الأبعاد السبعة لخدمات تحليل السلوك التطبيقي

إدارة التوتر الناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي من خلال اليقظة الذهنية

 

ترجمة : أ. نوره الدوسري

 استراتيجيات تساعد على البقاء على تواصل مع الأصدقاء مع تعزيز احترام الذات والوعي بالذات

ملخص سريع
تُعد وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة رائعة للبقاء على تواصل مع الأصدقاء، والحصول على التحديثات الإخبارية، والاستمتاع بالمحتوى الترفيهي. ولكن يمكنها أيضًا أن تكون مصدرًا للتوتر، خاصة للمراهقين. فعند تصفحهم للمحتوى، غالبًا ما يقارنون أنفسهم بالآخرين، حتى دون إدراك منهم لذلك.

عندما لا يشعرون أن حياتهم “مثالية” كما تبدو حياة الآخرين، قد يتأثر احترامهم لذاتهم سلبًا. وقد يدفعهم ذلك إلى التركيز على عدد الإعجابات التي حصلت عليها منشوراتهم، أو السعي للظهور بمظهر مثالي بغض النظر عن شعورهم الحقيقي. وقد تؤذيهم رؤية أصدقائهم يتجمعون بدونهم أو رؤية شريك سابق يبدأ علاقة جديدة. لكن الانفصال عن وسائل التواصل ليس بالأمر السهل على المراهقين.

وهنا تأتي أهمية اليقظة الذهنية. فممارسة اليقظة يمكن أن تساعد المراهقين على تكوين علاقات صحية وتعزيز احترام الذات، مع الاستمرار في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن أن تعلمهم اليقظة الذهنية كيف يكونون أكثر وعيًا بمشاعرهم أثناء تصفحهم للمحتوى. طرح أسئلة مثل: “كيف أشعر حيال هذا التطبيق أو هذه الصورة أو هذا التعليق؟” يساعدهم على اختيار ما يشعرهم بتحسن. وإذا لاحظوا أن شيئًا ما يسبب لهم شعورًا سلبيًا باستمرار، يمكنهم التساؤل عن السبب والتفكير في كيفية التعامل معه.

تشمل تقنيات اليقظة الذهنية لتقليل التوتر: أخذ فترات راحة، ممارسة اليوغا، الجري، قضاء الوقت مع الأصدقاء وجهًا لوجه، والتواجد في الطبيعة. كما يُنصح بتشجيع المراهقين على ممارسة الوعي الذاتي حتى عندما يكونون غير متصلين بالإنترنت. وقد يفاجَؤون بمدى استمتاعهم بالحياة بعيدًا عن الشاشات.

 

من الصعب تخيّل الحياة بدون وسائل التواصل الاجتماعي

لقد أصبحت وسائل التواصل أمرًا أساسيًا للبقاء على تواصل مع الأصدقاء، ومعرفة ما يجري في العالم، والاستمتاع بالمحتوى. كثيرون لا يتذكرون حتى كيف كانوا يتواصلون قبلها. ولكن المراهقين والشباب يذكرون بشكل متزايد أن وسائل التواصل أصبحت مصدرًا للتوتر.

من الشائع أن نسمع، خاصة من المراهقين، أنهم أثناء تصفحهم لمنصات التواصل يقارنون أنفسهم بالآخرين، سواء بوعي أو دون وعي. فالناس عادةً ما يشاركون اللحظات المثالية فقط—الشعر المرتب، الأصدقاء الرائعون، صور السيلفي قبل التمرين—ومن الممتع تصفح هذا المحتوى، ولكن في الوقت نفسه قد يسبب ذلك انخفاضًا في تقدير الذات عندما لا يشعر الشخص أن حياته تضاهي هذه الصور المثالية.

وقد يجعل ذلك البعض يبدأ في تحليل تفاعلات الآخرين مع منشوراته، ويحسب عدد الإعجابات، ويشعر بالضغط ليبدو مثالياً، حتى إن لم يكن يشعر بذلك داخليًا.

 

الخوف من تفويت اللحظات (FOMO)

يُستخدم مصطلح “الخوف من تفويت اللحظات” (FOMO) على نطاق واسع عند الحديث عن وسائل التواصل. فهي في الوقت نفسه أفضل صديق وأسوأ عدو لهذا الخوف. فمن جهة، تساعد وسائل التواصل على البقاء على اطلاع دائم، لكن من جهة أخرى، هناك دائمًا شيء جديد، ما يجعل من الصعب التوقف أو الشعور بالاكتفاء.

 

البقاء على اتصال قد يكشف أيضًا ما يتم تفويته

عندما يكون كل شيء عبر الإنترنت، قد تحصل على دليل فعلي بأنك خارج الدائرة. كأن ترى أصدقاءك مجتمعين من دونك، أو تشاهد شريكًا سابقًا يبدأ علاقة جديدة—وهذا قد يسبب الألم.

وعندما يكون قضاء الوقت على وسائل التواصل مصدرًا للتوتر، غالبًا ما يُنصح الناس بإغلاقها. وهذه نصيحة جيدة، ولكنها ليست واقعية دائمًا، خاصة للمراهقين الذين يعتمدون كثيرًا على التواصل الرقمي.

والحقيقة أن هذا التواصل مهم جدًّا في مرحلة المراهقة. فالمراهقون لا يزالون يكتشفون هويتهم ومكانهم في العالم، وعلاقاتهم مع الآخرين تلعب دورًا أساسيًا في هذا الاكتشاف. لذا فإن الانفصال الكامل عن وسائل التواصل ليس هو الحل. وإنما الحل هو إيجاد وسيلة لاستخدامها بشكل صحي يعزز العلاقات واحترام الذات.

