ترجمة: أ. نوره الدوسري
التبول الليلي أو ما يُعرف طبيًا بـ السلس البولي الليلي هو تبليل الفراش أثناء النوم، ويُعد أمرًا شائعًا بين الأطفال والمراهقين. في أغلب الأحيان يختفي من تلقاء نفسه مع النمو، لكن في بعض الحالات يحتاج إلى تدخل مثل استخدام أجهزة الإنذار الخاصة، بعض الأدوية، أو تعديلات بسيطة في نمط الحياة.
ما هو سلس البول الليلي؟
المقصود به أن الطفل يبلل الفراش في الليل بعد بلوغه سن الخامسة. أغلب الأطفال في سن المدرسة قد يمرون بهذه المشكلة، وحتى بعض المراهقين قد يستمر معهم. ورغم أنه ليس مرضًا خطيرًا، إلا أنه يسبب قلقًا وإحراجًا للطفل وللأهل.
يوجد نوعان أساسيان:
- النوع الأول (الأولي): الطفل لم يسبق أن تمكن من السيطرة على البول ليلاً منذ البداية.
- النوع الثاني (الثانوي): الطفل كان قادرًا على البقاء جافًا ليلاً لمدة لا تقل عن ستة أشهر، لكنه عاد للتبول مرة أخرى.
النوع الأول هو الأكثر شيوعًا. أما النوع الثاني، خصوصًا عند الأطفال الأكبر سنًا أو المراهقين، فيجب تقييمه عند الطبيب، لأنه قد يشير إلى التهاب في المسالك البولية، مشكلة عصبية، ضغوط نفسية، أو غيرها.
مدى شيوعه
- حوالي 20% من الأطفال في سن الخامسة لديهم تبول ليلي متكرر.
- عند سن السابعة، النسبة تقل إلى 10%.
- في مرحلة المراهقة تنخفض أكثر لتصبح 1–3% فقط.
ومن الملاحظ أن المشكلة تظهر عند الأولاد أكثر من البنات بمقدار ضعفين أو ثلاثة.
أسباب محتملة للتبول الليلي
الأسباب ليست مفهومة بشكل كامل، لكن هناك عدة عوامل قد تساهم:
- الكلى: قد تنتج كمية بول أكثر خلال الليل.
- المثانة: قد تكون صغيرة الحجم أو لا تحتفظ بالبول لفترة طويلة.
- الدماغ: قد لا يتمكن من إرسال إشارات إيقاظ الجسم عند امتلاء المثانة.
عند الرضع وصغار السن، الروابط العصبية بين الدماغ والمثانة لم تكتمل بعد، لذلك تفرغ المثانة نفسها تلقائيًا. التحكم في التبول بالنهار عادةً يتطور أولًا، بينما السيطرة الليلية تحتاج وقت أطول.
عوامل تزيد من احتمال حدوث المشكلة
- العوامل الوراثية: إذا كان أحد الوالدين عانى من التبول الليلي بعد سن الخامسة، تزيد فرصة إصابة الطفل بنسبة 40%. وإذا كان كلا الوالدين، فقد تصل النسبة إلى 70%.
- الضغط النفسي: مثل الانتقال إلى مدرسة جديدة، انفصال الأبوين، فقدان شخص عزيز، أو أي حدث كبير. هذه الضغوط قد تؤدي للتبول الليلي، وعلاج السبب النفسي يساعد على حل المشكلة.
- النوم العميق: بعض الأطفال والمراهقين نومهم ثقيل جدًا ولا يستيقظون بسهولة. هذا شائع خلال فترة البلوغ.
- انقطاع النفس أثناء النوم والشخير: في حالات نادرة، انسداد مجرى التنفس يسبب تغيرات في الدماغ تؤدي للتبول الليلي.
- الإمساك: بسبب قرب الأمعاء من المثانة، تراكم البراز قد يضغط عليها ويؤدي لفقدان السيطرة. علاج الإمساك قد يحل المشكلة.
- أمراض الكلى أو المثانة: إذا كان هناك مشاكل نهارية أيضًا (مثل كثرة التبول أو الألم عند التبول).
- مشاكل عصبية نادرة: مثل وجود خلل في الحبل الشوكي.
- مشاكل صحية أخرى أو أدوية: مثل مرض السكري أو بعض أدوية فرط الحركة (ADHD).
