الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

الدليل لاضطراب النمو الذهني

 

ترجمة : أ نوره الدوسري

 

ما هو اضطراب النموّ الذهني (Intellectual Developmental Disorder)؟

يشير اضطراب النموّ الذهني، المعروف أيضًا بمسمّى الإعاقة الذهنية، إلى حالة يواجه فيها الأطفال تحديات ملحوظة في التفكير والتعلّم عبر عدّة مجالات أساسية. وتشمل هذه التحديات صعوبات في الاستدلال، وحلّ المشكلات، والتخطيط والتنظيم، وفهم الأفكار المعقّدة، واتّخاذ القرارات المناسبة، واكتساب المعرفة سواء في المدرسة أو من الخبرات اليومية. وتنعكس هذه الصعوبات على قدرة الأطفال على الاعتناء بأنفسهم، وعلى تواصلهم مع الآخرين، وعلى قدرتهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وكذلك على مستوى استقلاليتهم داخل المنزل وفي المجتمع.

وفي بعض المواقف، قد يبدو أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب النموّ الذهني يتصرفون بطريقة غير ملائمة أو “يسيئون التصرّف”، بينما تكون الحقيقة أنّ التصرّف غير المناسب ناتج عن عدم فهمهم لما هو السلوك المقبول اجتماعيًا أو لما هو متوقّع منهم في موقف معيّن.

ويُعدّ اضطراب النموّ الذهني مصطلحًا حديثًا نسبيًا يُستخدم لوصف الأفراد الذين تظهر لديهم محدوديّة واضحة في الأداء الفكري والقدرات التكيّفية. وفي الماضي كانت هذه الأعراض تُعرف بمسمّى “التخلّف العقلي”، وهو مصطلح لم يعد مستخدمًا في المجال الطبي والنفسي بسبب عدم دقّته وحساسيته.

 

ما هي أعراض اضطراب النموّ الذهني؟

العَرض الرئيسي لاضطراب النموّ الذهني هو وجود صعوبة واضحة في القدرات المعرفية والتفكير. لكن هذه الصعوبة تظهر عبر مجموعة واسعة من العلامات والأعراض، من أبرزها:

تأخّر في اكتساب المهارات النمائية الأساسية

قد يتأخّر الأطفال في الجلوس أو الزحف أو المشي أو التكلّم مقارنة بأقرانهم من نفس العمر. وغالبًا ما يلاحظ الوالدان أو الأخصائيون أن الطفل يستغرق وقتًا أطول لاكتساب هذه المهارات.

ضعف في فهم التعليمات أو المفاهيم البسيطة

حتى التعليمات اليومية البسيطة قد تبدو معقدة بالنسبة لهم، وقد يحتاجون إلى تكرار التوجيهات أو تبسيطها أو تقديمها خطوة بخطوة.

صعوبة في التذكر، وحلّ المشكلات، وتعلّم المعلومات الجديدة

يميل الأطفال المشخّصون باضطراب النموّ الذهني إلى نسيان ما تمّ تعلّمه بسهولة، أو يجدون صعوبة في تطبيق المعرفة المكتسبة في مواقف جديدة.

التحديات المدرسية

قد يجد الطفل مشكلة في مواكبة مستوى التعليم في الصف، سواء في القراءة أو الكتابة أو الحساب، حتى مع التعديلات أو الدعم.

صعوبة في فهم القواعد الاجتماعية

مثل معرفة الدور في الحديث، أو احترام المساحة الشخصية، أو فهم النبرة العاطفية للآخرين، أو إدراك العواقب الاجتماعية للسلوك.

مشكلات في تكوين العلاقات أو اللعب مع الأقران

قد يواجه الأطفال صعوبات في تكوين صداقات، أو في فهم السياق الاجتماعي للّعب، أو في التعامل مع الخلافات البسيطة.

صعوبات في العناية الذاتية ومهارات الحياة اليومية

مثل ارتداء الملابس، أو استخدام الحمّام، أو تناول الطعام، أو تنظيم الأدوات المدرسية، أو إدارة الوقت.

 

كيف يتمّ تشخيص اضطراب النموّ الذهني؟

يتطلّب تشخيص اضطراب النموّ الذهني تقييمًا مهنيًا دقيقًا يشمل القدرات العقلية، والمهارات التكيّفية، وسلوك الطفل في الحياة اليومية. ويعاني الأطفال من هذا الاضطراب من صعوبات في واحد أو أكثر من المجالات التالية:

1. المهارات العملية (Practical Skills) 

وتشمل قدرة الطفل على الاعتناء بنفسه وإدارة الأنشطة اليومية. قد يواجه الأطفال صعوبة في العناية الشخصية، أو التعامل مع المال، أو إتمام الواجبات المدرسية، أو التوافق مع متطلبات العمل مستقبلًا، أو تنظيم اليوم والمهام بشكل فعّال.