وهنا تأتي اليقظة الذهنية كأداة فعّالة.

 

ما هي اليقظة الذهنية؟

اليقظة الذهنية هي تقنية للعيش في اللحظة دون إصدار أحكام. تساعد الشخص على أن يكون أكثر وعيًا بما يدور حوله وكيف يشعر. أخذ لحظة للتمهل والانتباه للتفاصيل يعزّز القدرة على تنظيم المشاعر وتقليل مستويات التوتر.

ولا تقتصر اليقظة الذهنية على المشي في الطبيعة أو مشاهدة غروب الشمس. بل يمكن تطبيقها على تجربة استخدام وسائل التواصل نفسها. تقول الأخصائية النفسية الدكتورة جيل إيمانويل إن اليقظة الذهنية يمكن أن تساعد المراهقين على إدارة المشاعر التي تثيرها رؤية ما يفعله الآخرون.

 

استراتيجيات اليقظة الذهنية المقترحة من د. إيمانويل

 افحص مشاعرك بوعي

درّب نفسك على أن تكون أكثر وعيًا بمشاعرك وأفكارك أثناء استخدام وسائل التواصل. تقول د. إيمانويل:

“الناس غالبًا ما يستخدمون وسائل التواصل بشكل آلي، دون التفكير في تأثيرها عليهم.”

اطرح على نفسك أسئلة مثل:

  • كيف أشعر الآن؟

  • كيف يشعرني هذا التطبيق؟

  • كيف شعرت تجاه هذه الصورة؟

حاول ملاحظة أي تغييرات في مزاجك، ولاحظ ما إذا كانت هناك أنماط تتكرر.

من الطبيعي أن تلاحظ مشاعر سلبية، ولا بأس في ذلك. لا تحكم على نفسك، بل اعترف بما تشعر به. الاعتراف بالغيرة أو الحزن قد يكون خطوة قوية لتقليل قوة هذا الشعور. وقد يساعدك ذلك على معالجة مشاعرك دون أن تسيطر عليك.

 تحقق واقعي بوعي

إذا كان هناك شيء ما يزعجك باستمرار، يمكن لليقظة أن تساعدك في تحديد ذلك والتفكير في السبب، وربما كيفية التغيير.

إن قضاء وقت لملاحظة مشاعرك وتقديرها هو مهارة ثمينة تعزز سعادتك وثقتك بنفسك في كل مجالات الحياة—ليس فقط عبر الانترنت.

كما تمنحك اليقظة الذهنية لحظة تحقق واقعي. فعلى سبيل المثال، كثيرون يلجؤون إلى وسائل التواصل لتحسين مزاجهم عند الشعور بالملل أو الحزن. قد ينشرون صورة مبهجة أو لحظة تبدو مثالية فقط لإخفاء مشاعرهم الحقيقية.

لكن هذا الشعور الجيد غالبًا ما يكون مؤقتًا. وبعد فترة، قد يشعر الشخص أنه “يخدع” الآخرين، بل وقد يشعر بأسوأ مما كان عليه. وإذا لاحظت هذا الأمر، فاعلم أن ذلك شائع، وحاول البحث عن وسائل أخرى أكثر فعالية لتحسين حالتك المزاجية.

 

استخدام التكنولوجيا لمتابعة استخدام التكنولوجيا

من الطرق التي توصي بها د. إيمانويل: استخدام تطبيقات تساعد على تتبع استخدامك لهاتفك. مثل:

  • Moment
  • Checky

تقول:

“قم بتجربة بسيطة: كم من الوقت تقضيه فعليًا على بعض التطبيقات؟ وماذا تفعل حينها؟ كيف يكون مزاجك؟”

كذلك، هناك تطبيقات لتتبع الحالة المزاجية تساعدك على تسجيل مشاعرك بانتظام. هذا السجل يمكن الرجوع إليه لاحقًا، وقد يكشف عن أنماط أو عادات تحتاج إلى تغيير. وقد تتفاجأ من كمية الوقت التي تقضيها فعليًا دون إدراك.

وإذا أردت تعلم المزيد عن اليقظة الذهنية، تنصح د. إيمانويل بتطبيقات مثل:

  • Headspace

  • Smiling Mind (وهو مصمم خصيصًا للمراهقين)

 

العودة إلى الحياة الواقعية

أفضل وسيلة لاكتساب منظور أوسع هي أخذ فترات راحة من وسائل التواصل. جرّب ممارسة اليوغا، أو الجري، أو قضاء الوقت مع الأصدقاء وجهًا لوجه، أو التنزه في الطبيعة. هذه الأنشطة يمكن أن تخفف التوتر وتمنحك شعورًا أفضل تجاه نفسك—شعور لا يمكن أن يمنحك إياه مجرد تصفح الصور.

حاول أيضًا ممارسة الوعي الذاتي أثناء هذه الأنشطة الواقعية. انتبه إلى شعورك في اللحظة، ولاحظ ما الذي يجلب لك السعادة فعليًا. وقد تكتشف أن هذه التجربة ممتعة بدرجة أكبر مما كنت تتوقع. ومن يدري؟ ربما تُصبح هذه المتعة عادة إيجابية جديدة.

 

المرجع: 

Managing Social Media Stress With Mindfulness:

https://childmind.org/article/social-media-stress-mindfulness/