ترجمة : أ نوره الدوسري
الملخص
تتوفر معلومات محدودة حول تأثيرات الجفاف الخفيف على الوظائف الإدراكية. لذلك، تم استحداث الجفاف الخفيف عن طريق ممارسة التمارين المعتدلة المتقطعة دون حدوث فرط حرارة الجسم، وتمت دراسة تأثيراته على الوظائف الإدراكية لدى النساء. شاركت خمس وعشرون امرأة (متوسط العمر 23.0 ± 0.6 سنة) في ثلاث تجارب محكومة بالعلاج الوهمي امتدت كل منها 8 ساعات، مع حالة ترطيب مختلفة في كل يوم: جفاف ناتج عن التمرين دون استخدام مدر للبول (DN)، وجفاف ناتج عن التمرين مع استخدام مدر للبول (DD؛ فوروسيميد 40 ملغ)، وحالة ترطيب طبيعية (EU). تم تقييم الأداء الإدراكي، المزاج، وأعراض الجفاف خلال كل تجربة ثلاث مرات في حالة الراحة وأثناء كل جلسة تمرين من الثلاث جلسات. تم تجميع نتائج تجارب DN وDD التي وصل فيها المتطوعون إلى مستوى جفاف ≥1% من وزن الجسم ومقارنتها بتجارب EU الخاصة بكل متطوع. بلغ متوسط الجفاف المحقق خلال هذه التجارب -1.36 ± 0.16% من كتلة الجسم. وُجدت تأثيرات سلبية ملحوظة للجفاف في حالة الراحة وأثناء التمرين على نشاط الحيوية، التعب والخمول، والاضطراب الكلي للمزاج كما تم تقييمه عبر “استبيان حالات المزاج”، وعلى صعوبة المهام، التركيز، والصداع حسب الاستبيان. معظم جوانب الأداء الإدراكي لم تتأثر بالجفاف. كان أسمولالية المصل، كمؤشر على حالة الترطيب، أعلى في المتوسط للتجارب الجافة التي وصل فيها مستوى الجفاف ≥1% مقارنةً بحالة EU (P = 0.006). في الختام، أدى الجفاف بنسبة 1.36% إلى تدهور المزاج، زيادة صعوبة المهام، انخفاض القدرة على التركيز، وظهور أعراض الصداع لدى النساء. لذلك، هناك حاجة لتأكيد أهمية الحفاظ على الترطيب الأمثل، خصوصاً أثناء وبعد ممارسة التمارين المعتدلة.
المقدمة
يعد تناول السوائل بشكل كافٍ والحفاظ على توازن المياه في الجسم أساسياً للصحة العامة والبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الحفاظ على وظائف الدماغ. يُظهر الجفاف الشديد بوضوح انخفاضاً في الأداء الإدراكي، مثل الارتباك الحاد والهذيان. ومع ذلك، لم تُجرَ أبحاث كافية لمعرفة ما إذا كان الجفاف الخفيف، على المستويات التي قد تحدث لدى الأفراد الأصحاء خلال أنشطتهم اليومية، يؤدي إلى تدهور الأداء الإدراكي أو تغير المزاج أو ظهور أعراض سلبية.
تستخدم العديد من الدراسات الحرارة والتمارين لإحداث الجفاف، حيث أظهرت الدراسات أن الجفاف بنسبة 1–4% من وزن الجسم يؤدي إلى تدهور الأداء في بعض الاختبارات الإدراكية عند الذكور الشباب. أظهرت هذه الدراسات أيضاً أن الجفاف يؤثر على المزاج، وقت الاستجابة، واليقظة، ولكنها لم تحدد بشكل واضح أي الجوانب الإدراكية هي الأكثر تأثراً أو تأثيره على إدراك المجهود أو الأعراض الجسدية المصاحبة.
تجنباً لتأثير الحرارة المرتفعة، استخدمت الدراسة الحالية تمارين معتدلة في بيئة دافئة نسبياً (27.6 ± 0.8°C) لإحداث جفاف خفيف، وتمت مراقبة المؤشرات الفسيولوجية المرتبطة بحالة الترطيب.
طرق البحث
شارك 25 امرأة شابة (23.0 ± 0.6 سنة؛ كتلة الجسم 63.0 ± 10.3 كغ) بعد الحصول على موافقتهن , وتم استبعاد أي مشاركة تعاني من اضطرابات الأكل، الأمراض المزمنة، أو تتناول أدوية تؤثر على توازن السوائل. جميع المشاركات كنّ بصحة جيدة و قادرات على أداء ثلاث جلسات مشي يومياً، وكنّ يتبعن ممارسة معتدلة للرياضة 2–4 أيام في الأسبوع.