2. المهارات المفهومية (Conceptual Skills)

وتشمل الذاكرة، واللغة، والقراءة، والكتابة، والرياضيات، وحل المشكلات، والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في مواقف جديدة. قد يظهر الطفل تأخرًا في الفهم أو في استخدام المفاهيم الأساسية التي تساهم في الأداء الأكاديمي.

3. المهارات الاجتماعية (Social Skills)

وهي قدرة الطفل على فهم الآخرين، وإظهار التعاطف، واستخدام التواصل بفعالية، وتكوين العلاقات، وفهم الإشارات الاجتماعية، واتّخاذ قرارات اجتماعية سليمة.

ويبدأ اضطراب النموّ الذهني خلال مرحلة النموّ، ويُشخّص غالبًا في الطفولة المبكرة أو خلال سنوات المدرسة، رغم أن شدة الأعراض ووقت ظهورها يختلفان حسب السبب وشدة الحالة.

ما هي عوامل الخطورة المؤدية لاضطراب النموّ الذهني؟

هناك مجموعة واسعة من الأسباب المحتملة التي قد تؤدي إلى اضطراب النموّ الذهني، ويمكن تصنيفها ضمن عوامل وراثية، وبيئية، وطبية.

1. الأسباب الوراثية

  • اضطرابات الكروموسومات مثل متلازمة داون و مُتلازمة الصبغي X الهش
  • اضطرابات التمثيل الغذائي الموروثة مثل الفينيل كيتونوريا (PKU) وتاي ساكس.

2. الأسباب البيئية 

  • التعرّض للمواد الضارة أثناء الحمل مثل الكحول أو المخدرات أو بعض أنواع العدوى كالحصبة الألمانية.
  • سوء التغذية خلال الحمل.

  • التعرّض للرصاص أو السموم البيئية التي تؤثر على نمو الدماغ.

3. الأسباب المحيطة بالولادة

  • مضاعفات الولادة التي تؤدي إلى نقص الأكسجين.

  • الولادة المبكرة جدًا أو انخفاض الوزن بشكل شديد.

  • الإصابة بالتهابات خطيرة بعد الولادة مثل التهاب السحايا.

4. الحالات الطبية

  • الإصابات الدماغية الناتجة عن السقوط أو الحوادث.

  • سوء التغذية الشديد في مرحلة الطفولة.

  • الأمراض المزمنة مثل الصرع غير المعالج أو قصور الغدة الدرقية.

 

كيف يتمّ علاج اضطراب النموّ الذهني؟

على الرغم من أن اضطراب النموّ الذهني يُعدّ حالة تستمر مدى الحياة، فإنّ العديد من التدخلات والدعم يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين جودة حياة الأطفال وتطوّرهم. وتشمل هذه التدخلات:

1. خدمات التعليم الخاص

وهي برامج مصمّمة وفق احتياجات الطفل الفردية، وتركّز على المهارات الأكاديمية والوظيفية.

2. البرامج العلاجية

مثل:

  • العلاج السلوكي لتعزيز المهارات وتقليل المشكلات السلوكية.

  • العلاج الوظيفي لتحسين المهارات اليومية.

  • علاج النطق والتخاطب لتطوير التواصل.

  • العلاج الطبيعي لتحسين التناسق الحركي عند الحاجة.

3. تدريب المهارات الاجتماعية والحياتية

يتعلم الأطفال مهارات التفاعل الاجتماعي، والضبط السلوكي، ومهارات الاعتماد على الذات، وإدارة الوقت والمهام.

4. دعم الأسرة

ويشمل تدريب الوالدين، والإرشاد الأسري، والمشاركة في مجموعات دعم تساعد الأسرة على فهم الحالة وتعزيز مهارات التعامل معها.

ويمكن لهذه الخدمات مجتمعة أن تساعد الأطفال على تنمية قدراتهم، وتحقيق استقلالية أكبر، والمشاركة بجودة أفضل في المجتمع.

 

المرجع :

Quick Guide to Intellectual Developmental Disorder : 

https://childmind.org/guide/quick-guide-to-intellectual-development-disorder/