص المشخّصين بهذا الاضطراب قد نشؤوا في بيئات تفتقر إلى الرعاية العاطفية، أي أن وجود مقدّمين رعاية متصفين بالبرود العاطفي أو الإهمال أو الانفصال قد يسهم في ظهور الاضطراب.
التشخيص والفحوصات
كيف يُشخّص اضطراب الشخصية الفصامية؟
تتطور الشخصية خلال الطفولة والمراهقة وبداية البلوغ، لذلك غالبًا لا يُشخَّص الاضطراب قبل سن 18 عامًا.
يصعب تشخيص اضطرابات الشخصية عمومًا لأن أغلب المشخصين لا يشعرون بوجود مشكلة في سلوكهم، وغالبًا يطلبون المساعدة لعلاج حالات مصاحبة مثل القلق أو الاكتئاب.
يعتمد المختصون عند الاشتباه في الاضطراب على استقصاء:
- تاريخ الطفولة.
- طبيعة العلاقات.
- التاريخ الوظيفي.
- القدرة على اختبار الواقع.
ونظرًا لأن الشخص قد يفتقر إلى الوعي بسلوكه، يلجأ المختصون للحصول على معلومات من الأسرة أو أشخاص مقربين.
يستند التشخيص إلى معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
العلاج والتدخلات
كيف يُعالج اضطراب الشخصية الفصامية؟
للأسف، يُعد هذا الاضطراب من أقل اضطرابات الشخصية بحثًا، ولذلك تتوفر خيارات علاجية محدودة.
العلاج النفسي هو الخيار الأساسي عادةً، إلا أنه قد يكون صعبًا لأن الأشخاص المشخصين يميلون إلى التفكير التجريدي والابتعاد عن معالجة خبراتهم العاطفية، كما أنهم غالبًا غير مهتمين بتغيير أنماطهم العلائقية.
من أنواع العلاج التي قد تكون مفيدة:
1. العلاج الأسري
غالبًا يلجأ المصابون للعلاج بناءً على طلب أفراد الأسرة. وقد يساعد العلاج الأسري في فهم التوقعات العلائقية وتعديل السلوكيات الأسرية التي قد تزيد من الانسحاب.
2. العلاج الجماعي
يساعد هذا النوع على تحسين المهارات الاجتماعية عبر التفاعل تحت إشراف معالج.
3. العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يساعد في فحص الأفكار والتوقعات المرتبطة بالعلاقات، وتصحيح التصورات غير الواقعية حول أهميتها أو فائدتها.
التوقعات المستقبلية
ما التوقعات للعيش مع اضطراب الشخصية الفصامية؟
غالبًا يعيش الأشخاص المشخّصون بهذا الاضطراب حياة مستقرة. وهم أقل عرضة للقلق أو الاكتئاب مقارنةً بالمشخصين باضطرابات شخصية أخرى، خصوصًا إذا لم يتعرّضوا لضغوط اجتماعية أو مهنية تتطلب مهارات تواصل واسعة.
الوقاية
هل يمكن الوقاية من اضطراب الشخصية الفصامية؟
لا يمكن عادةً منع الاضطراب، لكن العلاج يساعد في تعديل الأفكار والسلوكيات غير المفيدة والحدّ من تأثيرها في حياة الشخص.
من المهم تذكّر أن اضطراب الشخصية الفصامية هو حالة صحية نفسية. وكما هو الحال في جميع الاضطرابات النفسية، فإن التوجه لطلب المساعدة عند ملاحظة الأعراض يساعد في تقليل أثرها على حياة الفرد. يمكن للمختصين تقديم خطط علاجية تساعد في التعامل مع الأفكار والسلوكيات المرتبطة بالاضطراب.
كما قد يعاني أفراد أسرة الشخص المشخّص من الضغط النفسي، والاكتئاب، والعزلة. لذلك من الضروري أن يعتني أفراد الأسرة بصحتهم النفسية وأن يطلبوا المساعدة عند الحاجة.
المرجع
Schizoid personality disorder. (2022, May 15). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/23030-schizoid-personality-disorder