التأثير النفسي
التبول الليلي يترك أثرًا عاطفيًا على الطفل والعائلة:
- الطفل قد يشعر بالإحراج أو القلق أو انخفاض الثقة بالنفس.
- قد يرفض الذهاب للمبيت عند الأصدقاء أو المشاركة في المخيمات.
- الأشقاء قد يتأثرون لأن نومهم ينقطع أو يضطرون لمشاركة ترتيبات خاصة.
- الأهل يواجهون عبء تنظيف الفراش والملابس باستمرار.
الأهم أن نفهم أن الطفل ليس مذنبًا ولا يستطيع التحكم في الأمر بإرادته. العقاب أو السخرية تزيد الوضع سوءًا. المطلوب هو تفهّم ودعم، مع استشارة الطبيب للبحث عن الحلول.
كيف يتم تقييم الحالة؟
الطبيب يبدأ بجمع التاريخ الطبي، ويسأل عن:
- أعراض بولية أخرى (ألم، تكرار التبول، استعجال الذهاب للحمام).
- نمط النوم.
- حركة الأمعاء (للكشف عن الإمساك).
- التاريخ العائلي.
- أحداث حياتية ضاغطة مؤخرًا.
ثم يجري فحصًا جسديًا وفحص بول بسيط (تحليل بول). غالبًا النتائج طبيعية. الأشعة أو الفحوصات المعقدة نادرًا ما تكون ضرورية.
طرق العلاج
العلاج يعتمد أولًا على السبب. أحيانًا يكون العلاج بسيطًا مثل تقليل التوتر أو علاج الإمساك.
- تغييرات في العادات:
- تجنب المشروبات الغازية، الكافيين، الأطعمة المالحة أو السكرية ليلًا.
- تشجيع الطفل على دخول الحمام بانتظام خلال النهار وقبل النوم مباشرة.
- تقليل شرب السوائل في المساء.
- إيقاظ الطفل مرة واحدة فقط أثناء الليل إذا لزم الأمر.
- أجهزة الإنذار (Bedwetting Alarms):
- فعالة عند حوالي نصف الأطفال إذا استُخدمت بشكل صحيح.
- الجهاز يصدر صوتًا أو اهتزازًا عند بلل الملابس، فيتعلم الدماغ الربط بين امتلاء المثانة والاستيقاظ.
- يحتاج مساعدة الأهل لإيقاظ الطفل وتوجيهه للحمام.
- الأدوية:
- ديسموبريسين (DDAVP): يقلل إنتاج البول ليلاً. فعّال في 40–60% من الحالات. يُعطى كحبوب أو بخاخ أنفي. يجب تجنب شرب السوائل بعد تناوله لتفادي اختلال الأملاح.
- إيميبرامين: فعال عند بعض الأطفال لكنه يحتاج متابعة دقيقة بسبب مخاطر الجرعة الزائدة. يوصى بعمل تخطيط قلب قبل استخدامه.
- أوكسيبوتينين: يمكن إضافته إذا لم يكفِ العلاج بديسموبريسين وحده.
نصائح عملية للوالدين
- لا تعاقب الطفل أو تحرجه.
- ضع واقيًا للفراش لتسهيل التنظيف.
- ناقشوا مع الطفل الأمر بهدوء وطمأنة أنه شائع وسيزول.
- إذا كان هناك مخيم أو مبيت خارج البيت، يمكن استخدام سراويل واقية مع شورت فوقها للحفاظ على الخصوصية.
هل يستمر حتى البلوغ؟
الغالبية العظمى من الأطفال يتجاوزون المشكلة قبل نهاية سن المراهقة. إذا استمرت بعد ذلك، يجب مراجعة الطبيب للتأكد من عدم وجود أسباب طبية أخرى.
خلاصة
التبول الليلي عند الأطفال والمراهقين مشكلة شائعة، غالبًا مؤقتة، ولا تعني مرضًا خطيرًا. مع التفهم والدعم من الأهل، ومع بعض التغييرات أو التدخلات العلاجية عند الحاجة، يتمكن معظم الأطفال من التغلب عليها تدريجيًا.
المراجع :
Bedwetting in Children & Teens: Nocturnal Enuresis :
https://www.kidney.org/kidney-topics/bedwetting-children-teens-nocturnal-enuresis