تصميم الدراسة
اتبعت الدراسة تصميم التجربة المتقاطعة، حيث خضعت المشاركات لكل من ثلاث حالات: الجفاف بعد التمرين مع كبسولة وهمية (DN)، الجفاف بعد التمرين مع مدر للبول (DD)، وحالة الترطيب الطبيعي مع كبسولة وهمية (EU). تم عشوائية ترتيب التجارب وفصلها بفاصل زمني ~28 يوم للتحكم في دورة الحيض. تم إخفاء شروط العلاج عن المشاركات ومجموعة الباحثين المسؤولين عن القياسات، باستثناء الباحث الذي أشرف على شرب الماء.
إجراءات التجربة
قبل كل تجربة، تم تزويد المشاركات بكمية محددة من الماء لتأكيد الترطيب، واتبعت نظام غذائي موحد 24 ساعة قبل كل تجربة. أجريت جلسات المشي على جهاز المشي لمدة 40 دقيقة في بيئة دافئة معتدلة لإحداث فقدان خفيف في وزن الجسم دون فرط حرارة. أثناء التجربة، تم قياس كتلة الجسم، معدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجهاز الهضمي كل 10–13 دقيقة.
اختبارات الأداء الإدراكي والمزاج
شملت اختبارات الإدراك عدة مهام: اليقظة البصرية، اختبار وقت الاستجابة البصري، اختبار اختيار متعدد للردود، اختبار مطابقة العينات، الاختبار المتكرر للاكتساب، واختبار الاستدلال النحوي. كما تم تقييم المزاج باستخدام “استبيان حالات المزاج” (POMS) والأعراض الذاتية باستخدام مقياس التمثيل البصري (VAS).
النتائج
بلغ متوسط فقدان كتلة الجسم في حالات الجفاف DN وDD التي وصلت إلى ≥1% حوالي -1.36 ± 0.16%، مقارنة بانخفاض طفيف جداً في EU (-0.12 ± 0.05%). لم تتأثر معظم جوانب الأداء الإدراكي بالجفاف الخفيف، باستثناء زيادة طفيفة في الأخطاء الكاذبة في اختبار اليقظة البصرية.
أما بالنسبة للمزاج والأعراض الذاتية، فقد أظهر الجفاف تأثيرات سلبية واضحة: زيادة الغضب والعدوانية (P = 0.04)، زيادة التعب والخمول (P = 0.003)، انخفاض النشاط والحيوية (P = 0.03)، وارتفاع مجموع نقاط الاضطراب الكلي للمزاج (P = 0.01). كما ارتفعت صعوبة المهام (P = 0.004)، انخفضت القدرة على التركيز (P = 0.01)، وظهرت أعراض الصداع (P = 0.05). خلال التمرين، لوحظت نتائج مشابهة مع تأثيرات واضحة للجفاف على المزاج وإدراك صعوبة المهمة والتركيز والصداع.
القياسات الفسيولوجية
زاد معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجهاز الهضمي بعد التمرين في حالة الجفاف (P < 0.001). كما كانت زيادة أسمولالية البلازما أعلى خلال الجفاف ≥1% مقارنة بحالة EU (P = 0.006). لم تتغير مستويات اللاكتات، الجلوكوز، والكورتيزول بشكل ملحوظ بين الحالات.
المناقشة
أظهرت النتائج أن فقدان 1.36% من وزن الجسم بسبب الجفاف الخفيف يؤدي إلى تدهور في المزاج والطاقة، وزيادة صعوبة إدراك المهام، وانخفاض التركيز، وظهور الصداع، سواء في الراحة أو أثناء التمرين. ومع ذلك، لم يتأثر الأداء الإدراكي الأساسي مثل اليقظة الحركية، وقت الاستجابة، الذاكرة العاملة، والاستدلال المنطقي، إلا بزيادة طفيفة في أخطاء اليقظة البصرية.
توضح الدراسة أهمية الترطيب الأمثل للحفاظ على المزاج والأداء النفسي خلال النشاط اليومي والتمارين المعتدلة، حتى عند فقدان كمية صغيرة نسبياً من الماء (1–2% من وزن الجسم). يمكن تفسير التأثيرات على المزاج بآليات عصبية محتملة، حيث ترسل خلايا الوطاء إشارات إلى مناطق الدماغ العليا لتنبيه الجسم قبل حدوث تأثيرات أكثر خطورة على الأداء البدني أو الإدراكي.
الاستنتاجات العملية
- الجفاف الخفيف بنسبة ~1.36% من وزن الجسم يضر بالمزاج والطاقة والقدرة على التركيز ويزيد من إدراك صعوبة المهام والصداع، حتى لدى النساء الشابات الأصحاء.
- معظم جوانب الأداء الإدراكي لم تتأثر بشكل كبير، لكن بعض الإشارات الدقيقة مثل أخطاء اليقظة البصرية يمكن أن تظهر.
- هناك حاجة لتأكيد أهمية الترطيب، خصوصاً أثناء وبعد ممارسة التمارين المعتدلة، للحفاظ على المزاج والتحفيز على النشاط البدني.
المرجع
Mild Dehydration Affects Mood in Healthy Young Women :
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0022316622028899





